وصلت ميلانو، التي كانت الشمس تجفف شوارعها الغارقة بالأمطار ساعات طوال، كم أغرقتني هذه المدينة بطيب الذكريات، ولياليها المميزة، كان موعدي معه تمام الحادية عشر أمام كاتدرائية ميلان، التي أدهشتني بواجهتها الرخامية وتماثيلها البرونزية، أذكر أول زيارتي لها أنني التقيت به بينما كان يلتقط الصور لكل تمثال ولوحة بكل دقة وتأني.
بادلني التحية، مبدياً استعداده للرد على مختلف استفساراتي، كان المساء يتسلل بشكل بانورامي فوق سطح الكاتدرائية العجيبة بكل هدوء، لتبدو المدينة غارقة وسط جبال الألب الخلابة كما لوحة صاغتها السموات بكل إتقان. أدركنا بأن علينا العودة إلى ناطحة السحاب تورفيلاسكا، فعلى مسافة ليست بالبعيدة عنها يقع الفندق الذي كان حجزي به.
عادت بي الذاكرة إلى أشياء وأشياء تعلمتها من هذه المدينة الساحرة، التي عايشت صباي، شوراعها ومعابدها، أرصفتها ومبانيها، وحفلات الشاي فيها.
طال انتظاري له، هي المرة الأولى التي يخلف ميعاده معي!إنني على يقين بأنه سوف يأتي، لابد من أن يأتي، لكنه أخلف ولم يأتِ!داهمني شعور مختلف، فيه مرارة، وفيه ألم، فيه خيبة وفيه الكثير من الحزن، لا أعلم لِم عليّ الاستسلام لمشاعر اليأس هذه المرة، لقد بدأت أشعر بالعزلة، بينما تسللت من عيني دمعتين هاربتين من محاجري التي تأبى انسكاب الدمع استسلاماً .
شعرت بمزيد من العزلة بينما أسير في شوراع المدينة، تغافلت عن أسواقها، وعن القترينات اللامعة، لم تعد تهمني تسريحة شعري، أو لون الفستان الذي أرتديه.توجهت إلى مقهى فيه الجلسات أنيقة والشرفات ملونة بالأصفر والأحمر والأخضر.
طلبت لنفسي القهوة، على غير العادة، وبدأت بتفقد ملامح الشارع من خلف زجاج نافذة المقهى، لفت انتباهي حسناء إيطالية ممشوقة القوام، إلى جانب شاب أسمر إنه يشبه أحد الصحفيين الأتراك بملامحة البسيطة وخطواته المدروسة إنهما يتوجهان إلى داخل المقهى الذي اخترته ليحضن عزلتي وخيبة انتظاري.
أجل إنه هو الصحفي الذي التقيته خلال رحلتي من اسطنبول إلى إيطاليا بالباخرة الضخمة التي كانت تحمل الكثير من الوجوه التي تبحث عن مايثير الانفعال لنشره ومناقشته .كم هي محظوظة صديقته إنه لم يخلف وعده معها، بدأت الحرارة تسري في بدني بينما بدأت أرتشف القهوة، وأتابع أخبار الظهيرة، التي تعلن عن زيادة التوتر في منطقة الشرق الأوسط الذي يدين التوتر في عدن.
لم تعد السياسة والأمور العسكرية تجذبني، ولم تعد للأخبار نكهتها، ولا للأغاني وقعها، دفعت الحساب وعلى عجل عدت أدراجي إلى الفندق مكان إقامتي، وقلبي يسألني العودة إلى الكاتدرائية ربما عاد ولم يجدني، لكنني عاندته وبشدة وتوجهت مسرعة إلى الفندق، وقد سكنتني مشاعر وأحاسيس مختلفة، تمردت عليها متخذة قرار العودة سريعاً إلى أرض الوطن، على أمل أن لا أُجر إلى خيبة أخرى، وأنزوي لساعات بانتظار وجه يأتي أو لايأتي.
قصة شبيهة بأدب الرحلة تحكي قصة لقاء عابر غير مؤسس
في مدينة مترفة جميلة قد لا تتسع لأحلام الكثير من العابرين
وحتى المقيمين .
إنها تجربة عكرها الإنتظار والعودة إلى الوطن الأم والإنتماء
رغم حنين الصبا لمراجعة الذات ووضع المشاعر على المحك
قصة مثيرة في سردها ووصف مشاهدها وأحداثها .
تحية تليق أستاذة عروبة ودمت في رعاية الله وحفظه.
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه
قصة شبيهة بأدب الرحلة تحكي قصة لقاء عابر غير مؤسس
في مدينة مترفة جميلة قد لا تتسع لأحلام الكثير من العابرين
وحتى المقيمين .
إنها تجربة عكرها الإنتظار والعودة إلى الوطن الأم والإنتماء
رغم حنين الصبا لمراجعة الذات ووضع المشاعر على المحك
قصة مثيرة في سردها ووصف مشاهدها وأحداثها .
تحية تليق أستاذة عروبة ودمت في رعاية الله وحفظه.
كل الشكر القراءة والتقييم، أضحى مبارك
تحيتي وعميق تقديري
كعادتك هذه القصة الجميلة دائما تمتعنا باللحظات الرائعة الرومانسية وهذه اللغة الحلوة ،القصة هي ذات الصوت الواحد
هو صوت الراوي وهو البطل في القصة شعور الانتظار للحبيب ثم لا يجيء معاندة الرغبة للرجوع وصراع الرغبات ودخول الكبرياء ليكون الحسم في القصة ومن ثم العودة قصة حلوة ممتعة حقا
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد فتحي عوض الجيوسي
كعادتك هذه القصة الجميلة دائما تمتعنا باللحظات الرائعة الرومانسية وهذه اللغة الحلوة ،القصة هي ذات الصوت الواحد
هو صوت الراوي وهو البطل في القصة شعور الانتظار للحبيب ثم لا يجيء معاندة الرغبة للرجوع وصراع الرغبات ودخول الكبرياء ليكون الحسم في القصة ومن ثم العودة قصة حلوة ممتعة حقا
كل الشكر لهذه القراءة، التقييم والتعليق
محبتي وتقديري
أضحى مبارك
قصّة قصيرة متينة السّرد شيّقة الأسلوب ...اعتمدت الوصف الدّقيق ...
توفرت فيها العناصر الأساسية للقصّ من حيث المكان والزمان الذين احتويا أحداثها ....
كما جاء نسق الأحداث متواترا متسارعا ممّا زاد في تشويق المتلقي لنهايتها
استمتعت بقراءتها
التوقيع
لِنَذْهَبَ كما نَحْنُ:
سيِّدةً حُرَّةً
وصديقاً وفيّاً’
لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن
لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن
ومُنْفَصِلَيْن’
ولا شيءَ يُوجِعُنا
درويش
آخر تعديل منوبية كامل الغضباني يوم 08-13-2019 في 11:16 AM.