آخر 10 مشاركات
على الود..نلتقي (الكاتـب : - )           »          مساجلة النبع للخواطر (12) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          إعتراف (الكاتـب : - )           »          يوميات فنجان قهوة (الكاتـب : - )           »          رحلة عمر (الكاتـب : - )           »          لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ! قهوة دائمة (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          صباحيات / مسائيـات من القلب (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الإيمان > نبع الإيمان

الملاحظات

الإهداءات
عصام احمد من فلسطين : الف الحمد لله على سلامتكم الاخت الفاضله منوبيه ودعواتنا لكم ان ترفلى دوما بثياب الصحة والعافيه ******** عصام احمد من فلسطين : اطيب الاوقات لكم ************ اتمنى ان يكون سبب غياب الغائبين خيرا ************ منوبية كامل الغضباني من من تونس : عميق الإمتنان ووفر العرفان لكم أستاذنا الخلوق عوض لجميل اهتمامكم وتعاطفكم ************متّعكم الله جميعا بموفزوالصّحة والعافية عوض بديوي من الوطن العربي الكبير : سلامات و شفاء عاجلا لمبدعتنا و أديبتنا أ**** منوبية كامل و طهور و مغفرة بإذن الله************محبتي و الود منوبية كامل الغضباني من من القلب إلى القلب : كلّ الإمتنان صديقتي ديزي الرّقيقة اللّطيفة لفيض نبلك وأحاسيسك نحوي في محنتي الصّحيّة التي تمرّ بسلام بفضل دعائكم ومؤازرتكم جميعا دوريس سمعان من ألف سلامة : حمدا لله على سلامتك أديبتنا المتألقة منوبية من القلب دعاء بتمام الشفاء وعودتك لأهلك وأحبابك بخير وسلامة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 06-28-2017, 07:57 AM   رقم المشاركة : 41
أديب وناقد
 
الصورة الرمزية عوض بديوي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عوض بديوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

{ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }(112) التوبة


قوله تعالى التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين

فيه ثلاث مسائل :

الأولى : قوله تعالى : التائبون العابدون التائبون هم الراجعون عن الحالة المذمومة في معصية الله إلى الحالة المحمودة في طاعة الله . والتائب هو الراجع . والراجع إلى الطاعة هو أفضل من الراجع عن المعصية لجمعه بين الأمرين . " العابدون " أي المطيعون الذين قصدوا بطاعتهم الله سبحانه . " الحامدون " أي الراضون بقضائه المصرفون نعمته في طاعته ، الذين يحمدون الله على كل حال . السائحون الصائمون ; عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما . [ ص: 189 ] ومنه قوله تعالى : عابدات سائحات . وقال سفيان بن عيينة : إنما قيل للصائم سائح لأنه يترك اللذات كلها من المطعم والمشرب والمنكح . وقال أبو طالب :


وبالسائحين لا يذوقون قطرة لربهم والذاكرات العوامل
وقال آخر :


برا يصلي ليله ونهاره يظل كثير الذكر لله سائحا
وروي عن عائشة أنها قالت : سياحة هذه الأمة الصيام ; أسنده الطبري . ورواه أبو هريرة مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سياحة أمتي الصيام . قال الزجاج : ومذهب الحسن أنهم الذين يصومون الفرض . وقد قيل : إنهم الذين يديمون الصيام . وقال عطاء : السائحون المجاهدون . وروى أبو أمامة أن رجلا استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السياحة فقال : إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله . صححه أبو محمد عبد الحق. وقيل : السائحون المهاجرون قاله عبد الرحمن بن زيد . وقيل : هم الذين يسافرون لطلب الحديث والعلم ; قاله عكرمة . وقيل : هم الجائلون بأفكارهم في توحيد ربهم وملكوته وما خلق من العبر والعلامات الدالة على توحيده وتعظيمه حكاه النقاش وحكي أن بعض العباد أخذ القدح ليتوضأ لصلاة الليل فأدخل أصبعه في أذن القدح وقعد يتفكر حتى طلع الفجر فقيل له في ذلك فقال : أدخلت أصبعي في أذن القدح فتذكرت قول الله تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل وذكرت كيف أتلقى الغل وبقيت ليلي في ذلك أجمع .

قلت : لفظ " س ي ح " يدل على صحة هذه الأقوال فإن السياحة أصلها الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الماء ; فالصائم مستمر على الطاعة في ترك ما يتركه من الطعام وغيره فهو بمنزلة السائح . والمتفكرون تجول قلوبهم فيما ذكروا . وفي الحديث : إن لله ملائكة سياحين مشائين في الآفاق يبلغونني صلاة أمتي ويروى صياحين بالصاد ، من الصياح . الراكعون الساجدون يعني في الصلاة المكتوبة وغيرها . الآمرون بالمعروف أي [ ص:190 ] بالسنة ، وقيل : بالإيمان . والناهون عن المنكر قيل : عن البدعة . وقيل : عن الكفر . وقيل : هو عموم في كل معروف ومنكر . والحافظون لحدود الله أي القائمون بما أمر به والمنتهون عما نهى عنه .

الثانية : واختلف أهل التأويل في هذه الآية هل هي متصلة بما قبل أو منفصلة فقال جماعة : الآية الأولى مستقلة بنفسها يقع تحت تلك المبايعة كل موحد قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا وإن لم يتصف بهذه الصفات في هذه الآية الثانية أو بأكثرها . وقالت فرقة : هذه الأوصاف جاءت على جهة الشرط ، والآيتان مرتبطتان ؛ فلا يدخل تحت المبايعة إلا المؤمنون الذين هم على هذه الأوصاف ويبذلون أنفسهم في سبيل الله ؛ قاله الضحاك. قال ابن عطية : وهذا القول تحريج وتضييق ومعنى الآية على ما تقتضيه أقوال العلماء والشرع أنها أوصاف الكملة من المؤمنين ذكرها الله ليستبق إليها أهل التوحيد حتى يكونوا في أعلى مرتبة . وقال الزجاج : الذي عندي أن قوله : التائبون العابدون رفع بالابتداء وخبره مضمر ; أي التائبون العابدون - إلى آخر الآية - لهم الجنة أيضا وإن لم يجاهدوا إذ لم يكن منهم عناد وقصد إلى ترك الجهاد لأن بعض المسلمين يجزي عن بعض في الجهاد . واختار هذا القول القشيري وقال : وهذا حسن إذ لو كان صفة للمؤمنين المذكورين في قوله : اشترى من المؤمنين لكان الوعد خاصا للمجاهدين . وفي مصحف عبد الله " التائبين العابدين " إلى آخرها ; ولذلك وجهان : أحدهما الصفة للمؤمنين على الإتباع . والثاني النصب على المدح .

الثالثة : واختلف العلماء في الواو في قوله : والناهون عن المنكر فقيل : دخلت في صفة الناهين كما دخلت في قوله تعالى : حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم . غافر الذنب . وقابل التوب فذكر بعضها بالواو والبعض بغيرها . وهذا سائغ معتاد في الكلام ولا يطلب لمثله حكمة ولا علة . وقيل : دخلت لمصاحبة الناهي عن المنكر الآمر بالمعروف فلا يكاد يذكر واحد منهما مفردا . وكذلك قوله : ثيبات وأبكارا . ودخلت في قوله : والحافظون لقربه من المعطوف . وقد قيل : إنها زائدة ، وهذا ضعيف لا معنى له . وقيل : هي واو الثمانية لأن السبعة عند العرب عدد كامل صحيح . وكذلك قالوا في قوله : ثيبات وأبكارا . وقوله في أبواب الجنة : وفتحت أبوابها وقوله : ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم [ ص: 191 ] وقد ذكرها ابن خالويه في مناظرته لأبي علي الفارسي في معنى قوله : وفتحت أبوابها وأنكرها أبو علي . قال ابن عطية : وحدثني أبي رضي الله عنه عن الأستاذ النحوي أبي عبد الله الكفيف المالقي ، وكان ممن استوطن غرناطة وأقرأ فيها في مدة ابن حبوس أنه قال : هي لغة فصيحة لبعض العرب من شأنهم أن يقولوا إذا عدوا : واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية تسعة عشرة وهكذا هي لغتهم . ومتى جاء في كلامهم أمر ثمانية أدخلوا الواو . قلت : هي لغة قريش . وسيأتي بيانه ونقضه في سورة ( الكهف ) إن شاء الله تعالى وفي ( الزمر ) أيضا بحول الله تعالى .
______________
تفسير القرطبي












التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 06-30-2017, 04:57 AM   رقم المشاركة : 42
أديب وناقد
 
الصورة الرمزية عوض بديوي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عوض بديوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

[ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ8وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ9وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ10هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ12عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ13أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ14إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ15سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ16
يقول تعالى : كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم والخلق العظيم ( فلا تطع المكذبين ) ( ودوا لو تدهن فيدهنون
]
قال
ابن عباس : لو ترخص لهم فيرخصون .

وقال مجاهد : ودوا لو تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق .

ثم قال تعالى : ( ولا تطع كل حلاف مهين ) وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى ، واستعمالها في كل وقت في غير محلها .

[ ص: 191 ]

قال ابن عباس : المهين الكاذب . وقال مجاهد : هو الضعيف القلب . قال الحسن : كل حلاف : مكابر ، مهين : ضعيف .

وقوله ) هماز ) قال ابن عباس ، وقتادة : يعني الاغتياب .

( مشاء بنميم ) يعني : الذي يمشي بين الناس ، ويحرش بينهم ، وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة ، وقد ثبت في الصحيحين من حديثمجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبرين فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " الحديث . وأخرجه بقية الجماعة في كتبهم ، من طرق عن مجاهد به .

وقال أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام أن حذيفة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يدخل الجنة قتات " .

رواه الجماعة - إلا ابن ماجه - من طرق ، عن إبراهيم به .

وحدثنا عبد الرزاق ، حدثنا الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن حذيفة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يدخل الجنة قتات " يعني : نماما .

وحدثنا يحيى بن سعيد القطان أبو سعيد الأحول ، عن الأعمش حدثني إبراهيم - منذ نحو ستين سنة - عن همام بن الحارث قال : مر رجل على حذيفةفقيل : إن هذا يرفع الحديث إلى الأمراء . فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - أو : قال - : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يدخل الجنة قتات " .

وقال أحمد : حدثنا هاشم ، حدثنا مهدي ، عن واصل الأحدب ، عن أبي وائل قال : بلغ حذيفة عن رجل أنه ينم الحديث ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يدخل الجنة نمام " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن ابن خثيم ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد بن السكن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألا أخبركم بخياركم ؟ " . قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " الذين إذا رءوا ذكر الله ، عز وجل " . ثم قال : " ألا أخبركم بشراركم ؟ المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، والباغون للبرآء العنت " .

ورواه ابن ماجه عن سويد بن سعيد ، عن يحيى بن سليم ، عن ابن خثيم به .

[ ص: 192 ]

وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي حسين ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم - يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - : "خيار عباد الله الذين إذا رءوا ذكر الله ، وشرار عباد الله المشاءون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العنت "

وقوله ( مناع للخير معتد أثيم ) أي : يمنع ما عليه وما لديه من الخير ) معتد ) في متناول ما أحل الله له ، يتجاوز فيها الحد المشروع ) أثيم ) أي : يتناول المحرمات .

وقوله : ( عتل بعد ذلك زنيم ) أما العتل : فهو الفظ الغليظ الصحيح ، الجموع المنوع .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، وعبد الرحمن ، عن سفيان ، عن معبد بن خالد ، عن حارثة بن وهب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا أنبئكم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ، ألا أنبئكم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر " . وقال وكيع : " كل جواظ جعظري مستكبر " .

أخرجاه في الصحيحين ، وبقية الجماعة إلا أبا داود من حديث سفيان الثوري ، وشعبة ، كلاهما عن معبد بن خالد به .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا موسى بن علي ، قال : سمعت أبي يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عند ذكر أهل النار : " كل جعظري جواظ مستكبر جماع مناع " . تفرد به أحمد .

قال أهل اللغة : الجعظري : الفظ الغليظ ، والجواظ : الجموع المنوع .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا عبد الحميد ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العتل الزنيم ، فقال : " هو الشديد الخلق ، المصحح ، الأكول ، الشروب ، الواجد للطعام والشراب ، الظلوم للناس ، رحيب الجوف " .

وبهذا الإسناد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يدخل الجنة الجواظ الجعظري ، العتل الزنيم " وقد أرسله أيضا غير واحد من التابعين .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه ، وأرحب جوفه ، وأعطاه من الدنيا مقضما ، فكان للناس ظلوما . قال : فذلك العتل الزنيم " .

[ ص: 193 ]

وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريقين مرسلين ، ونص عليه غير واحد من السلف ، منهم مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، وغيرهم : أن العتل هو : المصحح الخلق ، الشديد القوي في المأكل والمشرب والمنكح ، وغير ذلك ، وأما الزنيم فقال البخاري :

حدثنا محمود ، حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : رجل من قريش له زنمة مثل زنمة الشاة .

ومعنى هذا : أنه كان مشهورا بالشر كشهرة الشاة ذات الزنمة من بين أخواتها . وإنما الزنيم في لغة العرب : هو الدعي في القوم . قاله ابن جرير ، وغير واحد من الأئمة ، قال : ومنه قول حسان بن ثابت يعني يذم بعض كفار قريش :


وأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد


وقال آخر :


زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم ذو حسب لئيم


وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمار بن خالد الواسطي ، حدثنا أسباط ، عن هشام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( زنيم ) قال : الدعي الفاحش اللئيم . ثم قال ابن عباس :


زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع


وقال العوفي ، عن ابن عباس : الزنيم : الدعي . ويقال : الزنيم : رجل كانت به زنمة يعرف بها . ويقال : هو الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة . وزعم أناس من بني زهرة أن الزنيم الأسود بن عبد يغوث الزهري وليس به .

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : أنه زعم أن الزنيم الملحق النسب .

وقال ابن أبي حاتم : حدثني يونس ، حدثنا ابن وهب ، حدثني سليمان بن بلال ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سمعه يقول في هذه الآية : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال سعيد : هو الملصق بالقوم ، ليس منهم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عقبة بن خالد ، عن عامر بن قدامة ، قال : سئل عكرمة ، عن الزنيم ، قال : هو ولد الزنا .

وقال الحكم بن أبان ، عن عكرمة في قوله تعالى : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : يعرف المؤمن من الكافر مثل الشاة الزنماء . والزنماء من الشياه : التي في عنقها هنتان معلقتان في حلقها . وقال الثوري ، عن جابر ، عن الحسن ، عن سعيد بن جبير قال : الزنيم : الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها . والزنيم : الملصق ، رواه ابن جرير .

[ ص: 194 ]

وروى أيضا من طريق داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال في الزنيم : قال : نعت فلم يعرف حتى قيل : زنيم . قال : وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها . وقال آخرون : كان دعيا .

وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، عن أصحاب التفسير قالوا هو الذي تكون له زنمة مثل زنمة الشاة .

وقال الضحاك : كانت له زنمة في أصل أذنه ، ويقال : هو اللئيم الملصق في النسب .

وقال أبو إسحاق : عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : هو المريب الذي يعرف بالشر .

وقال مجاهد : الزنيم الذي يعرف بهذا الوصف كما تعرف الشاة . وقال أبو رزين : الزنيم علامة الكفر . وقال عكرمة : الزنيم الذي يعرف باللؤم كما تعرف الشاة بزنمتها .

والأقوال في هذا كثيرة ، وترجع إلى ما قلناه ، وهو أن الزنيم هو : المشهور بالشر ، الذي يعرف به من بين الناس ، وغالبا يكون دعيا ولد زنا ، فإنه في الغالب يتسلط الشيطان عليه ما لا يتسلط على غيره ، كما جاء في الحديث : " لا يدخل الجنة ولد زنا " وفي الحديث الآخر : " ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه " .

وقوله : ( أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ) يقول تعالى : هذا مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين ، كفر بآيات الله وأعرض عنها ، وزعم أنها كذب مأخوذ من أساطير الأولين ، كقوله : ( ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر ) قال الله تعالى : ( سأصليه سقر ) [ المدثر : 11 - 26 ] . قال تعالى ها هنا : ( سنسمه على الخرطوم )

قال ابن جرير : سنبين أمره بيانا واضحا ، حتى يعرفوه ، ولا يخفى عليهم ، كما لا تخفى السمة على الخراطيم ، وهكذا قال قتادة : ( سنسمه على الخرطوم ) شين لا يفارقه آخر ما عليه . [ ص: 195 ] وفي رواية عنه : سيما على أنفه . وكذا قال السدي .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( سنسمه على الخرطوم ) يقاتل يوم بدر فيخطم بالسيف في القتال . وقال آخرون : ( سنسمه ) سمة أهل النار ، يعني نسود وجهه يوم القيامة ، وعبر عن الوجه بالخرطوم . حكى ذلك كله أبو جعفر بن جرير ومال إلى أنه لا مانع من اجتماع الجميع عليه في الدنيا والآخرة ، وهو متجه .

وقد قال ابن أبي حاتم في سورة ( عم يتساءلون ) حدثنا أبي ، حدثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني الليث ، حدثني خالد ، عن سعيد ، عن عبد الملك بن عبد الله ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن العبد يكتب مؤمنا أحقابا ، ثم أحقابا ، ثم يموت والله عليه ساخط . وإن العبد يكتب كافرا أحقابا ، ثم أحقابا ، ثم يموت والله عليه راض . ومن مات همازا لمازا ملقبا للناس ، كان علامته يوم القيامة أن يسمه الله على الخرطوم ، من كلا الشفتين " .













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 09-05-2017, 05:28 AM   رقم المشاركة : 43
أديب وناقد
 
الصورة الرمزية عوض بديوي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عوض بديوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)الصافات
قوله تعالى : وفديناه بذبح عظيم الذبح اسم المذبوح وجمعه ذبوح ، كالطحن اسم المطحون . والذبح بالفتح المصدر . " عظيم " أي : عظيم القدر ، ولم يرد عظيم الجثة . وإنما عظم قدره لأنه فدي به الذبيح ، أو لأنه متقبل . قال النحاس : عظيم في اللغة يكون للكبير وللشريف . وأهل التفسير على أنه هاهنا للشريف ، أو المتقبل . وقال ابن عباس : هو الكبش الذي تقرب به هابيل ، وكان في الجنة يرعى حتى فدى الله به إسماعيل . وعنه أيضا : أنه كبش أرسله الله من الجنة كان قد رعى في الجنة أربعين خريفا . وقال الحسن : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى هبط عليه من ثبير ، فذبحه إبراهيم فداء عن ابنه ، وهذا قول علي - رضي الله عنه - . فلما رآه إبراهيم أخذه فذبحه وأعتق ابنه . وقال : يا بني اليوم وهبت لي . وقال أبو إسحاق الزجاج : قد قيل إنه فدي بوعل ، والوعل : التيس الجبلي . وأهل التفسير على أنه فدي بكبش .
في هذه الآية دليل على أن الأضحية بالغنم أفضل من الإبل والبقر . وهذا مذهب مالك وأصحابه . قالوا : أفضل الضحايا الفحول من الضأن ، وإناث الضأن أفضل من فحل المعز ، وفحول المعز خير من إناثها ، وإناث المعز خير من الإبل والبقر . وحجتهم قوله سبحانه وتعالى : وفديناه بذبح عظيم أي : ضخم الجثة سمين ، وذلك كبش لا جمل ولا بقرة . وروى مجاهد وغيره عن ابن عباس أنه سأله رجل : إني نذرت أن أنحر ابني ؟ فقال : يجزيك كبش سمين ، ثم قرأ : وفديناه بذبح عظيم . وقال بعضهم : لو علم الله حيوانا أفضل من الكبش لفدى به إسحاق . وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين . وأكثر ما ضحى به الكباش . وذكر ابن أبي شيبة عن ابن علية عن الليث عن مجاهد قال : الذبح العظيم : الشاة .
واختلفوا أيهما أفضل : الأضحية أو الصدقة بثمنها . فقال مالك وأصحابه : الضحية أفضل إلا بمنى ; لأنه ليس موضع الأضحية ، حكاه أبو عمر . وقال ابن المنذر : روينا عن بلال أنه قال : ما أبالي ألا أضحي إلا بديك ، ولأن أضعه في يتيم قد ترب فيه - هكذا قال المحدث - أحب إلي من أن أضحي به . وهذا قول الشعبي : إن الصدقة أفضل . وبه قال مالك وأبو ثور . وفيه قول ثان : إن الضحية أفضل ، هذا قول ربيعة وأبي الزناد . وبه قال أصحاب الرأي . زاد أبو عمر : وأحمد بن حنبل . قالوا : الضحية أفضل من الصدقة ; لأن الضحية سنة مؤكدة كصلاة العيد . ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل . وكذلك صلوات السنن أفضل من التطوع كله . قال أبو عمر : وقد روي في فضل الضحايا آثار حسان ، فمنها ما رواه سعيد بن داود بن أبي زنبر عن مالك عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من نفقة بعد صلة الرحم أفضل عند الله من إهراق الدم قال أبو عمر : وهو حديث غريب من حديث مالك . وعن عائشة قالت : يا أيها الناس ضحوا وطيبوا أنفسا ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ما من عبد توجه بأضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة ، فإن الدم إن وقع في التراب فإنما يقع في حرز الله حتى يوفيه صاحبه يوم القيامة ذكره أبو عمر في كتاب التمهيد . وخرج الترمذي أيضا عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم ، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع إلى الأرض ، فطيبوا بها نفسا قال : وفي الباب عن عمران بن حصين وزيد بن أرقم . وهذا حديث حسن .
الضحية ليست بواجبة ولكنها سنة ومعروف . وقال عكرمة : كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين أشتري له لحما ، ويقول : من لقيت فقل : هذه أضحية ابن عباس . قال أبو عمر : ومجمل هذا وما روي عن أبي بكر وعمر أنهما لا يضحيان عند أهل العلم ، لئلا يعتقد في المواظبة عليها أنها واجبة فرض ، وكانوا أئمة يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم ; لأنهم الواسطة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين أمته ، فساغ لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم . وقد حكى الطحاوي في مختصره : وقال أبو حنيفة : الأضحية واجبة على المقيمين الواجدين من أهل الأمصار ، ولا تجب على المسافر . قال : ويجب على الرجل من الأضحية على ولده الصغير مثل الذي يجب عليه من نفسه . وخالفه أبو يوسف ومحمد فقالا : ليست بواجبة ولكنها سنة غير مرخص لمن وجد السبيل إليها في تركها . قال : وبه نأخذ . قال أبو عمر : وهذا قول مالك ، قال : لا ينبغي لأحد تركها مسافرا كان أو مقيما ، فإن تركها فبئس ما صنع إلا أن يكون له عذر إلا الحاج بمنى . وقال الإمام الشافعي : هي سنة على جميع الناس وعلى الحاج بمنى وليست بواجبة . وقد احتج من أوجبها بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بردة بن نيار أن يعيد ضحية أخرى ; لأن ما لم يكن فرضا لا يؤمر فيه بالإعادة . احتج آخرون بحديث أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي قالوا : فلو كان ذلك واجبا لم يجعل ذلك إلى إرادة المضحي . وهو قول أبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وبلال .
والذي يضحى به بإجماع المسلمين الأزواج الثمانية : وهي الضأن والمعز والإبل والبقر . قال ابن المنذر : وقد حكي عن الحسن بن صالح أنه قال : يضحى ببقرة الوحش عن سبعة ، وبالظبي عن رجل . وقال الإمام الشافعي : لو نزا ثور وحشي على بقرة إنسية ، أو ثور إنسي على بقرة وحشية لا يجوز شيء من هذا أضحية . وقال أصحاب الرأي : جائز ; لأن ولدها بمنزلة أمه . وقال أبو ثور : يجوز إذا كان منسوبا إلى الأنعام .
قد مضى في سورة [ الحج ] الكلام في وقت الذبح والأكل من الأضحية مستوفى . وفي صحيح مسلم عن أنس قال : ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما في رواية قال : ويقول : بسم الله والله أكبر وقد مضى في آخر [ الأنعام ] حديث عمران بن حصين ، ومضى في [ المائدة ] القول في التذكية وبيانها وما يذكى به ، وأن ذكاة الجنين ذكاة أمه مستوفى . وفي صحيح مسلم عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها : يا عائشة ، هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر ، ففعلت ، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله ، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ، ثم ضحى به . وقد اختلف العلماء في هذا فكان الحسن البصري يقول في الأضحية : بسم الله والله أكبر ، هذا منك ولك ، تقبل من فلان . وقال مالك : إن فعل ذلك فحسن ، وإن لم يفعل وسمى الله أجزأه . وقال الشافعي : والتسمية على الذبيحة بسم الله ، فإن زاد بعد ذلك شيئا من ذكر الله ، أو صلى على محمد - عليه السلام - لم أكرهه ، أو قال : اللهم تقبل مني ، أو قال : تقبل من فلان ، فلا بأس . وقال النعمان : يكره أن يذكر مع اسم الله غيره ، يكره أن يقول : اللهم تقبل من فلان عند الذبح . وقال : لا بأس إذا كان قبل التسمية وقبل أن يضجع للذبح . وحديث عائشة يرد هذا القول . وقد تقدم أن إبراهيم - عليه السلام - قال لما أراد ذبح ابنه : الله أكبر والحمد لله . فبقي سنة .
روى البراء بن عازب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل : ماذا يتقى من الضحايا ؟ فأشار بيده وقال : أربعا - وكان البراء يشير بيده ويقول : يدي أقصر من يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - العرجاء البين ظلعها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقى لفظ مالك ولا خلاف فيه . واختلف في اليسير من ذلك . وفي الترمذي عن علي - رضي الله عنه - قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن ، وألا نضحي بمقابلة ، ولا مدابرة ، ولا شرقاء ، ولا خرقاء . قال : والمقابلة ما قطع طرف أذنها ، والمدابرة ما قطع من جانب الأذن ، والشرقاء المشقوقة ، والخرقاء المثقوبة ، قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي الموطأ عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسنن ، والتي نقص من خلقها . قال مالك : وهذا أحب ما سمعت إلي . قال القتبي : لم تسنن أي : لم تنبت أسنانها كأنها لم تعط أسنانا . وهذا كما يقال : فلان لم يلبن أي : لم يعط لبنا ، ولم يسمن أي : لم يعط سمنا ، ولم يعسل أي : لم يعط عسلا . وهذا مثل النهي في الأضاحي عن الهتماء . قال أبو عمر : ولا بأس أن يضحى عند مالك بالشاة الهتماء إذا كان سقوط أسنانها من الكبر والهرم وكانت سمينة ، فإن كانت ساقطة الأسنان وهي فتية لم يجز أن يضحى بها ; لأنه عيب غير خفيف . والنقصان كله مكروه ، وشرحه وتفصيله في كتب الفقه . وفي الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : استشرقوا ضحاياكم ؛ فإنها على الصراط مطاياكم ذكره الزمخشري .
ودلت الآية على أن من نذر نحر ابنه أو ذبحه أنه يفديه بكبش كما فدى به إبراهيم ابنه ، قاله ابن عباس . وعنه رواية أخرى : ينحر مائة من الإبل كما فدى بها عبد المطلب ابنه ، روى الروايتين عنه الشعبي . وروى عنه القاسم بن محمد : يجزيه كفارة يمين . وقال مسروق : لا شيء عليه . وقال الشافعي : هو معصية يستغفر الله منها . وقال أبو حنيفة : هي كلمة يلزمه بها في ولده ذبح شاة ، ولا يلزمه في غير ولده شيء . قال محمد : عليه في الحلف بنحر عبده مثل الذي عليه في الحلف بنحر ولده إذا حنث . وذكر ابن عبد الحكم عن مالك فيمن قال : أنا أنحر ولدي عند مقام إبراهيم في يمين ثم حنث فعليه هدي . قال : ومن نذر أن ينحر ابنه ولم يقل عند مقام إبراهيم ولا أراد فلا شيء عليه . قال : ومن جعل ابنه هديا أهدى عنه ، قال القاضي ابن العربي : يلزمه شاة كما قال أبو حنيفة ; لأن الله تعالى جعل ذبح الولد عبارة عن ذبح الشاة شرعا ، فألزم الله إبراهيم ذبح الولد ، وأخرجه عنه بذبح شاة . وكذلك إذا نذر العبد ذبح ولده يلزمه أن يذبح شاة ; لأن الله تعالى قال : ملة أبيكم إبراهيم والإيمان التزام أصلي ، والنذر التزام فرعي ، فيجب أن يكون محمولا عليه . فإن قيل : كيف يؤمر إبراهيم بذبح الولد وهو معصية ، والأمر بالمعصية لا يجوز ؟ . قلنا : هذا اعتراض على كتاب الله ، ولا يكون ذلك ممن يعتقد الإسلام ، فكيف بمن يفتي في الحلال والحرام ، وقد قال الله تعالى : افعل ما تؤمر والذي يجلو الإلباس عن قلوب الناس في ذلك : أن المعاصي والطاعات ليست بأوصاف ذاتية للأعيان ، وإنما الطاعات عبارة عما تعلق به الأمر من الأفعال ، والمعصية عبارة عما تعلق به النهي من الأفعال ، فلما تعلق الأمر بذبح الولد إسماعيل من إبراهيم صار طاعة وابتلاء ، ولهذا قال الله تعالى : إن هذا لهو البلاء المبين في الصبر على ذبح الولد والنفس ، ولما تعلق النهي بنا في ذبح أبنائنا صار معصية . فإن قيل : كيف يصير نذرا وهو معصية . قلنا : إنما يكون معصية لو كان يقصد ذبح الولد بنذره ولا ينوي الفداء ؟ فإن قيل : فلو وقع ذلك وقصد المعصية ولم ينو الفداء ؟ قلنا : لو قصد ذلك لم يضره في قصده ولا أثر في نذره ; لأن نذر الولد صار عبارة عن ذبح الشاة شرعا .
________
تفسير القرطبي













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 09-06-2017, 07:06 AM   رقم المشاركة : 44
أديب وناقد
 
الصورة الرمزية عوض بديوي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عوض بديوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

القول في أيام التشريق اللواتي ما زلنا نعيش بركتهن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
{ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } البقرة الآية: 203
قوله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } فيه ست مسائل:
الأولى - قال الكوفيون: الألف والتاء في "معدودات" لأقل العدد. وقال البصريون: هما للقليل والكثير، بدليل قوله تعالى: { وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ } [1] والغرفات كثيرة. ولا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية هي أيام منى، وهي أيام التشريق، وأن هذه الثلاثة الأسماء واقعة عليها، وهي أيام رمي الجمار، وهي واقعة على الثلاثة الأيام التي يتعجل الحاج منها في يومين بعد يوم النحر، فقف على ذلك. وقال الثعلبي وقال إبراهيم: الأيام المعدودات أيام العشر، والأيام المعلومات أيام النحر، وكذا حكى مكي والمهدوي أن الأيام المعدودات هي أيام العشر. ولا يصح لما ذكرناه من الإجماع، على ما نقله أبو عمر بن عبدالبر وغيره. قال ابن عطية: وهذا إما أن يكون من تصحيف النسخة، وإما أن يريد العشر الذي بعد النحر، وفي ذلك بعد.
الثانية - أمر الله سبحانه وتعالى عباده بذكره في الأيام المعدودات، وهي الثلاثة التي بعد يوم النحر، وليس يوم النحر منها، لإجماع الناس أنه لا ينفر أحد يوم النفر وهو ثاني يوم النحر، ولو كان يوم النحر في المعدودات لساغ أن ينفر من شاء متعجلا يوم النفر، لأنه قد أخذ يومين من المعدودات. خرج الدارقطني والترمذي وغيرهما عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وهو بعرفة فسألوه، فأمر مناديا فنادى: "الحج عرفة، فمن جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك، أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، أي من تعجل من الحاج في يومين من أيام منى صار مقامه بمنى ثلاثة أيام بيوم النحر، ويصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة، ويسقط عنه رمي يوم الثالث. ومن لم ينفر منها إلا في آخر اليوم الثالث حصل له بمنى مقام أربعة أيام من أجل يوم النحر، واستوفى العدد في الرمي، على ما يأتي بيانه. ومن الدليل على أن أيام منى ثلاثة - مع ما ذكرناه - قول العرجي:
ما نلتقي إلا ثلاث منى... حتى يفرق بيننا النفر
فأيام الرمي معدودات، وأيام النحر معلومات. وروى نافع عن ابن عمر أن الأيام المعدودات والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام: يوم النحر وثلاثة أيام بعده، فيوم النحر معلوم غير معدود، واليومان بعده معلومان معدودان، واليوم الرابع معدود لا معلوم، وهذا مذهب مالك وغيره. وإنما كان كذلك لأن الأول ليس من الأيام التي تختص بمنى في قوله سبحانه تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } ولا من التي عين النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بقوله: "أيام منى ثلاثة" فكان معلوما، لأن الله تعالى قال: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ }[2] ولا خلاف أن المراد به النحر، وكان النحر في اليوم الأول وهو يوم الأضحى والثاني والثالث، ولم يكن في الرابع نحر بإجماع من علمائنا، فكان الرابع غير مراد في قوله تعالى: { مَعْلُومَاتٍ } لأنه لا ينحر فيه وكان مما يرمى فيه، فصار معدودا لأجل الرمي، غير معلوم لعدم النحر فيه. قال ابن العربي: والحقيقة فيه أن يوم النحر معدود بالرمي معلوم بالذبح، لكنه عند علمائنا ليس مرادا في قوله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } وقال أبو حنيفة والشافعي: "الأيام المعلومات العشر من أول يوم من ذي الحجة، وآخرها يوم النحر"، لم يختلف قولهما في ذلك، ورويا ذلك عن ابن عباس. وروى الطحاوي عن أبي يوسف أن الأيام المعلومات أيام النحر، قال أبو يوسف: روي ذلك عن عمر وعلي، وإليه أذهب، لأنه تعالى قال: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ }. وحكى الكرخي عن محمد بن الحسن أن الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة: يوم الأضحى ويومان بعده. قال الكيا الطبري: فعلى قول أبي يوسف ومحمد لا فرق بين المعلومات والمعدودات، لأن المعدودات المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف، ولا يشك أحد أن المعدودات لا تتناول أيام العشر، لأن الله تعالى يقول: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } وليس في العشر حكم يتعلق بيومين دون الثالث. وقد روي عن ابن عباس "أن المعلومات العشر، والمعدودات أيام التشريق"، وهو قول الجمهور.
قلت: وقال ابن زيد: الأيام المعلومات عشر ذي الحجة وأيام التشريق، وفيه بعد، لما ذكرناه، وظاهر الآية يدفعه. وجعل الله الذكر في الأيام المعدودات والمعلومات يدل على خلاف قوله، فلا معنى للاشتغال به.
الثالثة - ولا خلاف أن المخاطب بهذا الذكر هو الحاج، خوطب بالتكبير عند رمي الجمار، وعلى ما رزق من بهيمة الأنعام في الأيام المعلومات وعند أدبار الصلوات دون تلبية، وهل يدخل غير الحاج في هذا أم لا؟ فالذي عليه فقهاء الأمصار والمشاهير من الصحابة والتابعين على أن المراد بالتكبير كل أحد - وخصوصا في أوقات الصلوات - فكبر عند انقضاء كل صلاة - كان المصلي وحده أو في جماعة - تكبيرا ظاهرا في هذه الأيام، اقتداء بالسلف رضي الله عنهم. وفي المختصر: ولا يكبر النساء دبر الصلوات، والأول أشهر، لأنه يلزمها حكم الإحرام كالرجل، قاله في المدونة.
الرابعة - ومن نسي التكبير بإثر صلاة كبر إن كان قريبا، وإن تباعد فلا شيء عليه، قاله ابن الجلاب. وقال مالك في المختصر: يكبر ما دام في مجلسه، فإذا قام من مجلسه فلا شيء عليه وفي المدونة من قول مالك: إن نسي الإمام التكبير فإن كان قريبا قعد فكبر، وإن تباعد فلا شيء عليه، وإن ذهب ولم يكبر والقوم جلوس فليكبروا.
الخامسة - واختلف العلماء في طرفي مدة التكبير، فقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس: "يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق". وقال ابن مسعود وأبو حنيفة: يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر. وخالفه صاحباه فقالا بالقول الأول، قول عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم، فاتفقوا في الابتداء دون الانتهاء. وقال مالك: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، وبه قال الشافعي، وهو قول ابن عمر وابن عباس أيضا. وقال زيد بن ثابت: "يكبر من ظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق". قال ابن العربي: فأما من قال: يكبر يوم عرفة ويقطع العصر من يوم النحر فقد خرج عن الظاهر، لأن الله تعالى قال: { فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } وأيامها ثلاثة، وقد قال هؤلاء: يكبر في يومين، فتركوا الظاهر لغير دليل. وأما من قال يوم عرفة وأيام التشريق، فقال: إنه قال: { فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ } [3]، فذكر " عرفات" داخل في ذكر الأيام، هذا كان يصح لو كان قال: يكبر من المغرب يوم عرفة، لأن وقت الإفاضة حينئذ، فأما قبل فلا يقتضيه ظاهر اللفظ، ويلزمه أن يكون من يوم التروية عند الحلول بمنى.
السادسة - واختلفوا في لفظ التكبير، فمشهور مذهب مالك أنه يكبر إثر كل صلاة ثلاث تكبيرات، رواه زياد بن زياد عن مالك. وفي المذهب رواية: يقال بعد التكبيرات الثلاث: لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد. وفي المختصر عن مالك: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
قوله تعالى: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } فيه إحدى وعشرون مسألة:
الأولى - قوله تعالى: { فمن تعجل } التعجيل أبدا لا يكون هنا إلا في آخر النهار، وكذلك اليوم الثالث، لأن الرمي في تلك الأيام إنما وقته بعد الزوال. وأجمعوا على أن يوم النحر لا يرمى فيه غير جمرة العقبة، لأن رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لم يرم يوم النحر من الجمرات غيرها، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، وكذلك أجمعوا أن وقت رمي الجمرات في أيام التشريق بعد الزوال إلى الغروب، واختلفوا فيمن رمى جمرة العقبة قبل طلوع الفجر أو بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس، فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق: جائز رميها بعد الفجر قبل طلوع الشمس. وقال مالك: لم يبلغنا أن رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة رخص لأحد برمي قبل أن يطلع الفجر، ولا يجوز رميها قبل الفجر، فإن رماها قبل الفجر أعادها، وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز رميها، وبه قال أحمد وإسحاق. ورخصت طائفة في الرمي قبل طلوع الفجر، روي عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت ترمي بالليل وتقول: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة، أخرجه أبو داود. وروي هذا القول عن عطاء وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد، وبه قال الشافعي إذا كان الرمي بعد نصف الليل. وقالت طائفة: لا يرمي حتى تطلع الشمس، قاله مجاهد والنخعي والثوري. وقال أبو ثور: إن رماها قبل طلوع الشمس فإن اختلفوا فيه لم يجزه، وإن أجمعوا، أو كانت فيه سنة أجزأه. قال أبو عمر: أما قول الثوري ومن تابعه فحجته أن رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة رمى الجمرة بعد طلوع الشمس وقال: "خذوا عني مناسككم". وقال ابن المنذر: السنة ألا ترمي إلا بعد طلوع الشمس، ولا يجزئ الرمي قبل طلوع الفجر، فإن رمى أعاد، إذ فاعله مخالف لما سنه الرسول نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لأمته. ومن رماها بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس فلا إعادة عليه، إذ لا أعلم أحدا قال لا يجزئه.
الثانية - روى معمر قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه قال: أمر رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة أم سلمة أن تصبح بمكة يوم النحر وكان يومها. قال أبو عمر: اختلف على هشام في هذا الحديث، فروته طائفة عن هشام عن أبيه مرسلا كما رواه معمر، ورواه آخرون عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة أمر أم سلمة بذلك مسندا، ورواه آخرون عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة مسندا أيضا، وكلهم ثقات. وهو يدل على أنها رمت الجمرة بمنى قبل الفجر، لأن رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة أمرها أن تصبح بمكة يوم النحر، وهذا لا يكون إلا وقد رمت الجمرة بمنى ليلا قبل الفجر، والله أعلم. ورواه أبو داود قال حدثنا هارون بن عبدالله قال حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أرسل رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة عندها. وإذا ثبت فالرمي بالليل جائز لمن فعله، والاختيار من طلوع الشمس إلى زوالها. قال أبو عمر: أجمعوا على أن وقت الاختيار في رمي جمرة العقبة من طلوع الشمس إلى زوالها، وأجمعوا أنه إن رماها قبل غروب الشمس من يوم النحر فقد أجزأ عنه ولا شيء عليه، إلا مالكا فإنه قال: أستحب له إن ترك جمرة العقبة حتى أمسى أن يهريق دما يجيء به من الحل. واختلفوا فيمن لم يرمها حتى غابت الشمس فرماها من الليل أو من الغد، فقال مالك: عليه دم، واحتج بأن رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وقت لرمي الجمرة وقتا، وهو يوم النحر، فمن رمى بعد غروب الشمس فقد رماها بعد خروج وقتها، ومن فعل شيئا في الحج بعد وقته فعليه دم. وقال الشافعي: لا دم عليه، وهو قول أبي يوسف ومحمد، وبه قال أبو ثور، لأن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة قال له السائل: يا رسول الله، رميت بعد ما أمسيت فقال: "لا حرج "، قال مالك: من نسي رمي الجمار حتى يمسي فليرم أية ساعة ذكر من ليل أو نهار، كما يصلي أية ساعة ذكر، ولا يرمي إلا ما فاته خاصة، وإن كانت جمرة واحدة رماها، ثم يرمي ما رمى بعدها من الجمار، فإن الترتيب في الجمار واجب، فلا يجوز أن يشرع في رمي جمرة حتى يكمل رمي الجمرة الأولى كركعات الصلاة، هذا هو المشهور من المذهب. وقيل: ليس الترتيب بواجب في صحة الرمي، بل إذا كان الرمي كله في وقت الأداء أجزأه.
الثالثة - فإذا مضت أيام الرمي فلا رمي فإن ذكر بعد ما يصدر وهو بمكة أو بعد ما يخرج منها فعليه الهدي، وسواء ترك الجمار كلها، أو جمرة منها، أو حصاة من جمرة حتى خرجت أيام منى فعليه دم. وقال أبو حنيفة: إن ترك الجمار كلها فعليه دم، وإن ترك جمرة واحدة كان عليه بكل حصاة من الجمرة إطعام مسكين نصف صاع، إلى أن يبلغ دما فيطعم ما شاء، إلا جمرة العقبة فعليه دم. وقال الأوزاعي: يتصدق إن ترك حصاة. وقال الثوري: يطعم في الحصاة والحصاتين والثلاث، فإن ترك أربعة فصاعدا فعليه دم. وقال الليث: في الحصاة الواحدة دم، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الآخر وهو المشهور: إن في الحصاة الواحدة مدا من طعام، وفي حصاتين مدين، وفي ثلاث حصيات دم.
الرابعة - ولا سبيل عند الجميع إلى رمي ما فاته من الجمار في أيام التشريق حتى غابت الشمس من آخرها، وذلك اليوم الرابع من يوم النحر، وهو الثالث من أيام التشريق، ولكن يجزئه الدم أو الإطعام على حسب ما ذكرنا.
الخامسة - ولا تجوز البيتوتة بمكة وغيرها عن منى ليالي التشريق، فإن ذلك غير جائز عند الجميع إلا للرعاء، ولمن ولي السقاية من آل العباس. قال مالك: من ترك المبيت ليلة من ليالي منى من غير الرعاء وأهل السقاية فعليه دم. روى البخاري عن ابن عمر أن العباس استأذن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له. قال ابن عبد البر: كان العباس ينظر في السقاية ويقوم بأمرها، ويسقي الحاج شرابها أيام الموسم، فلذلك أرخص له في المبيت عن منى، كما أرخص لرعاء الإبل من أجل حاجتهم لرعي الإبل وضرورتهم إلى الخروج بها نحو المراعي التي تبعد عن منى.
وسميت منى "منى" لما يمنى فيها من الدماء، أي يراق. وقال ابن عباس: "إنما سميت، منى لأن جبريل قال لآدم عليه السلام: تمن. قال: أتمنى الجنة، فسميت منى. قال: وإنما سميت جمعا لأنه اجتمع بها حواء وآدم عليهما السلام"، والجمع أيضا هو المزدلفة، وهو المشعر الحرام، كما تقدم.
السادسة - وأجمع الفقهاء على أن المبيت للحاج غير الذين رخص لهم ليالي منى بمنى من شعائر الحج ونسكه، والنظر يوجب على كل مسقط لنسكه دما، قياسا على سائر الحج ونسكه.
وفي الموطأ: مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة. والعقبة التي منع عمر أن يبيت أحد وراءها هي العقبة التي عند الجمرة التي يرميها الناس يوم النحر مما يلي مكة. رواه ابن نافع عن مالك في المبسوط، قال: وقال مالك: ومن بات وراءها ليالي منى فعليه الفدية، وذلك أنه بات بغير منى ليالي منى، وهو مبيت مشروع في الحج، فلزم الدم بتركه كالمبيت بالمزدلفة، ومعنى الفدية هنا عند مالك الهدي. قال مالك: هو هدي يساق من الحل إلى الحرم.
السابعة - روى مالك عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن أبيه أن أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره أن رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر.
قال أبو عمر: لم يقل مالك بمقتضى هذا الحديث، وكان يقول: يرمون يوم النحر - يعني جمرة العقبة - ثم لا يرمون من الغد، فإذا كان بعد الغد وهو الثاني من أيام التشريق وهو اليوم الذي يتعجل فيه النفر من يريد التعجيل أو من يجوز له التعجيل رموا اليومين لذلك اليوم ولليوم الذي قبله، لأنهم يقضون ما كان عليهم، ولا يقضي أحد عنده شيئا إلا بعد أن يجب عليه، هذا معنى ما فسر به مالك هذا الحديث في موطئه. وغيره يقول: لا بأس بذلك كله على ما في حديث مالك، لأنها أيام رمي كلها، وإنما لم يجز عند مالك للرعاء تقديم الرمي لأن غير الرعاء لا يجوز لهم أن يرموا في أيام التشريق شيئا من الجمار قبل الزوال، فإن رمى قبل الزوال أعادها، ليس لهم التقديم. وإنما رخص لهم في اليوم الثاني إلى الثالث. قال ابن عبدالبر: الذي قاله مالك في هذه المسألة موجود في رواية ابن جريج قال: أخبرني محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره أن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة أرخص للرعاء أن يتعاقبوا، فيرموا يوم النحر، ثم يدعوا يوما وليلة ثم يرمون الغد. قال علماؤنا: ويسقط رمي الجمرة الثالثة عمن تعجل. قال ابن أبي زمنين يرميها يوم النفر الأول حين يريد التعجيل. قال ابن المواز: يرمي المتعجل في يومين بإحدى وعشرين حصاة كل جمرة بسبع حصيات، فيصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة، لأنه قد رمى جمرة العقبة يوم النحر بسبع. قال ابن المنذر: ويسقط رمي اليوم الثالث.
الثامنة - روى مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر أنه أرخص للرعاء أن يرموا بالليل، يقول في الزمن الأول. قال الباجي: "قوله في الزمن الأول يقتضي إطلاقه زمن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لأنه أول زمن هذه الشريعة، فعلى هذا هو مرسل. ويحتمل أن يريد به أول زمن أدركه عطاء، فيكون موقوفا مسندا". والله أعلم.
قلت: هو مسند من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة، خرجه الدارقطني وغيره، وقد ذكرناه في "المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس"، وإنما أبيح لهم الرمي بالليل لأنه أرفق بهم وأحوط فيما يحاولونه من رعي الإبل، لأن الليل وقت لا ترعى فيه ولا تنتشر، فيرمون في ذلك الوقت. وقد اختلفوا فيمن فاته الرمي حتى غربت الشمس، فقال عطاء: لا رمي بالليل إلا لرعاء الإبل، فأما التجار فلا. وروي عن ابن عمر أنه قال: من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرم حتى تطلع الشمس من الغد، وبه قال أحمد وإسحاق. وقال مالك: إذا تركه نهارا رماه ليلا، وعليه دم في رواية ابن القاسم، ولم يذكر في الموطأ أن عليه دما. وقال الشافعي وأبو ثور ويعقوب ومحمد: إذا نسي الرمي حتى أمسى يرمي ولا دم عليه. وكان الحسن البصري يرخص في رمي الجمار ليلا. وقال أبو حنيفة: يرمي ولا شيء عليه، وإن لم يذكرها من الليل حتى يأتي الغد فعليه أن يرميها وعليه دم. وقال الثوري: إذا أخر الرمي إلى الليل ناسيا أو متعمدا أهرق دما.
قلت: أما من رمى من رعاء الإبل أو أهل السقاية بالليل فلا دم يجب، للحديث، وإن كان من غيرهم فالنظر يوجب الدم لكن مع العمد، والله أعلم
التاسعة - ثبت أن رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة رمى جمرة العقبة يوم النحر على راحلته. واستحب مالك وغيره أن يكون الذي يرميها راكبا. وقد كان ابن عمر وابن الزبير وسالم يرمونها وهم مشاة، ويرمي في كل يوم من الثلاثة بإحدى وعشرين حصاة، يكبر مع كل حصاة ويكون وجهه في حال رميه إلى الكعبة، ويرتب الجمرات ويجمعهن ولا يفرقهن ولا ينكسهن، يبدأ بالجمرة الأولى فيرميها بسبع حصيات رميا ولا يضعها وضعا، كذلك قال مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، فإن طرحها طرحا جاز عند أصحاب الرأي. وقال ابن القاسم: لا تجزئ في الوجهين جميعا، وهو الصحيح، لأن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة كان يرميها، ولا يرمي عندهم بحصاتين أو أكثر في مرة، فإن فعل عدها حصاة واحدة، فإذا فرغ منها تقدم أمامها فوقف طويلا للرعاء بما تيسر. ثم يرمي الثانية وهي الوسطى وينصرف عنها ذات الشمال في بطن المسيل، ويطيل الوقوف عندها للدعاء. ثم يرمي الثالثة بموضع جمرة العقبة بسبع حصيات أيضا، يرميها من أسفلها ولا يقف عندها، ولو رماها من فوقها أجزأه، ويكبر في ذلك كله مع كل حصاة يرميها. وسنة الذكر في رمي الجمار التكبير دون غيره من الذكر، ويرميها ماشيا بخلاف جمرة يوم النحر، وهذا كله توقيف رفعه النسائي والدارقطني عن الزهري أن رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة كان إذا رمى الجمرة التي تلي المسجد - مسجد منى - يرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو، وكان يطيل الوقوف. ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه ثم يدعو. ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها. قال الزهري: سمعت سالم بن عبدالله يحدث بهذا عن أبيه عن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة قال: وكان ابن عمر يفعله، لفظ الدارقطني.
العاشرة - وحكم الجمار أن تكون طاهرة غير نجسة، ولا مما رمي به، فإن رمى بما قد رمي به لم يجزه عند مالك، وقد قال عنه ابن القاسم: إن كان ذلك في حصاة واحدة أجزأه، ونزلت بابن القاسم فأفتاه بهذا.
الحادية عشر - واستحب أهل العلم أخذها من المزدلفة لا من حصى المسجد، فإن أخذ زيادة على ما يحتاج وبقي ذلك بيده بعد الرمي دفنه ولم يطرحه، قال أحمد بن حنبل وغيره.
الثانية عشر - ولا تغسل عند الجمهور خلافا لطاوس، وقد روي أنه لو لم يغسل الجمار النجسة أو رمى بما قد رمي به أنه أساء وأجزأ عنه. قال ابن المنذر: يكره أن يرمي بما قد رمي به، ويجزئ إن رمى به، إذ لا أعلم أحدا أوجب على من فعل ذلك الإعادة، ولا نعلم في شيء من الأخبار التي جاءت عن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة أنه غسل الحصى ولا أمر بغسله، وقد روينا عن طاوس، أنه كان يغسله.
الثالثة عشرة - ولا يجزئ في الجمار المدر ولا شيء غير الحجر، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال أصحاب الرأي: يجوز بالطين اليابس، وكذلك كل شيء رماها من الأرض فهو يجزئ. وقال الثوري: من رمى بالخزف والمدر لم يعد الرمي. قال ابن المنذر: لا يجزئ الرمي إلا بالحصى، لأن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة قال: "عليكم بحصى الخذف". وبالحصى رمى رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة.
الرابعة عشرة - واختلف في قدر الحصى، فقال الشافعي: يكون أصغر من الأنملة طولا وعرضا. وقال أبو ثور وأصحاب الرأي: بمثل حصى الخذف، وروينا عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة بمثل بعر الغنم، ولا معنى لقول مالك: أكبر من ذلك أحب إلي، لأن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة سن الرمي بمثل حصى الخذف، ويجوز أن يرمى بما وقع عليه اسم حصاة، واتباع السنة أفضل، قاله ابن المنذر.
قلت: وهو الصحيح الذي لا يجوز خلافه لمن اهتدى واقتدى. روى النسائي عن ابن عباس قال: قال لي رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة غداة العقبة وهو على راحلته: " هات القط لي فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال -: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين". فدل قوله: "وإياكم والغلو في الدين" على كراهة الرمي بالجمار الكبار، وأن ذلك من الغلو، والله أعلم.
الخامسة عشر - ومن بقي في يده حصاة لا يدري من أي الجمار هي جعلها من الأولى، ورمى بعدها الوسطى والآخرة، فإن طال استأنف جميعا.
السادسة عشر - قال مالك والشافعي وعبدالملك وأبو ثور وأصحاب الرأي فيمن قدم جمرة على جمرة: لا يجزئه إلا أن يرمي على الولاء. وقال الحسن، وعطاء وبعض الناس: يجزئه. واحتج بعض الناس بقول النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: "من قدم نسكا بين يدي نسك فلا حرج وقال: - لا يكون هذا بأكثر من رجل اجتمعت عليه صلوات أو صيام فقضى بعضا قبل بعض". والأول أحوط، والله أعلم.
السابعة عشر - واختلفوا في رمي المريض والرمي عنه، فقال مالك: يرمى عن المريض والصبي اللذين لا يطيقان الرمي، ويتحرى المريض حين رميهم فيكبر سبع تكبيرات لكل جمرة وعليه الهدي، وإذا صح المريض في أيام الرمي رمى عن نفسه، وعليه مع ذلك دم عند مالك. وقال الحسن والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي: يرمى عن المريض، ولم يذكروا هديا. ولا خلاف في الصبي الذي لا يقدر على الرمي أنه يرمى عنه، وكان ابن عمر يفعل ذلك.
الثامنة عشر - روى الدارقطني عن أبي سعيد الخدري قال قلنا: يا رسول الله، هذه الجمار التي يرمى بها كل عام فنحسب أنها تنقص، فقال: "إنه ما تقبل منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال".
التاسعة عشر - قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم على أن لمن أراد الخروج من الحاج من منى شاخصا إلى بلده خارجا عن الحرم غير مقيم بمكة في النفر الأول أن ينفر بعد زوال الشمس إذا رمى في اليوم الذي يلي يوم النحر قبل أن يمسي، لأن الله جل ذكره قال: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ }، فلينفر من أراد النفر ما دام في شيء من النهار. وقد روينا عن النخعي والحسن أنهما قالا: من أدركه العصر وهو بمنى من اليوم الثاني من أيام التشريق لم ينفر حتى الغد. قال ابن المنذر: وقد يحتمل أن يكونا قالا ذلك استحبابا، والقول الأول به نقول، لظاهر الكتاب والسنة.
الموفية عشرين - واختلفوا في أهل مكة هل ينفرون النفر الأول، فروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من شاء من الناس كلهم أن ينفروا في النفر الأول، إلا آل خزيمة فلا ينفرون إلا في النفر الآخر. وكان أحمد بن حنبل يقول: لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة، وقال: أهل مكة أخف، وجعل أحمد وإسحاق معنى قول عمر بن الخطاب: "إلا آل خزيمة" أي أنهم أهل حرم. وكان مالك يقول في أهل مكة: من كان له عذر فله أن يتعجل في يومين، فإن أراد التخفيف عن نفسه مما هو فيه من أمر الحج فلا، فرأى التعجيل لمن بعد قطره. وقالت طائفة: الآية على العموم، والرخصة لجميع الناس، أهل مكة وغيرهم، أراد الخارج عن منى المقام بمكة أو الشخوص إلى بلده. وقال عطاء: هي للناس عامة. قال ابن المنذر: وهو يشبه مذهب، الشافعي، وبه نقول. وقال ابن عباس والحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة والنخعي: "من نفر في اليوم الثاني من الأيام المعدودات فلا حرج، ومن تأخر إلى الثالث فلا حرج"، فمعنى الآية كل ذلك مباح، وعبر عنه بهذا التقسيم اهتماما وتأكيدا، إذ كان من العرب من يذم المتعجل وبالعكس، فنزلت الآية رافعة للجناح في كل ذلك. وقال علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود وإبراهيم النخعي أيضا: "معنى من تعجل فقد غفر له، ومن تأخر فقد غفر له"، واحتجوا بقوله عليه السلام: "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من خطاياه كيوم ولدته أمه". فقوله: "فلا إثم عليه" نفي عام وتبرئة مطلقة. وقال مجاهد أيضا: معنى الآية، من تعجل أو تأخر فلا إثم عليه إلى العام المقبل. وأسند في هذا القول أثر. وقال أبو العالية في الآية: لا إثم عليه لمن اتقى بقية عمره، والحاج مغفور له البتة، أي ذهب إثمه كله إن اتقى الله فيما بقي من عمره. وقال أبو صالح وغيره: معنى الآية لا إثم عليه لمن اتقى قتل الصيد، وما يجب عليه تجنبه في الحج. وقال أيضا: لمن اتقى في حجه فأتى به تاما حتى كان مبرورا.
الحادية والعشرون - "من" في قوله: { فَمَنْ تَعَجَّلَ } رفع بالابتداء، والخبر { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } ويجوز في غير القرآن فلا إثم عليهم، لأن معنى "من" جماعة، كما قال جل وعز: { مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } [4] وكذا { وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْه }. واللام من قوله: { لِمَنِ اتَّقَى } متعلقة بالغفران، التقدير المغفرة لمن اتقى، وهذا على تفسير ابن مسعود وعلي. قال قتادة: ذكر لنا أن ابن مسعود قال: إنما جعلت المغفرة لمن اتقى بعد انصرافه من الحج عن جميع المعاصي. وقال الأخفش: التقدير ذلك لمن اتقى. وقال بعضهم: لمن اتقى يعني قتل الصيد في الإحرام وفي الحرم. وقيل التقدير الإباحة لمن اتقى، روي هذا عن ابن عمر. وقيل: السلامة لمن اتقى. وقيل: هي متعلقة بالذكر الذي في قوله تعالى: { وَاذْكُرُوا } أي الذكر لمن اتقى. وقرأ سالم بن عبدالله { فَلا إِثْمَ عَلَيْه } بوصل الألف تخفيفا، والعرب قد تستعمله. قال الشاعر:
إن لم أقاتل فالبسوني برقعا
ثم أمر الله تعالى بالتقوى وذكر بالحشر والوقوف.
ــــــــــ
الجامع لأحكام القرآن













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 09-09-2017, 09:27 AM   رقم المشاركة : 45
أديب وناقد
 
الصورة الرمزية عوض بديوي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عوض بديوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

القول في قوله تعالى :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) ( 35 ) الأحزاب
يقول - تعالى ذكره - : إن المتذللين لله بالطاعة والمتذللات ، والمصدقين والمصدقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أتاهم به من عند الله ، والقانتين والقانتات لله ، والمطيعين لله والمطيعات له فيما أمرهم ونهاهم ، والصادقين لله فيما عاهدوه عليه والصادقات فيه ، والصابرين لله في البأساء والضراء على الثبات على دينه وحين البأس والصابرات ، والخاشعة قلوبهم لله وجلا منه ومن عقابه [ ص: 269 ] والخاشعات ، والمتصدقين والمتصدقات وهم المؤدون حقوق الله من أموالهم والمؤديات ، والصائمين شهر رمضان الذي فرض الله صومه عليهم والصائمات ذلك ، والحافظين فروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم والحافظات ذلك إلا على أزواجهن إن كن حرائر أو من ملكهن إن كن إماء ، والذاكرين الله بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم والذاكرات ، كذلك أعد الله لهم مغفرة لذنوبهم ، وأجرا عظيما : يعني ثوابا في الآخرة على ذلك من أعمالهم عظيما ، وذلك الجنة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : دخل نساء على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلن : قد ذكركن الله في القرآن ، ولم نذكر بشيء ، أما فينا ما يذكر ؟ فأنزل الله تبارك وتعالى ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات ) : أي : المطيعين والمطيعات ، ( والخاشعين والخاشعات ) أي : الخائفين والخائفات ( أعد الله لهم مغفرة ) لذنوبهم ( وأجرا عظيما ) في الجنة .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وأجرا عظيما ) قال : الجنة ، وفي قوله ( والقانتين والقانتات ) قال : المطيعين والمطيعات .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن عامر قال : القانتات : المطيعات .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مؤمل قال : سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : قالت أم سلمة : يا رسول الله يذكر الرجال ولا نذكر ؛ فنزلت ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ) .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا أبو معاوية ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب حدثه أن أم سلمة قالت : قلت : [ص: 270 ] يا رسول الله أيذكر الرجال في كل شيء ولا نذكر ؟ فأنزل الله ( إن المسلمين والمسلمات ) الآية .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا سيار بن مظاهر العنزي قال : ثنا أبو كدينة يحيى بن مهلب ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - : ماله يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات ؟ فأنزل الله ( إن المسلمين والمسلمات ) الآية .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهدقوله ( إن المسلمين والمسلمات ) قال : قالت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما للنساء لا يذكرن مع الرجال في الصلاح ؟ فأنزل الله هذه الآية .
حدثني محمد بن المعمر قال : ثنا أبو هشام قال : ثنا عبد الواحد قال : ثنا عثمان بن حكيم قال : ثنا عبد الرحمن بن شيبة قال : سمعت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول : قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال ؟ قالت : فلم يرعني ذات يوم ظهرا إلا نداؤه على المنبر وأنا أسرح رأسي ، فلففت شعري ثم خرجت إلى حجرة من حجرهن ، فجعلت سمعي عند الجريد ، فإذا هو يقول على المنبر : يا أيها الناس إن الله يقول في كتابه : ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ) إلى قوله ( أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ) .
رأيي أنا العبد لله : تأخير الذاكرين والذكرات لآخر الآية يشير إلى آخر الزمان ؛ حيث يندر ذكر الله في الأرض إلا من هذه الثلة القلية ، وعلى أياديهم يكتب الله فرج الأمة...والحديث يطول...والله تعالى أعلم ...
نسأل الله أن نكون منهم ...
اللهم آمين













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 10-06-2017, 08:27 AM   رقم المشاركة : 46
أديب وناقد
 
الصورة الرمزية عوض بديوي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عوض بديوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

{ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } الكهف 43 }
قوله تعالى { هنالك الولاية لله الحق} اختلف في العامل في قوله { هنالك} وهو ظرف؛ فقيل : العامل فيه { ولم تكن له فئة} ولا كان هنالك؛ أي ما نصر ولا انتصر هنالك، أي لما أصابه من العذاب. وقيل : تم الكلام عند قوله { منتصرا} . والعامل في قوله { هنالك} { الولاية} . وتقديره على التقديم والتأخير : الولاية لله الحق هنالك، أي في القيامة. وقرأ أبو عمرو والكسائي { الحق} بالرفع نعتا للولاية. وقرأ أهل المدينة وحمزة { الحق} بالخفض نعتا لله عز وجل، والتقدير : لله ذي الحق. قال الزجاج : ويجوز { الحق} بالنصب على المصدر والتوكيد؛ كما تقول : هذا لك حقا. وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي { الولاية} بكسر الواو، الباقون بفتحها، وهما بمعنى واحد كالرضاعة والرضاعة. وقيل : الولاية بالفتح من الموالاة؛ كقوله { الله ولي الذين آمنوا} [البقرة : 257]. { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا} [محمد : 11]. وبالكسر يعني السلطان والقدرة والإمارة؛ كقوله { والأمر يومئذ لله} [الانفطار : 19] أي له الملك والحكم يومئذ، أي لا يرد أمره إلى أحد؛ والملك في كل وقت لله ولكن تزول الدعاوي والتوهمات يوم القيامة. وقال أبو عبيد : إنها بفتح الواو للخالق، وبكسرها للمخلوق. { هو خير ثوابا} أي الله خير ثوابا في الدنيا والآخرة لمن آمن به، وليس ثم غير يرجى منه، ولكنه أراد في ظن الجهال؛ أي هو خير من يرجى. { وخير عقبا} قرأ عاصم والأعمش وحمزة ويحيى { عقبا} ساكنة القاف، الباقون بضمها، وهما بمعنى واحد؛ أي هو خير عافية لمن رجاه وآمن به. يقال : هذا عاقبة أمر فلان وعقباه وعقبه، أي آخر.

https://المصدر : https://www.alro7.net/ayaq.php?langg=arabic&aya=44&sourid=18












التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 10-06-2017, 02:28 PM   رقم المشاركة : 47
أديبة
 
الصورة الرمزية ليلى أمين





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ليلى أمين غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

جزاكم الله خير جزاء
سنكون هنا باستمرار












التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 10-28-2017, 05:44 AM   رقم المشاركة : 48
أديب وناقد
 
الصورة الرمزية عوض بديوي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عوض بديوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
{ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) } يسن
وقوله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) اختلف أهل التأويل في معنى الشغل الذي وصف الله جلّ ثناؤه أصحاب الجنة أنهم فيه يوم القيامة، فقال بعضهم: ذلك افتضاض العذارَى.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن حفص بن حميد، عن شَمِر بن عطية، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود، في قوله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) قال: شغلهم افتضاض العذارى .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) قال: افتضاض الأبكار .
حدثني عبيد بن أسباط بن محمد، قال: ثنا أبي، عن أبيه، &; 20-535 &; عن عكرمة، عن ابن عباس ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) قال: افتضاض الأبكار .
حدثني الحسن بن زُرَيْق الطُّهَوِي، قال: ثنا أسباط بن محمد، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله.
حدثني الحسين بن علي الصُّدائي، قال: ثنا أبو النضر، عن الأشجعي، عن وائل بن داود، عن سعيد بن المسيب، في قوله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) قال: في افتضاض العذارى وقال آخرون: بل عُنِي بذلك: أنهم في نعمة .
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ ) قال: في نعمة .
حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا مروان، عن جويبر، عن أبي سهل، عن الحسن، في قول الله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) .. الآية، قال: شغلهم النعيم عما فيه أهل النار من العذاب .
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهم في شغل عما فيه أهل النار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا نصر بن عليّ الجَهْضَمِيّ، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن أبان بن تغلب، عن إسماعيل بن أبي خالد ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) ... الآية، قال: في شغل عما يلقى أهلُ النار .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال كما قال الله جلّ ثناؤه ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) وهم أهلها( فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) بنعم تأتيهم في شغل، وذلك الشغل الذي هم فيه نعمة، وافتضاض أبكار، ولهو ولذة، وشغل عما يلقى أهل النار.
وقد اختلفت القراء في قراءة قوله ( فِي شُغُلٍ ) فقرأت ذلك عامة قراء المدينة وبعض البصريين على اختلاف عنه: (فِي شُغْلٍ) بضم الشين وتسكين &; 20-536 &; الغين. وقد رُوي عن أبي عمرو الضم في الشين والتسكين في الغين، والفتح في الشين والغين جميعًا في شغل.وقرأ ذلك بعض أهل المدينة والبصرة وعامة قراء أهل الكوفة ( فِي شُغُلٍ ) بضم الشين والغين.
والصواب في ذلك عندي قراءته بضم الشين والغين، أو بضم الشين وسكون الغين، بأي ذلك قرأه القارئ فهو مصيب، لأن ذلك هو القراءة المعروفة في قراء الأمصار مع تقارب معنييهما. وأما قراءته بفتع الشين والغين، فغير جائزة عندي، لإجماع الحجة من القراء على خلافها.
واختلفوا أيضًا في قراءة قوله ( فَاكِهُونَ ) فقرأت ذلك عامة قراء الأمصار ( فَاكِهُونَ ) بالألف. وذُكر عن أبي جعفر القارئ أنه كان يقرؤه: (فَكِهُونَ) بغير ألف.
والصواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأه بالألف، لأن ذلك هو القراءة المعروفة.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: فَرِحون.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) يقول: فرحون .
وقال آخرون: معناه: عجبون.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( فَاكِهُونَ ) قال: عجبون .
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فَكِهُونَ) قال: عَجِبون .
واختلف أهل العلم بكلام العرب في ذلك، فقال بعض البصريين: منهم الفكه الذي يتفكَّه. وقال: تقول العرب للرجل الذي يتفكَّه بالطعام أو بالفاكهة، أو بأعراض الناس: إن فلانا لفكِه بأعراض الناس، قال: ومن قرأها( فَاكِهُونَ ) جعله كثير الفواكه صاحب فاكهة، واستشهد لقوله ذلك ببيت الحُطَيئة:
وَدَعَـــوْتَنِي وَزَعَمْـــتَ أنَّــكَ
لابــــنٌ بـــالصَّيْفِ تـــامِرْ (1)
أي عنده لبن كثير، وتمر كثير، وكذلك عاسل، ولاحم، وشاحم. وقال بعض الكوفيين: ذلك بمنـزلة حاذرون وحذرون، وهذا القول الثاني أشبه بالكلمة.
------------------------
الهوامش:
(1) البيت للحطيئة، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (مصورة الجامعة ص 207 - 1) قال في تفسير قوله تعالى: (في شغل فاكهون): الفكه الذي يتفكه، تقول العرب للرجل إذا كان يتفكه بالطعام أو الفاكهة أو بأعراض الناس: إن فلانا لفكه بأعراض الناس. ومن قرأها "فاكهون": جعلها كثير الفواكه ، صاحب فاكهة؛ قال الحطيئة: "ودعوتني ..." البيت، أي عنده لبن كثير، وتمر كثير. فكذلك عاسل، ولاحم، وشاحم. ا . هـ. وفي (اللسان: فكه): رجل فكه: يأكل الفاكهة، وفاكه: عنده فاكهة. وكلاهما على النسب. أبو معاذ النحوي: الفاكه: الذي كثرت فاكهته. والفكه: الذي ينال من أعراض الناس. اهـ. وفي معاني القرآن للفراء (مصورة الجامعة ص 270): وقوله "فاكهون" بالألف، وتقرأ "فكهون" . وهي بمنزلة "حذرون" "وحاذرون". وهي في قراءة عبد الله: "فاكهين" بالألف. وقد نقله عنه المؤلف، ورجحه.
_______
المصدر : https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a36-aya55.html













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 11-01-2017, 01:01 PM   رقم المشاركة : 49
عضو هيئة النبع
 
الصورة الرمزية ناظم الصرخي






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ناظم الصرخي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 حنـــــــو
0 تاجُ اللغاتِ
0 نتاجي الجديد

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

بسم الله الرحمن الرحيم
(وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ، فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ{31يوسف
صدق الله العظيم

أحسنت دكتورنا العزيز وجزاك الله خيرًا وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك
تقديري
وأزكى تحياتي













التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 11-04-2017, 09:09 AM   رقم المشاركة : 50
أديب وناقد
 
الصورة الرمزية عوض بديوي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عوض بديوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
( ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) (49)الدخان
ثم يقال له : ( ذق ) هذا العذاب ( إنك ) قرأ الكسائي " أنك " بفتح الألف ، أي لأنك كنت تقول : أنا العزيز ، وقرأ الآخرون بكسرها على الابتداء ( إنك أنت العزيز الكريم ) عند قومك بزعمك ، وذلك أن أبا جهل كان يقول : أنا أعز أهل الوادي وأكرمهم ، فيقول له هذا خزنة النار ، على طريق الاستحقار والتوبيخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفسير البغوي













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
آية وتفسير... قيس النزال القرآن الكريم والسنة النبوية, لا تكن إلا في الجنة،عن الساعة 8 06-26-2016 03:01 PM
حديث الرسول الكريم وما يحدث اليوم رياض محمد سليم حلايقه القرآن الكريم والسنة النبوية, لا تكن إلا في الجنة،عن الساعة 2 04-05-2016 04:00 PM
خمسة احجار كريمة من أجل حياة كريمة شروق العوفير نبع عام 8 07-11-2012 04:03 PM
أحجار كريمة فتحية الحمد المقال 2 12-10-2010 12:58 PM


الساعة الآن 11:52 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::