سارة محمد عيسى - تعتبر مرحلة الطفولة المبكرة وهي مرحلة ما قبل المدرسة، الأكثر أهمية في حياة الطفل، حيث إن نموه فيها يكون سريعاً وبخاصة النمو العقلي، وتشهد هذه المرحلة مجموعة من التغيرات كالاتزان الفسيولوجي والتحكم في عملية الإخراج وزيادة الميل إلى الحرية، ومحاولة التعرف إلى البيئة المحيطة، والنمو السريع في اللغة، واكتساب مهارات من الوالدين، وتكوين المفاهيم الاجتماعية.
ويستطيع الطفل في هذه المرحلة بصورة ما التمييز بين الصواب والخطأ والخير والشر، وبداية نمو الذات وازدياد وضوح الفوارق في الشخصية حتى تصبح واضحة المعالم في نهاية المرحلة و ينمو وعيه با لانفصال والاستقلالية، فلم يعد ذلك المخلوق الذي كان يحمل على الكتف، أو يحبو، وذلك يرتب على الاهل فهم التغيرات لايجاد الطرق والوسائل التربوية الصحيحة للتعامل مع مرحلة لها شأنها في حياة الطفل .
فالطفل , مهيء للمعرفة وللفهم, فهو ينجذب إلى الاتصال بالعالم المحيط ومكوناته لاستكشافه والتعرف إليه، فهو في هذه المرحلة يكتسب معلوماته عن العالم الخارجي عن طريق حواسه، وقد أثبتت البحوث أن الحواس تولد شعوراً باللذة عند الطفل أكبر مما تولده عند البالغ•
وان استطاعت الاسرة استثمار اسئلة الطفل في هذه المرحلة بأجابات منطقية وعلمية فانها تشكل لديه الاساس لبناء منظومته المعرفية لاحقا فالطفل في هذه المرحلة يستخدم الأسئلة والاستفسارات الموجهة للمحيطين به لمعرفة المزيد عن العالم الخارجي، حيث يكوِّن كل طفل لنفسه ما يُسمَّى ببنك المعلومات، فاللحاء المخي في هذه الفترة يكون في غاية الحساسية، وهذا يجعل من السهل تخزين المعلومات والخبرات ورموز الأشياء لاستخدامها في اكتساب الخبرات في المستقبل وتفسيرها والتعامل معها•
وتعتبر هذه المرحلة العمرية أسرع مراحل النمو اللغوي تحصيلاً وتعبيراً وفهماً، حيث ينزع التعبير اللغوي نحو الوضوح ودقة التعبير والفهم
الخارجي عن طريق حواسه، وقد أثبتت البحوث أن الحواس تولد شعوراً باللذة عند الطفل أكبر مما تولده عند البالغ•
وبحسب العالم النفسي «بلوم» فان 50% من النمو العقلي للطفل يتم بين ميلاده والعام الرابع من عمره، وفي هذه المرحلة يكتسب الطفل الكثير من المعلومات، وتتكون لديه المفاهيم المعرفية المختلفة التي تساعده على اللحاق بهذا الركب الهائل من المعلومات وخصوصاً أننا نعيش في عصر الانفجار المعرفي•
وتبعا لذلك ينصح اخصائيو علم النفس بضرورة تعريض الطفل في هذه المرحلة لأكبر قدر ممكن من المعلومات والمفاهيم المعرفية المختلفة بطريقة مبسَّطة وصحيحة لتسهل عليه عملية اكتسابها، ولتضمن له نمواً معرفياً سليماً، حيث إن تلقي الطفل في هذه المرحلة لأي معلومة خاطئة يصعب تغييرها لاحقاً ما يؤثر على ثقافة الطفل، كما أن حرمانه من التعرض لهذه المعلومات والمفاهيم في هذه المرحلة يؤثر سلباً على نموه المعرفي.