وهكذا وصلنا إلى هذه الحال.. أنا خارج من عمقى، مثل النحلة، مبهور بمنظر هذا الزخم من المتعة، بهذا الفراغ الأزرق، ولكنى لا أجد الآن أثرا كيما أتبعه.. لقد طرت إلى الحياة بأكثر من طاقتى على العودة.. فمتى أستطيع أن أبتدئ الخطو عندما يختفى كل هذا؟!
ليس صحيحا أن لك شكوى وإنما أنت تبحث لك عن مبرر.. هذا المبرر هو ألا تعمل فى انتظار أن يعمل كل زملائك.. كأنك قبطان فى سفينة تغرق.. لابد أن تكون آخر من ينجو من السفينة.. والحقيقة أنك لا قبطان ولا هناك سفينة تغرق.. وإنما أنت الذى أقام السفينة وأغرقها وجعلت نفسك قبطانا لها.
إن الإنسان ليفسر تصرفات الناس أحيانا، ويضخمها أو يصغرها، تبعا لعلاقتها بمشاعره وأهوائه.. أما هى فى ذاتها فليست ضخمة ولا ضئيلة، ولكنها متناسبة مع منطق الظروف المجردة من كل اعتبار.
إذا تاقت نفسك لأمنية أباها عليك القدر فجاوزها إلى سواها مما قد يجود بها عليك.. لا تكن صلبا فى أمانيك وعنيدا فى رغباتك.. فأنت تعاند القدر.. لا تجعل من امانيك مبعثا لشقائك وموردا لتعاستك.. بل الفظها إذا ما أحسست منها بوادر حرمان.. تمنّ لتنال وتسعد ولا تتمنّ لتحرم وتشقى.
كنت فرعا فى شجرة فلما مت زدت قوة، وهكذا يحمل الموت لبعض الخلائق تدميرا كاملا لقوتهم، ولكنه عند بعض الخلائق الأخرى يكون إيذانا بميلاد القوة، وكلما مر وقت على الموت زادت القوة.. إن فروع الأشجار حين تموت تتحول إلى عصى، وهذه العصى لا تكتسب قوتها إلا حين تغادرها العصارة الحية من الماء وتزايلها كل صور الحياة.. وهكذا تولد القوة من قلب الموت وهو الفناء.. فسبحان الله خالق الصور والتحولات.
"كل بطولات الفضيلة .. و كل انتصارات الحكمة لا تساوي شيئاً أمام عظمة السقوط في لحظة ضعف أمام من نحب..
السقوط عشقا هو أكثر انتصاراتنا ثباتاً"
من أقوال الرائعة أحلام مستغانمي
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه
آخر تعديل تواتيت نصرالدين يوم 02-28-2015 في 07:04 PM.