خاطرة سفر السفرجل 13 \ للوليد دويكات \ قراءة : سفانة بنت ابن الشاطئ
قراءة لخاطرة سفر السفرجل ( 13)
للشاعر : الوليد دويكات
بقلم : سفانة بنت ابن الشاطئ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوليد دويكات
سفر السفرجل ( 13)
هي الصدفةُ تُخرجني من النوافذِ من جديد من حديث المساء ، وقهوة الصباح ، وحقائب الغياب لأجدني في محطّة أخرى ، ليست للموت ، أو للحب .. وإنما للألم ..
في هذه المحطة من محطات سفر السفرجل وجدتُ فيها محطات كثيرة عكسها الشاعر تائهة أو حائرة بين : ليل \ نهار ... عتمة \ شمس .... بين الحب \ والاحب محطتك الأولى هنا كانت مهداة للألم بكل ما يحمله من وجع ...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوليد دويكات
ونافذة أراقبُ فيها كلَّ شيء لا يعنيني فأنا هنا لا أملك سوى المراقبة ومتابعة النوارس ...وتدفق الحروف في أوراق ليست لي أشعرُ ولأسباب غير واضحة ، أنني أصبحتُ وحدي مرّة أخرى .. الأحداثُ تجري مسرعة ..وهواجسي تأخذُ منحنى مختلفا بين لحظة وأخرى ..
نجدالحالة الشعورية الداخلية في هذا المقطع قد تعالت إلى أوجها .. فقد حول الألم كل شيئ إلى ملل وعدم الرغبة لمتابعة أي شيئ .. ملل يتسلل إليه ، فالكتابات تكتب للغير .. والأقلام تكتب حروفا لا علاقة له بها .. فهو مجرد متابع ومراقب .. هذا أخذه إلى مساحة جديدة وإحساس جديد وهو: الشعور بالوحدة من جديد .. وهنا نجد أيضا تنامي لشعور اليأس ...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوليد دويكات
رغم كل ذلك ، أذكر آخر حديث كان بيني وبين حبيبتي أذكرُ حضورها الأخير وتفاصيل هذا الحديث .. ومتى كانت الإبتسامة ترتسم على وجهها .. ومتى كانت الضحكاتُ تعلو ... وكيف كانت أسئلتها تلاحق أجوبتي المتراكضة .. وكيف بقي اسمها عالقا في مخيلتي ، وكيف لم أحذر من حروفه وهي تسكنني ، وأرتبها في ذاكرتي كما أشتهي ..
لكن الشاعر استطاع أن يعيد فتح نافذته على الأمل من خلال الذكرى .. حيث أعاده آخر لقاء بالحبيبة إلى تفاصيل كثيرة رغم كل ما يمر به من حالة شعورية مختلطة .. ورغم اقترابه من حالة الوحدة واليأس .. فتلك التفاصيل التي عدد بعضها أدخلت بعض النور في ليله و يومه .. كما أكد أنه يتذكر تلك التفاصيل من خلال ترتيبها في الذاكرة كما يشتهي هو ولكنه للأسف لم يذكر لنا كيف رتبها ....
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوليد دويكات
شيءٌ ما .. يجعلني أنتظر الصباح لأتابع الوجه الآخر للشمس ربما رغبة مني في الخروج من العتمة ..والليل الذي يعرفني وأعرفه منذ زمن طويل ..
ربما هنا تكمن الحلقة المفقودة التي جعلت من شاعرنا عرضة للحيرة والتيه .. هو نور النهار شمسه وحركته .. ( رغبة في الخروج من العتمة ) هل هي خروج من العتمة إلى النور أم هو خروج من حالة شعورية لأخرى ؟ أم هي أن من خلال النهار يطوي صفحة الليل تماما بما فيها من حب وأشواق وشغف .....إلخ ليبدأ نهاره وكأن الليل لم يكن ولم يحدث فيه اي أمر كان ولم يترك الحبيبة عند عتباته تنتظر...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوليد دويكات
وفيه وهبني حبّك حروفا جمعتها في كتاب يتهيأ للخروج ...في ليلة أعددتها للجنون .. لم يبق سوى صفحات أخرى لا بُدَّ أن ألقي عليها كلمات جديدة قبل أن أهرب من الليل ...وأنتظر الوجه الفضولي للشمس . هل أستطيع قبل أن أغادر الليل ، أن أكتب مرة أخرى لأملأ الأوراق الباقية ...وهل اللحظة الهاربة منا نستطيع أن نستعيدها مرة أخرى ..
في النفس حديث كثير وافكار كثيرة والدفقة الشعورية تنبعث من بين كل هذا الحراك المتنامي .. لتلتقي الحالة الداخلية بالحالة الخارجية فتعيد الشاعر للإعتراف أن رغم محاولته نسيان العتمة بما فيها من مشاعر إلا أنه يقر أن حبها هو من وهبه الإلهام .. الكتابة .. التعبير .. ويؤكد أن كتابا قد اوشك أن يكتمل وهي طرف فيه فهي من أعطت القلم تلك الدفقة البديعة لينزف جمالا.. لكن هذا الكتاب لا يزال غير مكتمل ، فيه بعض الأوراق الفارغة ، وتساءل هل سوف يكمله أم لا قبل أن يخرج من العتمة للنور؟لأنه عما يبدو يشك أنْ يستطيع قلمه أن ينثر في النور أي حرف ... وهذا إحساس كثيرا ما يرافق الكاتب عندما يجد من يكون سببا لإلهامه يخشى أن يفقده أو أن يتستجد أمر ما يبدد رغبتة للكتابة .. إذا هنا نستشف أن الشاعر رغم ( الألم - الملل - الوحدة ) إلا انه سعيد بأنها سببا لثورة قلمه واستمراريته .. ليترك في آخر هذه المحطة تساؤل وهو : وهل اللحظة الهاربة منا نستطيع أن نستعيدها مرة أخرى ..؟ إذا هي رغبة في فتح نافذة الأمل دوما والإستمرارية ..رغم ضوء النهار الذي يجذبه بعيدا ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوليد دويكات
هي الصدفة تُخرجني من النوافذ من جديد ، ولم تكن الصدفة يوما الطرف الثاني .. كانت دائما هي الطرف الأول ، أليست هي التي جمعتنا من مدن بعيدة ..لا جسور بينها ، ولا رصيف للعابرين .. !! أليست هي التي رتبت كل شيء ..حين كنتُ أنا الشاعر ..
هنا ايضا يعدنا الشاعر للذكرى ولكن الأبعد ربما هي أول لقاء بينهما أو أول تعارف .. ويعيد ظرفه وسببه ( للصدفة ) ويؤكد أنها هي العامل الأول في كل مرة .. ويوضح لنا أنه تعلق بها رغم المسافات والمدن التي تبعد بينهما .. وعدم امتداد جسور للعبور للضفة الأخرى ، ولا تواجد لرصيف للعابرين .. وهذا يجعل من تعلقه بها وحبه أمر غريب هو ذاته لا يصدقه ربما .. ويؤكد لنا أن ما كان هذ التنامي للشعور لولا أن الصدفة لعبت دورا بينهما ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوليد دويكات
وأنت الزائرة لقصائدي ..فلم أكن أكتبُ لك ، وأنت لم تبحثي عنّي فما الذي جذب خُطاكِ ذلك اليوم ؟ وما الذي جعلني أتأمل ملامحك كثيرا .. وأمارسُ التأمل وحب الليل ؟
هنا يصف لنا الشاعر بكل وضوح أن الصدفة كانت من خلال زيارات عابرة للحبيبة على قصائده التي لم يكن لها ايَّة صله بها .. فهي مجرد زائرة .. كما أنها هي أيضا لم تتعمد زيارة قصائده إلا كعابرة .. لكن في يوم محدد من خلال زيارة ما جذبه مرورها .. فتأمل ملامحها كثيرا .. وأصبح يحب الليل والتأمل مطولا ... وكل هذا أيضا بسبب ( الصدفة ) ...
** ** ** ** ** ** ** ** ** ** **
نستطيع أن نحدد ملامح العاطفة هنا حيث جاءت غير ثابتة عموما .. و إن الحالة الداخلية هي التي أعطت الزخم للحالة الخارجية لتنسكب حروفا تعكس حالة الذات الشاعرة من خلال تنامي النص وحركته .. وقد استطاع الشاعر أن يعبر عن هذه الحالة الوجدانية بكثير من الصدق وربما قد سكب عصارة مشاعره في لحظة كتابة هذه الكلمات .. وبالتالي وصلتنا الكلمات في أوجها .. وقد استخدم الشاعر صور كثيرة عبرت عن حالته ليوصلها إلينا وقد كانت بديعة مثل ::
أقتبس :
فأنا هنا لا أملك سوى المراقبة ومتابعة النوارس ...وتدفق الحروف في أوراق ليست لي ................................
أليست هي التي جمعتنا من مدن بعيدة ..لا جسور بينها ، ولا رصيف للعابرين .. !! أليست هي التي رتبت كل شيء ..حين كنتُ أنا الشاعر ..
......................................
وأنت الزائرة لقصائدي ..فلم أكن أكتبُ لك ، وأنت لم تبحثي عنّي فما الذي جذب خُطاكِ ذلك اليوم ؟ وما الذي جعلني أتأمل ملامحك كثيرا .. وأمارسُ التأمل وحب الليل ؟
كما جاءت الأفعال عموما بصيغة الماضي لأنها طرقت باب الذكرى .. والحاضر .. أما الأفعال المستقبلية كانت نادرة لأن الشاعر عبر عن حالة آنية تأرجحت بين ماضي وشعوره لحظة الكتابة ..
الشاعر والأديب الوليد دويكات في كل محطة من محطاتك من نصوصك الخاصة ( بسفر السفرجل ) لها جاذبيتها ، لكن تبقى بعض المحطات هي الأكثر تأثيرا والأكثر انشدادا .. وأحببت أن اقدم هذه القراءة للمحطة ال13 لأنها كانت الأولى بعد رحيل حكيمنا رحمه الله ( عبد الرسول معله ) وقد حاولت الربط بينه وهو الذي أكد علي متابعة القراءات وخاصة كما قال لي أنه تابعني ككثيرا في هذا المجال ووجد أن أسلوبي مميز وجميل خسارة أن اهمل هذه الموهبة ، و أن لا أحرم الأدباء والشعراء من القدرة التي أمتلكها ،
وطبعا باعتبارك من أكثر من كان يحبهم رحمه الله اخترت أن اقوم بهذه القراءة وستليها قراءات أخرى إن شاء الله لأعضاء آخرين ، دعواتك لي بالتوفيق وبالإستمرار ، وأتمنى أن تتابعني سأكون سعيدة بذلك
كما أتمنى أن تنال هذه القراءة إعجابك مع خالص تقديري واحترامي