وصحر هذه بنت لقمان كان أبوها وأخوها لقيم خرجا مغيرين فأصابا ابلا كثيرة وحين سبق لقيم أباه الى البيت عمدت صحر الى جزور فنحرتها وصنعت منها طعاما تحية لمقدم أبيها
وعرف الأب انها من صيدهما لطم ابنته لطمة قضت عليها فصارت عقوبتها مثلا لكل من يعاقب ولاذنب له
أصله:
أن رجلا من أهل بغداد كان قد سافر إلى إحدى المدن العثمانية إبّان العهد العثماني بصحبة رفيق له . وبينما هما يتنزّهان في بعض شوارع المدينة _ في عصر ذات يوم _ رأى الرجل بقرة كبيرة واقفة في شرفة أحد البيوت والشرفة : هي ماكان يسمى في بغداد القديمة (( الطارمة )) ويسمى اليوم البلكون . وكانت الشرفة صغيرة وضيقة وبابها صغير وضيق ، فتعجّب الرجل من ذلك غاية العجب ، ولفت نظر رفيقه إلى ذلك ، وراح يتسائل وإياه عن كيفية صعود البقرة الكبيرة إلى تلك الشرفة الصغيرة الضيقة وعن كيفية نزولها منها والشرفة عالية عن الأرض ، وبابها صغير ضيق ! . ثم قال الرجل لرفيقه : (( إن هذا الأمر لايكاد يصدّقه العقل .. فلو أن امرءا حدّث به بعض معارفه ، هل كان يصدّق في قوله ؟ . فبالله عليك ياصاحبي إنتبه لما ترى جيدا واحفظ ذلك في ذاكرتك .. لعلّني أحتاج إلى شهادتك في هذا الأمر ، إذا ما عدنا إلى بغداد .. لأني أخشى الاّ يصدّقني أحد إذا ما قصصت عليه قصتها )) . فوعده رفيقه خيرا .
ثم أن الرفيقين عادا إلى بغداد ، وقد نسي الرجل أمر البقرة . وفي ذات يوم دخل الرجل إلى المسجد ليصلي الظهر ، فرأى صاحبه واقفا في ناحية من المسجد ، وقد التفّ حوله لفيف من الناس ، وهو يقصّ عليهم نبأ البقرة ، وكان القوم يستمعون إليه ويهزّون رؤوسهم غير مصدّقين لما يقول ! . وما كاد ذلك الرفيق يرى الرجل داخلا ، حتى صاح به قائلا : (( لقد جئت في الوقت المناسب ياصاحبي .. أن هؤلاء القوم يكذّبونني فيما أقصّ عليهم من نبأ البقرة . فهلاّ شهدت لي على صحة ما أقول ؟ )) . فقال الرجل : (( أنا لا أتذكّر من هذا الأمر شيئا .. وما أظن كلامك إلاّ إفتراءا وبهتانا ! . )) . فقال صاحبه : (( ماذا تقول ياصحبي ؟ .. هل نسيت ذلك بهذه السرعة ؟ .. )) فقال الرجل : (( لا .. لم أنس ذلك .. ولكنك أنت الذي نسيت ما طلبته منك .. لأني (( ردتك شاهد .. طلعت لي قصه خون . )) . ثم ذاع ذلك الأمر بين الناس ، وعجبوا من قلة عقل ذلك الصديق ، وعدم إلتزامه بما وعد به رفيقه
وصار يضرب للشخص الذي يؤتمن على أمر ، فلا يكون أهلا لتحمّل تلك الأمانة ، أو المحافظة عليها ، خيانة منه ولؤما