(أَتَأْمُرُونَ) الهمزة حرف للإستفهام الإنكاري المشوب بالتوبيخ والتقريع
والتعجب، لامحل لها من الإعراب. (أفلا تعقلون) الهمزة حرف للإستفهام الإنكاري لامحل لها من الإعراب، والفاء عاطفة على مقدربعد الهمزة "أتتلونه فلا تعقلون".
ملحوظة: آ: اذا اجتمعت همزة الاستفهام وحرف العطف ففي ذلك مذهبان: الأول: أنّ الهمزة في نية التأخير عن حرف العطف وقدمت لأن لها الصدارة.
الثاني: أنّ بعد حرف العطف جملة مقدرة يصح العطف عليها وتلائم سياق الكلام يقول المؤلف وقد سرنا في هذا الكتاب على الرأي الثاني.
ب: ان المواقف التي تمرّ في اسلوب "أفلا تعقلون" مرتبطة ارتباطاً واضحاً، فقد تبدأ بتأكيد وحدانية الله ثم تتكرر مواقفها التي تتصل بأصناف من الكفار والمنافقين في العصور الغابرة تذكيراً وفي عصر الإسلام تحذيراً، والآيات في هذه المواقف كلها تحث المخاطبين على اعمال العقل والوصول به الى الإيمان والتقوى أو ترك عبادة غير الله الى الدين الحق الواضح.
اللغة:
(بِالْبِرِّ) البر بكسر الباء الصلة والطاعة والصلاح والصدق والبر بفتح الباء الصحراء والبر بضمها القمح والواحدة برّة الإعراب
)أَتَأْمُرُونَ(الهمزة للاستفهام الإنكاريّ بل تجاوز هنا الإنكار الى التوبيخ والتقريع والتعجب من حال هؤلاء اليهود لأنه ليس هناك أقبح في العقول من أن يأمر الإنسان غيره بخير وهو لا بأتيه، وتأمرون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل (النَّاسَ) مفعول به (بِالْبِرِّ) الجار والمجرور متعلقان بتأمرون (وَتَنْسَوْنَ) عطف على تأمرون (أَنْفُسَكُمْ) مفعول به (وَأَنْتُمْ) الواو واو الحال وأنتم ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ (تَتْلُونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون وجملة تتلون الفعلية خبر أنتم وجملة وأنتم الاسمية حالية من فاعل تنسون (الْكِتابَ) مفعول به (أَفَلا) الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء حرف عطف ولا نافية.
البلاغة: في قوله: وأنتم تتلون الكتاب فقد صدّر الكلام بالضمير زيادة في المبالغة وتسجيلا للتبكيت والتوبيخ عليهم بعد أن عبّر عن تركهم فعلهم البر بالنسيان زيادة في مبالغة الترك أي فكأن البرّ لا يخالج نفوسهم ولا يدور لهم في خلد لأن نسيان الشيء يترتب عليه تركه أو استعمال السبب في المسبب. الفوائد:
1- القاعدة في العربية أن ضمير الغائب لا يعود على غير الأقرب إلا بدليل وقد كان مقتضى الظاهر أن يعود الضمير في قوله: انها على الصلاة لأنها الأقرب جريا على مقتضى الظاهر وكف عن خبر الأول لعلم المخاطب بأن الأول داخل ضمنا فيما دخل فيه الآخر وهو مطرّد في كلامهم. قال الانصاري:
أراد نحن راضون وأنت بما عندك راض فكف عن خبر الأول إذ قام دليل على معناه.
ومنه قول الآخر:
إِنَّ شَرْخَ الشَّبَابِ والشعر الأسود مَا لَمْ يُعَاصَ كَانَ جُنُونًا
وقيل يعود على المصدر المفهوم من قوله واستعينوا أي الاستعانة.
2- إذا اجتمعت همزة الاستفهام وحرف العطف ففيها مذهبان:
آ- مذهب سيبويه وهو أن الهمزة في نية التأخير عن حرف العطف ولما كان لها صدر الكلام قدمت عليه وذلك بخلاف هل.
ب- مذهب الزمخشري وهو أن الواو والفاء وثم بعد الهمزة واقعة موقعها وليس في الأمر تقديم ولا تأخير ويجعل بين الهمزة وحرف العطف جملة مقدرة يصح العطف عليها وتلائم سياق الكلام فيقدر هنا: أتفعلون فلا تعقلون ولا نرى مرجحا لأحد المذهبين على الآخر.
3- اللام المزحلقة: هي لام الابتداء زحلقت الى الخبر لدخول إن عليها وقد تزحلق الى الاسم نحو: «إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا».