ثنائية (ما قبل الحروف ..وما بعد الكلام ) منوبية كامل الغضباني & الوليد دويكات

ما قبل الحروف.......مابعد الكلام
9
لماذا كلّما نما في أخاديد حروفي بوح
يستدير على قلبي حبرحزين
وجعُ قلب
أرقُ صبّ
وكلّ الهمسات المثيرة
تتناثر وتسافر في كل صوب
وتنآى عن القلب في كلّ درب
فيخاتل الغيم
قصّة في الحبّ تعبر
من خرير الكلام تسكر...
وألف شوق عائد
بين رجاء ورحيل يصطلي
أكلّّما طاف بالقلب هوىكثرت عللي
فعلى الفم أغرودة
وبداخلي زوابع تستريح على دمي
فعلّمني يا شاعري تغاريد الحبّ
حتّى لا تصادر العذابات بوحي
ما قبل الحروف .....وما بعد الكلام
فحقيبتي ملآى لكَ بالكلام ْ

ما قبل َ الحروف ...وما بعد الكلام

(10)

حاولت ُ كتم َ حكايتي فــي حــبها
فأذاعــــها دمـــع ُ العيون ِ الهامعُ
العين ُ كانت ْكالرقيب ِعلى الجوى
أفْـشَت ْ سريعا ً ما تُـسر ُّالأضالع ُ
قد ْ هيّجَ الأشواق َ ريح ٌ قد سرى
والبرق ُيدنو من ديارك ِ لامــــع ُ
ما كان َ شوق ٌ قد دنا من عاشق ٍ
أو أنني في وصل ِ دعد ٍطامــع ُ
لكنه ُ شــــوقٌ يجيءُ ولـــوعــة ٌ
فاضت ْ حنينا ً في العيون ِمدامعُ

الوليد

ماقبل الحروف ......وما بعد الكلام
11
أراك ترفّ كطيف
وسيّان عندك أن يدقّ قلب
أو يكفّ
فإن كنت بوصل غير طامع
قل من أين هاج شوق
وفاضت مدامع
أم أنّ الأشواق هيّجها ريح وسرى
إن كان ذاك فاعتزل البوح
حتّى لا يحمل أشواقي غصن رطيب
ويستفيق زمان شهرزاد
ويطوف بأحلام حبيب

معذرة أستاذي القدير هي مقتضيات المجاراة فقط ...لك عميق تقديري

ما

ما قبل َ الحروف ..وما بعد الكلام

( 12)

شوق ٌ دعاني أن ْ أزورك ِ عامدا
ودنوت ُ يوما ً من ديارك ِ جاهدا
لكن ّ حظي من وصالك ِ لم يكن ْ
في الحب ّ إما ناقصا ً أو زائدا
فكأن ّ هذا الوصل ُ كان َ وديعة ً
ولقاؤنا كـــنز ٌ فأصبح َ نافـِــدا
أصبو اشتياقا ً حين َ ألمح ُ دارَها
فأعود ُ مهزوما ً وأرجع ُ زاهِدا
حسبوا بأنّي من هــواها باريء ٌ
لو أبصروا كنت ُ المُعنّى الواجدا


الوليد

ما قبل الحروف .......وما بعد الكلام
12

ما أروع بوحك ينساب
ليفتح في القلب ألف باب
والحرف منك يضفر جدائله
ليعطّر القصيد من خلجاته
وقد قالوا
إنّ مُدن العشق تُشيّدها النّساء

ما قبل الحروف .......وما بعد الكلام

( 13 )


أحاول ُ أن ْ أشرح َ لك أنني كنت ُ في شوق ٍ لك ِ دائما ً دون َ أن ْ أدري
وأنني كنت ُ دائما ً في انتظار ٍ لك ِ ، وأن ّ ثمّة َ يقين ٍ داخلي أننا سنلتقي .
كان َ كل شيء ٍ يجذبني للحديث ِ عنك ِ ، ربما هي حماقة ٌ أن ْ أمسك ِ أنا
زمام َ الحديث ِ وتبقين َ صامتة ، وكل ّ شيء ٍ داخلي يترقب ُ حديثك ِ
ويتوق ُ لسماعك .
كلماتك ِ المنمّقة ، وطريقتك ِ في نُطق ِ المفردات ، أبجديتك ِ النادرة التي
تُساعدها ملامحك ِ المذهلة ، حركة ُ الحاجبين ، رسم ُ الإبتسامة ، إشارات
التعجب ، ألف ُ شيء ٍ كان َ يستوقفني ...
كيف لي أن ْ أشرح َ لك ِ كم ْ كنت ُ مُشتاقا ً لك ِ ..وكيف َ كنت ُ دائما ً أرسم ُ
ملامح َ اللقاء ..ومساحات ِ التأمل ..ما أجمل َ تأملك ِ ..!!.
كان َ علي ّ أن ْ أنتقي جُملي بعناية وذكاء ، وأن ْ أضع َ بين َ الكلمات ِ كثيرا ً
من الفراغات ، حتى تلمحي ما حبسته داخلي ولم أفصح ْ عنه بالكلمات .
ربما كان َ علي ّ أن لا أنفق َ كل كلماتي في حديث ٍ واحد ، ربما رغبة ً منّي
أن أزيد َ رغبتك ِ في قراءتي أكثر ، حتى أغريك ِ بحديث ٍ آخر ..


الوليد

ما قبل الحروف ........وما بعد الكلام
14


هي النّفوس يا صديقي تلقي بظلال أحلامها وأوهامها وقد عمّ الخراب المبين كلّ محيطاتها وتجاويفها ...فنسعى جاهدين لإعادة الأهازيج الموهومة الى القلوب كي تستريح...إنّه افلاس وبور من نوع فارق في غربة أرواحنا عنّا ورغم حرقة الإنكسار الذي يغرقنا فأنّنا نظلّ نبحث عن وجهة خامسة لتستمرّ مسيرة الحياة فينا ...ولنعلن مملكتنا الجميلة في هذا الخراب والخلب ....وتأخذنا قلوبنا الى حالات عشق موهومة موبوءة لنتوسّد عوالمها لتكون الحياة حبيبة أكثر ورفيقة أكثر...
نحبّ الحبّ مثلما نحبّ ذاكرتنا التي أخذتها أزمنة العمر المتسارعة ....ونشتاق لأزمنة المراهقة ونحن نغرق في قصّة حبّ لم تزل تعزف مواويلها فينا ...فنتحسّس نوابضنا في مناخات من الأحاسيس وننتبذ حكايا مشتهاة من زمن هارب جاحد جحود..ونلوذ بالكلمات من أرواحنا المربكة المنهكة المغتربة....فنحتفي بما نكتب ونمنح كتاباتنا هواجسنا والذي بنا ...
فتهبنا أفقاأرحب لأرواحنا كي تسرح وتحلّق وتبدع...
ففي كلّ كتابة لنا حكاية ندوّنها ننبشها فينا وننمّقها وننتهي بتصديقها ...ونهزم بها بعض الإنسدادات العالقة بمساراتنا في هذا الزّمن الآبق....
تقول يا الوليد
أحاول ُ أن ْ أشرح َ لك أنني كنت ُ في شوق ٍ لك ِ دائما ً دون َ أن ْ أدري
وأنني كنت ُ دائما ً في انتظار ٍ لك ِ ، وأن ّ ثمّة َ يقين ٍ داخلي أننا سنلتقي .
كان َ كل شيء ٍ يجذبني للحديث ِ عنك ِ ، ربما هي حماقة ٌ أن ْ أمسك ِ أنا
زمام َ الحديث ِ وتبقين َ صامتة ، وكل ّ شيء ٍ داخلي يترقب ُ حديثك ِ
ويتوق ُ لسماعك .


فأقول
بكلّ ما فيّ من وعي بك سألتقط ملامح وجهك الذي لا أعرف وأخزّن كلّ تفاصيلك في اختلاجات نبضي
فأنت وطن والوطن مسلوب ....
وشوقك لي لا يمتّ بصلة لغرائزنا وأدناسها وما التجاؤك لي الاّ فرار لاواع من وبيل ارهاصات نعيشها على أرضنا ...
دحر وطحن ....
وخنق وتضييق على مداراتنا العاطفيّة والوجدانيّة ...
مستنقعات استبداد وظغط نتخبّط فيها مع اوطاننا تجعلنا نطارد الحلم الهارب فالوطن المنشود يا صديقي الوليد عصيّ المنال عسير الظروف ولن نجد من أمل لنعيش عليه الاّ بتحنيط مأساته فينا بالبحث عن ملاذ مضمّخ بمعني الخلود والحبّ خلود ونقاء ....
فدعني آتيك من بوّابة الإحساس الفيّاض لنمارس حلمنا في الوطن بالمحبّة والأخوّة حتّى يشفّ ويصفو ويرقّ هذا الوطن ويحتوينا ...
فالحبّ هاجس لا ينفكّ يدغدغ أوصالنا ويغريبنا لعوالمه وهو رمز للحياة
فلك محبّتي يا بن فلسطين الأبيّة..
ما قبل الحروف ......وما بعد الكلام
محبّة لا تنكفئ ولا تبيد

[/COLOR][/SIZE]
ودعني أنهي دوما بآخر ما كتبت أنت لي
ربما كان َ علي ّ أن لا أنفق َ كل كلماتي في حديث ٍ واحد ، ربما رغبة ً منّي
أن أزيد َ رغبتك ِ في قراءتي أكثر ، حتى أغريك ِ بحديث ٍ آخر ..

ما قبل َ الحروف ...وما بعد َ الكلام

(15)


لطالما حاولت ِ إقناعي أنّك ِ لست ِ تلك الطفلة التي تغريني جدائلها ،
في الحقيقة لم أصدّق كل محاولاتك ، وكان هروبك لا يقترب من قناعاتي ...
فكيف لك ِ أن تُفسّري سر ّ تعلقك ِ بي ، وانشغالك بأخباري ، وتتبعك خطواتي
ورصدك ِ لي في كل وقت ...وما سبب مطاردتي دائما بأسئلتك ؟ !
هل هي رغبة منك في مقاسمتي ذاكرتي ؟
ربما ستغادرين ذات قرار حروفي وتقررين عدم الكتابة إلي من جديد ...
لكنّك على يقين أنني لن أغادرك ، فأنا أعلم أنني أسري في أوردتك ..
وأعلم ُ حجم حضوري في دمك ...
سؤال ٌ يحيّرك كما يحيّرني تماما ، كيف أصبحنا في لحظة ٍ نسخة ً واحدة ..
ذاكرتنا واحدة ، اهتمامنا بكل شيء واحد ..ذات الأسباب التي تبعث الفرح في نفوسنا
كتلك التي ترسم الدمعة في عيوننا ...
ربما كنا نسخة لمشهد ٍ متعدد الألوان ، متقلّب الأحداث ، كان للصدفة الأثر الكبير في صياغتها
في باديء الأمر ثم تولى القدر صياغتها بعد ذلك ...
كان يدهشني وأنا أمارس تحولي من رجل يعيش في حرية طاغية ، رجل يعيش في أطوار تمرده
على الرتابة والموروث ، إلا عاشق ٍ عالق ٍ في تفاصيلك ..
فجأة ...أصبحت ُ أمارس هواية جمع َ أيامي وساعاتي وأوقاتي معك ...
حتى قصائدي المتناثرة قبلك ، ها أنا أعتني بكل واحدة كتبتها لك ، ما كنت ُ أشعر ُ قبلك ِ أنني في لحظة
قد أكون قصيدة ..أراني فيها كما أراك ِ تماما ..
ربما لأنّك ِ لم تكوني مجرد لوحة ...كنت ِ رحلة لأحداث غنية بالحنين والرغبة ، مليئة بالتفاصيل والشوق ..
لذلك أميّزك ِ دائما عن كل الأخريات ...
كم كان يجذبني تناقضك ، فوقارك يشعرني بأنك سيدة الأشياء ، رزانة المرأة الشرقية التي تثق بنفسها أمام
كل المتغيرات ، التي تحمل عقلا راجحا ، ونظرة صائبة ...والطفلة التي بداخلك ، التي تثير كل ّ غرائزي ،
بنظرتها الحالمة ، وحركة ملامح وجهها ، وضحكتها المليئة بالجنون ...



الوليد

ماقبل الحروف ......وما بعد الكلام
16

تتقاذفني الحيرة يا صديقي وأنا أكتب إليك فتجدني متأرجحة
بين صراحة ومكر
بين إعتراف ووتخفّ
بين بوح وكتمان
فالحبّ الذي ننشد هو بعدنا الوجداني الذي قد ينجح في تحرير ذواتنا من الحزن والكآبة وممّا يكبّلنا من قيود الحياة والزّمن والمكان ....
نحن بالحب نروم الإنطلاق نحو عوالم لا نهاية لها تتجاوز حدود ذاتك وذاتي ووجدانك ووجداني لتصبح عوالم جماعية انسانية
لا حدود لها...ولابدّ من رتق هذا الزّمن والزّمان دونك لا معنى له
لن أخفيك أنّك بنبضي كلّما احتدم شوقي إليك وشهقت روحي من غربتها....
وغالبا ما أفقد الخيط الفاصل بين واقع وحلم فتراني أنوس بين شوق وذهول ...ويضجّ صدري بحضورك وأظلّ أقنع نفسي أنّك حلم أبيض من تلك الأحلام التي تدغدغنا
وأطارد مايعتريني من وهم في أن أكون رأيتك أوسمعتك أو إلتقيتك ذات زمن ...
ترصد خطواتي على عتبات الغسق دون أن يربكك ليل...وتظهر لي في المرايا وكلّ المساءات ثمّ تختفي مثل غيمة
أسمعك في صخب روحي فتشرق مرافئك والليل قاتم وتعاودني مواويلي وأهرع الى الورق فتغتالني الكلمات وأموت على قاب قوسين من بوح وشيك
بوح ماقبل الحروف.......وما بعد الكلام

دعد

ما قبل َ الحروف ...وما بعد َ الكلام

( 17 )

كنت ُ أحلم ُ أن ْ تحبّني شاعرة ، أو أديبة ، أو رسامّة ، ربما لأن ّ هذه النوعية من النساء تملك ُ إحساسا ً مرهفا
أو تستطيع ُ أن تقرأني بوضوح دون َ رتوش ، تستطيع ُ أن تفهم َ خوفي من البحر الذي لا أرى شواطئه ، وعشقي
للجداول والأنهار ، تعرف ُ علاقتي الوجدانية بالألوان ، وشرودي مع الموسيقى ، ببساطة أكثر تدرك ُ دون غيرها
تقلباتي وما أكثرها ...
ومن خلال قراءتي الكثيرة عن الشعراء والمبدعين ، كنت ُ أجد التطرف َ في جنونهم ، وكنت ُ أجد ُ طقوسا ً غريبة
تحكم ُ تفاصيل حياتهم ...وربما استوقفتني طقوسهم وجنونهم أكثر من شهرتهم ، ذلك أن هناك مشهد ٌ فاصل ٌ بين َ
الإبداع ِ والجنون ..وهؤلاء دائما يعلنون التمرد َ على الرتابة ، ويعلنون ثورتهم على المنطق ..
وهذا بحد ذاته كان يقودني للإنبهار فيهم ..
لطالما كنت ُ أبحث ُ عن امرأة ٍ ، يدهشها حضوري ، ويجذبها حديثي ، وكأنني الرجل َ الوحيد في عالم يحيط ُ بها ..
امرأة تمتزج ُ شرقيتها في غربيتها ، تغرق حضارتها في بداوتها ، امرأة تستوقفني ملامحها ، تأخذني بعيدا في رحلة
تأمل ، لا تعرف الملل وهي معي ولي ..
ربما حبيبتي تستطيعي إيجاد الإجابة لسؤالك ِ المتكرر ، لماذا أنت من بين الأخريات ، لماذا أنت ِ من تُشعل ُ قنديل حروفي
وتضيء فضاء كلماتي ..
ربما تدركين الآن ، لماذا لأجلك قفزت من فوق المسافات ، وتجاوزت الجغرافيا ، لأدنو من ملامحك دون حائل ، وأنني لم أفعل
شيئا ً غير كل هذا إلا معك ..فأنت الأنثى التي تضع رغباتي حيّز التنفيذ ، أنام ُ وأحلم ُ بها منذ زمن ٍ بعيد ..وأعانقك ِ رغما ً عن
كل شيء في غفوتي ...ها أنت ِ أخيرا ً معي ..أهذه أنت ِ حقا ً !! وقبل أن أغوص في تفكيري ، وقبل أن أسأل نفسي هل أنا في حلم ٍ
أم هي الحقيقة ..كان لا بد ّ أن أتشبث َ بك ...


الوليد