كثيرة هي همومنا , تكبر كل حين وإن إنجلت فهي لحين معلوم طال أم قصر , تعاود نفسها في صورها وتركيزها لكنها في هذا التكرار خارج مقولة أن التاريخ يعيد نفسه , هموم سببها بات واحدا نطق به الجميع وإتفق عليه الكثيرون على كونها قدر ووعد مكتوب وهذا التعريف سليما إن تفحصنا الأمر من زاوية إيمانية مُسَلَّم بها لكن الغريب في عدم إعترافنا بهذا التقدير والتعريف إنها أي الهموم كان بالإمكان جعلها على على أقل مايمكن أي التقليل منها إن لم نقل عدم حدوثها أصلا , لتوافر الظروف والإمكانات المادية والإعتبارية التي إن تم إستغلالها على افضل مايكون لما بقي همٌ يرى ولم يتبقى إنسيُ مهموما , فلو قارنا بين واقعين وفي نفس الزمكان , بين واقع يمتلك إمكانات هائلة بعضها مخزون وبعض منها متوفر على السطح وواقع آخر ليس له تلك الإمكانات بتاتا لكننا نرى الواقع الثاني قد وصل إلى أعلى مراتب التحضر والتمدن وبوقت قياسي كبير عكس الواقع الأول الذي يمتلك مقومات النهوض لذرى عصرية ولحداثة التمدن فظل ثقل الهموم جاثما ولفترات طويلة على النفوس رغم تبدل مناخات وأجواء التحكم المتعارف عليها وإن كان هذا الحكم نسبيا وليس مطلقا حتى لانظلم ولا نُلام .والأمر هنا أيضا يتقارب واقعا مع مقولة غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع المعروفة لنا لكن هذا التقارب ليس كبيرا كون لاوجود للإنتاج وإن وُجِدَ فهو لاغراض لاتخدم العموم وإتجاهاته غير مخطط لها للعموم وإنما يكون لتحقيق غايات هي أشبه بالتناطحات التي هي خارج حدود الزمن المعاش . وإن وجدنا بعض الإنتاجات متوافرة فهي جميها دون إرباح مقارنة مع مثيلاتها في الواقع الثاني المشار إليه . وتبقى الهموم تعيش مع الوجود الحي كله حتى وصلت أن يموت النبات وأن يأكل كلب الحراسة أكياس النايلون التي تُرمى في النفايات . الهم ليس كما هو الغم كون الغم يمكن أن يفصح به من يكون به أما الهم فهو في عمق النفوس له ظواهر تنعكس على القدرات الطبيعية للمهموم وتنعكس على الصفات كذلك وتجلب ماهو مزمن من الأمراض إلى فئات عمرية المفهوم السائد طبيا أنها لاتمرض بهكذا امراض .فهو ليس كالغم إذ لايمكن البوح به دوما الهم معاناة كبيرة طبعت سمة الحزن دهورا على أناس يمشون على أرض معطاء تزخر بالغالي والنفيس .و بقيت حتى أغانيهم لاتكون مهما كان لونها ونوعها لاتكون مستساغة إن لم تعتريها نبرات الحزن .
هموم مستديمة وللمقال بقيات