تشيع بيننا كلمة "فذلكة" واشتقاقاتها في العامية بالزاي "فزلكة"، وتنتشر دالة على الغرور، فنقول في عاميتنا: "هو بيتفزلك علينا ولا إيه"، و"ده واد فزلوك"، و... إلخ.
لكن وضعها في اللغة مختلف.
كيف؟
هي نحت أي مركبة من أكثر من كلمة، وليست كلمة وضعتها العرب، وهي تدل على خلاصة الأمر، ويأتي ذكرها بعد تفصيل سابق لتجمله.
كيف؟
هيا معا في هذه الرحلة اللغوية!
1- "تاج العروس من جواهر القاموس" للزبيدي
ف ذ ل ك فَذْلَكَ حِسابَه فَذْلَكَةً، أَهْمَلَه الجَوْهرِيُّ، وصاحِبُ اللِّسانِ، وقال الصّاغاني: أي أَنْهاهُ وفَرَغَ منه قالَ: وهي كَلِمَةٌ مُخْتَرَعَةٌ من قُولِه أي: الحاسِبِ إِذا أَجْمَلَ حِسابَه: فذلِكَ كذا وكَذَا عدَداً، وكَذا وِكَذا قَفِيزاً، وهي مِثْلُ قولِهم: فَهْرَسَ الأبْوابَ فَهْرَسَةً، إِلا أَنَّ فَذْلَكَ ضارِبٌ بعِرق في العَرَبيَّة، وفَهْرَسَ مُعَرَّبٌ. إِذا عَلِمْتَ ذلك فاعْلَم أَنَّ تَعَقُّبَ الخَفاجِيِّ على المُصَنّفِ في غَيرِ مَحَلّهِ على ما نَقَلَه شَيخُنا، قال في العِنايَةِ أَثْناءَ فصِّلَت: الفَذْلَكَة: جُمْلَةُ عَدَد قد فُصِّلَ.
وقولُ القامُوس: فذْلَكَ حِسابَه: أَنْهاهُ لا يُعْتَمَد عليه لمُخالَفَتِه للاستِعْمال في كلامِ الثِّقاتِ، كما لا يَخْفي على مَنْ له إِلْمام بالعَرَبيَّةِ والآدابِ. قال: مع أَنَّ مُرادَه ما ذَكَرناه لكن في تَعْبِير نوعُ قُصورٍ، قال شيخُنا: قلت: رُّبما دَل على خِلافِ المُرادِ كما يَظْهَر بالتأَمُّلِ. قلتُ: والأَمْر كما ذَكَرَه شيخُنا، وليسَ على تَعبير المُصَنّفِ غُبارٌ، وهو بعيِنه نَصُّ الصّاغانيِّ الذي اسْتَدْرَكَ هذه الكلمةَ على الجَماعةِ، ومن أَتَى بَعْدَه، فإنّه أَخَذَها عنه، بَلْ قَوْلُ الخَفاجِيِّ: الفَذْلكًةُ: جُمْلَةُ عَدَد قد فُصِّلَ، تعبيرٌ آخَر أَحْدَثَه المُوَلَّدُون، فتأَمّل ذلك وأَنْصِفْ، واللَّهُ أَعلَمُ.
2- "معجم اللغة العربية المعاصرة" للدكتور أحمد مختار عمر
3717 - ف ذ ل ك
فذلكَ يفذلك، فذلكةً، فهو مُفذلِك، والمفعول مُفذلَك
• فذلك كلامَه: أجمل ما فصّله؛ وهو منحوت من (فذلك كذا وكذا) "فَذْلَكَ حسابًا/ مقالاً".
3- "تكملة المعاجم العربية" لرينهارت بيتر آن دُوزِي
فذلك:
• فذلك حسابه: منحوتة من "فذلك كذا وكذا" بمعنى أنهاه وفرغ منه (محيط المحيط، المقري 927:1).
فذلكة: مجمل، حاصل، خلاصة (محيط المحيط). وفي المقري (436:3): فذلكة الحسن. وفي كتاب الخطيب (ص66 ق): وأخوه أمير المسلمين فذلكة الحسب.
وتطلق فذلكة أيضا على الجماعة الخطيرة ذات الشأن؛ ففي تاريخ البربر (163:1): وكانوا لمكانتهم فاتحة الكتاب وفذلكة الجماعة.
4- "كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم" لمحمد بن علي ابن القاضي محمد حامد بن محمّد صابر الفاروقي الحنفي التهانوي
الفذلكة:
[في الانكليزية] Summary
[ في الفرنسية] Abrege،Sommaire
هي في كلام العلماء يراد بها إجمال ما فصّل أولا، كذا ذكر الخفاجي في حاشية البيضاوي. ويقال أيضا: إنّ الفذلكة بمعنى مجمل الكلام وخلاصته كما يفهم من كلام المولوي عبد الحكيم في حاشية الخيالي، وقد يراد بها النتيجة لما سبق من الكلام والتفريع عليه كقوله تعالى: "فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ". قال مولانا جدّي رحمه الله تعالى في حاشية البيضاوي على قوله: وهو فذلكة التقرير ... إلخ: يعني أنّ فذلكة الحساب كما تتفرّع على التفصيل السابق كذلك حكم الاعتداء متفرّع على قوله تعالى: "وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ" نتيجة له، وليس معناه أنّه إجمال لما تقدّم؛ إذ لا تفصيل فيما تقدم انتهى.
وفذلكة الحساب هي مجمل تفاصيله بأن يقال بعدها فذلك كذا. ومن فذلكة الحساب قوله تعالى: "تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ" بعد قوله "فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ". نصّ عليه في البيضاوي وحاشيته لمولانا عصام الدين. فالفذلكة مأخوذة من قولهم: فذلك كذا، كالبسملة والحمدلة. والله أعلم.