في المساءِ ترغبُ أنْ تخرُج للطبيعةِ، تُجرِب البوحَ لها بمكنوناتِ نفسها المُتعبة، تحكي لها ألمها، تُلملِمُ الأوراق البائسة التي في جُعبتها تُلقيها حيث يدلهم الأفق بستائره عند آخر نقطة له، يمدُها أملاً وحيوية لتعود مُفعمةً سُرورا ونشاطاً إلى طاولتها وكُراسها الطفولي، ترسم قمراً غير مكتمل، ومنزلاً عند حافة نهر انسكبتْ فوق سواقيه أوراقُ تشرين كقوارب صيدٍ يئست العودة بشباك محارٍ لؤلؤية.
انتبهت إلى أنها إنسانة غير عادية، تعيش بما تبقى لها في مساحات الحياة من أيامٍ
أتعب خريف الحياة ابتسامتها، شحن عينيها شحوباً، هاجم خصلات شعرها الكستنائي
طال قدها الجذاب، وخطواتها الجريئة، سرق اشراقها وتفاؤلها، لِتستسلِم لجلسات ( لا علاجية) كما كانت تُسميها، رائحة الموت كثيراً ما كانت تملأ أرجاء غُرفتها، تختلط الأمور لِتُصافح الحياة بعد نهاية كُل جلسة، ما فائدة الأمل والموت يتسارع بطريقه إليها!!
تسارُع صور الماضي لمخيلتها:
والدتها التي حملت سِفاحاً، وتعهدت بأن تُذيقها ذات التجربة
والدها الذي قبِل حمل السفاح مُكرها، ليفضله عليها
طعنة تلو الطعنة، ومرارة تتلوها مرارة
مرارة الغربة، واغتصاب ضحكتها
تخلي زوجها عنها، لعلة صحتها
لاشئ يدعو للتمسك بالحياة في كراريسها!
وتمضي كما الأيام في تشرين، نهارٌ قصير، وفصولٌ مجتمعة فوضوية، ليتوقف النبض
عقب آخر جلسة ألم، دمعة حارقة فوق خدها المُخضب حُزناً
تنتظر تكفين لحظات الأسى، وغسل جُرعات القهر.
رحلتْ وحملتني عِبءَ مُصالحة الأيام،، والتنزه كل مساء، بين يديّ أزاهير أنثرها في الهواء الطلق تحيةً لروحها، ولذكراها ...