الحسين ( عليه السلام ) مدرسة أخلاقية للشباب / بقلم : أسماء محمد مصطفى
الحسين ( عليه السلام ) مدرسة أخلاقية للشباب
بقلم : أسماء محمد مصطفى
على الرغم من تقادم الزمن وتوالي الأحداث إلاّ أن ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام تبقى متقدة في النفوس ، تأبى الانطفاء ، ومن هنا تتجلى عظمة شهادته من أجل المثل العليا ، التي لم يقبل عليه السلام المساومة عليها لقاء ملذات الدنيا الفانية .
ولعلّ من المعاني العميقة للاستشهاد ، أن الحسين عليه السلام صار تأريخاً يشع ضوؤه في القلوب كلما مرت السنون ، لذا ولكي يستفيد الناس لاسيما الشباب من موقف الحسين عليه السلام ، فإن من الضروري استثمار ذكرى عاشوراء كل عام في إطلاعهم على الأخلاقيات السامية التي ميزت الأمام الحسين عليه السلام ، وفي مقدمتها إصراره على إحقاق الحق وصلاح الأمة ورفضه السكوت على الباطل بالرغم من التضحيات العظيمة بالنفس والأهل والولد . إذ لايكفي أن يقول أحدهم إنه يحب الحسين او آل البيت الكرام عليهم السلام أجمعين قولاً غير مدعوم بسلوك إيماني حقيقي ، فمحبة الرسول عليه الصلاة والسلام وآل بيته لايعبر عنها بالكلام فقط إنما ينبغي للمحب تجسيد محبته بفعل يرقى الى أخلاقيات المسلم المؤمن الحقيقي ، لا أن يحمل من الإسلام الاسم فقط .
فمن الأمور الأخلاقية التي حثَّ عليها الإسلام وجسدها الرسول وأهل بيته ليس فقط إداء الفرائض ، وإنما كل ما ينطوي تحت معنى كلمتي الخير والحق . ومن هنا تأتي الدعوة الى استلهام الدروس الأخلاقية لاستشهاد الحسين عليه السلام لتكون مناراً للشباب ، علّ تلك الدروس تنقذ الضعفاء من التناقض والازدواجية والميل الى السلوكيات المخطوءة التي تعكس غياب الذمة والضمير والشعور بالمسؤولية ، إذ إنّ البعض من الناس ، وربما الأغلب ، نجدهم يأخذون من الدين ما يخدم مصالحهم ويهملون مسألة التحلي بالأخلاق التي يدعو اليها الدين وفي مقدمتها الإيثار الذي تجلى في موقف الحسين عليه السلام . وغالباً ما يحاسبون غيرهم ولايحاسبون أنفسهم . ومن الملاحظ أن البعض ، مثلاً ، حين يتحدث بالدين يتناول ما يلائم مزاجه ويترك الأمور الجوهرية الأخرى ، فنراه يضغط على أخواته ويتكلم بقيم الدين والأخلاق ، بينما في السر يمارس الرذائل ، او يكون زائراً دائماً لمواقع الرذيلة على النت ، وغير ذلك من الانحرافات ، وهذا مثال نضربه هنا للتوضيح . كذلك الحال مع الشابات حين نجدهن يتخذن من الدين مظهراً لاأكثر من خلال الحجاب ، بينما لايطبقن مبادىء الإسلام الاساسية وفضائله الكثيرة ، كأن نجدهن ينزلقن مع شباب السوء او ينشغلن بالنميمة وغيرها من سفاسف الأمور.
من هنا ندعو رجال الدين والمؤسسات التربوية والإعلامية الى استثمار المناسبات الدينية في توعية الشباب والشابات بالقيم الأخلاقية العليا التي تحميهم من تلك الأخطاء والرذائل ، ولاشك في أن ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام ، واحدة من أهم المناسبات لما لها من تأثير روحي واسع ، فضلاً عن إن استثمارها على هذا النحو يعطي المناسبة بُعداً مضافاً يخدم معانيها العظيمة لاسيما في هذه المرحلة .
إن استثمارالمناسبة بشكل علمي وتوظيف معطياتها الرسالية الخالدة واستلهام الشباب أخلاق الحسين ، لاينبغي له أن يقتصر على بُعدها العاطفي فقط او في حدود واقعة الطف ، بل على امتداد حياته عليه السلام التي أعطته هذه المكانة الرفيعة في نفوس المسلمين ، فهو رجل الأخلاق والمثل العليا ، والتمسك بنهجه هو خير تجسيد لحُبّ الحسين وأفضل وسيلة لترجمة رسالته الإنسانية التي مثلت الامتداد الصادق لرسالة نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم .
*****
من عمودي الاسبوعي في صحيفة المشرق : حال الدنيا
التوقيع
هي تذكرة الى مدن الحب والورد .. مدن الحلم .. مدن القمر .. مدن الحزن .. مدن الأمل ..
فالحياة محطات سفر ، والكلمات كذلك ..
*****
تذكرتي وكل خلجاتي مهداة الى أسرتي الجميلة