آخر 10 مشاركات
الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )           »          خطاب فلسطيني (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الزمان > اختيارات أدبية > اختيارات متنوعة من الفنون الأدبية وأدب الحضارات القديمة

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 06-05-2014, 06:17 PM   رقم المشاركة : 1
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي من روائع جبران خليل جبران

من روائع ميخائيل نُعيمة

أخي

أخي ! إنْ ضَجَّ بعدَ الحربِ غَرْبِيٌّ بأعمالِهْ
وقَدَّسَ ذِكْرَ مَنْ ماتوا وعَظَّمَ بَطْشَ أبطالِهْ
فلا تهزجْ لمن سادوا ولا تشمتْ بِمَنْ دَانَا
بل اركعْ صامتاً مثلي بقلبٍ خاشِعٍ دامٍ
لنبكي حَظَّ موتانا
***
أخي ! إنْ عادَ بعدَ الحربِ جُنديٌّ لأوطانِهْ
وألقى جسمَهُ المنهوكَ في أحضانِ خِلاّنِهْ
فلا تطلبْ إذا ما عُدْتَ للأوطانِ خلاّنَا
لأنَّ الجوعَ لم يتركْ لنا صَحْبَاً نناجيهم
سوى أشْبَاح مَوْتَانا
***
أخي ! إنْ عادَ يحرث أرضَهُ الفَلاّحُ أو يزرَعْ
ويبني بعدَ طُولِ الهَجْرِ كُوخَاً هَدَّهُ المِدْفَعْ
فقد جَفَّتْ سَوَاقِينا وَهَدَّ الذّلُّ مَأْوَانا
ولم يتركْ لنا الأعداءُ غَرْسَاً في أراضِينا
سوى أجْيَاف مَوْتَانا
***
أخي ! قد تَمَّ ما لو لم نَشَأْهُ نَحْنُ مَا تَمَّا
وقد عَمَّ البلاءُ ولو أَرَدْنَا نَحْنُ مَا عَمَّا
فلا تندبْ فأُذْن الغير ِ لا تُصْغِي لِشَكْوَانَا
بل اتبعني لنحفر خندقاً بالرفْشِ والمِعْوَل
نواري فيه مَوْتَانَا
***
أخي ! مَنْ نحنُ ؟ لا وَطَنٌ ولا أَهْلٌ ولا جَارُ
إذا نِمْنَا ، إذا قُمْنَا رِدَانَا الخِزْيُ والعَارُ
لقد خَمَّتْ بنا الدنيا كما خَمَّتْ بِمَوْتَانَا
فهات الرّفْشَ وأتبعني لنحفر خندقاً آخَر
نُوَارِي فيه أَحَيَانَا

ميخائيل نعيمة







  رد مع اقتباس
قديم 06-05-2014, 07:24 PM   رقم المشاركة : 2
أديبة
 
الصورة الرمزية ليلى أمين





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ليلى أمين غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من روائع جبران خليل جبران

حتى هذه وتكثرها على الرجل
القصيدة يا أخي لميخائيل نعيمة
وهنا تكون مناقضا لما قلته عن أدب ميخائيل نعيمة
وها أنت تعتبر أدبه من الروائع
هل لانّك اعتقدت أنّ القصيدة لجبران خليل جبران؟
فعلا القصيدة من الروائع ولكنّها للعملاق ميخائيل نعيمة وهنا أظنني أعطيتك الحجة والبرهان
ربما ترد علي بأنّك تقصد النهر المتجمد
ولكن ألا تشفع له عندك هذه الرائعة






  رد مع اقتباس
قديم 06-05-2014, 08:37 PM   رقم المشاركة : 3
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: من روائع جبران خليل جبران

الأستاذة ليلى

اقتباس
حتى هذه وتكثرها على الرجل
القصيدة يا أخي لميخائيل نعيمة
وهنا تكون مناقضا لما قلته عن أدب ميخائيل نعيمة
وها أنت تعتبر أدبه من الروائع
هل لانّك اعتقدت أنّ القصيدة لجبران خليل جبران؟


أنا لستُ مناقضاً في كل ما قلته. لقد قلتُ في ردي على حوارك عن ميخائل نعيمة ما يلي :


" كما ذكرتُ لك آنفاً اعتبر ميخائيل نعيمة من كبار أدباء العربية في المهجر ، وقد أشدتُ بأدبه في الحوار السابق وخاصة بكتابه " الغربال ومن إبداعه في هذا الكتاب جعلني أعيد قراءته أكثر من مرة. وبروعة أسلوبه في كتابيه " جبران خليل جبران. و السبعون "
فلا داعي أديبتنا ليلى لهذا التكرارالممل، وأقول أن قصيدة " النهرالمتجمد " ليست في مستوى الأديب الكبير ميخائيل نعيمة، ليته راجعها وأعاد تنقيحها كما يفعل كبار الشعراء."

هل بعد هذا أني أقلل من قيمة الرجل ؟؟؟

حقيقة أنا تعمدت هذا الخطأ وقلت أنها لجبران، لأنني متأكد أنك ستنتهزين هذه الفرصة وتردين علي ، طالما رديتٍِ علي هل حان
الوقت أن تعودي لحوارنا ؟؟؟
ونجعل الحوار حوارين ?
بعد أن تأكدت من ذلك صححت القصيدة تحت عنوان " ميخائيل نُعيمة "







  رد مع اقتباس
قديم 06-05-2014, 10:27 PM   رقم المشاركة : 4
أديبة
 
الصورة الرمزية ليلى أمين





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ليلى أمين غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من روائع جبران خليل جبران

هل تصدّق سيدي الكريم أنني كنت متأكدة من أنّك تعرف صاحب القصيدة الحقيقي وتعمدت الخطألأنني أعرف أيضا إلمامك الواسع بالادب المهجري
وقد صدقت حين ذكّرتني بمدحك لميخائيل وفعلا هذا ما حدث ولا أنكر ذلك
مشكلتك فقط مع النهر المتجمد هههههههه
شكرا لإختيارك هذه الرائعة
بالامس فقط كنت أمرّ على بعض الشروحات للقصيدة ووقفت عند شر ح الاستاذ محمد مندور من مصروبالصدفة وجدتك نشرتها
تحياتي يا رفيق حرفي






  رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 12:17 AM   رقم المشاركة : 5
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: من روائع جبران خليل جبران

أديبتنا الأستاذة ليلى

أولاً أعذريني إذا كان كلامي قاسياً أو غير لائق. ، وتأسفت كثيراً لكل ما قلته
.
اقتباس
بالامس فقط كنت أمرّ على بعض الشروحات للقصيدة ووقفت عند شر ح الاستاذ محمد مندور
من مصروبالصدفة وجدتك نشرتها

أنا لم اقرأ للدكتور محمد مندور أي شيء عن شعراء المهجر ولا عن هذه القصيدة.
على كل أكرر أسفي والعفو منك.
مع أطيب أمنياتي


إشارة إلى ما قلته أعلاه سيدتي ليلى أنا أرحب بهذا الحوار الراقي معك
متى ما اتاحت لك الفرصة بعد اختباراتك لتلاميذك في الجامعة سوف نكمل الحوار، وسنختار موضوعاً جديداً وهكذا.







  رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 02:53 AM   رقم المشاركة : 6
أديبة
 
الصورة الرمزية ليلى أمين





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ليلى أمين غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: من روائع جبران خليل جبران

شرح منقول عن الأستاذ : محمد مندور من مصر






دعنا ننظر في >أخي< قصيدة ميخائيل نعيمه، فعنده سنجد ما نريد، كنوزاً لا مثيل لها في لغتنا، كنوزاً تثبت في المقارنة لأروع شعر أوربي•
قصيدة وطنية قيلت في أواخر الحرب الماضية أو بعدها، فهي إذن مما نُسميه أدب الملابسات الذي كثيراً ما نتناقش في إمكان اعتباره أدباً خالداً أم لا، وفي فنائه بانقضاء ظروفه أم بقائه بعدها، بل في طبيعة هذا البقاء أهو على نحو ما تبقى الوثائق التاريخية مغبرة في دار المحفوظات أم كأدب دائم الحياة دائم الهز للنفوس؟أخي؟ إنْ ضج ّبعد الحرب غربيٌ بأعمالهوقدَّس ذكر من ماتوا وعظم بطش أبطالهفلا تهرج لمن سادوا ولا تشمت بمن دانابل اركع صامتاً مثلي بقلب خاشع دام لنبكي حظ موتانانفَسٌ مرسل وموسيقي متصلة، فالمقطوعة وحدة تمهد لخاتمتها، وفي هذا ما يشبع النفس
ألا ترى كيف يعدك للصورة التي يدعوك إلى مشاركته فيها! إذا ضج الغربي بأعماله وقدس موتاه وعظم أبطاله، فلا تهزج للمنتصر، ولاتشمت بالمنهزم، لأنه لا فضل لك في هذا ولا ذاك، وما أنت بشيء، وأنت أحق بأن تحزن، وأجدر بأن يخشع قلبك فتركع صامتاً لتبكي موتاك، أية ألفة في الجو، وأية قوة في إعداده؟>أخي!< فأنا إذن شريكه في الإنسانية، وأنا قريب منه وهو قريب مني، ومتى قربت استطاع أن يهمس لأنني سأسمعه، وسيُشجيني صوته الرقيق القوي المباشر، وهو ينقل إليّ قوة إحساسه بفضل قدرته على اختيار اللفظ الذي يستنفد الإحساس >إنْ ضج غربي بأعماله< والضجيج لفظ بالغ القوة لجرس حروفه وقوة إيحائه، وهو يضج >بأعماله< لا >بالمبالغات الكاذبة<• الغربي
يقدس ذكر من ماتوا< وهذه ألفاظ لينة جميلة مؤثرة غنية• فيها قدسية الدين، فيها نبل الوفاء، فيها جلال الموت•
مشاعر شتى تجمع إلى النفس ثروة رائعة• وهو >يعظم بطش أبطاله<• أي قوة في تتابع هذه الحروف المطبقة ظاء ثم طاء وطاء• أعد هذه الجملة على سمعك ثم انصت إلى قوتها التي تملأ فمك، كما تملأ الأذن• ثم إن التعظيم غير التحية أو التبجيل، والبطش غير الشجاعة أو الإقدام• البطش شيء يصعق وهو يدعوني إلى >ألا أهزج لمن سادوا< والهزج غير الفرح، إنّ الهزج غناء، والسيادة لفظ حبيب إلى النفس وكأنّه مثال تهفو إليه، ولهذا فهو يحركها وله فيها أصداء مدوية >ولا تشمت بمن دانا< والشماتة شعور خسيس تركز في هذا اللفظ لكثرة مروره بنفوسنا جميعا، لفظ يحمل شحنة من الإحساس• وما أحقرها شماتة تلك التي نستشعرها لمن دان! نعم ما أحقر أن نشمت من جثة هامدة! بل مالي أضعف من قوة الشاعر وفي قوله: >من دانا< ما يثيرني فوق ما تثيرني الجثث والأشلاء؟ لأن >من دانا< قد ذل والذل أشق على النفس من الموت، والموت كرامة إذ لم يكن بدّ من الهوان•ليس لي إذن أن أهزج لمن ساد، أو أن أشمت بمن دان، وإنما عليّ أن أركع مثل الشاعر، صامتاً بقلب خاشعٍ دامٍ لنبكي حظ موتانا• وهذه نغمات دينية• ونحن بشر تستطيع أقلامنا أو ألسنتنا أو عقولنا أن تهذي كما تشاء، وأما قلوبنا فمؤمنة، واللهفة إلى الله لا تكاد تُفارقنا حتى نعود إليها، وبخاصة إذا قست علينا الحياة أو قسونا نحن على أنفسنا• وها نحن اليوم يقودنا الألم إلى كنف الله•
الغربي يقدس ذكر موتاه ويعظم بطش أبطاله، فمالي أنا أهزج لمن ساد وأشمت بمن دان وما أنا بشيء؟ وإنه لعزيز على كل نفس ألا تكون شيئاً، وما أخلقني عندئذ أن ألتمس رحمة ربي أنا وأخي الذي يجمعني به الألم الإنساني المشترك، ذلك الذي لا يعرف وطناً ولا قومية• ونحن سنركع صامتين، خاشعة قلوبنا الدامية• أنصت إلى كل هذه الكلمات! أنصت إليها واستشعر جلالها، استشعره بقلبك ثم تصور الصورة وما فيها من جمال التصوف ورهبة الدين ونبل الخشوع الصامت الدامى• سنركع صامتين، لأن الله سيعمر قلوبنا، وقد خلت إلاّ منه• صامتين، لأن خشوع الموت سيملؤنا رهبة وهو بعد موت قد حرّم حتى العزاء• موت يدمي القلوب ويعقد اللسان؛ لأن إخواننا لم يصيبوا مجداً ولا رفعوا للوطن ذكراً• الموت محنة فكيف به إذا لم يخلف عزاء؟ كيف به إذا لم يرفع من قلب أو يخلد أثراً؟ تعاليى إذن نبكِ حظ موتانا• حظهم المؤلم التعس المحزن•هذا هو الشعر الذي لا أعرف كيف أصفه؟، فيه غنى صادر عما تحمل الألفاظ من إحساسات دقيقة صادقة قريبة من نفوسنا، أليفة إليها، إحساسات ركزناها منذ أجيال•
عزة الغربي المجاهد الشجاع اليقظ، ثم ألمنا وقد أصبحنا لا نجد أمامنا سوى الركوع خاشعين والبكاء في صمت على إخواننا المهدرين• وتتراوح المشاعر المختلفة فتزداد قوة• أو لا ترى كيف أن ضجيج الغربي بأعماله وتقديسه لذكر موتاه وتعظيمه لبطش أبطاله قد زاد من حزننا مرارة؟ وأخيراً فيه الموسيقى: الشعر من >بحر الوافر< ولكنه متّصل باتصال الإحساس حتى لا أكاد أرى فيه ذلك الإيقاع الذي يفسد الكثير من موسيقى شعرنا عندما تستقل الأبيات: موسيقاه مما يسميه الأوربيون ترنيما وفي هذا ما يماشي الحزن المتصل والألم الخشوع :
أخي•• إنْ عاد بعد الحرب جنديٌ لأوطانهوألقى جسمه المنهوك في أحضان خلاّنهفلا تطلب إذا ما عدت للأوطان خلانالأن الجوع لم يترك لنا صحبا نناجيهم سوى أشباح موتاناوها نحن من جديد أنا وأخي، نشهد الجندي يعود إلى أوطانه، ومن اغترب يعرف معنى هذه العودة، فما بالك إذا كانت عودة تستنقذك من مخالب الموت؟ والجندي يعود مكللاً بعزة النصر، فيلقي جسمه >المنهوك< في >أحضان خلانه< لست أدرى ما مصدر التأثير في البيت، أهو في هذه المدَّات الثلاث: >منهوك - أحضان - خلان< التي توحي بالتأسي والراحة والحنان، أم هو في إلقاء المنهوك جسمه بين أحضان خلانه؟ جسم منهوك >يلقى< بين الأحضان، أي صدق في العبارة؟ وأي صدق في التأثير؟ ثم أي تجسيم للصورة التي نكاد نراها؟ وأما نحن فسنعود من الحرب منهوكين، كما يعود كل الجند، ولكننا لن نلقى خلانا تتلقانا أحضانهم، وأنَّى لنا بهم والجوع لم يترك لنا صحباً نناجيهم سوى أشباح موتانا؟ أبعد هذا نختلف في حقيقة الشعر، ونروح نهذي بفحولة العبارة وجدّة المعنى، واشراق الديباجة؟ أبعد هذا نتخبّط في معنى الأدب، فيذهب البعض إلى أنه الحثّ على مكارم الأخلاق والعدل الاجتماعي واصلاح النظم؟؟ ودع عنك ما في قوله >ثم ما لو لم< فهذه أربعة مقاطع أو خمسة مقاطع متلاحقة ومنفصلة تكثر فيها الميمات؛ لذا فهي صعبة النطق في انسجام، ثم انظر فيما دون ذلك >فالبلاء قد عم<، ألفاظ قوية تعبّر عن إحساس قوي•
وما ينبغي لنا أن نندب وإلاّ أضفنا الحمق إلى الألم، ومتى أنصتتْ أذن الغير إلى شكوى الناس، وبخاصة إذا كان هؤلاء الناس ممن لا يهمهم أمرنا؟ وإذن فليس لي إلاّ أنْ آخذ الرفش والمعول، وأن أتبع أخي الذي يدعوني في أسى إلى أن نواري موتانا• من منا لا يرى هذه الصورة المحزنة؟ من منا لا يحس بدعوة الأخ لأخيه، كي يتبعه وقد سار إلى الجثث الملقاة في العراء في خطى متثاقلة، معوله على كتفه وأخوه من خلفه واجم النفس حزين الفؤاد؟والشاعر لا يكتفي بالأموات بل يهم بضم الأحياء إليهم، وقد تهيأ الجو وحميت الأنفاس فإذا به في القمة، وتأتي القصيدة وحدة موسيقية نفسية تنتظم مقطوعات موحدة لا يزال بعضها يكمل بعضاً، وتنمو بنمو الإحساس المتصاعد إلى الأشباح حتى تستقر نفس الشاعر:أخي! من نحن• لا وطنٌ ولا أهلٌ ولاجارُإذا نمنا، إذا قمنا، ردانا الخزيُ والعارُلقد خمَّتْ بنا الدنيا كما خمّتْ بموتان ا
فهات الرفشَ واتبعْني لنحفر خندقاً آخر نوارى فيه أحياناوهذه هي المقطوعة الأخيرة التي بلغت غاية الألم• ولكني لستُ أدرى هل توحي إلى القارىء بما توحي به إليّ أم لا؟ إني أحس فيها إثارة لهمتي وتحريكاً لمعاني العزة في نفسي•
فأنا لا أومن بأن الدنيا قد خمت بنا، كما خمّت بموتانا، وأنا لا أرضى أنْ أُوارى التراب حياً• إن في هذه النغمات ما يلهب وطنيتي بل إنسانيتي، وهكذا تنتهي القصيدة إلى هذا الدرس النبيل• والشاعر بعد لم يعظ ولم يُشد بالوطنية، ولا دعاني إلى شيء من تلك المعاني الضخمة التي نتشدق بها، وإنما أشعرني ببؤسي و >مالي وطن ولا أهل ولا جار< وما أرتدي إن نمت أو قمت غير رداء•
ويذهب آخرون إلى أنه الأفكار العظيمة والتفكير الكبير والصنعة المدهشة والأسلوب الفني!!أخي! إن عاد يحرث أرضه الفلاح أو يزرعْلبيني بعد طول الهجر كوخاً هذه المدفعْفقد جفَّتْ سواقينا وهدَّ الذلُ مأواناولم يترك لنا الأعداء غرساً في أراضينا سوى أجياف موتاناأية بساطة في التصوير؟ وأي قرب من واقع الحياة؟ تلك التي تعضني وتعضك: حياة الفلاح الذي يحرث ويزرع بعد أن يبني >كوخه< من جديد؛ وأما نحن فقد >جفت سواقينا
عبارة ساذجة، ولكن كم لها في النفس من أثر• سواقينا التي ألفناها• سواقينا العزيزة التي خلفها لنا الآباء• ولقد >هد الذل مأوانا< ثلاثة ألفاظ قوية نافذة جبارة، لا تستطيع أن تستبدل بأي منها غيره دون أن تفسد الشعر وتذهب بقوته، >هدّ الذل مأوانا< فهو لم يهدمه والهدم شيء مبتذل• >هد< لفظ موجز مركز موح مصور• وهو قد هدّ مأوانا، فلم يهد بيتنا ولا دارنا ولا منزلنا ولا قريتنا بل ولا وطننا• هد مأوانا الذي نحتمي به ونستر خلف جدرانه آلامنا• ثم ما الذي هدّ هذا المأوى؟ إن الحرب لم تهدّه، ولالبنيانه من جديد، كما سيبني فلاح الغرب كوخه، إنّما الذي هدّه هو الذل؛ لفظ دالٌ ثقيل، ثقيل كالصخر• لفظ بغيض مخيف مثير، هدّ الذل مأوانا، ولم يترك لنا الأعداء غرساً في أراضينا غير أجياف موتانا، وما آلمه من غرس! تلك الجثث الهامدة، التي ترقد تحت التراب في غير مجد ولا عزاء•أخي! قد تم مالو لم نشأْهُ نحن ما تـمّاوقد عمّ البلاءُ ولو أردنا نحن ما عمّافلا تندب فأُذْنُ الغير لا تصغي لشكوانابل اتبعني لنحفر خندقاً بالرفش والمعول نواري فيه موتاناالخزي والعار•
لقد هم الشاعر بأن يدفنني حيا، فنفرت عزتي وهاجت شجوني• إنني أقوى نفساً وأعزّ جانباً، وأحمى شجاعة وإن كنت قد أدركت بؤسي، بل ربما لأنني قد أدركت مدى ذلك البؤس•والآن أليس هذا هو الشعر المهموس الذي ندعو إليه؟ أليس هذا هو الشعر الإنساني الذي نهتز لنغماته• إنّ بينه وبين الكثير من شعراء مصر قرونا، وإنّه لمن الظلم أن يرتفع بعد ذلك صوت يحاول أن ينكر على هؤلاء الشعراء، نعيمة وإخوانه بالمهجر، أنهم هم الآن شعراء اللغة العربية، وأن شعرهم هو الذي سيصيب الخلود•
ما رأيك بما قاله الاستاذ مندور؟








  رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 06:23 AM   رقم المشاركة : 7
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: من روائع جبران خليل جبران

إلى رفيقة الحرف الأدبي والفكر العالمي "مي زيادة " ليلى أمين.
تحية صباحية وجمعة مباركة على الجميع.

قرأتُ هذا الشرح الرائع واستمتعتُ به، وراق لي جداً. فهو يتكلم عن مآسي الحروب ضد الأمة العربية . مندور من كبار النقاد العرب ويتمتع بموهبة نقدية رائعة، وهو ثروة أدبية لا يستهان بها. وجزاك الله خيراً على نثر شرح هذه القصيدة الرائعة. " أخي "
لكن نأتي على موضوعنا الأساسي وهو قصيدة " النهر المتجمد " أرجو أن لا يتأخر هذا الحوار كثيراً ذلك لأن عندى مواضيع أدبية أخرى في أدب المهجر الجنوبي والشمالي. نتفق عليها بالمساجلة بيني وبينك، ذلك لأني أرى أن المساجلات أدبية أو فكرية تفرز إبداعات رائعة بين المتحاورين.
حقيقة أنا مسرور جداً بهذه المساجلة " النهر المتجمد " لأنني كنتُ في بداية أمري في أوائل شبابي أناقر كبار الأدباء المشهورين في بلدنا في الدخول في المساجلات معهم.

دمتِ في عافية وبارك الله فيك.







  رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 08:57 AM   رقم المشاركة : 8
شاعر
 
الصورة الرمزية سعد السعد






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :سعد السعد غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 أنا والهجاء
0 دارمياتي هنا في النبع
0 نبينا

افتراضي رد: من روائع جبران خليل جبران

بوركتما من رائعين
هذا الثنائي الذي يسقينا الجمال والعذوبة
دمتما ودام الق ابداعكما
تحياتي والمحبة












التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 09:13 AM   رقم المشاركة : 9
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: من روائع جبران خليل جبران

أخي وحبيبي سعد السعد

صباح الخير وجمعة مباركة.

يسرني حضورك الرائع وكلماتك العذبة والعفوية التي أخال تقولها بلا تكلف.
حبذا لو تشاركنا الراي بما عندك من ثقافاة نقدية كما عرفتك كاتباً وشاعراً موهوباً.
اعتقد هذه الميزة الأدبية الرائعة يمتاز بها أهل العراق الحبيب.

محبتي يا غالي.







  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جبران خليل جبران الهام فارس نبع من على جدران الزمان 220 07-17-2023 04:54 AM
على باب الهيكل ( جبران خليل جبران ) منـى قولاغاسي اختيارات متنوعة من الفنون الأدبية وأدب الحضارات القديمة 4 12-30-2010 03:12 PM
المحكمة الأدبية رقم ( 19) لـ جبران خليل جبران سمير عودة من قصص الشعراء،المحاكمات الأدبية 6 10-15-2010 07:18 PM
جبران خليل جبران رائدة زقوت المكتبات 0 02-18-2010 07:24 PM


الساعة الآن 10:13 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::