حكم قول بالرفاء والبنين للعروس
وما هو البديل عن هذه التهنئة الجاهلية
1 - ما معنى بالرفاء ؟
قال ابن الأثير : الرفاء الالتئام والاتفاق والبركة والنماء وهو من قولهم : رفأت الثوب رفأ ورفوته ورفوا .ا.هـ.
وقال السندي في حاشيته على سنن ابن ماجة :
الرفاء : بكسر الراء والمد قال الخطابي: كان من عادتهم أن يقولوا بالرفاء والبنين والرفاء من الرفو يجيء بمعنيين :
أحدهما : التسكين يقال : رفوت الرجل إذا سكنت ما به من روع .
والثاني أن يكون بمعنى الموافقة والالتئام ومنه رفوت الثوب .
والباء متعلقة بمحذوف دل عليه المعنى أي أعرست، ذكره الزمخشري .ا.هـ.
2 - النهي عن قول بالرفاء والبنين :
لقد استبدلت الشريعة عبارة \" بالرفاء والبنين \" في التهنئة بالزواج بعبارة أخرى سيأتي ذكرها .
وقد ذكر عدد من العلماء عدم مشروعية هذه التهنئة الجاهلية .
- بوب الإمام البخاري في صحيحه في كتاب النكاح : باب كيف يدعى للمتزوج .
وذكر فيه حديث تزويج عبد الرحمن بن عوف .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
قوله ( باب كيف يدعى للمتزوج ) : ذكر فيه قصة تزويج عبد الرحمن بن عوف مختصرة من طريق ثابت عن أنس وفيه \" قال بارك الله لك \" . قال ابن بطال : إنما أراد بهذا الباب والله أعلم رد قول العامة عند العرس بالرفاء والبنين فكأنه أشار إلى تضعيفه .ا.ه
- وقال الإمام النووي في كتاب الأذكار : فصل : ويُكره أن يُقال له بالرَّفاء والبنين
وقال أيضا في الأذكار : فصل : يُكره أن يُقال للمتزوّج : بالرِّفاءِ والبنينَ ، وإنما يُقال له: باركَ اللّه لك وباركَ عليك .
3 - ما العلة في النهي عن هذه التهنئة الجاهلية ؟
ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح علة النهي فقال : واختلف في علة النهي عن ذلك ؛
فقيل : لأنه لا حمد فيه ولا ثناء ولا ذكر لله .
وقيل لما فيه من الإشارة إلى بغض البنات لتخصيص البنين بالذكر .ا.هـ.
ولا مانع أن تكون العلة للأمرين معا .
فقول : بالرفاء والبنين ليس فيه دعاء . وأيضا هو من أعمال الجاهلية .
والمتتبع لأحوال الجاهلية من خلال نصوص الكتاب والسنة يعلم مدى كراهية أهل الجاهلية للبنات ومن نصوص القرآن ما يلي :
قال تعالى :" وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ " [ النحل : 58]
بل من شدة بغضهم للبنات أنهم جعلوا الملائكة بنات الله قال تعالى : " أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا " [الأسراء : 40]
قال ابن كثير في التفسير :" واتخذ من الملائكة إناثا " أي واختار لنفسه على زعمكم البنات ثم شدد الإنكار عليهم فقال :" إنكم لتقولون قولا عظيما " أي في زعمكم أن لله ولدا ثم جعلكم ولده الإناث التي تأنفون أن يكن لكم وربما قتلتموهن بالوأد فتلك إذا قسمة ضيزى .ا.هـ.
وقال المناوي في فيض القدير : وكانت عادة العرب إذا تزوج أحدهم قالوا له بالرفاء والبنين فنهى عن ذلك وأبدله بالدعاء المذكور .ا.هـ.
4 - ما يشرع قوله عند التهنئة بالزواج :
جاءت نصوص السنة مبينة المشروع من الدعاء عند التهنئة بالزواج ومن هذه الأحاديث :
- الدعاء بالبركة :
عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة قال : ما هذا ؟ قال : إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب ، قال : بارك الله لك أولم ولو بشاة . رواه البخاري وغيره .
عن أَبي هُرَيْرَةَ : " أَنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا رَفّأَ الاْنْسَانَ إذَا تَزَوّجَ قالَ : بَارَكَ الله لَكَ ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ " . رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه . وقال الترمذي: حسن صحيح .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
وقوله :" رفأ " بفتح الراء وتشديد الفاء مهموز معناه دعا له في موضع قولهم بالرفاء والبنين ، وكانت كلمة تقولها أهل الجاهلية فورد النهي عنها .ا.هـ..
- الدعاء بقول : على الخير والبركة وعلى خير طائر :
عائشة رضي الله عنها قالت : تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج فوعكت فتمرق شعري فوفى جميمة فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن : على الخير والبركة وعلى خير طائر فأسلمتني إليهن فأصلحن من شأني فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سني . رواه البخاري .
فوفى : أي كثر .
جميمة : بالجيم مصغر الجمة بالضم وهي مجتمع شعر الناصية ويقال للشعر إذا سقط عن المنكبين جمة وإذا كان إلى شحمة الأذنين وفرة .
أنهج : أي أتنفس تنفسا عاليا .
على خير طائر : أي على خير حظ ونصيب .
وبوب عليه البخاري في كتاب النكاح بقوله : باب الدعاء للنساء اللاتي يهدين العروس وللعروس
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
وأما قوله : " وللعروس " فهو اسم للزوجين عند أول اجتماعهما يشمل الرجل والمرأة وهو داخل في قول النسوة على الخير والبركة فإن ذلك يشمل المرأة وزوجها .ا.هـ.. .