{ نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

( (فأما من أعطى واتقى*وصدّق بالحسنى* فسنيسره لليسرى*)
أعطى ما أُمر بإعطائه من مالٍ أو جاهٍ أو علم،واتقى ما أُمر باتقائه من المحرمات، وصدّق
بالحسنى أي:صدّق بالقول الحسن،وهي قول الله عز وجل ،وقول رسوله(ص) لأنّ أصدق الكلام وأحسنه كلامه عزّ وجلّ وكلام رسوله
(ص).
أما قوله:فسنيسره اليسرى فهي عمل الخير.قال ابن عباس: نيسّرك لأن تعمل خيرا.
وقال ابن مسعود: اليسرى أي الجنة. وعكسها:
فسنيسره للعسرى أي :لطريق الشر(ونذرهم في طغيانهم يعمهون). أي أنه سبحانه يجازي مَن قصد الخير بالتوفيق له، ومن قصد الشر بالخذلان.)

( ورد في الحديث من كلامه عليه السلام إلى الإمام علي رضي الله عنه:
إني لا أخاف على أمتي مؤمنا ولامشركا.أمّا المؤمن فيمنعه الله بإيمانه،وأمّا المشرك فيقمعه الله بشركه.ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان ،عالم اللسان ،يقول ما تعرفون ويفعل ماتنكرون.
وكأنك تعيش بيننا .وما أكثرهم في أيامنا تراهم في كل ميدان.صلّى الله عليك وسلم.ماخفت منه يحصل معنا.ولاحول ولا قوة إلّا بالله)

( *ألم نشرح لك صدرك*ووضعنا عنك وزرك *الذي أنقض ظهرك*
توحي هذه الآيات بأنّ هناك ضائقة كانت في روح الروح الرسول (ص) لأمرٍ من أمور هذه الدعوة التي كُلّفها ،ومن العقبات الوعرة في طريقها،ومن الكيد والمكر المضروب حولها توحي بأنّ صدره (ص) كان مثقلا بهموم هذه الدعوة الثقيلة وأنه كان يحس العبء فادحا
على كاهله.)

( (وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله).
في حديث إذاعي للمثل السوري محمد الشّمّاط (ابورياح) (صاحب أصابيع الببو ياخيار):
أنه أصيب بجلطة دماغية تسببت في التأثير على مركز النطق عنده فأصبح لايستطيع التكلم بكلام مفهوم .
فطلب أبناؤه المقيمون في أمريكا أن يأتي إلى أمريكا بعد أن أخبروا طبيبا يهوديا أمريكيا بوضعه وعندما رأى نتائج الفحوصات سأله :هل
أنت مسلم فأجاب: نعم .فقال:حاول أن تقرأ القرآن على مدى شهرين فقد تعود إلى وضعك السابق..ففعل وكان ماتوقع.
(و ننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين).

( (ورفعنا لك ذكرك)
قال مجاهد بن جبر المكي وهو تابعي وإمام وفقيه.عُرف بكتب التفسير باسم (مجاهد):
في تفسير هذه الآية:
لا أُذكرُحتى تُذكرَ معي:أشهد أنّ لا إله إلّا
الله وأشهد أنّ محمدا رسول الله.
وقال قتادة(بن دعامة ضرير أكمه تابعي جليل عالم بالعربية والأنساب وأيام العرب ):
رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة .فليس خطيبٌ ولامتشهّد ولا صاحب صلاة إلّا ينادي بها:أشهد أنّ لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله..)

( *فإذا فرغت فانصب *وإلى ربك فارغب*
فإذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها فانصب في العبادة .وهنا إشارة إلى التوازن بين العمل والعبادة فلايصح أن تتفرد في العبادة على حساب العمل وإهمال متطلبات الحياة .ونتذكر هنا قول عمربن الخطاب في الرجل الذي يقضي معظم أوقاته في المسجد عابدا فسأل :مَن يكفيه مؤنته فقالوا : ذويه. فقال:كلكم خير منه .
فالنصب في العبادة أن يكون العبد فارغ البال
نشطا مخلصا النيّة لربه راغبا في الجنة راهبا من الناس راغبا إلى الله في جميع أحواله جاعلا رغبته إلى الله وحده.)

( *والتين والزيتون*وطور سينين* وهذا البلد
الأمين*
التين ثمر شجرة التين كما هو الزيتون ثمر
شجرة الزيتون، وجبل الطور هو الذي ناجى موسى عنده ربه، والبلد الأمين مكّة.
وقد أُختلف في المراد بالمقسم به :التين
والزيتون،واتفقوا عليه في الثالث والرابع.
قالوا التين الجبل الذي عليه دمشق.والزيتون الذي عليه بيت المقدس .فأرض فلسطين التي بُعث فيها الأنبياء فآخر أنبياء بني اسرائيل عيسى ابن مريم عليه السلام ،وطور سينين لأنه الجبل الذي أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام حوله،وأما البلد الأمين فهو مكة فهو الذي بُعث منه سيدنا محمد (ص).
أما من يعتقد أنه سبحانه يقسم بثمرتي التين والزيتون فاعتقاده خاطئ ذلك أن المعطوف يجب أن يكون من جنس المعطوف عليه .فلا يجوز أن نقول أكلت خبزا وماءً فالماء يُشرب ولايؤكل والصحيح أن نقول أكلت خبزا وشربت ماءً .
وكذلك لا يجوز أن نعطف البلد الأمين وطور
سينين وهما مكانان على التين والزيتون وهما ثمرتان.)

( الأموات،الموتى:
الأموات:
( ولاتقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لاتشعرون). جمع ميّت وهو من خرجت نفسه من جسمه.
الموتى:
جمع حيٌّ بجسمه ميّتٌ بنفسه :الكائن العاقل في حال فقد الوعي والرشد والفاعلية .
فالأموات لايسمعون بينما الموتى يملكون حالة السمع ولكنهم لايفعّلونه فهم فقدوا الفاعلية فصاروا موتى.وإحياء الموتى هو بعث الحياة الفكرية في نفوسهم وتفعيل طاقتهم وإدراكهم
وبعد ذلك كتابة ماقدموا وآثارهم .
فإحياء الموتى المعرضين عن الحق يمكن أن يفعّله الله وقد بعث لهم الرسل والنبيين
وزرع في نفوسهم الفطرة التي تدرك الخير والصلاح ،وخلق لهم طاقات عقلية يمكن أن تُبعث مرّة ثانية وتدبّ فيها الحياة.فنحن مَن
ينطبق علينا الموتى عسى ربّنا أن يفعّل طاقتنا
ويبعث الحياة الفكرية في نفوسنامن جديد.)

( *فكبكبوا فيها هم والغاوون*
الكبكبة الرمي في الهوّة أي جُمعوا ثم رُمي بهم في هُوّة النار.
وكبّ الشيء يكبّه كبكبةً قلَبه ومنه سُمّيت
الكباب لأن عملها يتطّلب تقليبلها بين إصبع اليد وكف اليد الأخرى لإيجاد مكان للحشوة.
وكبّه على وجهه فانكب أي صرعه.
ونعتبرها إهانة ونسبة عندما نقول إلى أحدهم بالعامّية (انchب)بمعنى(shut up).
وأكبّ الرجل على عمله إذا لزمه.
ورجلٌ مُكِب كثير النظر إلى الأرض.(أفمن يمشي مكبّا على وجهه).
والكُبّة جماعة الخيل وكذلك الكبكبة.وكُبّة الغزل ماجُمع منه.والكُبّة الإبل العظيمة.)

( *وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمّرناها تدميرا*
ماجعلني أكتب هذا البوست أنني رأيت أحدهم من غير ذوي الاختصاص على اليوتيوب يفسّر هذه الآية بصورة مقلوبة عما هو صحيح ماذا قال : يخاطب الله بصورة غير مؤدبة وكأنه أمامه :بالله عليك كيف تدمّر بلدا أمرت مترفيها بالفسق؟ أليس هذا ظلما؟ وأساء الأدب بصورة مقززة ويعلن انتصاره على الذات الإلهية.
قلت في أكثر من مناسبة أن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين .وأنّ علوم اللغة العربية أُخذت منه بدايةً.وأنُ فهمه يعتمد على أن يكون قارئه ومفسّره على دراية بهذه العلوم وإلّا جاء تفسيره مخالفا المقصود وتوصل إلى ماتوصّل إليه صاحبنا مدّعيا أنه وجد خطأً قاتلا في الثوابت العقائدية
كيف لإنسان عاقل أن يعتقد أن المولى عزّ وجلّ يأمر بالفسق ويعاقب بعدها من التزم بأمره؟
من هنا يجب على قارئ ومفسر القرآن أن يكون داريا بعلوم اللغة وخاصة النحو والبلاغة:
فالله سبحانه وتعالى أمرهم بالطاعة والشكر فلم يمتثلوا بأوامره ولذلك عاقبهم (هذا مايسمى في علم البلاغة بالإيجاز بالحذف)
وهناك الكثير غيره يتعب نفسه في البحث عن عثرات لغوية ومخالفات نحوية في القرآن الكريم ولايستمر حتى في الجولة الأولى. ولاشك أنكم شاهدتم شيئا من هذا القبيل .
وهناك من هو أخطر من هؤلاء الذين يقولون مانقول ولايفعلون مانفعل وهم (المنافقون) هؤلاء أمرهم لله .)