12-
ليس حب الوطن كلمات فقط تنظمها مشاعر نعبر عنها ودموع تتساقط ، وعبارات نتعلمها في المدارس لنرددها وقت الحاجة ..حب الوطن سلوك وأفعال تثبت انتماءنا وولاءنا الحقيقي والانتماء إليه بمشاعر ينبع منها الصدق والحب والوفاء,, فمن عاش الغربة عرف قيمة الوطن وشوقه كل يوم يزداد لشمسه وترابه وهواءه ورائحته .
وقد قيل إنَّ العطاء بدون مقابل مهنة الغني وإذا شئتم أن تذوقوا أجمل لذائذ الدنيا، وأحلى أفراح القلوب، فجودوا بالعطاء كما تجودون بالماء ,,ولكن ما أجمل العطاء عندما يسقى بمياه دجلة ويظلله سعف النخلة.
في كل عام يصل وفد من السفارة في أستراليا إلى نيوزيلاند لتسهيل معاملات العراقيين المتواجدين فيها بدلاً من تجثم عناء السفر إلى أستراليا وقبل وصولهم عليَّ أن أبحث عن قاعة وتهيئة كافة المستلزمات التي تحتاجها العملية بكل تفاصيلها الدقيقة من أوراق ومعدات وطابعات وأجهزة استنساخ واقلام وصمغ ودبابيس وغيرها وكذلك الاتفاق مع المتطوعين للعمل تتغير أسمائهم حسب الوقت واليوم والظرف والسنة والمكان ولكن هناك من تواجد بشكل دائمي مشكوراً كالدكتور زهير والدكتورة ألحان والأستاذ أدمون والسيدة طيب العزاوي وأبو روني وفي السنة الأخيرة التحقت معنا الدكتورة إيمان وأسماء أخرى عملت لعدة سنوات من شباب الجالية العراقية الأصيل ومن إدارات الجمعيات .
في الزيارة الأخيرة التي كانت في الشهر الثامن من عام 2017 تم الاتفاق على كل شيء وتهيئة كافة المستلزمات وفي اليوم الذي يسبق موعد العمل وعلى حين غفلة توقفت حاسبتي الشخصية التي استخدمها لطبع المعاملات للجالية العراقية واحترت ماذا أفعل والساعات تمر اتصلت بأحد الأصدقاء اختصاص كومبيوتر هو السيد باسل اللوس وشرحت له المشكلة وكان خارج البيت واخبرني إنه سيعاود الاتصال عندما يعود للبيت وفعلاً اتصل بي ليقول ان المعلومات الحالية تطورت واعطاني تليفون ابن أخيه الشاب سامر لأتصل به بعد أن شرح له كل شيء هذا الشاب كان مخطوفاً في العراق وعندما دفع أهله الفدية وصلت العائلة كلها إلى هنا بموجب عقد عمل ,,تفوق الشاب بدراسته واختص في مجال الحاسبات ,,اتصلت به وكان في انتظاري فعلاً وبقي يعمل على الجهاز أون لاين لمدة أربع ساعات دخل فيها الى حاسبتي يصحح ويحذف ملفات لكن الجهاز غير مطمئن للعمل عليه وعندما حلَّ الليل طلب مني أن أرسل له الجهاز في اليوم التالي ليقوم بتصليح الخلل واعادته ,, شكرته واتفقت معه أن أتصل لاحقاً وتذكرت في تلك اللحظة جهاز قديم كنت قد تركته جانباً عندما اشتريت الجهاز الجديد فسارعت لفتحه وتهيئته للعمل ولكن صادفتني مشاكل في تعريف أجهزة الطباعة .وفي الصباح توكلت على الله وحملت الجهازين مع الطابعات وبقية المستلزمات المطلوبة إلى القاعة وعندما فتحت الأجهزة شاهدت أمامي الأستاذ صلاح الذي يقوم بتصليح أجهزة الجمعية وكأن السماء أرسلته لمساعدتي في تلك اللحظة فقام بفحص الجهاز الأول وتركه ثم بدأ يعمل على تعريف الطابعات للجهاز القديم حتى أستطيع تمشية المعاملات وطبعها بدون تأخير وأخذ مني الجهاز الأول إلى البيت وعمل عليه سبع ساعات متواصلة بعد أن قام بتبديل القرص الصلب ونقل المعلومات إليه من القرص القديم وبرمجته مشكوراً بدون أي مقابل.
لا أريد أن أطيل عليكم فقد كان في هذه الوقفة التي لا تنسى وقفة العراقي الشهم الأصيل الشيعي والسني والكلداني والأشوري والكردي بغيرته وحبه للوطن لم يفكر واحدٌ منهم بالتأخير عن تقديم يد المساعدة بكل نقاء ومحبة لخدمة أبناء وطنه ولتكتمل العملية على أحسن وجه جمعتنا بذلك كلمة واحدة تنام في قلوبنا بكل محبة هي العراق ,,تباً لمن يريد زرع بذور الفتنة والشقاق.