وَأَتَاهُ أَهْلُ جَرْبَاءَ وأذرح وأعطوه الْجِزْيَةَ، وَكَتَبَ لَهُمْ رَسُولُاللَّهِ ﷺ كِتَابًا فهو عندهم، قَالَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَكَتَبَ لِأَهْلِ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ، ((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: هذا كتاب مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لِأَهْلِ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ، أَنَّهُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَأَمَانِ مُحَمَّدٍ، وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مِائَةَ دِينَارٍ فِي كُلِّ رَجَبٍ، وَمِائَةَ أُوقِيَّةٍ طَيِّبَةٍ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَيْهِمْ كَفِيلٌ بِالنُّصْحِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)).. انتهى
يبدو بنفس وقت الصلح مع أيلة، تمّ الصلح بين المسلمين وأهل الجرباء وأذرح على الجزية أيضا.
ويذكر الساعاتي[[3]] الكتاب الموجه إلى أهل أذرح: هذا كتاب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسنه بإذن رسول الله ﷺ (قال يونس عن ابن اسحاق) لأهل جرباء وأذرح انهم آمنون بأمان الله وأمان محمد وإنما عليهم مائة دينار في كل رجب ومائة أوقية طيبة وان الله عليهم كفيل بالنصح والإحسان إلى المسلمين ومن لجأ اليهم من المسلمين.
[1] تعني كلمة أذرح سلسلة التلال الحمراء، وأصل الكلمة تسمية عربية قديمة يعود أصلها للجذر الثلاثي (ذَ-رَ-حَ) والذي يعود إلى اللغة العربية الجنوبية القديمة ويفيد بمعنى الاحمرار. فكلمة أذرح هي جمع الجمع لكلمة ذريح التي هي الجمع لكلمة ذريحة التي تعني التل الأحمر في اللغة العربية. ويؤكد هذا القول الطبيعة الجغرافية للمنطقة. اشتهرت اذرح قديما بوفرة وعذوبة مائها الذي كان يجري مشكلا "سيل اذرح" قبل أن ينضب في نهايات القرن قبل الماضي كنتيجة حتمية للضخ الجائر المرافق لشح الأمطار، كما اشتهرت بكثرة اشجارها وبساتينها حيث ذكر الإدريسي انها في غاية الخصب وكثيرة اشجار الزيتون واللوز والتين والكروم والرمان، وزارها عام 1845م الرحالة الفنلندي جورج فالين وقال عنها :"وصلنا إلى عين اسمها "أذرح" مياهها الغزيرة تتجمع في حوض بسفح تلة، تربتها غنية مخضرة وعلى الضفة الأخرى من الحوض الذي يحاكي بحيرة صغيرة آثار كثيرة لمحلة قديمة محصنة يحيط بها سور رباعي...وحول العين تمثل حقول ذرة كبيرة والخضرة فيها نضرة ونمو الزرع ممتاز وماء العين صاف وعذب " وقد ورد ذكر أذرح في أشعار العرب أكثر من مره. وتعود شهرتها قديما منذ العهد الروماني عندما انشيء فيها معسكر لاحدى الفيالق الرومانية لا زالت اسواره وتحصيناته وقنواته المائية ماثلة للعيان حتى يومنا هذا، فيما استمر الاستيطان بها في العهد البيزنطي، يدلل على ذلك بقايا الكنائس التي لا زالت موجودة في الموقع الاثري بها. [2] البداية والنهاية ط الفكر ج5 ص16 [3]أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي. تحقيق: محمد عبدالوهاب بحيري. الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومعه كتاب بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني (الطبعة القديمة). تصوير دار إحياء التراث العربي. الجزء الجزء الحادي والعشرون : تابع السيرة النبوية. صفحة 197.