ليلة فجرها
بؤرة مبهمه
حيّرت قلبه
واستباحت دمه
والحبيب الذي
كم سباه المطر
رائع شوقه
إذ يبوح الشجر
في سماء رعت
سوسنات الغد
إنها قمّة
أسفرت عن يدي
رقة أشعلت
بالمنافي القمر
ليتها لم تلد
غير طعم الخطر
يا بلاد الأسى
والهوى عقّني
زارني مرة
دون أن ينثني
أين ظل الندى
يفتدي ثورتي
طائرا حوله
ألف معبودة
أي صرح ترى
يصلب المهزله
يالغلمانها
تشنق الأسئله
تلك يا صاحبي
قصّة المنتهى
دمّرت أنجمي
في صباح زها
ذرة فى وطن
كلنا عنده
ليس لي زهرة
تبتغي خلده
غرّنا حلمه
فاستبقنا المدى
سوف نلقى به
راحلا للصدى .
ما بين سواقيك و بينى
مزروع فى حدقة عينى
يتماوج بالأخضر حينا
و يضيق الأزرق بالبنى
أسلفت العمر أطارحه
لكن جنونك يقتلنى
و أفض الخاتم فى خدر
كى يصفح و يعانق وطنى
فأهز النخل يباركنى
لينوء الظل بمرتهن
أيام لفّت ناصيتى
ظافرة بشوامخ محنى
يا ويح النهر يعذّبه
مجداف لوّنه طعنى
يصّاعد خلف ذؤابته
فيسيل الضوء على بدنى
أمرق لا يشغل تهيامى
غير الأوراق تصوّرنى
رائحة الفجر مسافرة
و يشبّ الهم فيخنقنى
أسماء شادت ذاكرتى
الآن تحاصر لى مدنى
فتتوه بلا طعم يغرى
و تؤوب فلا شيء يغنى
و طريق شيّع أصحابى
لدروب غائمة عنّى
من بات يضفّر أنفاسى
و يقاسم بالروعة سنّى
هل تغرب شمسك أنقشها
ترياقا يصطف بفنّى ؟
يا بلدى نمت على صدرى
و يقامر ليلك يأسرنى
إن كنت أهون فما يكفى
إرغامى و الحيلة شأنى
أسلمت نداك طواعية
و القادم لن يفلت منّى
و غزوت إليك تراتيلا
تشتاق سرى الوشم بظنّى .
أحبك نهرا و أعرف أن الغرام اجتياح
و أن الطريق اليك مزار نجوم و نبض صباح
تمزّق قلبى يداك بعنف و بعض ارتياح
و تلك الحكايا تضوع بشوقى زوايا براح
فكيف ألملم حزنى فريدا و كلّى جراح
شققت الفضاء الوسيع اليك بغير انفساح
فان الثوانى بعمرى سراع لوهم مباح
و هل كنت الا بقايا نهار و قوس وراح
ثملت بعينيك أرجو انعتاقا فعزّ السراح
جمعت الخطايا وحيدا لأنى عققت السماح
مليكة جمرى شويت انتظارى لقهر المراح
و كنت كتبت على وجنتيك سطور كفاح
فمرّ الزمان مريرا يغنى جنون الرياح
يحدّث عنك سكون المرايا و ظل الجناح
فأفلتّ علّى أصوغ التحايا لبوح قراح
رفيقى عذاب جميل قعيد النوايا متاح
و لو كنت غيرى حصدت استباقى نظير اندياح
فأين مساؤك يعبث مثلى بحق صراح
لقاؤك ولّى و أمطر وجهى غبار السلاح
و يبقى نداؤك حرا رقيقا عزيز الفلاح
يفجرّ صمتى ملولا فأمضى وصبرى مزاح .
أحبك بركانا يثور و عاصفا
من الريح لا يهدا و إن سكن السهد
كتبتك فى عمرى حريقا و مرفأ
لعل عتيّات المشانق تنهدّ
و عدت لأحلام تضلّ بقاتلى
فأهرب للموت الذى ليس ما يبدو
جراحات أشواقى سياط و أصطفى
من الحزن ترياقا يعانقه الشهد
فلا أنت تمثال ألوذ بصيفه
و لا كعبة التوريق يبعثها الوجد
أمرّ على ساح المشارق أستوى
و عرشك محفور و وردك ممتدّ
ألفتك فى صحوى و نومى يعقّنى
إليك كأحلام العصافير ترتدّ
إذا ضعت منى اليوم حطّمت قاربى
و أفلتّ من قلبى عسى فجره يعدو .
أنا من ضحكت و من بكيت و من أبى
و رشقت إزميلى هناك ليستفزّ و يصلبا
حيران يقتلنى الحياد المستثار و ما كبا
و محوت قبلك أحرفا رسمت جيادى موكبا
فتمرّدت أشواقها و إعتدت وردك مذهبا
و إلى متى قلبى يحنّ لمن سريت و من صبا
و أعود تسألنى دموعى عن حديث ما نبا
أقبلت فى عمرى صباحا كم يرقّ و طيّبا
فجمعت أحلامى إليك أزفّها متهيّبا
و أخاف أن أمضى غريبا مثقلا مترقّبا
أمسكت أطراف الجنون تعقّنى أن أهربا
يا أيها الوجه الجميل لثمت ظلك مأربا
و أخالنى أحيا بعصرك غيمة لن تذهبا
أنصتّ فى إيقاعها جلاّب حزن متعبا
و دنوت يخطفنى دم حرّ البهاء مخضّبا
أمشى على هام المساء أسوق وردا معشبا
و بساعدى صغرى بنانك يستبين الخلّبا
عيناك نقشا شاعر قد آثرت أن تلهبا
و سكبت عندك خافقى كم صنته متقلّبا
أحببت فيها روحها و طفولة إن تعذبا .