تحكي لوحة من أعماله وجهاً مختلفاً للحياة في إسبانيا، وقد تأثرت أعماله الأولى بنشأته الريفية التي جاور فيها الفلاحين حيث غلبت المناظر الطبيعية عليها، وعندما بدأ في رسم الوجوه تسابق إليه النبلاء والحكام ليرسمهم، فأصبح رسام القصر الملكي وجاور بذلك صفوة المجتمع وكبار رجال الدين، وأحدثت إصابته بالصمم تغييراً عميقاً في مسيرته الفنية فتحول إلى فنان تحمل أعماله طابع القومية.
ولد الرسام فرانسيسكو جويا في 30 مارس من عام 1746 بقرية "فيونديتودوس" في شمال إسبانيا.. وفي طفولته عاش مع الفلاحين وعمل في الحقول ثم انتقل مع أسرته وهو في سن الرابعة عشرة إلى منطقة "ساراجوسا" حيث مقر عمل والده الذي كان يعمل في مجال الصياغة وأشغال الذهب، وهناك تعرف إالى صديق والده الرسام "جوز لوزان" الذي تعلم منه مبادئ الرسم، وعندما أراد أن يدرس الفن لم يستطع الالتحاق بالأكاديمية الملكية للفنون التشكيلية بسبب الشروط الصعبة التي تضعها الأكاديمية للقبول فيها، فسافر إلى إيطاليا للدراسة فيها وعاش هنالك في الفترة مابين عام 1768 وحتى عام 1771، ثم عاد بعدها إلى سارا جوسا ورسم عدة لوحات من الجص لقبة كنيسة سيدة بيلار التي كانت موجودة بالمنطقة التي تعيش فيها، وقام بتزيين هذه اللوحات بأسلوب فني يعرف ب"الروكوك" وكانت هذه اللوحات بداية شهرته الفنية.
وفي عام 1773 تزوج جويا جوزيفا بايو أخت الرسام فرانسيسكو بايو وعاشا معاً في مدريد وأنجب منها العديد من الأطفال لم يعش منهم أحد، وفي عام 1775 بدأ حياته العملية رساماً في مصنع سجاد تابع للبلاط الملكي الإسباني، وتفوق في هذا المجال، وطور فيه، حيث لم يرسم كغيره على خيوط السجاد تصاميم الملائكة والأساطير القديمة، بل رسم الحياة اليومية للناس وأنجر خمسين تصميماً جديداً من وحي مشاهداته لسلوك البشر واتسمت هذه الأعمال بنوع جديد من الكلاسيكية وانتقاد أحوال المجتمع.
في المرحلة الثانية من مسيرته الفنية رسم وجوه النبلاء وصفوة المجتمع الذين كانو يطلبون منه أن يرسمهم، وفي عام 1780 تم اختياره عضواً في الأكاديمية الملكية للفنون، لكنه عاد بعد هذا الاختيار إلى ساراجوسا لرسم لوحات جدارية لكنيسة المدينة، كما رسم في تلك الفترة أيضاً لوحته الشهيرة التي صور فيها مذبحة كنيسة سان فرانسيسكو بمدريد. وكان أثناء إقامته بمدريد قد تعرف على عدد من الشخاص أصحاب النفوذ ورسم لهم لوحات شخصية أعجبتهم، فساعدوه في عام 1786 في تعيينه رساماً بالقصر الملكي، وفي القصر رسم جويا مجموعة من الصور الشخصية للنبلاء وأمراء العائلة المالكة، كما رسم سلسة من سبع لوحات لمشاهد ريفية لتزيين غرفة قصر دوقة أوسونا، كما رسم في نفس الوقت الكثير من اللوحات الدينية التي تطلبتها منه عدة كنائس في مدن إسبانية مختلفة، وهكذا ذاع صيت جويا وأصبح اشهر رسامي القصر ومدريد، الأمر الذي جعل الملك شارل الرايع عام 1789 يختاره ليكون رساماً له، فرسم له وللملكة عدة لوحات شخصية، وتميزت لوحاته وقتها بثراء ألوانها.
كان عام 1792 عاماً فاصلا في حياتة جويا على المستويين الصحي والفني، فقد أصيب في هذه العام بمرض خطير أدى إلى إصابته بالصمم، ولم تقف إعاقته حاجزاً أمام إنجازاته وأعماله الفنية، لكن هذا المرض أحدث تغييراً عميقاً في مسيرته الفنية، فتحول من رسام للمناظر الطبيعية واللوحات الشخصية إلى فنان تحمل أعماله طابع القومية، وتمكن خلال عام واحد بعد مرضه من رسم 11 لوحة أرسلها إلى أكاديمية سان فرناندو، كما تقلد عدة مناصب منها مدير أكاديمية الفنون الجميلة عام 1795، لكنه تخلى عن هذا المنصب بعد عامين سبب حالته الصحية.
وفي عام 1789 طلب منه دوق أوسونا رسم عدة لوحات يصور فيها الحياة بعد الموت، وبناء على هذا الطلب رسم جويا إحدى روائعه وهي اللوحات الجدارية لكنيسة سان أنطونيوس في مدريد التي صور في إحداى صورة لرجل يعيده القديس أنطونيوس للحياة أمام حشد كبير من الناس. وفي العام التالي رسم جويا مجموعة نقوشه المعروفة بعنوان "نزوات" التي تعد نقدا لاذعاً للمجتمع الإسباني وقتها والمكونة من 80 نقشاً استخدم فيها جويا ومساوئ الإنسانية.
ومع ترحيب جويا بمفاهيم الثورة الفرنسية، تحولت الثورة إلى نقمة عليه وعلى بلاده التي احتلتها فرنسا بغزو إسبانيا عام 1808، فتولدت بداخله ردة فعل عنيفة، فهو كفنان إسباني كان يتطلع إلى تحقيق إصلاحات جذرية في مجتمعه على نسق الإصلاحات التي حققتها الثورة الفرنسية بفرنسا، ولذا عمل رساماً للقصر الفرنسي أثناء فترة الاحتلال، لكن أهوال الاحتلال والجرائم التي ارتكبها في بلاده جعلته يوقن بأن الفرنسيين قدموا لبلاده غزاة وليسوا غصلاحيين كما كان يعتقد، ولذا أمضى جويا سنوات الغزو الفرنسي لبلاده في حالة نفسية متقلبة، تارة يتصرف كمؤيد للحكم الفرنسي، وتارة أخرى كأحد الثائرين عليه، لكنه في تلك الفترة وتحديدا في عام 1810 رسم سلسة لوحاته الوطنية التي حملت عنوان "كوارث الحرب" التي صور فيها الفظائع التي ارتكبتها جيوش فرنسا في بلاده، ولم يتم نشر هذه اللوحات إلا في عام 1863 أي بعد وفاته ب35 عاماً. وفي عامه الثالث والسبعين تعلم جويا فن الطباعة الحجرية ورسم بهذا الفن مجموعة من الرسوم، وفي نهاية أغسطس 1819 أكمل جويا أهم لوحة دينية رسمها في حياته والتي حملت اسم "المناولة الأخيرة" ويم وضع هذه اللوحة على مذبح كنسية القديس اسكولاب في مدريد.
بعد أن حصلت إسبانيا على استقلالها وجد جويا نفسه مضطراً للاعتذار عن الفترة التي عمل فيها رساماً للقصر الفرنسي اثناء الاحتلال الفرنسي لبلاده، ولم تشفع له لوحاته التي ناضل فيها ضد هذا الاحتلال عند الملك الاسباني، فبعد خروج جنود الاحتلال، طارده الملك "فرديناند السابع" فلجأ جويا إلى صديقه الكاهن خوزيه دي دواسو وعاش معه في الدير، حتى هرب في عام 1824 بمساعدة صديقته ليوكاديا إلى مدينة بوردو الفرنسية، وهناك عاش أربع سنوات وحيداً في منزله حتى مات في السادس عشر من شهر أبريل عام 1828، وكان قبل وفاته قد رسم في هذا المنزل سلسة أعماله المعروفة "اللوحات السوداء" أغلبيتها تم رسمها على جدران المنزل وغلب عليها اللونان الرمادي والأسود، حيث ظهرت آثار العزلة والمرض على هذه الأعمال تحديدا
التوقيع
ذات كأس، مترع بالغروب، وعلى حافته تتسكع شهقة ليل .
أتم في عام 1799 رسم مجموعة Coprichos التي صور بها حمق وضعف النسان ثم بدأت بورتريهاته تغوص في الشخصيات وتحقق في سلوكياتها وصفاتها في رسمها كما يراها
منها لوحة " اذا غاب العقل حضرت الوحوش :
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟