على بركة الله أبدأ تدوين قصائد الشاعر موسى الجهني
(بأي ذنب) يا بنتَ قابيلَ قتَّلتني تقتيلا أتقتلين فؤادًا عاشَ مقتولا وكم قتَلتِ قلوبًا لا عدادَ لها وكم صلبتِ أناسيًّا تماثيلا يا بنتَ إخوةِ آبائي كفاكِ بنا أما اكتفيتِ بنا ذبحًا وتمثيلا رُحماكِ بالناسِ إن الناسَ قد هَلَكُوا يا أجملَ النَّاسِ إجمالًا وتفصيلا يا نشوةَ العشقِ يا عشقَ الفُجاءةِ بل يا زُرقةَ الموتِ يا سيفًا لعزريلا نهداكِ مَشنقةٌ للقلبِ قد نُصبت إذا اشرأبَّ إلى نهديكِ مذهولا وتلكِ عيناكِ كم أردى رصاصُهما قلبًا على آلةٍ حدباءَ محمولا إِنْ كان وصَّاكِ قابيلٌ بمجزرةٍ فليس ذنبيَ أنْ كُنْتُ ابنَ هابيلا أو كنتِ مسؤولةً عما جرى لهما فلستُ عن خطأِ الآباءِ مسؤولا بل من أحقُّ بأخذِ الثأرِ مِنْ أحدٍ إِنْ كنتِ طالبةً ثأرًا لقابيلا يا بنتَ عميَ ذا عميْ وذاك أبي فلستُ أعرف أيًّا أرتضي قيلا كلاهما أهرقا كلَّ الدماء بنا ونحن في جدلٍ جيلًا يلي جيلا فأين آدم عن أبنائِهِ وإلى متى يظلُّ عن الأحداثِ معزولا؟ لنذهبنَّ له من كلِّ قاصيةٍ ونزحفنَّ له زحفًا أبابيلا حتى يسوِّيَ أعلانا وأسفلنا فلا نرى فاضلًا فينا ومفضولا ويوضعَ السيفُ فوقَ السيفِ منكسرا ويُعبدَ اللهُ قرآنًا وإنجيلا ويولجَ الفجرُ في كُنْهِ الغياهبِ حتى يُولَدَ النورُ قنديلاً فقنديلا وعندَ حواءَ نرمي جاهليَّتَنا كي تنسِجَ الحبَّ والرُّحمى سرابيلا لنرجمنَّ رؤوسَ الشرِّ أجمعَها ونُرجعنْ دونها الشيطانَ مخذولا ونذكرنَّ إلى حواءَ فُرقتَنا حتى تعاتبَ قابيلاً وهابيلا
(ورقة مطوية في كف طفل) أدري بأنك صفحةٌ بيضاءُ كالماءِ حين ترشُّهُ الأضواءُ ما خُطَّ في قسَمَاتِ وجهك موقفٌ والخلقُ عندك والزمانُ سواءُ تبغي الوفاءَ ولن تُلامسَهُ كما لن تستظلَّ بظلِّها الأشياءُ وبدت لك الغاياتُ في اللفظِ الذي يبدو وغاياتُ القلوبِ وراءُ فبأيّ ذنبٍ جئتَ للدنيا من ال مجهولِ والدنيا عليك شقاءُ لم تدر بَعْدُ بأنَّ كلَّ حكايةٍ تُصغي لها قبلَ المنامِ هُراءُ نم في الحكايةِ مطمئنًّا هانئًا كصدى سكونٍ حفَّهُ الإصغاءُ وحكايةُ الأيامِ توقظُ مَنْ غفا كالقلبِ توقظُ جمرَهُ حسناءُ أنا لستُ أبكي الميِّتين وإنما أبكي الذين بلا اختيارٍ جاؤوا لو أدرَكَت حواءُ أبعادَ الدُّنا في العالمينَ لأجهَضَتْ حواءُ ولربما قالت بكلِّ مرارةٍ: أحسنتُ تربيةَ الورى فأساؤوا فكم استوَتْ فوق الدماءِ بواخرٌ وعلى الجراحِ حضارةٌ شمّاءُ والكلُّ ساقَ أدلةً لمزاعمٍ هيهات أن تتمايزَ الأصداءُ دع أيها الطفلُ الحياةَ لأهلها فهي الفَناءُ وأهلها أسماءُ نَمْ في حكايتك البريئةِ لن يُقاسِمَكَ الملوكُ بها أو الأمراءُ ليت الحياةَ كما تظُنُّ ومثلُما يتصوّرُ الأطفالُ والبُرآءُ ليت الحياةَ مشاعرٌ في صدرِ مَنْ تأتي له الأشعارُ كيف يشاءُ أنا ذلكم وبحورُ شعريَ كلُّها دُرَرٌ يغَصُّ بثقلِهنّ الماءُ وأنا الذي أسبلتُ ثوبَ قصائدي خُيلاءَ .. حتى يخرَسَ الشعراءُ تحيتي موسى احمد العلوني
(شعرةٌ في عجين الاتهامات) حتى صدى صوتي عليَّ قد افترى حتى الثرى حاكى خُطايَ وزوَّرا حتى الورى كلَّ الورى حتى وظلِّيَ كلما التفتوا إليه عليَّ زوراً أشَّرا وأنا أرى وأنا لعمريَ لستُ أعلمُ ما جرى قدُّوا قميصي ثم قالوا منكرا ألقوا على وجهِ البصيرِ وشايةً فارتدَّ أعمى واستزادَ وأكثرا وتخرَّصوا ظناً وتخميناً وهل سُكبَ السرابُ على اليبابِ وأثمرا! ودَّت كؤوسُ الخمرِ إذ قُرعتْ نوا صيها بذنبِ الخمرِ: أن تتكسرا فبذنبِ مَنْ ألقوا عليَّ سهامَهم وبذنبِ مَنْ غرسوا بقلبي خَنجرا! ومتى بهذا الغيبِ تبصرُ أعينٌ؟ ومتى تلوحُ يدُ الأمانِ فأعبرا؟ عمرٌ تسوِّرهُ المنونُ ليُرتضى ليلٌ تشبِّره الظنونُ ليُسهرا جرحٌ يُقطَّرُ في الدروبِ ليُقتفى كسرٌ تجبِّره السنينُ ليُكسرا ولقد وقفتُ على الغياهبِ حائراً ألكي ينامَ الليلُ أسهرُ يا ترى؟! ولقد يقولُ العابرونَ جميعُهم: لولا اعترفتَ بما اقترفتَ لتُعذرا فهززتُ جذعَ الليلِ أُسقطُ أنجُماً ونصبتُ من جذعِ البراءةِ منبرا وصرختُ في أذنِ المدى وملأتُ حنجرةَ الصدى: أنا لستُ أعلمُ ما جرى لا تخلِطوا بيني وبين ملامحي فملامحي بلغَتْ من الكذبِ الذُّرى أنا خلفَ بُعدَ المشرقينِ مسافةً مهما بدا للناظرينَ وأُظهرا إن تعلموا فأنا سجينُ ملامحي أو تؤمنوا فأنا وراءَ الماورا بين الثريا والثرى حرفٌ فهل يُدني الذي بين الثريا والثرى؟! والرعدُ لما صاحَ كان مبشراً والوردُ لما فاحَ كان مُغرغرا وأنا أرى وأقولُ: من منكم درى وأنا أرى واقول: من منكم درى
قصيدة بعنوان: هون عليكـ إن كان أتعبَكَ التفكُّرُ في الورى فالدهرُ يغزلُ للورى أقدارَهُ وهناك أقصى همِّ فاتنةٍ غَوَت عمّن يسلّطُ نحوها أنظارَهُ وهناك أقصى همِّ ثاكلةٍ هَذَت أن لا يطيلَ فقيدُها إدبارَهُ وهناك يُعجبُ ذو الهوانِ بحظِّهِ وهناك يندبُ ذو المكارمِ عارَهُ وهناك يبري الجوعُ أضلعَ ناسكٍ وهناك يبري عازفٌ أوتارَهُ ما أوقحَ الدنيا وقبحًا للورى ليت الزمانَ يزيلُ عنه ستارَهُ كم خان خلٌ خلَّه ولقد ترى أحدًا تبوحُ ظلالُهُ أسرارَهُ والعاشقون العاشقون همُ همُ دقَّ الغرامُ بنبضهم مِسمارَهُ ولهم جوانحُ كالغصونِ ترقّبت طيرًا يبدّلُ بالهوى أوكارَهُ لله كم في الغصنِ من لهفٍ على طيرٍ ترحَّلَ قاطعًا أخبارَهُ حتى إذا ما شاخ صار لعابرٍ حطَبًا ليشعلَ منه فيه نارَهُ لله كم في النار من غُصُنٍ قضى عمرًا يُطلُّ مُراقبًا أطيارَهُ وأنا المغني لستُ إلا شاعرًا ركِبَ القصيدةَ مُعلنًا إبحارَهُ خَرَقَت قصائدُه القصائدَ كلَّها وأقامَ فوق كنوزهنّ جدارَهُ أرنو إلى الأيامِ كيف تقلّبت وصدى الفجائعِ عازفٌ مزمارَهُ لو يُسكنُ الزمنُ القديمُ سكنتُهُ ونفضتُ عن كتِفِ الهلاكِ غُبارَهُ وأقمتُ ثَـمَّ لياليًا ولياليًا وقطعتُ عن ليل الغرامِ نهارَهُ لكنها الأيام فرّت من يدي كالعطرِ فرَّ مُفارقًا أزهارَهُ وظللت أرنو عاشقًا متوقفًا تأبى السنينُ بأن يُـتمَّ مَسارَهُ سارت بنا والدهرُ شيخٌ مُقعدٌ وأصمُّ يغزلُ للورى أقدارَهُ تحيتي موسى احمد العلوني
(جذوةٌ من نار موسى) لو أنّ لي بمجراتِ الزمانِ يدا فأُرجعَ الأمسَ حتى ألتقيه غدا لو أن لي حظَّ من سارت ركائبُه إلى ابنِ يعقوبَ وسْطَ البئرِ إذ ورَدا لو أن لي أحداً غيرَ الظلالِ كما لو أن للوردِ لما مالَ مستندا لا خيرَ في الظلِّ إذْ لم يفدِ صاحبَهُ إن كان مقترباً أو كان مبتعدا ما كان للأمسِ فضلٌ غيرَ أنَّ بهِ شيئاً من الغيبِ أخفى سرَّه وبدا فليمضِ غيرَ قريبٍ لستُ مكترثاً كأنه زاد أياماً خلَتْ عددا ورُبَّ متبعٍ للذكرياتِ كمن رأى السرابَ فألقى دلوَهُ وعَدا ألقى على عينهِ الذكرى لعلَّ بها ترتدُّ تبصرُ فازدادت بها رمدا عِشْ أيها القلبُ منسيَّاً بلا كمَدٍ قد مات مُحترقاً من عاش مُـتّقدا وكن كأيِّ رمادٍ تحتَ عاصفةٍ كأي طيرٍ رأى ما لا يُرى فشدا أنصتْ كثيراً إلى ما لستَ تسمعُهُ وأبصرِ الغيبَ حتى لا ترى أحدا وارْجُ النجاةَ لكلِّ العابرين وإنْ مرُّوا جميعاً وما مدُّوا إليك يدا كم عابرٍ مرَّ بالنارِ التي ندَبت موسى ولم يلتفتْ للنارِ وهْيَ هُدى وعابرٍ قصَدَ النارَ التي اشتعلت غيضاً لتُحرقَ إبراهيمَ وهْيَ سُدى فكن كأيِّ نبي عاشَ منفرداً وماتَ منفرداً واندسَّ منفردا كُتبت في يوم الأربعاء بتاريخ 1438/2/2هـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يشرفني نشر هذه القصيدة بهذا المنتدى وآمل أن تحوز الرضا وهي بعنوان: ذاكرة الديار تبقى الديارُ ولا يبقى بها أحدُ مُكتظةً بصدى أصواتِ مَنْ فُقدوا خلت من الناسِ كلَّ الناسِ واختزنت ذكراهمُ وزواياها لهم رَصَدُ فأبصرت كلَّ ما قد كان راصدةً أدنى التفاصيلِ والدنيا بما تلِدُ وأدركت تهنئاتِ الأمهاتِ بمو لودٍ أطلَّ وحلَّ البِشْرُ والرَّغَدُ عَلَت بها صرخةُ المولودِ فابتهجت وصار شيخًا إلى الجدرانِ يستندُ وأدركت قهقهاتِ الناسِ حين كَبَا طفلٌ هو الآن في أوساطهم عَمَدُ وأبصرت ليلةً ظلماءَ والتقطت أُختًا تُغطي أخاها وهو يرتعدُ وعندما أصبحوا رفّت حمائمُها ورفَّ في جفنِ عينِ الصِّبيةِ الأبدُ وأسرعت أمُّهم لهفى لأصغرِهم الآن أجمعُهم في الأرضِ قد لُحدوا وظلت الدارُ ذاتُ الدارِ صاغيةً للعابرين ولا يُصغي لها أحدُ تحيتي موسى احمد العلوني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قصيدة بعنوان: صورة مُلتقطة من بعيد، وآمل أن تحوز على استحسانكم كم اندفَنَتْ تحت الترابِ حقائقُ وكم نُصبت للأبرياءِ مَشانقُ وكم زوّرَ التاريخُ للناسِ قصّةً ليُرجمَ قِدّيسٌ، ويعلو مُنافقُ وكم وقَفَتْ بين الحناجرِ لفظةٌ فلاحت بطرفِ العينِ، والطرفُ ناطقُ وكم غارقٍ نجّاهُ تسبيحُهُ وقد تغوصُ بأمواجِ السرابِ زَوارقُ وكم ظُلمةٍ أخفت تجاعيدَ ساهرٍ فأظهرَها صُبْحٌ كما البرقُ صاعقُ وكم ضحِكَت أُنثى لتحقيقِ حُلْمِها ولم تدرِ أنّ الموتَ عنها دقائقُ وكم من عجوزٍ بات أقصى طموحِها بأنْ يتخطّى مدخلَ الدارِ طارقُ وكانت فتاةً كان أقصى طموحِها بأن يتمنّاها من الناسِ عاشقُ وكم ضَرَبَ العُشّاقُ للوَصْلِ موعدًا فحالت بهم دون اللقاءِ طرائقُ وكم أوّلَ العُشاقُ أضغاثَ نومِهم بأنْ يلتقوا يومًا وأنْ يتعانقوا وكم ذَرَفت للذكرياتِ محاجرٌ وكم خَفَقَت بالأُمنياتِ خوافقُ هو الدهرُ عِشْ فيهِ كما شاءَ لا كما تشاءُ فما أيّامُهُ تتوافقُ تحيتي موسى بن احمد العلوني
إلى عابرة ما بالُ عينيكِ من عيني على حَـذَرِ؟ أأنتِ آذتك مني كثرةُ النظرِ! عُـذرًا فلن تمنعي عينيَّ إن غَـوَتا فالطرفُ طرفي وقلبي ليس من حَـجَـرِ دعي جمالَـكِ تُنسيني مفاتنُـهُ أنَّ الزمانَ جثا يَـقتاتُ من عمُـري أُلقيتُ في غيهبِ الجُبِّ القديمِ وما آنستُ صوتاً لسيّارينَ في أثري وكنتُ كالــدُّرِّ في قاعِ السرابِ وكم مرت قوافلُ لم تبحثْ عن الدُّررِ وهمتُ في الأرضِ كالأوراقِ ذاهبةٌ بها الرياحُ لتُقْصيها عن الشجَرِ ولا أزالُ على شُغْلٍ بسيدةٍ كأنّ ضِحكتَها عزفٌ على وترِ أحببتُها وأحبّتني وكنتُ لها كمنزلِ المبتدا من منزلِ الخبَرِ وعندما حالت الأقدارُ وابتعدت أضعتُ دربيَ إذ أتبعتُها بصري فضاقت الأرضُ حتى صار يجرحُني همْسُ النسيمِ ولمسُ الوردِ والزهَـرِ حتى سئمتُ من الدهر الطويل ومن شكْلِ النجومِ ووجه الشمسِ والقمرِ طالَ الزمانُ وشاخت كلُّ ثانيةٍ واحدودبتْ نُطَفُ الأرحامِ من كِبَرِ وها أنا اليومَ منسيٌّ على قلقٍ أراقبُ القدَرَ المُفضي إلى قدَرِ وها هو القدرُ المحمودُ يجمعُنا فلا تضيقي وغُضّي الطرفَ وانتظري تحيتي موسى احمد العلوني
قصيدة بعنوان: كلمات منحوتة على قبر بطل مجهول ما للنسائمِ أضحت لا تُحييني! وما لظُلمةِ ليلي لا تُجلّيني! للهِ ما أظلمَ التاريخَ حيثُ جفا ذِكري، وخلّد غيري والذي دوني ظُلمًا يُخلّدُ ذكرى نملةٍ فزِعت من هولِ جيشِ سُليمانٍ ويُخفيني وكنتُ أحسبُ أن الخُلْـدَ وقْعُ خُطىً بين المفازاتِ أو بين البساتينِ وهل خُطى قدمٍ فوق الثرى عبرت آثارُها كخُطى الأقدامِ في الطينِ! ما كان نصرُ صلاحِ الدينِ في حلبٍ أبهى وأعظمَ من نصري وتمكيني ولم تكن سجعةُ الكُهّـانِ في نبأٍ أمضى وأصدقَ من حدسي وتخميني وعندما كان فرسانُ القصائدِ في أصلابِ آبائهم سارت دواويني وما تناسلت الأيامُ أجمعُها إلا لتشهدَ ذي قاري وحِطيني وكنتُ أحسبُ فيما كنتُ أحسبُهُ أنّ الزمانَ إذا وليتُ يرثيني حتى تساءلتُ حين الموتُ باغَتَني: بالله كيف يعيشُ الناسُ من دوني! وها أنا اليوم منسيٌّ بلا أثرٍ حتى النسائمُ أضحت لا تُحييني 1440/7/11هـ تحيتي موسى احمد العلوني