يشهد العالم في العصر الحالي حالة من النزاعات المتكررة لأسباب مختلفة، والأسوأ في الأمر أن هذه النزاعات لا تقتصر على العالم الخارجي فحسب، بل إن هذه النزاعات تحدث داخل المرء أيضا.
على الرغم من أن معظم النزاعات التي تحدث تكون خارجية، إلا أن المثير للانتباه بأن نزاعات الشخص الداخلية هي التي تحدث التأثير الأكبر، فعلى سبيل المثال قد يلحظ المرء هوس الكثيرين بفكرة تحقيق رغباتهم المادية، وذلك لاعتقادهم بأن تحقيق هذه الرغبات سيجلب لهم السعادة، لكن هل تحقيق الرغبات المادية يجلب السعادة فعلا؟
قد يسهم الحصول على سيارة فخمة أو منزل كبير، أو على سبيل المثال بمنح الشخص شيئا من السعادة، لكن هذه النوعية من السعادة تتميز بكونها ظاهرية فقط، وللحصول على السعادة الحقيقية على المرء أولا أن يتصالح مع نفسه.
إن التصالح مع النفس يعد حالة تربط الروح والعقل والجسد بروح العالم الخارجي التي تحيط بالإنسان، ويلعب التصالح مع النفس دورا مهما في النمو الروحي لكل شخص، لكن على المرء أن يتذكر بأنه لا يمكن لأحد أن يجعله يتصالح مع نفسه، فهذا الأمر يجب أن يبحث عنه الشخص نفسه.
ينبغي عليه أن يدرك بأنه لا توجد خلطة سحرية لكيفية الحصول على السعادة والتصالح مع النفس، حيث إن هذه الأمور لا تتم بكبسة زر مثلا، وإنما تتم عبر تحكم المرء ذاته بعقله وطاقاته، فالتصالح مع النفس عبارة عن حالة من الثبات والاتزان للعقل، حالة تجعل جسد الشخص وروحه يتمتعان بحرية من نوع خاص، حالة تجعل المرء يشعر بأن جسده قد اغتسل في بحر من الطاقة الإيجابية وتخلص من جميع الأفكار السلبية.
على الرغم من صعوبة الوصول لتلك الحالة من التصالح مع النفس، إلا أنه يمكنه من خلال التدرب على ممارسة التمرين التالي أن يصل لحالة التصالح مع النفس، حاول بداية أن توقف أي نشاط تقوم به وقم فقط بالاسترخاء على كرسيك مغمضا عينيك، وحاول أن تركز فقط بصوت تنفسك، حاول خلال عملية الشهيق أن تركز تفكيرك على الأكسجين النقي الذي تقوم باستنشاقه ليدخل إلى رئتيك، ومن ثم إلى جميع أنحاء جسدك، وقم خلال عملية الزفير أن تعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون هو عبارة عن جميع مشاعرك وأفكارك السلبية التي تريدها أن تخرج من جسدك.
قم بعد ذلك بمحاولة تفريغ عقلك من جميع الأفكار التي تدور به، علما بأن تحقيق هذا الأمر يحتاج لكثير من التدريب والصبر وتحكم كامل بالعقل. والآن حاول أن تبقى ثابتا وتدع جسدك يقوم بوظائفه اللاإرادية وركز فقط بالثبات والصمت اللذين يحيطان بك. حاول أن تحطم جميع القيود التي تحيط بعقلك وتركز بشخصك الذي وهبه الله الكثير من الامتيازات والمواهب، إن الوصول لهذه الحالة هو ما يسمى التصالح مع النفس.
وإضافة لما سبق فإن النصائح التالية تساعد على الوصول لمرحلة التصالح مع النفس بسهولة ويسر:
• اشكر الله: توقف عن التفكير بما لا تملك وتنبه للنعم المتعددة التي وهبها الله لك. انظر حولك وستجد الملايين من البشر الذين هم أقل حظا منك. واعلم أنه يوجد ترابط وثيق بين الشعور بالامتنان لما وهبه الله لك وتصالحك مع نفسك.
• تقبل نفسك كما هي: إن تقبلك لجسدك وعقلك وروحك وإدراك أن الله عز وجل خلقك بهذه الصورة لحكمة ما، سيجعلك تشعر براحة نفسية وستقل نزاعاتك الداخلية.
• مارس التأمل: إن ممارسة التأمل بشكل متكرر ستساعدك على التحكم بعقلك على نحو إيجابي. حاول أن تجلس في الطبيعة الخضراء وأن تفصل نفسك عن العالم الخارجي من خلال ممارسة التأمل؛ إذ إن هذا الأمر سيعينك على التصالح مع نفسك.
علاء علي عبد
عن موقع buzzle
عن جريدة الغد