وهُنا دمشق ُ
وهنا سلام ٌ من صَبا بَردى يَرق ُّ
هلْ بعد َ عشقك ِ يا دمشق ُ هُناك َ عشق ُ ؟
وهناك َ دمعك ِ فوقَ خدّك ِ بي يرق ّ ُ
وعُروبتي كانتْ وما زالت ْ لا تُجيد ُ سوى الخطاب ْ
تبّا ً لهم ْ
إذْ حل ّ في أرض ِ المحبّة كل ّ أنواع الخراب ْ
وهنا دمشق ُ ولا أرى
إلا الدماء ْ
موتى أرى
موتى أراهم في الشوارع ِ والمنازل ِ والحقول ْ
موتى أمام َ المدفعية ِ والبنادق والرصاص ْ
هذا زمان ُ الميتين َ بغير ذنب ْ
وإلى متى ؟
سيظل ّ موتُك ِ يا دمشق ُ حكاية ً
لا حاجة ً لي بالقصائد والكلام ْ
لأقول َ أنك ِ حبّنا أو حلمنا أو عشقنا
ماذا يفيدك ِ ضعفنا
هل غيرنا كان الجُناة ؟
قبل َ الكلام ْ
أيقظت ِ في ّ مشاعرا ً
كادت ْ تنام ْ
وظللت ُ أسأل ُ والسؤال ُيجولُ بي
كيف َ استطعت ِ بنظرة ٍ
أن ْ تَستبيحي خافقي
رغم َ الزّحام ْ
قبل َ الكلام ْ
قد ْ كنت ُ أكتب ُ كل ّ يوم
للعابرات ِ على الدروب ْ
للحالمات ِ بهمسة ٍ ورديّة ٍ
للباعثات ِ بعطرهن ّ مع النّسيم ْ
لكنني ...
لما التقيتك ِ في زمان ٍ ليس َ لي
ما عاد َ يُغريني النشيد
ما عدت ُ أكتب ُ في الهوى
أو في الغرام ْ
قبل الكلام ْ
أحتاج ُ يا زمني رجوعك للوراء
حتى أسير َ إلى الأمام ْ
وأنا المُكبّلُ والمُقيّد ُ بالسلاسل ِ والقيود
وأنا المحاصر ُ في المدينة ِ لست ُ أعرف ُ جيّدا
ماذا هنالك َ كان َ لي خلف َ الحدود ْ
قبل َ الكلام ْ
كم ْ كنت ُ أحلم ُ لو أحلّق ّ مرة ً فوق َ الغمام ْ
بيني وبينك ِ حاجزان
بيديك ِ أول ُ حاجز ٍ
والحاجز ُ الثاني هنا
قد كان َ شيّده ُ الزمان
بيني وبينك ِ دمعتان
تغفو على الوجنات ِ في هذا الظلام ْ
هل غير قلبي يحتوي فينا الأنين
والآن َ أدنو من حروفي كي يعانقك ِ النشيد
وأعيد ُ رسم حكايتي
لك ِ من جديد
لكن ّ حرفي لا يُطاوع ُ فكرتي
قبل الكلام ْ
رحل َ الكلام ْ
للعام ِ الثامن ِ والستين ْ
من ْ عمر ِ النكبة
مسلوبة ٌ كل ّ البلاد ْ
وحواجز ٌ حول َ المدائن والقرى
وبنادق ٌ في وجهنا
والمسجد ُ الأقصى يُنادي
مَن ْ يُنادي !
وكنائس ٌ في القدس ِ في بيت َ لحم ْ
في النّاصرة ..
وهنا الهلال ُمع الصليب مُحاصران ْ
للعام ِ الثامن ِ والستين ْ
وأنا هنا
مثل الذين َ تشرّدوا
ما زلت ُ أنتظر ُ الرجوع َ إلى هنا / هناك
حتى أراك
حتى يراني البحر ُ أحمل ُ زورقي
وأعود ُ يوما ً نحو حيفا / يافا / والرمال ْ
لا الرحلة ُ ابتدأت ْ ولا
رحل َ الحصار
وقف َ المسكين ُ به ِ شوق ٌ
لقراءة نص ْ
لا يعرف ُ ما معنى النحو
يرفع ُ منصوبا ً في جهل ٍ
يجزم ُ مرفوعا في عَجل ٍ
ويُتمتم ُ لا نفهم ُ شيئا
وهناك َ ثلاثة ُ أشخاص ٍ
الأول ُ : يضحك ُ مسرورا ً
ويُصفق ُ فرحا ً في شعره
والثاني : يبتسم ُ كثيرا
مفتونا ً بجمال ِ النّص ْ
والثالث ُ : كم كان َ غبيا
لا يفقه ُ شيئا ً من لغته ...
لا يدرك ُ ما معنى الشعر
الشاعر ُ يقرأ في قلق ٍ
عرق ٌ يتصبب ُ من وجهه
صوت ٌ مختنق ٌ في صدره
وأنا في صمت ٍ لا أدري
أأصفق ُ مثل ثلاثتهم ...
أم ْ أدنو منه فأخبره
مزقت ُ لأجلك َ يا هذا
أبيات َ الشعر
هذا النشيد
للحالمين ْ
للباحثين عن الورود ْ
للعاشقين ْ
وجه َ البداية حين َ تكتبها السنابل ُ في الحقول ْ
للعازفين ْ
لحنا ً تردده ُ البلابل ُ للمدى
حرفا ً يداعبه الهيام ْ
هذا النشيد ْ
قد قال َ عنه
قمر ُ المساء ْ
هو لحن ُ أغنيتي الجميل ْ
هو بوح ُ عاشق َ لم يزل ْ
يحبو على درب الغرام ْ
حرفي رفيقي في السفر
حرفي الدليل ُ على أديم ِ السطر أو خلف الحروف
هل تقرأين َ قصيدتي
قد قلت ُ همسا ً للتي
ما بين َ أهدابي تنام ْ
هذا النشيد ْ
صُـفصافة ٌ
يغفو على أغصانها
سرب ُ الحمام ْ
مَن ْ يشتري لي مقعدا
حتى أشاطره الفضاء ْ
حتى أحلق َ هائما
كالطائر ِ الدوري ّ يدنو من جدار ٍ ليس َ لي
كغناء سنبلة ٍ لأحلام الندى
وأريج زنبقة ٍ
يلامس ُ عطرها
حلو الكلام ْ
هذا النشيد ْ
لا لم أبح ْ لسواك ِ به
هو همستي
لك ِ في المساء ْ
هو ما يعتريني كلما
هاج َ الحنين ُ إلى اللقاء ْ
لأميرتي
وجميلتي
وحبيبتي
وقصيدتي
وصغيرتي
هذا النشيد ْ