آخر 10 مشاركات
دعوة،، للحرف نكهة معكم في رمضان ،، 10،، 1445ه ، 2025 م (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ساحة ربيع بلا زهـر (الكاتـب : - )           »          ومضه (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          هـذا الصبـــاح .... (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          رَسَائِل تَأبَى الوُصًوًل (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          عبارات اعجبتني 2 (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          تاملات (الكاتـب : - )           »          خفقات .. (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الإيمان > نبع الإيمان

الملاحظات

الإهداءات

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 02-06-2010, 07:19 PM   رقم المشاركة : 11
نبعي
 
الصورة الرمزية حسن المهندس





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسن المهندس غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 أشياء متقاربة جدا
0 زاوية ..
0 هماهم

افتراضي رد: تفسير سورة الحمد ( فاتحة الكتاب )

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد سمير نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   أخي العزيز حسن المهندس رعاك الله
أشكرك على ما تفضلت بطرحه في مقالتك عن فاتحة الكتاب
وأؤكد أن " النسخة الماستر من القران " جمعت في عهد النبي الكريم عليه السلام ..وما قام به الخلفاء من بعده لا يعدو عن كونه عملية طباعة ونشر للقران بسبب اتساع رقعة الدولة وحاجة الناس إلى نسخ إضافية .
تقبل تحياتي العطرة

شكرا لك ووفقك الله

تسلم






  رد مع اقتباس
قديم 02-06-2010, 07:24 PM   رقم المشاركة : 12
نبعي
 
الصورة الرمزية حسن المهندس





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسن المهندس غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 أشياء متقاربة جدا
0 زاوية ..
0 هماهم

افتراضي رد: تفسير سورة الحمد ( فاتحة الكتاب )

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عواطف عبداللطيف نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وفقك الله

تحيتي


تسلمين






  رد مع اقتباس
قديم 02-23-2010, 05:53 PM   رقم المشاركة : 13
نبعي
 
الصورة الرمزية حسن المهندس





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسن المهندس غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 أشياء متقاربة جدا
0 زاوية ..
0 هماهم

افتراضي رد: تفسير سورة الحمد ( فاتحة الكتاب )

ـ الرّحمة الإِلهية الخاصة والعامّة:
المشهور بين جماعة من المفسّرين أنّ صفة (الرحمن) تشير إلى الرحمة الإِلهية العامة، وهي تشمل الأولياء والأعداء، والمؤمنين والكافرين، والمحسنين والمسيئين، فرحمته تعمّ المخلوقات، وخوان فضله ممدود أمام جميع الموجودات، وكلّ العباد يتمتعون بموهبة الحياة، وينالون حظهم من مائدة نعمه اللامتناهية. وهذه هي رحمته العامة الشاملة لعالم الوجود كافة وما تسبّح فيه من كائنات.

وصفة (الرحيم) إشارة إلى رحمته الخاصة بعباده الصالحين المطيعين، قد استحقوها بإيمانهم وعملهم الصالح، وَحَرُمَ منها المنحرفون والمجرمون.

الأمر الذي يشير إلى هذا المعنى أنّ صفة (الرحمن) ذكرت بصورة مطلقة في القرآن الكريم ممّا يدل على عموميتها، لكنّ صفة (الرحيم) ذكرت أحياناً مقيّدة، لدلالتها الخاصة، كقوله تعالى: (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنينَ رَحِيماً)(2) وأحياناً اُخرى مطلقة
--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ الحشر، 23.

2 ـ الأحزاب، 43.
[33]
كما في هذه السّورة.

وفي رواية عن الإِمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) قَالَ: «وَالله إلهُ كُلِّ شَيْء الرَّحْمنُ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ، الرَّحِيمُ بِالْمُؤْمِنينَ خَاصَّةً»(1).

من جهة اُخرى، كلمة (الرحمن) اعتبروها صيغة مبالغة، ولذلك كانت دليلا آخر على عمومية رحمته. واعتبروا (الرحيم) صفة مشبّهة تدلّ على الدوام والثبات، وهي خاصة بالمؤمنين.

وثمّة دليل آخر، هو إنّ (الرحمن) من الأسماء الخاصة بالله، ولا تستعمل لغيره، بينما (الرحيم) صفة تنسب لله ولعباده. فالقرآن وصف بها الرّسول الكريم، حيث قال: (عَزِيزٌ عليه مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ بِالْمُؤْمِنينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(2).

وإلى هذا المعنى أشار الإِمام الصادق(عليه السلام)، فيما روي عنه: (اَلرَّحْمنُ إِسْمٌ خَاصٌّ بصِفَة عَامَّة، وَالرَّحيمُ عَامٌّ بِصِفَة خَاصَّة»(3).

ومع كل هذا، نجد كلمة (الرحيم) تستعمل أحياناً كوصف عام. وهذا يعني أن التمييز المذكور بين الكلمتين إنما هو في جذور كل منهما، ولا يخلو من استثناء.

في دعاء عرفة ـ المنقول عن الحسين بن علي(عليه السلام) ـ وردت عبارة: «يَا رَحْمنَ الدُّنْيِا وَالاْخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا».

نختتم هذا الموضوع بحديث عميق المعنى، عن رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ: «إِنَّ للهِ عَزَّ وَجَلّ مائَةَ رَحْمَة، وَإِنَّهُ أَنْزَلَ مِنْهَا واحِدَةً إِلَى الأَرْضِ، فَقَسَّمَهَا بَيْنَ خَلْقِهِ، بِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَيَتَرَاحَمُونَ، وَأَخَّرَ تِسْعاً وَتِسْعِينَ لِنَفْسِهِ يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(4).

* * *
--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ الكافي، وتوحيد الصدوق، ومعاني الأخبار (نقلا عن الميزان).

2 ـ التوبة، 128.

3 ـ مجمع البيان، ج 1، ص 21.

4 ـ نفس المصدر.
[34]


لِمَ لَمْ تَرِدْ بَقية صِفاتِ اللهِ في البَسْمَلَةِ؟


في البسملة ذكرت صفتان لله فقط هما: الرحمانية والرحيمية، فما هو السبب؟

الجواب يتضح لو عرفنا أنّ كل عمل ينبغي أن يبدأ بالاستمداد من صفة تعم آثارها جميع الكون وتشمل كلّ الموجودات، وتنقذ المستغيثين في اللحظات الحساسة.

هذه حقيقة يوضّحها القرآن إذ يقول: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيء)(1)، ويقول على لسان حملة العرش: (رَبَّنَا وسِعْتَ كُلَّ شَيْء رَحْمَةً)(2).

ومن جانب آخر نرى الأنبياء وأتباعهم يتوسّلون برحمة الله في المواقف الشديدة الحاسمة. فقوم موسى تضرّعوا إلى الله أن ينقذهم من تجبّر فرعون وظلمه، وتوسّلوا إليه برحمته فقالوا: (وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ)(3).

وبشأن هود وقومه، يقول القرآن: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحمَة منَّا)(4).

من الطبيعي أنّنا ـ حين نتضرّع إلى الله ـ نناديه بصفات تتناسب مع تلك الحاجة، فعيسى(عليه السلام) حين يطلب من الله مائدة من السماء، يقول: (اللّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائدَةً مِنَ السَّمَاءِ ... وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(5).

ونوح(عليه السلام) يدعو الله في حطّ رحاله: (رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلا مُبَارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)(6).

وزكريا نادى ربّه لدى طلب الولد الوارث قال: (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ)(7).


--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ الأعراف، 156.

2 ـ المؤمن، 7.

3 ـ يونس، 86.

4 ـ الأعراف، 72.

5 ـ المائدة، 114.

6 ـ المؤمنون، 29.

7 ـ الأنبياء، 89.



للبدء بأيّ عمل ينبغي ـ إذن ـ أن نتوسّل برحمة الله الواسعة، رحمته العامة ورحمتة الخاصة. وهل هناك أنسب من هذه الصفة لتحقّق النجاح في الأعمال، وللتغلب على المشاكل والصعاب؟!

والقوة التي تستطيع أن تجذب القلوب نحو الله وتربطها به هي صفة الرحمة، إذ لها طابعها العام مثل قانون الجاذبية، ينبغي الإِستفادة من صفة الرحمة هذه لتوثيق العرى بين المخلوقين والخالق.

المؤمنون الحقيقيون يطهّرون قلوبهم بذكر البسملة في بداية كلّ عمل من كل علقة وإرتباط، ويرتبطون بالله وحده ويستمدّون منه العون، ويتوسلون إليه برحمته التي وسعت كلّ شيء.

والبسملة أيضاً تعلّمنا أنّ أفعال الله تقوم أساساً على الرحمة، والعقاب له طابع استثنائي لا ينزل إلاّ في ظروف خاصة، كما نقرأ في الأدعية المروية عن آل بيت رسول الله: «يَا مَنْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ»(1).

المجموعة البشرية السائرة على طريق الله ينبغي أن تقيم نظام حياتها على هذا الأساس أيضاً، وأن تقرن مواقفها بالرحمة والمحبة، وأن تترك العنف إلى المواضع الضرورية، «113» سورة من مجموع «114» سورة قرآنية تبدأ بالتأكيد على رحمة الله، وسورة التوبة وحدها تبدأ بإعلان الحرب والعنف بدل البسملة.

* * *

--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ دعاء الجوشن الكبير، الفقرة، 20.


الآية
الْحَمْدُ ِللهِ رَبِّ الْعَـلَمِينَ(1)

التّفسير
العالم مغمور في رحمته
بعد البسملة، أول واجبات العباد أن يستحضروا دوماً مبدأ عالم الوجود، ونِعَمه اللامتناهية، هذه النعم التي تحيطنا وتغمر وجودنا، وتهدينا إلى معرفة الله من جهة، وتدفعنا على طريق العبودية من جهة اُخرى.

وعند ما نقول أن النعم تشكّل دافعاً ومحرّكاً على طريق العبودية، لأنّ الإِنسان مفطور على البحث عن صاحب النعمة حينما تصله النعمة، ومفطور على أن يشكر المنعم على أنعامه.

من هنا فان علماء الكلام (علماء العقائد) يتطرقون في بحوثهم الأولية لهذا العلم إلى «وجوب شكر المنعم» باعتباره أمراً فطرياً وعقلياً دافعاً إلى معرفة الله سبحانه.

وإنما قلنا إن النعم تهدينا إلى معرفة الله، لأن أفضل طريق وأشمل سبيل لمعرفته سبحانه، دراسة أسرار الخليقة، وخاصة ما يرتبط بوجود النعم في حياة الإنسان.


ممّا تقدم ابتدأت سورة الحمد بعبارة (اَلْحَمدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

ولفهم عمق هذه العبارة وعظمتها يلزمنا توضيح الفرق بين «الحمد» و «المدح» و«الشكر» والنتائج المترتبة على ذلك:

1 ـ «الحمد» في اللغة: الثناء على عمل أو صفة طيبة مكتسبة عن اختيار، أي حينما يؤدي شخص عملا طيّباً عن وعي، أو يكتسب عن اختيار صفة تؤهله لأعمال الخير فإنّنا نحمده ونثني عليه.

و«المدح» هو الثناء بشكل عام، سواء كان لأمر إختياري أو غير إختياري، كمدحنا جوهرة ثمينة جميلة. ومفهوم المدح عام، بينما مفهوم الحمد خاص.

أمّا مفهوم «الشكر» فأخصّ من الاثنين، ويقتصر على ما نبديه تجاه نعمة تغدق علينا من منعم عن إختيار(1).

ولو علمنا أنّ الألف واللام في (الحمد) هي لاستغراق الجنس، لعلمنا أنّ كل حمد وثناء يختص بالله سبحانه دون سواه.

ثناؤنا على الآخرين ينطلق من ثنائنا عليه تعالى، لأنّ مواهب الواهبين كالأنبياء في هدايتهم للبشر، والمعلمين في تعليمهم، والكرماء في بذلهم وعطائهم، والأطباء في علاجهم للمرضى وتطبيبهم للمصابين، إنّما هي في الأصل من ذاته المقدسة. وبعبارة اُخرى: حمد هؤلاء هو حمد لله، والثناء عليهم ثناء على الله تعالى.

وهكذا الشمس حين تغدق علينا بأشعتها، والسحب بأمطارها، والأرض ببركاتها، كلّ ذلك منه سبحانه، ولذلك فكلّ الحمد له.

وبكلمة أُخرى: جملة (اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) إشارة إلى توحيد الذات، والصفات، والأفعال (تأمّل بدقة).

--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ «الشكر»، من وجهة نظر اُخرى أوسع إطاراً، لأنّ الشكر يؤدي بالقول أحياناً وبالعمل اُخرى. أمّا الحمد والمدح فبالقول غالباً.



2 ـ وصف (الله) بأنه (رَبّ الْعَالَميِن) هو من قبيل ذكر الدليل بعد ذكر الادعاء، وكأنّ سائلا يقول: لم كان حمد لله؟ فيأتي الجواب: لأنه (رب العالمين).

وفي موقع آخر يقول القرآن عن الباري سبحانه: (الَّذي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْء خَلَقَهُ ...)(1).

ويقول أيضاً: (وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا)(2).

3 ـ يستفاد من (الحمد) أن الله سبحانه واهب النعم عن إرادة وإختيار، خلافاً لأولئك القائلين إنّ اللّه تعالى مجبر على أن يفيض بالعطاء كالشمس!!

4 ـ جدير بالذكر أن الحمد ليس بداية كل عمل فحسب، بل هو نهاية كل عمل أيضاً كما يعلمنا القرآن.

يقول سبحانه عن أهل الجنة: (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهِا سَلامٌ، وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(3).

5 ـ أما كلمة «ربّ» ففي الأصل بمعنى مالك وصاحب الشيء الذي يهتم بتربيته وأصلاحه. وكلمة «ربيبة» وهي بنت الزوجة، ومأخوذة من هذا المفهوم للكلمة. لأن الربيبة تعيش تحت رعاية زوج أُمّها.

والكلمة بلفظها المطلق تعني ربّ العالمين، وإذا أطلقت على غير الله لزم أن تضاف، كأن نقول: ربّ الدار، وربّ السفينة(4).

وذكر صاحب تفسير (مجمع البيان) معنىً آخر للرب، وهو السيد المطاع، ولكن لا يبعد أن يعود المعنيان إلى أصل واحد(5).

6 ـ كلمة «عالمين» جمع «عالم»، والعالم: مجموعة من الموجودات


--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ السجدة، 7.

2 ـ هود، 6.

3 ـ يونس، 10.

4 ـ قاموس اللغة، ومفردات الراغب، وتفسير مجمع البيان، وتفسير البيان.

5 ـ لابدّ من الإِلتفات إلى أن (رب) من مادة (ربب)، لا من (ربو)، أي إنه مضاعف لا ناقص.



المختلفة ذات صفات مشتركة، أو ذات زمان ومكان مشتركين، كأن نقول: عالم الإِنسان، وعالم الحيوان، وعالم النبات. أو نقول عالم الشرق وعالم الغرب، وعالم اليوم، وعالم الأمس. فكلمة العالم وحدها تتضمن معنى الجمع، وحين تجمع بصيغة «عالمين»، فيقصد منها كل مجموعات هذا العالم.

ويلفت النظر هنا أن كلمة عالم جُمعت هنا جمعاً مذكراً سالماً، ونعرف أن جمع المذكر السالم يستعمل في العاقل عادة، ومن هنا ذهب بعض المفسرين إلى أن كلمة «عالمين» إشارة إلى المجموعات العاقلة في الكون كالبشر، والملائكة، والجن، ولكن قد يكون هذا الاستعمال للتغليب، أي لتغليب المجموعات العاقلة على غير العاقلة.

7 ـ يقول صاحب المنار: (ويؤثر عن جدنا الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) أن المراد بــ(العالمين) النّاس فقط)(1).

ثم يضيف: وقد وردت كلمة (العالمين) في القرآن الكريم أيضاً بهذا المعنى كقوله: (ليكون للعالمين نذيراً)(2).

ولكن، لو استعرضنا مواضع استعمال (عالمين) في القرآن، لرأينا أن هذه الكلمة وردت في كثير من الآيات بمعنى بني الإنسان، بينما وردت في مواضع اُخرى بمعنى أوسع يشمل البشر وسائر موجودات الكون الاُخرى، كقوله تعالى: (فَللهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(3) وكقوله سبحانه: (قال فرعون: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: رَبُّ الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا)(4).

وعن الإِمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) في تفسير (ربّ العالمين) قال: «رَبُّ الْعَالَمِينَ هُمُ الْجَمَاعَاتُ مِنْ كُلِّ مَخْلُوق مِنَ الْجَمَادَاتِ وَالْحَيْوَانَاتِ»(5).



--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ المنار، ج 1، ص 51.

2 ـ الفرقان، 1.

3 ـ الجاثية، 36.

4 ـ الشعراء، 23 و 24.

5 ـ تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 1
7.



كلمة عالمين يمكن فهمها في إطارها الكوني الأوسع، ويمكن فهمها في إطار عالم (الإِنسان) ـ كما ورد في رواية الإمام زين العابدين(عليه السلام)، لأن الكائن البشري أشرف المخلوقات، ولأن الإِنسان هو الهدف الأساس من هذه المجموعة الكبرى وليس بين الفهمين أي تناقض.

8 ـ جدير بالذكر أن هناك من قسّم العالم إلى: عالم صغير وعالم كبير، والمقصود من العالم الصغير هو الإِنسان، لأنه لوحده ينطوي على مجموعة من نفس القوى المتحكمة في هذا الكون الفسيح. والإنسان ـ في الواقع ـ عينيّة مصغرة لكل هذا العالم.

الذي دعانا إلى التوسّع في مفهوم كلمة (العالم) هو أن عبارة «ربّ العالمين» جاءت وكأنها دليل على عبارة (الحمد لله)، أي أننا نقول في سورة الفاتحة: إن الحمد مختص بالله تعالى لأنه صاحب كل كمال ونعمة وموهبة في العالم.


* * *

بحثان
1 ـ رفض الآلهة:
شهد التاريخ البشري ألوان الإنحرافات عن خط التوحيد، والصفة البارزة في هذه الإنحرافات هو الاعتقاد بوجود آلهة متعددة لهذا العالم. وفكرة التعدّد انطلقت من ضيق نظرة أصحابها الذين راحوا يعيّنون لكل جانب من جوانب الكون والحياة إلهاً، وكأنّ ربوبيّة العالمين لا يمكن إناطتها لمصدر واحد!! وراحت بعض الأمم تصنع الآلهة لأُمور جزئية كالحب والعقل والتجارة والحرب والصيد.

اليونانيّون مثلا كانوا يعبدون اثنتي عشرة أَلهةً وضعوها على قمة (أولمپ)


وكل واحدة منها تمثل جانباً من صفات البشر!!(1).

والكلدانيّون اعتقدوا بإله الماء وإله القمر وإله الشمس وإله الزهرة، وأطلقوا على كل واحد منها اسماً معيناً، واتخذوا فوق ذلك «مردوخ» إلهاً أكبر لهم.

والروم تعددت آلهتهم أيضاً، وراج سوق الشرك عندهم أكثر من أية أمّة اُخرى. فقد قسموا الآلهة إلى مجموعتين: آلهة الأسرة وآلهة الحكومة. ولم يكونوا يكنون ولاء لآلهة الحكومة، (لعدم إرتياحهم من حكومتهم!).

وقد ورد في التاريخ أن الروم اتخذوا لهم ثلاثين ألف إلهاً حتى قال أحد رجالهم مازحاً: إن عدد الهتنا من الكثرة إلى درجة أنها اكثر من المارّة في الأزقة والطرقات، وكلّ واحد منها مظهر من مظاهر الكون المشهودة، إله مثل إله الزراعة، وإله المطبخ، وإله مستودع الطعام، وإله البيت، وإله النار، وإله الفاكهة، وإله الحصاد، وإله شجرة العنب، وإله الغابة، وإله الحريق، وإله بوابة روما، وإله بيت النار(2).







  رد مع اقتباس
قديم 02-23-2010, 05:56 PM   رقم المشاركة : 14
نبعي
 
الصورة الرمزية حسن المهندس





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسن المهندس غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 أشياء متقاربة جدا
0 زاوية ..
0 هماهم

افتراضي رد: تفسير سورة الحمد ( فاتحة الكتاب )

وللخلاصة، أن البشرية كانت غارقة في وحل الخرافات كما أنها تعاني الآن أيضاً من ذلك الموروث السقيم.

وفي عصر نزول القرآن كان في الجزيزة العربية وفي كثير من مناطق العالم، آلهة تعبد من دون الله. كما كانت عبادة الأفراد رائجة، وإلى ذلك يشير القرآن في خطابه لليهود والنصارى إذ يقول: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ)(3).

بعبارة موجزة، حين تنحرف البشرية عن خط التوحيد، وتتورط في شراك الخرافات وفخاخ الاوهام. فمضافاً الى أنها تساهم في تغريب العقل وانحطاط الفكر، تؤدي الى تشتت المجتمع وتعمل على تمزيقه.



--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ أعلام قرآن، ص 202.

2 ـ تاريخ «آلبرماله»، ج 1، الفصل الرابع.

3 ـ التوبة، 31.


خط التوحيد الذي دعا إليه الأنبياء يتميز بنبذ الآلهة المتعددة، وهداية البشرية نحو الإله الواحد الاحد، وإنطلاقاً من هذه الأهمية القصوى للقضاء على الآلهة المتعددة جاء التأكيد القرآني بعد آية البسملة بقوله: (اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

وبهذا يرسم القرآن الكريم خط البطلان على جميع الآلهة المزيفة وارباب النوع ويلقي بها في وادي العدم مكانها الاوّلي، ويغرس محلّها أزهار التوحيد والاتحاد.

هذا التأكيد يتلوه الإِنسان المسلم عشر مرات في صلواته اليومية ـ على الأقل ـ لتترسخ فكرة التوحيد، وفكرة رفض ربوبية كل الأرباب والآلهة، غير ربوبيّة الله ربّ العالمين







  رد مع اقتباس
قديم 02-23-2010, 05:57 PM   رقم المشاركة : 15
نبعي
 
الصورة الرمزية حسن المهندس





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسن المهندس غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 أشياء متقاربة جدا
0 زاوية ..
0 هماهم

افتراضي رد: تفسير سورة الحمد ( فاتحة الكتاب )

2 ـ ربوبية الله طريق لمعرفة الله
كلمة (الرب)، وإن كانت تعني في الأصل المالك والصاحب، تتضمن معنى الصاحب المتعهّد بالتربية.

إمعان النظر في المسيرة التكاملية للموجودات الحيّة، وفي التغييرات والتحولات التي تجري في عالم الجماد، وفي الظروف التي تتوفّر لتربية الموجودات، وفي تفاصيل هذه الحركات والعمليات، هو أفضل طريق لمعرفة الله. والتنسيق اللاإرادي بين أعضاء جسدنا هو نموذج حيّ لذلك.

لو واجهنا في حياتنا ـ مثلا ـ حادثة هامّة تتطلب منّا أن ننهض أمامها بقوة وحزم، فإنّ أوامر منسّقة تصدر خلال لحظة قصيرة إلى جميع أجزاء جسدنا بشكل لا إرادي. وبسرعة خاطفة يشتد ضربان قلبنا وتنفسنا، وتتجهز كل قوانا، وتتدفق المواد الغذائية والأوكسجين ـ المحمولة عن طريق الدم ـ إلى جميع الخلايا، وتتأهب الأعصاب والعضلات للعمل والحركة السريعة، وترتفع قدرة

-=-
تحمّل الإنسان للمتاعب والآلام، ويغادر النوم العيون، ويزول التعب من الأعضاء، ويزول الإِحساس بالجوع.

من الذي أوجد هذا التنسيق العجيب في هذه اللحظة الحساسة، وبهذه السرعة، بين جميع أجزاء وجود الإنسان؟ هل هذه العناية والتربية ممكنة من غير الله العالم القادر؟!

آيات القرآن الكريم تكثر من عرض نماذج لهذه التربية الإِلهية، سنتعرض لها في مكانها إن شاء الله تعالى، وكل واحدة منها دليل واضح على معرفة الله.







  رد مع اقتباس
قديم 02-23-2010, 06:00 PM   رقم المشاركة : 16
نبعي
 
الصورة الرمزية حسن المهندس





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسن المهندس غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 أشياء متقاربة جدا
0 زاوية ..
0 هماهم

افتراضي رد: تفسير سورة الحمد ( فاتحة الكتاب )

الآية
الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ(2)

التّفسير
معنى (اَلرَّحْمن) و(الرَّحِيم) وإتساع مفهومهما والفرق بينهما، شرحناه في تفسير البسملة، ولا حاجة إلى التكرار. وما نضيفه هنا هو أن هاتين الصفتين تتكرران في البسملة والحمد، «والملتزمون» بذكر البسملة في السّورة بعد الحمد يكررون هاتين الصفتين في صلواتهم اليومية الواجبة ثلاثين مرّة. وبذلك يصفون الله برحمته ستين مرّة يومياً.

وهذا في الواقع درس لكل جماعة بشرية سائرة على طريق الله، وتواقة للتخلق بأخلاق الله. إنه درس يبعد البشرية عن تلك الحالات التي شهدها تاريخ الرق في ظل القياصرة والأكاسرة والفراعنة.

القرآن يركز على علاقة الرحمة والرأفة بين ربّ العباد والعباد، حيث يقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً)(1).

هذه العلاقة نستحضرها مرات يومياً إذ نقول: (اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)، لنربّي أنفسنا تربية صحيحة في علاقتنا بالله، وفي علاقتنا بأبناء جنسنا.

* * *


--------------------------------------------------------------------------------



1 ـ الزمر، 53.







  رد مع اقتباس
قديم 02-23-2010, 06:04 PM   رقم المشاركة : 17
نبعي
 
الصورة الرمزية حسن المهندس





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسن المهندس غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 أشياء متقاربة جدا
0 زاوية ..
0 هماهم

افتراضي رد: تفسير سورة الحمد ( فاتحة الكتاب )

الآية
مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(3)

التّفسير
الرّكيزة الثّانية: الإِيمان بيوم القيامة
هذه الآية تلفت الأنظار إلى أصل هام آخر من أصول الإِسلام، هو يوم القيامة: (مَالِكِ يَوْمِ الدّينِ)، وبذلك يكتمل محور المبدأ والمعاد، الذي يعتبر أساس كل إصلاح أخلاقي واجتماعي في وجود الإِنسان.

تعبير (مَالِكِ) يوحي بسيطرة الله التامة وهيمنته المستحكمة على كل شيء وعلى كل فرد في ذلك اليوم، حيث تحضر البشرية في تلك المحكمة الكبرى للحساب، وتقف أمام مالكها الحقيقي للحساب، وترى كل ما فعلته وقالته، بل وحتى ما فكرت به، حاضراً، فلا يضيع أي شيء ـ مهما صغر ـ ولا يُنسى، والإِنسانُ ـ وحده ـ يحمل أعباء نتائج أعماله، بل نتائج كل سنّة استنّها في الأرض أو مشروع أقامه.

مالكية الله في ذلك اليوم دون شك ليست ملكية اعتبارية، نظير ملكيتنا للأشيآء في هذا العالم. ملكيتنا هذه عقد يبرم بموجب تعامل ووثائق، وينفسخ بموجب تعامل آخر ووثائق اُخرى. لكن ملكية الله لعالم الكون ملكية حقيقية،

تتمثل في إرتباط الموجودات إرتباطاً خاصاً بالله. ولو انقطع هذا الإِرتباط لحظة لزالت الموجودات تماماً مثل زوال النور من المصابيح الكهربائية، حين ينقطع اتصالها بالمولّد الكهربائي.

بعبارة اُخرى: مالكية الله نتيجة خالقيته وربوبيته. فالذي خلق الموجودات ورعاها وربّاها، وأفاض عليها الوجود لحظة بلحظة، هو المالك الحقيقي للموجودات.

نستطيع أن نرى نموذجاً مصغراً للمالكية الحقيقية، في مالكيتنا لأعضاء بدننا، نحن نملك ما في جسدنا من عين وأذن وقلب وأعصاب، لا بالمعنى الإِعتباري للملكية، بل بنوع من المعنى الحقيقي القائم على أساس الإِرتباط والإِحاطة.

وقد يسأل سائل فيقول: لماذا وصفنا الله بأنه (مَالِكَ يَوْمِ الدّينِ) بينما هو مالك الكون كله؟

والجواب هو أن الله مالك لعالم الدنيا والآخرة، لكن مالكيته ليوم القيامة أبرز وأظهر، لأن الإِرتباطات المادية والملكيات الاعتبارية تتلاشى كلها في ذلك اليوم، وحتى الشفاعة لا تتم يومئذ إلا بأمر الله: (يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْس شَيْئاً وَالاَْمْرُ يَوْمَئِذ للهِ)(1).

بتعبير آخر: قد يسارع الإِنسان في هذه الدنيا لمساعدة إنسان آخر، ويدافع عنه بلسانه، ويحميه بأمواله، وينصره بقدرته وأفراده، وقد يشمله بحمايته من خلال مشاريع ومخططات مختلفة. لكن هذه الألوان من المساعدات غير موجودة في ذلك اليوم. من هنا حين يوجه هذا السؤال إلى البشر: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)يجيبون: (للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)(2).



--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ الانفطار، 19.

2 ـ المؤمن،
16.



الإِيمان بيوم القيامة، وبتلك المحكمة الإِلهية الكبرى التي يخضع فيها كل شيء للاحصاء الدقيق، له الأثر الكبير في ضبط الإِنسان أمام الزلات، ووقايته من السقوط في المنحدرات، وأحد أسباب قدرة الصلاة على النهي عن الفحشاء والمنكر هو أنها تذكر الإِنسان بالمبدأ المطلّع على حركاته وسكناته وتذكّره أيضاً بمحكمة العدل الإِلهي الكبرى.

التركيز على مالكية الله ليوم القيامة يقارع من جهة اُخرى معتقدات المشركين ومنكري المعاد، لأن الإِيمان بالله عقيدة فطرية عامة، حتى لدى مشركي العصر الجاهلي، وهذا ما يوضحه القرآن إذ يقول: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(1) بينما الإِيمان بالمعاد ليس كذلك، فهؤلاء المشركون كانوا يواجهون مسألة المعاد بعناد واستهزاء ولجاج: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُل يُنَبّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّق إِنَّكُمْ لَفِي خَلْق جَدِيد، افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ)(2).

وروي عن علي بن الحسين السجاد(عليه السلام): «أَنَّه كَانَ إذا قَرَأَ (مَالِكِ يَوْمِ الدّينِ)يُكَرِّرُهَا حَتَّى يَكَادَ أَنْ يَمُوتَ»(3).

أما تعبير (يَوْمِ الدِّينِ)، فحيثما ورد في القرآن يعني يوم القيامة، وتكرر ذلك في أكثر من عشرة مواضع من كتاب الله العزيز، وفي الآيات 17 و 18 و 19 من سورة الإِنفطار ورد هذا المعنى بصراحة.

وأما سبب تسمية هذا اليوم بيوم الدين، فلأن يوم القيامة يوم الجزاء، و (الدين) في اللغة (الجزاء)، والجزاء أبرز مظاهر القيامة، ففي ذلك اليوم تكشف السرائر ويحاسب النّاس عما فعلوه بدقة، ويرى كل فرد جزاء ما عمله صالحاً أم طالحاً.



--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ لقمان، 25.

2 ـ سبأ، 7 و 8.

3 ـ تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 19.





وفي حديث عن الإِمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) يقول: «يَوْمُ الدّينِ هُوَ يَوْمُ الْحِسَابِ»(1) (والدين) إستناداً إلى هذه الرواية يعني (الحساب)، وقد يكون هذا التعبير من قبيل ذكر العلة وإرادة المعلول. لأن الحساب دوماً مقدمة للجزاء.

من المفسرين من يعتقد أن سبب تسمية (يَوْمِ الدّين) يعود إلى أن كل إنسان يوم القيامة يُجازى إزاء دينه ومعتقده. لكن المعنى الأول (اَلْحِسَابُ وَالْجَزاءُ) يبدو أقرب إلى الصحة
.

* * *


--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ مجمع البيان، ذيل الآية: مالك يوم الدين.







  رد مع اقتباس
قديم 02-23-2010, 06:07 PM   رقم المشاركة : 18
نبعي
 
الصورة الرمزية حسن المهندس





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسن المهندس غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 أشياء متقاربة جدا
0 زاوية ..
0 هماهم

افتراضي رد: تفسير سورة الحمد ( فاتحة الكتاب )

الآية
إِيّـاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(4)

التّفسير
الإِنسان بين يدي الله
في هذه الآية يتغيّر لحن السّورة، إذ يبدأ فيها دعاء العبد لربّه والتضرّع إليه. الآيات السابقة دارت حول حمد الله والثناء عليه، والإِقرار بالإِيمان والإِعتراف بيوم القيامة، وفي هذه الآية يستشعر الإِنسان ـ بعد رسوخ أساس العقيدة ومعرفة الله في نفسه حضوره بين يدي الله ... يخاطبه ويناجيه، يتحدث إليه أولا عن تعبّده، ثم يستمد العون منه وحده دون سواه: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).

بعبارة اُخرى: عندما تتعمق مفاهيم الآيات السابقة في وجود الإِنسان، وتتنور روحه بنور ربّ العالمين، ويدرك رحمة الله العامة والخاصة، ومالكيته ليوم الجزاء، يكتمل الإِنسان في جانبه العقائدي. وهذه العقيدة التوحيدية العميقة، ذات عطاء يتمثل أوّلا: في تربية الإِنسان العبد الخالص لله، المتحرر من العبودية للآلهة الخشبية والبشرية والشهوية، ويتجلّى ثانياً: في الإِستمداد من ذات الله تبارك وتعالى.

الآيات السابقة تحدثت في الحقيقة عن توحيد الذات والصفات، وهذه الآية



تتحدث عن توحيد العبادة وتوحيد الأفعال.

توحيد العبادة: يعني الإِعتراف بأن الله سبحانه هو وحده اللائق بالعبادة والطاعة والخضوع، وبالتشريع دون سواه، كما يعني تجنب أي نوع من العبودية والتسليم، لغير ذاته المقدسة.

وتوحيد الأفعال: هو الإِيمان بأن الله هو المؤثر الحقيقي في العالم (لاَ مُؤَثِّرَ فَي الْوُجُودِ إلاَّ الله). وهذا لا يعني إنكار عالم الأسباب، وتجاهل المسببات، بل يعني الإِيمان بأن تأثير الأسباب، إنّما كان بأمر الله، فالله سبحانه هو الذي يمنح النار خاصية الاحراق، والشمس خاصية الإِنارة، والماء خاصية الإِحياء.

ثمرة هذا الاعتقاد أن الإِنسان يصبح معتمداً على (الله) دون سواه، ويرى أن الله هو القادر العظيم فقط، ويرى ما سواه شبحاً لا حول له ولا قوّة، وهو وحده سبحانه اللائق بالإِتكال والاعتماد عليه في كل الأمور.

هذا التفكير يحرر الإِنسان من الإِنشداد بأي موجود من الموجودات، ويربطه بالله وحده. وحتى لو تحرك هذا الإِنسان في دائرة استنطاق عالم الأسباب، فإنما يتحرك بأمر الله تعالى، ليرى فيها تجلّي قدرة الله، وهو «مُسَبِّبُ الأَسْبَابِ».

هذا المعتقد يسمو بروح الإِنسان ويوسّع آفاق فكره، ليرتبط بالأبدية واللانهاية، ويحرر الكائن البشري من الأطر الضيقة الهابطة.

* * *


1 ـ هو المستعان وحده
تقدم المفعول على الفاعل يفيد الحصر ـ كما يذكر أصحاب اللغة ـ، وتقدم «إِيّاك» على «نَعْبُدُ» يدلّ على الحصر، أي أننا نعبدك دون سواك، ونتيجة هذا



الحصر، هو توحيد العبادة وتوحيد الأفعال.

نعم، نحن محتاجون إلى عونه حتى في العبودية والطاعة، ولذلك ينبغي أن نستعين به في ذلك أيضاً، كي لا تتسرب إلى أنفسنا أوهام العجب والرياء وأمثالها من الإِنحرافات التي تجهض عبوديتنا.

بعبارة اُخرى: حين نقول (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فان هذه الجملة يشم منها رائحة الاستقلالية، لذلك نتبعها مباشرة بعبارة (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، كي نجسّم حالة الأمر بين الأمرين (لاَ جَبْرَ وَلا تَفْويضَ)، في عباداتنا، ومن ثمّ في كل أعمالنا.

2 ـ استعمال صيغ الجمع في تعبير الآيات
كلمة «نَعْبُدُ» و«نَسْتَعِينُ» بصيغة الجمع تشير إلى أن العبادة ـ خاصة الصلاة ـ تقوم على أساس الجمع والجماعة. وعلى العبد أن يستشعر وجوده ضمن الجمع والجماعة، حتى حين يقف متضرّعاً بين يدي الله، فما بالك في المجالات الاُخرى!

وهذا الاتجاه في العبادة يعني رفض الإِسلام لكل ألوان الفردية والإِنعزال.

الصلاة خاصة ـ ابتداء من اذانها وإقامتها حتى تسليمها ـ تدل على أن هذه العبادة هي في الأصل ذات جانب إجتماعي، أي أنها ينبغي أن تؤدّى بشكل جماعة. صحيح أن الصلاة فرادى صحيحة في الإسلام، لكن العبادة الفردية ذات طابع فرعي ثانوي.

3 ـ الاستعانة به في كل الأمور
يواجه الإِنسان في مسيرته التكاملية قوى مضادة داخلية (في نفسه)، وخارجية (في مجتمعه)، ويحتاج في مقاومة هذه القوى المضادة إلى العون والمساعدة، ومن هنا يلزم على الإِنسان عندما ينهض صباحاً أن يكرر عبارة





(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)ليعترف بعبوديته لله سبحانه، وليستمد العون منه في مسيرته الطويلة الشاقة. وعندما يجنّ عليه الليل لا يستسلم للرقاد إلاّ بعد تكرار هذه العبارة أيضاً. والإِنسان المستعين حقّاً، هو الذي تتضاءل أمام عينيه كلّ القوى المتجبّرة المتغطرسة. وكل الجواذب المادية الخادعة، وذلك ما لا يكون إلاّ حينما يرتفع الإِنسان إلى مستوى القول: (إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعْالَمِينَ)(1).


* * *


--------------------------------------------------------------------------------

1 ـ الأنعام، 162.







  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:16 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::