في وطني تأتي الشمس متشحة بغلالة من حزن ، ويغوص البحر في طقوس الوجع حتى الغرق، ويمضي الوقت غامضاً يحمل نكهة الموت ..يتسلل الألم المحمل بالشظايا من بين الأشياء ويسكن كل الأماكن والأشخاص، لا يعترف بعمر ولا يعترف بوقت..
في وطني يندثر الوقت في زمن قياسي، وتنتحر الأحلام في عيون الأطفال البريئة عندما تسكن الشظايا الغادرة اجسامها الغضة ويمتص مصاص الدماء كل ما يجري في الشرايين مخلفاً بسمة تأبى ان تموت على الشفاه...لوحات مخضبة بالدم مبتورة المعاني بعد أن غابت أطراف الحقيقة في نزيف المشاهد الدموية..
في وطني يتربص شبح اليتم براءة الأطفال، ولكنهم يكبرون ويتعملقون ويجتازون مرحلة الطفولة في مسافة ما بين ثلاجة الموتى والمثوى الأخير.
في وطني تتبعثر الأمومة في الطرقات باحثة عن أشلاء فلذات الأكباد ، قناديل الروح ترتجف وتتحسس بقايا اللحم الطري المتناثر وتضمه الى مسامات الروح وتلملمه لتهبه هدية للوطن.
في وطني تلتهب العتمة في ثورة على ظلم القصف العشوائي ، ويجتر القلق هدأة الليل ، وأجساد انهكها الرعب مصطفة في انتظار زائر بعد منتصف الليل الذي يأتي بغتة ليسحق، ويدمر، ويحرق ثم يرحل تاركاً أنقاض حياة.
في وطني هناك رغبة في الحياة ، هناك رغبة في البقاء، هناك إصرار على الصمود، تراها في عيون طفلة مبتورة الأطراف، وتسمعها على لسان أم ثكلى حصد الحقد الأعمى كل افراد عائلتها، أو في دمعة شامخة معلقة على أهداب رجل وتأبى الإنحدار.
في وطني الكل يقاتل من أجل البقاء، والكل يصمد في وجه الخرافة، جيش نظام لا يقهر؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هي خرافة تعشش في عقل الساسة فقط ، ولكن في وطني الوضع مختلف، لا تعنيهم كل القرارات ولا المبادرات المكتوبة بحروف عرجاء, لا تعنيهم الخطب المائعة العبثية..
في وطني يقف الأقصى شامخاً يراقب قبة الصخرة من بعيد ويعدها بنصر قريب يعيد لقبتها البريق..
في وطني يتلاحم البشر في لوحة تتوحد فيها كل الرغبات وتذوب فيها كل الخلافات ، لوحة فريدة من الصمود تجسد وحدة المصير وتثبت في ذاكرة الألوان..ووعد بأن رباطهم سيكون الى يوم الدين..
في وطني يسكت الكلام ويصرخ الصمت عندما تٌهان الحرائر وتصبح صدورشبابنا مرمى للرصاص الحي على مرأى ومسمع من صناع القرار العربي الذين يعجزون حتى عن الكلام..
في وطني لا تسقط رايتنا أبداً ..فالكل مشاريع شهادة.. يرتقي شهيد وقبل أن تسقط الراية يلتقطها شهيد أخر..
في وطني يتساءلون .. متى سيزول الضباب الذي يغلف الأرواح المرتجفة المكبلة بمعاهدات مخجلة؟ وكيف السبيل الى جلد ضمائر الصامتين وضخ الدم في عروقهم ليشعروا بفداحة الخطيئة وتخاذلهم عن نصرة أولى القبلتين؟؟؟
سلوى حماد