لا أظن ان اذنك قد سمعت بعد بِ " ميادة بسيليس " حزينة لاني لم اخبرك بها إلا بعد فراقنا ، ليتني أرغمك الان على ان تستمع الى " حنين " بِ صوتها الذي تبكي بسببه شموع ذلك الركن المظلم ..! حزينة لان قلبي سَ يكون الوحيد الذي تثقبه هذه الاغنية ..
{ما كل ما يتمنى المرء يدركه } ليت شعري لو ادرك في احيان كثيرة .. ما تعني تلك العباره.. ما كنت يوماً لأنتظر شيئا مستحيلاً.. قط .!
لم امل الإنتظار بِ قدر ما ملني .. أنا فتاة المحطة الأخيرة ، التي اشبعتها الوجوه .. وفاض من عينها دخان القطارات .. أنا صديقة الغربة ، والبرد ، والارصفة الموحشة .. أنا الحلم ، الملقى على الارض بلا اكتراث .. وانعكاس وجوه المسافرين ، على زجاج القطارات العابرة ..! أنا شقيقة الرحيل ، والبقاء لا يمت لي بأي صلة .. مبللة بِ دموع السماء ، أجلس وحيدة على كرسي خشبي تغير لونه من شدة البرد .. اقلب رسالة طفلة عشقت ، ثم تُركت في الظلام .. أقلبها ، يتكاثف في قلبي الألم ..! يغرقني المطر ، و أبكي بِ لوعة .. ولا أدري إلى أين يتجه هذا الدمع ، في وحشة الليل ، اجلس على الأرصفه ، تهوى علي بقعة ضوء كأني الأولى في مسرحية الوحدة ، يسلط الضوء علي كأني لوحة بابلية ، يتأملها الجميع .. على الحافة اختبئ ، كَ روح هاربة من جسدها متكئة على عمود الانارة .. تُدخن الوحشة ، وتتندن لحن شرقي عتيق ، فَ يرتد صدى اللحن في المدينة .. ولا يسمعه إلا الصمت ، والريح التي تعبر الشوارع ، وفتاة المحطة الأخيرة ..! من بين الظلمة تظهر شيئاً ف شيئاً .. ولا أعلم إن كنت حقيقة ، أم الأمنية المستحيلة في رأسي ..؟ تأتيني في المطر ، مبلل أنت بِ الجفاف ، وخصلات شعرك الممتلئة بِ الشيب ، تداعب الرياح التي يحرضها حضورك .. كأنك هارب من معزوفات | شمه | ، أو خارج للتو من رواية | أحلام مستغانمي | .. أفترسك بِ عيناي ، وأتنفس وجودك بِ قوة .. وأشعر بك تحيطني كَ ضحكة شمس ، في اول يومها الصيفي .. أفتح عيناي ، مندهشة ، وافركهما بِ شدة .. ف أراك واقفاً أمامي ، لا تأبه بِ الوقت ، ولا الوقت يشعر بك .. أنت في روحي ، وفي خيالي ، وفي الغياب .. تضم الثلاثة تحايلاً على قلبي ، الممتلئ بِ حبك .. أتحسسك بِ أناملي ، أمر على ملامح وجهك كَ نحات ضرير .. اتحسس كثافة لحيتك ، امر على صدرك ، واندفع في عناقك ، غارقة بِ دموعي .. رائحتك يا هوى الروح ، طفولة مدينتي القديمة .. رائحتك ، ورد البنفسج .. والتراب عندما يُبلل ..
صديق الصمت : تتحدث بِ لغة عصية عن الفهم ، تلك التي تغوص في عتمة الليل .. في الدقيقة تقول كل شئ ، وإذا نصت قلبي الى كلامك فَ انه لا يعثر على شئ..! كأنك تخبأ المعنى قبل ان يصلني.. لمَ لا تختار لغة كَ تلك التي كانت تجمعنا .. لغة حين كنا نحكيها ، نغنيها معاً .. كُنتَ جميل بالامس ، يا جميل . ، انت اليوم غريب، ما أقسى هذه الكلمة ، حين تصبح هويتك من الان فَ صاعداً.. والحزن يغلف صوتك ، يخنقه رويداً رويداً ، وانت لا تشعر ..!
يا صديقي ( .... ) قرب وجهك إلي ، والقلم الى يدي .. و لِ تكون الكلمات مبلله بِ ابتسامتك السمراء .. فَ انا من كل حواسي أشتهي رسمك بِ الكلمات .. يا صديقي ( .... ) سَ أضع اسمك بين قوسين ، لان الأقواس تحافظ على الأسماء المقدسة ، من غبار الحياة .. وانت تعلم باني أغار على جميع تفاصيلك ، واخاف عليها ..! فَ لمَ سلمتني للغياب ، وحاولت الدخول في مدن المستحيل ، ولحقت بِ ايام لا تعرف عنك شيئا اكثر من موعد قهوة صباحك التي تغليها دون ان تحتسيها .. لمَ سلمتني لواقع لا يستجيب للاحلام ، ويرفض ان يتذكر ماضي جميل لانه محصن بِ جرعات النسيان.. ، ربما تجاوزنا زمن اللوم والعتاب ، واندمجنا في زمن الحزن الصامت ، الذي يليه الفراق.. افترقنا لِ يقف كل منا تحت سماء ملامحها جديدة ، لا تمطر ضحكات الامس على رؤوسنا كما كانت تفعل ..!
إليكَ رغم الجفاء .. أين انت يا سيد وجعي ، فقد تخلل غيابك الذاكرة .. اصبحت معتادة كلما تعاطف العبور معي، اسرع للكتابة إليك .. كم أنا بِ حاجة لاحدثك عن الغربة التي تكبر داخل زوايا الروح .. لا اعرف حقيقة هذا الاحساس الذي يباغتني لاقول كل شئ كامن في اعماق شعوري ، كلما آلت روحي كَ اعصار اليك..! ولكنني يا صديقي اشعر بِ حاجة لاحدثك عن ذكريات مضت، انك تزداد جفاء الآن، اعلم .. وتزداد جمالاً كلما امتلأت روحك بِ هواء الجنوب ونخيله.. فما يدفعني لِ كتابة هذه الرسالة ، هو اني مريضة جداً هاربة جداً ، واحتاجك ب الجوار ايضاً..! انت اقصى درجات الوجع الذي يسكن هذه الحروف، في ماضٍ حاضر.. اراك مهاجر بعيداً عني ، كَ عصفور فقد وطنه .. انه الألم الذي يدفعني للكتابة بِ حروف كسيرة تغطيها اتربة الاحزان .. فكلما رفعت بصري للسماء ، ارى كم هذا الكون ضيق .. ارى كم نحن مساكين نعيش للوداع فقط .! ارسمك نجماً في سماء ايامي ، لتضيئ ليالي هذه الغربة الطويلة. هكذا رسمك الكلام ، عليّ ان استغل شدائد اللغة في رسم ملامحك السمراء.. فَ كلما كتبت عنك اشعر بِ ضياع كبير .. فَ لا عليك ، بِ نظرة الوداع التي تخللت شباك السيارة ، كانت اللحظة الاخيرة عندما لملمت يديك داخل المعطف ، وكأن احد يمضي بك من ارتجافات يدي الى مرافئ الوداع .. لا عليك يا وجعي اللذيذ ، إن ملأت عينيك دون قصد ، بِ الدموع .. فَ هما عيناك من يخرجاني من بوابة البوح الآن ، وهما من يطويان صفحات ايامنا الجميلة .. هما من يشعراني بِ الحنين ، والغربة القاسية .. وبِ الدموع.. وبِ الحاجة الى الاحتضار .. هما عيناك الجميلتين ..
صديقي ( . . . . ) اعلم انك تتساءل لماذا تَكثُر النقاط بين قوسين اسمك كلما حاولت الكتابة لك.. ولماذا يتلاشى الكلام كلما تحدثت إليك .. لن اجيب على تساؤلاتك الان ، فَ الاجوبة السريعة تفقد طعمها بسرعة بعد ان نشربها كلها ..! فَ لا بأس ان انتظرتَ قليلاً ، كما كنت افعل ..! لا بأس بِ الالم حين تتنفسه ارواحنا ، فَ ليس هناك من شئ في هذا الكون يفهمنا ويلتصق بنا سواه ..! فَ دعه يسكننا الى الأبد الذي يشاء .. صديقي ( . . . . ) تمر الأيام من امامي في زي الامس ، تمد يدها لِ تصافحني ، تقبل جبين ذاكرتي ، وتغني اغنيات الوداع ، وانا اقف مكبلة بِ الواقع ، وروحي تغلي ولا استطيع إطفاء النار تحتها لِ تستريح ..! اشعر وكأن عالم من الغيوم قادم بِ اتجاهي ، وطوقني في ذروة الصيف كي تتعرق الذاكرة وتصاب بِ الحُمى .. ولأنك دخلت مدن الغياب ، فَ إني أصبحت بلا قوة اهرب بها بعيداً عن تلك التفاصيل التي تصور لي الحزن بِ لون موحد .. لأنك رحلت ، استولى الليل وسادتي ، ودفن داخلها كوابيس العالم اجمع ، كي أراها واصحو مرعوبة بِ صرخة مدوية.. هو يريد ان يقول لي بان تلك الصرخة لن يسمعها احد سواي ..!
صديقي (....) يرتديني الخوف من احلام اصابها الذبول ولم تعد تستطيع اطعامي رغيف الصبر في غيابك ..! يسرقني صخب الأصوات من حروفي المكتوبة اليك ، لِ يرميني بِ جنب نافذة لا تعكس من ملامح العابرين الا حزنهم .. ولا ادري ، هل انت راضي عن المسافة الزمنية التي حلت بيننا ، واتعبت الأمل في احلامنا؟ هل انت سعيد بِ بكائي المستمر كل ليلة .. ألن تعود لِ دقيقة صغيرة ، فقط لِ تُسمعني اسمي بِ صوتك الدافىء ، ثم ترحل .. لأَنِّي يا وجعي الجميل ، فقدت هويتي بسبب غيابك .. ولم أعد أستطيع جمع احرف اسمي .. صديقي ( .... ) كأن وجهك المرسوم في قلبي بِ المطر قد أدركته النار وتبخر ، وذهب بعيدا حيث لا شئ.. وكأن أسنان اليأس قضمت روحي بِ الالم كي ابكيك، وألعن الأيام التي لم تبدأ إلا بك ، ولم تنتهِ إلا بِ غيابك ..! بقيت هنا وحدي ، في مكان أسكنه ولا يسكنني ، في مكان انظفه كل يوم ، واقفل الأبواب خلفه كي لا تسرق اللصوص ذاكرته ..
كبر بحر الحزن في روحي كثيراً ، وبت اوزعه على الشعور كي يرتاح قلبي من أكوام الملح والرسائل التي خبأتها بِ داخلي دون ان تمر عيونك بها.. وزعته كما كنت أوزع تعبي بين يديك، لأنك كنت تقول لي ..: " دعيني احمل تلك الآلام عنكِ " قد تعود ألمي على الموت بين يديك ، وتعودت على استعادة الفرح بينهما .. ولكن ، ما اسوء هذه العادة ، تقوم بِ سجني في زنزانة روحك الجميلة الى الحد الذي ينسيني بِ أن في هذه الدنيا هناك تعب ، غياب ، لحظات انتظار ، وداع ، ولحظات حب مثبته على ذاكرة الأيام ..! كنت أنسى كل هذا بين يديك ، وحين سحبت يدك عني ، لم أعد اذكر سوى تلك الأشياء ..؟ عشت معها طويلا ، وحفظتها على ظهر ألم ، كَ اسمي حين لا اسمعه بِ صوتك ..! صديقي .. طال الرحيل ، الذي لم يدخل سوى الأوجاع الى روحي ، اعذرني ان كان الموت اقرب إليَّ منك ، ولِ تعلم ان غيابك غيّر ملامح وجهي، واخاف حقاً ان لا تتعرف علية حين تعود ..! لذا ، رفقاً بِ الحب الذي كان بيننا ، لِ تكن صورتي في ذاكرة روحك جميلة ، فَ الغياب ثلاجة الذكريات ، يجمدها ولكن يحافظ على جمالها الاول .. ورفقاً بِ روحي وبك .. إياك ان تعود ..!
حتى بعد مرور هذه السنين على فراقنا،؟ لازال القلب ينتظر شيئاً منك.. صوتاً ، او رسالة .. او صورة مرسوم فيها الحب القديم .. لا زلت لا شعوريا أتفقد اسمك في اوراقي القديمة، وفي هاتفي القديم .. واقرأ رسائلك القصيرة الف مرة في اليوم.. كي اقتل هذه الوحدة التي اورثني إياها غيابك ..
الحنين ، هو أن تموت انتظاراً .. أن ، تذبل ملامحك فجأة .. فَ توهم المارين عبر طرقات روحك ، أنك حيُ تُرزق ..!