كل يوم يقطع جانبي ذلك الطريق ويذرعه جيئة وذهابا
يأتي باكرا محدقا يترقب ويبحث عن آثارالخطوات
يجلس , يتكيء, يتمدد
يستلقي على ظهره أو على أحد جانبيه
ثم يجلس , ثم يقف ويرخي سمعه لخطوات القادمين ويمد بصره لظل بعيد.
يردد اسماء الغائبين ويتلو لهم الدعوات
ويكرر تلك الاشياء طوال اليوم وكل يوم.
وفي وقت الغروب يعود إلى منزله بخيبة حنين ومعها بقية من أمل
,يقضي ليله محدثا نفسه عنهم وعن اسباب غيابهم ويدعو لهم
يتخيل عودتهم وماسيحملونه من حكايات وهدايا
وأشواق واحلام حققوها,
وكيف سيستقبلهم, وهل يُعبر عن فرحته بهم بطريقة
درامية أو رومنسية أو كوميدية , هل يستقبلهم بما يُعبر لهم عن لهفته وشوقه
أم يحاول أن يدعي اللامبالاة.
صوتٌ بداخله يقطع عليه خيالاته : "غازي" أيها الأحمق إلى متى وأنت على قارعة انتظارهم!
تمر الأيام وأنت لاتمل وتغير الناس وانصرفوا إلى اشغالهم وأنت مشغول بهم..
إلى متى؟!تكرر ذات الأسماء والأحداث والأحلام ولاأحد يعود,
إنه درب الغائبين هكذا كُتب عليه.
غازي: سيعودون يوماً.
الصوت: لن يعودوا.
غازي: لقد وعدوني.
الصوت: غائبٌ ارسل رسالته مُحملةٌ بقلة الوفاء لن يعود..وخيبة
غائبٌ عاد بقلب آخر وكأنه لم يعد وليته لم يعد ... وخيبة أخرى ..
غائبٌ ارسلوا نعية وابتلعته أرض الغربة ولن يعود... وخيبة...
غائبٌ يتناسى العودة ويبحث عن أعذار حتى يخفف من حنثه بوعده ويتحلل منه.. لن يعود.. وخيبة
إنهم لايعودون أبدا فحرر قلبك منهم .
غازي: لماذا تركوا لنا ذكريات ووعود لماذا لم يحملوا معهم كل شيء ؟!
الصوت: إن كنت على يقين بعودتهم ,افعل شيئا يستفز ذاكرتهم لك .
في اليوم التالي أحرق غازي اشياء تخص الغائبين
لعل الرياح تحمل إليهم رائحتها ورائحة الوعود,
احترقت الأشياء, صارت رماداً,
انطفأت
طارت, تفرقت
واختفت مثل أصحابها.
أحدهم قال لغازي ناصحا إياه:
لاتضع قدمك على ذلك الدرب فإن له فتنة.
لذلك كان غازي دائما يحوم حوله وعلى جانبيه ولايضع عليه قدميه
لكن هذه المرة شيء ما جذبه
وفي ذات غروب تجاهل "غازي" النصيحة وقفز إلى الطريق ومضى في ذلك الدرب كمن سبقه
وترك خلفه وعدا بالعودة
سيكون هناك من ينتظر على تلك القارعة كما فعل غازي .
*بقلمي*
لااستغني عن أرائكم وتوجيهاتكم
ودي ودعائي لكم.
|