حول قصيدة " النهر المتجمد " ليلى أمين متخصصة في أدب المهجر الأمريكي.
طلبت منا أن نبدأ حوارنا حول "النهر المتجمد " هل يقصد نعيمة عندما قالها وهو في آخرعمره، يعني بها نفسه؟
قبل أن نبدأ الحوار نعّرف عن أديب المهجر الكبير
ميخائيل نعيمة :
ميخائيل نعيمة ولد في جبل صنين في لبنان من مواليد 1889 وأنهى دراسته المدرسية في مدرسة الجمعية الفلسطينية في بسكنتا ، وتبعها بخمس سنوات جامعية في بولتا فيا الأوكرانية بين عامي 1905 و 1911ثم أكمل دراسته في الولايات الأمريكية المتحدة منذ ديسمبر 1911 بعد حصوله على الجنسية الامريكية.
انضم إلى الرابطة القلمية وكان نائبا لجبران خليل جبران في الرابطة . عاد إلى بسكنتا عام 1932 حيث اتسع نشاطه الأدبي. لقّب ب"ناسك الشخروب"، توفي عام 1988
أعماله
نشر نعيمة مجموعته القصصية الأولى سنة 1914 بعنوان "سنتها الجديدة"، و كان حينها في أمريكا يتابع دراسته، وفي العام التالي نشر قصة "العاقر" وانقطع على ما يبدو عن الكتابة القصصية حتى العام 1946 إلى أن صدرت قمة قصصه الموسومة ب-"مرداد" سنة 1952، وفيها الكثير من شخصه وفكره الفلسفي. وبعد ستة أعوام نشر سنة 1958 "أبو بطة"، التي صارت مرجعاً مدرسياً وجامعياً للأدب القصصي اللبناني العربي النازع إلى العالمية، وكان في العام 1956 قد نشر مجموعة " أكابر" "التي يقال أنه وضعها مقابل كتاب " النبي" لجبران.
سنة 1949 وضع نعيمة رواية وحيدة بعنوان "مذكرات الأرقش" بعد سلسلة من القصص والمقالات والأِشعار التي لا تبدو كافية للتعبير عن ذائقة نعيمة المتوسع في النقد الأدبي وفي أنواع الأدب الأخرى.
"مسرحية الآباء والبنون" وضعها نعيمة سنة 1917، وهي عمله الثالث، بعد مجموعتين قصصيتين فلم يكتب ثانية في هذا الباب سوى مسرحية "أيوب" صادربيروت 1967.
"مجموعته الشعرية الوحيدة همس الجفون" وضعها بالإنكليزية، وعربها محمد الصابغ سنة 1945، إلا أن الطبعة الخامسة من هذا الكتاب (نوفل/بيروت 1988) خلت من أية إشارة إلى المعرب.
ما بين عامي 1959 و 1960 وضع نعيمة قصّة حياته في ثلاثة اجزاء على شكل سيرة ذاتية بعنوان "سبعون"، ظنا منه أن السبعين هي آخر مطافه، ولكنه عاش حتى التاسعة والتسعين، وبذلك بقي عقدان من عمره خارج سيرته هذه.
في الدراسات والمقالات والنقد والرسائل وضع ميخائيل نعيمة ثقله التأليفي (22 كتاباً)، نوردها بتسلسلها الزمني:
"الغربال 1927، كان يا ماكان 1932، المراحل، دروب 1934، جبران خليل جبران 1936، زاد المعاد 1945، البيادر 1946، كرم على درب الأوثان 1948، صوت العالم 1949، النور والديجور 1953، في مهب الريح 1957، أبعد من موسكو ومن واشنطن 1963، اليوم الأخير 1965، هوامش 1972، في الغربال الجديد 1973، مقالات متفرقة، يابن آدم، نجوى الغروب 1974، مختارات من ميخائيل نعيمة وأحاديث مع الصحافة 1974. رسائل، من وحي المسيح 1977، ومضات، شذور وأمثال، الجندي المجهول
في التعريب، قام ميخائيل نعيمة بتعريب كتاب " النبي" لجبران خليل جبران ، كما قام آخرون من بعده بتعريبه (مثل يوسف الخال ، نشرة النهار)، فكانت نشرة نعيمة متأخرة جداً (سنة 1981)، وكانت شهرة ( النبي ) عربياً قد تجاوزت آفاق لبنان.
من روائع أشعاره " النهر المتجمد " وهو الذي سيدور عليه الحوار بيننا وبين الأديبة ليلى أمين " مي زيادة المنتدى" ومن أراد أن يشاركنا في هذا الحوار فهذا مطلوب لتعم الفائدة .
أشكرك أستاذ باسودان على الثقة التي منجتني إيّاها لمناقشة موضوع الادب المهجري ،هذا الموضوع الذي ليس فينا من ينكر أهميته في تاريخنا الادبي لأنّه مرحلة هامة من المراحل التي مرّ بها مجتمعنا العربي سياسيا و اجتماعيا .وهاهي المدرسة المهجرية تعلن الثورة على الشعر التقليدي ودعت إلى التجديد فيه شكلا ومضمونا وما الادب المهجري إلاّ نتاج هذه المدرسة والذي عانى أدباؤه أشد المعاناة ، ويكفيهم أنّهم تركوا أوطانهم هروبا من الاضطهاد السياسي و القهر الاحتماعي وكانت بداياتهم البحث عن لقمة العيش بأيّ شكل من الاشكال وحين استتب بهم الامر كوّنوا جماعات بعد أن تأثروابجو الحرية التي وجدوها بالغرب وعدموها في الشرق فامتزجت ثقافاتهم بثقافة الغرب وتزاوجت ملامح الشرق بملامح الغرب من مثل عليا وقيم روحية مستوحاة من شرقنا الاصيل ولكن مسحة الحزن لم تبرح أخيلتهم شوقا وحنينا لأوطانهم.
يتبع
إختيار مفوق للناقد الشاعر المسرحي ميخائيل نعيمة ونعتذرمنه لأننا مهما قدّمنا نبذة عن حياته و أعماله لا نفيه حقّه
و لكننا سنحاول في هذا العمل المتواضع أن نصول ونجول في أروقة بعض أعماله
و أظن بدايتنا ستكون مرورا بقصيدة من قصائده الرائعة {النهر المتجمد}
يتبع
استهل الشاعر ميخائيل نعيمة قصيدته بحوار حميمي مع النهر والذي ما إن قرأته تدرك العلاقة التي تربطهما وما بينهما من تشابه . وها هو الشاعر في حيرة من تردي حالة النهر الذي كان بالامس القريب مبتسما مترنما وراح يسأله عن حالته المتغيرة ولم تقطع صوته ولم يعد خريره يملا الدنيا غناء ، وها هو يسأله وربما كان يسأل نفسه هل خارت قواه وهرم مثله ولم يعد قادرا على الجريان .
حوار بين عبدالله باسودان وليلى أمين :
أشكر الأديبة القديرة مي زيادة المنتدى ليلى أمين على دعوتها لي في حوار حول قصيدة " النهر المتجمد " لأديب المهجر الكبير ميخائيل نُعيمة. توكلنا على الله لنبدأ الحوار ، والله يستر.
عادة عندما يكتب قصيدة شاعر مشهور ذو وزن ثقيل يتلقاه الكثير بكثير من االمديح والترحيب، ولكن يحدث العكس فعندما ُتكتب نفس القصيدة من أديب وشاعر عادي غالباً أن لا تحظى بالاهتمام، وهذه عادة البشر.
وحسب منظوري المتواضع، لم تروق لي قصيدة " النهر المتجمد" لا بعنوانها، ولا بالرؤيا الشعرية ، ولا بالمعنى ولا حتى بالأسلوب الشعري. فأنا لا أعتبرها شعراً إبداعياً ولا حتى شعراً يجب أن يقرأ.
وسأفند هذه القصيدة بدايةً من عنوانها إلى آخر بيت فبها. ولكي يطول الحوار سأبدأ فقط بعنوان القصيدة.
وهو " النهر المتجمد "
الشاعر أتى إلى هذا النهر في فصل الشتاء وكان النهر متجمداً فعلاً. والسؤوال المطروح لو عاد الشاعر إلى هذا النهر في فصل الصيف ووجد النهر لم تنضب مياهه بل رأى مياه هذا النهر تتدفق بين المزارع والسهول والوديان. وأراد أن يقول شعراً فماذ سيكون عنوان قصيدته ? لا شك أنه سيناقض نفسه وسياتي بعنوان آخر. . إذاً فشاعرنا ميخائيل نُعيمة متناقض حتى في العنوان، اليس كذلك ؟؟؟ كان عليه أن يأتي بعنوان آخر.
ويقول الشاعر :
يا نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخرير ؟
أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير ؟
وهذا من باب عدم الوعي من الشاعر. النهر لم تنضب مياهه بل غطاها الجليد فمياهه لازالت
موجودة وهي تحت الجليد، وعندما يأتي الصيف سيذوب الجليد ويكون خريره متدفقاً بين السهول والمزارع والوديان، فأين راح عقل نُعيمة ؟؟؟