صار كــعجوز طاعن في السن بجسده النحيل و ظهره المنحني ، يفتش بين ثنايا الساعات عن ضحكتها ، عن فنجان قهوتها وهي تلعقُ بقايا آخر حبة شكولاته قدمها لها ذاك المساء، وتقرأ عليه تراتيل عشقها ، وتسقيه حروف الرهبنة ، وكان يقول لها : أنتِ ملاك . فتردد عليه قائلة : ما أنا إلا مخلوقة تصير بين ذراعيك امرأة تلبسني أنوثة الدنيا ليسيل على وجهي الحياء.
كتبت له في تلك القصاصة : كم سأفتقد عطرك ، وكم سأشتاق طعم الشكولاته من على أطراف أصابعك ، وكم من الطيور ستهاجر إلى قمم الجبال ليغيب عن صباحاتي تغريدها ،؟ في الفترة الأخيرة كان يرى في عيونها نظرات الاحتجاج و العتب ولم يدرك آن ذاك بأنها انتهت من مراحل التسول على عتبات قلبه ، وبأنها تلملمُ شناشيل الذكرى ، وتمضغ بصمت خيبتها ،و الأنين يأكل حسرتها،
غادرت و أخذت معها رائحة الصنوبر وأزهار اللوز ، وغابت في أزقة الريح ،
نظر إلى الوسائد و كتبها تسائل هل بالإمكان إعادتها وهل هنالك عصىً سحرية تلغي سنوات الضياع و تعيدها إليَّ ..؟!
هذه التي عشقت نُخيلات بلادي هذه التي كانت تبوس الأرض تحت قدمي ولم أكن أبالِ ، من يعيدها إليَّ و من يخبرها بأني لها مشتاق حد ثمالة أوردتي ، ؟
هي التي كانت تقترب مني حد الالتصاق وتوشوش لي كل مساء بحديث النجوم عني و كانت تقول لي : النجوم تطلب منك إن أنت عدت للعراق يوما قَبّل الأعتاب نيابة عني ،.
و كنتُ أرفض لأني أنانيّ و كنتُ أريدها و النجوم و شفيتها لي وحدي ، يدفن رأسه بين كفيه ليغرق في وحل الذاكرة ، أنا الذي أضعتها على حدود الأوطان ، أنا الذي لم أهبها فرصة ، و أنا الذي قتلتها و حرمتني منها.
ذات يوم قرأ في مُذَكِرتها الآتي:
يتبع ....
التوقيع
لايكفي أن تطرق باب الإنسانية لتحس بمجيئها نحوك , عليك أن تخطو تجاهها و التوقف عن الاختباء خلف الزمن,