على موعد أقبلت ليس به خُلْــفُ
بخيرك محفوفا ألا أيها الضيــفُ
*
كأنك ما غادرت بالأمس حينـا
وما غبت عن دار وما جُدِّد الظرف
*
فبادلتنــا حبا ورفقا وصحبـــة
فعادت إلى الحضن المودة والإلف
*
وأحييت ميْت القلب بعد ضموره
فأدركت منهوكا يغالبـه الضعف
*
حبا رمضانُ الدهــر كل فضيلة
بنصـر وتنزيل يجللــه اللطــف
*
وكل شهور الله حازت فضائــلا
تسامت بها فخرا وأنت لها سقف
*
جمعت من الأسرار ما عــز كشفه
وما للسها ومض وإن سهم الطرف
*
جهــاد وفتح في مشاهــد ما مضى
بأعلام خير الرُّسْل طاب لها الزحف
*
فشدت ركـــاب الخيل للحق نصـــرة
تخاذل في التعبير عن وصفها الوصف
*
فدانت لهم كل البـــلاد وكــل من
ينــازلهم في الحق يخطفه الحتــف
*
وساســوا عباد الله بالعــدل والتقى
فما حَـيَّد القسطاسَ ظلــم ولا حيــف
*
وما رجحت في الله لومــة لائــم
لديهـم وما أثنى عزائمــهم خوف
*
وراعَوْا بصدق للحروب عهودَها
فما فُسخت بالجور أُو نُقض الحلف
*
وشدوا إلى الجنات صهوة راكـب
قضى في رباط لا يبارحـه السيف
*
وحاقت بكل الطامعين من العـــدى
على قسوة الحقد المهانة والخسف
*
ألا أيها الشهـــر المعظـم ذكـــره
تعود وفيهم من وقائعك الرجف
*
سريعا أتتنـا من هلالك شــارة
كبرق جَلِيٍّ لاح من لمعه الطيف
*
فأحييت في الأذهـان عزا نعيده
بماضيــك ما أبلاه صد ولا عزف
*
تقارن عهدا زال صحوةُ خاطري
بعهد لنا أضحى بواقعــه الزيف
*
لنُرجع من ماض مُحــالا كأننا
نحاول بعثا في قلوب لها غلف
*
دفعت بسيل الشعـر ما كان راكدا
فثــارت قوافينا وحنَّ لها الحرف
*
عديد من الأحداث صارت مضاربا
أناخت بها الذكرى وسَايَرَها العرف
*
"كقرص" حوى الأحلام لما قرأته
أعدت من الأحداث ما أظهر الكشف
*
وما الشعر إلا من سـلافة مهجة
إذا عُصر الشريان أو رشـح النــزف
*
وما هـو من لَأْلاء درٍّ لنـــاظــــر
وما هو ياقوت ولا ذهب صِـرف
*
فلا تسـأَلَنِّي .. ما أرى الشهر ماكثا
شتــاء به يأتي ويمضي به صيـف
*
وتبقى كنقش في النفوس عظــاته
على مدِّ عمر لا انفصــام ولا حـذف
*
فما بالنـا نسـعى بـدون تــردد
نلبي نداء البطـن إن كثر اللـف
*
فنحن بأ طبــاق الموائـــد نحتفي
نجددها صنفــا يزاحمــه صنف
*
فما تستطيع الفرز بين روائـــح
بعرض زقاق الحي ضاق بها الأنف
*
رقيـق من العطر الكثيف تخـــاله
أذى لصيـام خلف ما يجحد الجوف
*
ألم ترنا كالطيــر يا رمضــان إن
مرَرْتَ على الأوكار رقَّت فلم تجفُ
*
فتلك شهـــور منك لما تعــاقبت
علينـا بَنَتْـنَا الشهر يعقبـه ردف
*
صَنَعْـتَ من الأشبال أسـد معارك
كأنـهــمُ لمـا تناشــدهم وقــف
*
فصاروا ليوثا في الحروب وأقبلوا
على العلم إرثا من قديم به كُلْف
*
وقد سبقتــهم في الوفاء قوافــل
من الشهداء الغر ما مجدهم يعفو
*
يلوذون بالقرآن في كل محفـــل
وإن كان بعض في اللسان له عطف
*
هم الرفقة الأولى أحاذي اجتهادهم
وقد شدهم جد العــزائم واللهف
*
فيا رمضان الجد تلك مســاجد
تُزيِّنُها ليلا إذا التحـم الصـف
*
فعمارها من كل صوب تدفقـوا
وباحاتها غصت وما اتسع الرصف
*
فكم كتبٍ طــالعت فيها مثــابرا
لأقتل وقتي ثم كانت هي القطف
*
وكم تم لي ختم الكتاب بظلــها
أحزِّبُه حسْب الليالي كما تقفــو
*
فلله كل الحمد ما صام صـائم
ولله كل الشكر ما منحت كـف
*
كؤوسك تترى والدنــان مليئــة
عِطَاش لفتح الله يحلو لهم رشف
*
يعبـونهـا عبـا على نهـم وهم
على حال من ظلت مشاربهم تصفو
*
بليلــة قـدر والقلــوب شغــوفـة
لتدرك ما ترجو وقد ذهب النصف
*
فيا رب بارك واجعل الصوم عتقنا
من النار يوما والقلوب لها وجْف
*
وصل على المختار أحمد في الورى
مئات من ألآلاف ألفـا بهـا ألــف
*
وثن على الصحب الكـرام وآلـه
وسلم بصرح الصالحين ومن يهفو