1ـ (ليلى)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هي ليلى بنت لكيز بن مرّة بن أسد بن ربيعة من بني تغلب بن وائل احدى قبائل ربيعة بن نزار العربية. اشتُهرت في التراث العربي باسم «ليلى العفيفة».
كانت اصغر اولاد لكيز ، نشأت في حجر أبيها وبرعت بفضلها وكانت تامة الحسن كثيرة الأدب وافرة العقل، وأملح بنات العرب في عصرها وأجملهن خصالا. شاع ذكرها عند العرب حتى أقاصي اليمن فتقدم لخطبتها كثيرون من سَراة العرب وكبرائهم، منهم عمرو بن ذي صهبان من ابناء ملوك اليمن. رفضتهم جميعا لانها كانت تكره ان تتزوج احد من غير قبيلتها.
كانت، ليلى أجمل وأملح، بنات العرب في عصرها، وأفضلَّهن خصالا، في الخُلْق والاخلاق !!
كانت، آية في الجمال، ودمِثة الأخلاق، وذاع صيتُها، بأنها تامة ألحُسْن ْ، كثيرة الأدب، ورزينة في، التحّدث.
تقدّم لخطبتها كثيرون من رِجالات العرب،
كانت ليلى تود لو أن أباها زوّجها بابن عمها البرَّاق، لكن الاب كان يود غير ذلك،فلم تعص أمر أبيها وصانت نفسها تعففاً فلقبت بالعفيفة.حفظت شرفها ورفضت المال والشهرة. وكان هذا سبب تسميتها( بالعفيفة).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
2ـ فارس اسمه البرّاق:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
البرَّاق هو أبو نصر البرَّاق بن روحان بن أسد بن بكر بن مره من بني ربيعه .. احد فروع قبيلة تغلب بن وائل من قبائل ربيعة بن نزار.
كان، البرّاق، فارس ربيعة ورجلها المقدام،
و هو من قرابة المهلهل و كليب إبني ربيعة بن وائل .. و كان شاعراً مشهوراً و من أبطال العرب المعدودين و هو جاهليٌ قديم ..
كان فارس ربيعة وفاتكها المقدّم، قال عنه المؤرخون «إليه انتهى عزّ ربيعة وشرفها»، وكان ذلك قبل وائل كليب بن ربيعة المعروف بالزير سالم.
تتعلَّق، البرّاق ب ليلى ابنة عمه، وبادلته الحب واحبّته، كثيرا ً !! لكن والدها كان يريد أن يزوجها بأحد الملوك، لعله يجد فيه منقذاً لقومه وملاذاً لهم عند الشدائد.
ــــــــــــــــــــــــــــ
بداية القصة او الحكاية
ــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ زواج ليلى والحرب بين ربيعة وقضاعة وطي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
كان لكيز والد ليلى يتردد على عمرو بن ذي صهبان ابن أحد ملوك اليمن فيجزل عطيته، ويحسن إكرامه، فخطب منه ليلى وجهز إليه بالهدايا السنية، فأنف أن يرد طلبته، وأمل أن يكون الملك فرجاً لشدائد قومه، وحصناً في جوارهم، وذخيرة في عظائم أمورهم.
صعب الأمر على البرَّاق لما بلغه الخبر، واستاء من رفض عمه زواجه من ليلى، ورحل عن قومه، ونزل على بني حنيفة (من قبائل بكر بن وائل).
واثناء غياب البرَّاق عن قومه ثارت حرب ضروس بين بني تغلب قوم البرَّاق وبين قبائل قُضاعة وطيء ،بسبب مقتل سيد ربيعة القارظ العنزي، فتعاظمت الشرور، واتسع الخرق، وقتل الكثيرون من الفئتين، ودارت الدوائر على بني ربيعة، فاجتمع اليه كليب بن ربيعة وإخوته يستنجدونه.
فقالوا له: يا أبا النصر قد طم الخطب ولا قرار لنا عليه. وأنشده كليب:
ـــــــــــــ
إليك أتينا مستجيرين للنصر ** فشمر وبادر للقتال أبا النصر
وما الناس إلا تابعون لواحد ** إذا كان فيه آلة المجد والفخر
فناد تجبك الصدي من آل وائل ** وليس لكم يا آل وائل من عذر
فأجابه البرَّاق متهكماً:
ــــــــــــــــــــــــــــــ
وهل أنا إلا واحد من ربيعة ** أعز إذا عزوا وفخرهم فخري
سأمنحكم مني الذي تعرفونه ** أشمر عن ساقي وأعلوا على مهري
وأدعو بني عمي جميعاً وإخوتي ** إلى موطن الهيجاء أو مرتع الكر
ثم ردهم خائبين.
وبلغ الأعداء امتناع البرَّاق من القيام بقومه، فأرسلوا إليه يعدونه بما شاء من الكرامة والسيادة فيهم إن آزرهم على قتال ربيعة. فأخذت البرَّاق الغيرة لذلك، وزال ما كان في قلبه من الحقد والضغينة على قومه وأجاب بني طي:
لعمري لست أترك آل قومي *** وأرحل عن فنائي أو أسير
بهم ذلي إذا ما كنت فيهم *** على رغم العدى شرف خطير
أأنزل بينهم إن كان يسر *** وأرحل إن ألم بهم عسير
وأترك معشري وهم أناس *** لهم طول على الدنيا يدور
فكف الكف عن قومي وذرهم *** فسوف يرى فعالهم الضرير
وأمر رجاله بالركوب فركبوا وامتطى هو مهرته شبوب وكسر قناته وأعطى كل واحد من إخوته كعباً منها وقال لهم: حثوا أفراسكم، وقلدوا نجبائكم قلائد الجزع في الاستنصار لقومكم.
وانشد قائلا:
ـــــــــــــــــ
أقول لنفسي مـرة بـعـد مـرة ** وسمر القنا في الحي لا شك تلمع
أيا نفس رفقاً في الوغى ومسـرة ** فما كأسها إلا من السـم ينـقـع
إذا لم أقد خيلاً إلى كـل ضـيغـم ** فآكل من لحم العـداة وأشـبـع
فلا قدت من أقصى البلاد طلائعـاً ** ولا عشت محموداً وعيشي موسع
إذا لم أطأ طياً وأحلافهـا مـعـاً ** قضاعة بالأمر الـذي يتـوقـع
فسيروا إلى طي لنخلـي ديارهـم ** فتصبح من سكانها وهي بلـقـع
فامتثلوا رأيه وتفرقوا في أحياء ربيعة، واستصرخوا قبائلهم، فجزعت ربيعة لجزع البرَّاق، وأخذت أهبتها للحرب وتواردت قبائلها من كل فج وعقدوا له الرئاسة في قومه، ثم ساروا إلى ديار قضاعة وطي مقدمتهم البرَّاق ووائل و المهلهل و ابو نويره التغلبي و حارث ابن عباد البكري، فتقابل الجيشان فخرج نصير الطائي وهو من اشد الناس باسا و اقواهم مراسا .
فقال البراق :
ـــــــــــــــــــ
دعاني سيد الحيين منا * بني أسد السميذع للمغار
يقود إلى الوغى ذهلاً وعجلاً * بني شيبان فرسان الوقار
وآل حنيفة وبني ضبيع * وأرقمها وحي بني ضرار
وشوساً من بني جشم تراها * غداة الروع كالأسد الضواري
وقم بني ربيعة آل قومي * تهيأوا للتحية والمزار
إلى أخوالهم طي فاهدوا * لهم طعناً من العنوان واري
صبحناهم على جرد عتاق * بأسياف مهندة قواري
ولولا صائحات أسعفتهم * جهاراً بالصراخ المستجار
لما رجعوا ولا عطفوا علينا * وخافوا ضرب باترة الشفار
فيا لك من صراخ وفاتضاح * ونقع ثائر وسط الديار
أنا ابن الشم من سلفي نزار * كريم العرض معروف النجار
وحولي كل أروع وائلي * سديد الرأي مشدود الإزار
فأغاروا عليهم، وانطبقت عليهم الفرسان من كل جانب فبرّحوا بهم القتل وانهزم الباقون، ثم عاد القوم إلى القتال وطالت الحرب بينهم، تارة لقوم البرَّاق وأخرى عليهم، إلى أن أظفره الله بأعدائه وامتلأت أيديه من الغنائم وانقادت له قبائل العرب. وكان قد فك أسرى قومه،واسترجع الظعائن وكانت من جملتهن ليلى، واصطلحت القبائل بعد ذلك وأقروا للبرَّاق بالفضل والشرف الرفيع.
أما عمرو بن ذي صهبان خطيب ليلى فإنه أرسل إلى لكيز والدها يستنجزه وعده في أمر ابنته. فلم ير بداً من إجابة دعواه. إلا أن ابناً لكسرى ملك العجم حال دون مرامه فأرسل فرساناً سبوها في طريقها وحملوها إلى فارس مرغمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
2ـ اسر ليلى وتخليصها من ايدي الفرس :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
عندما نزل لكيز و بعض من معه من ربيعة نواحي من بلاد فارس نزلت ليلى مع ابيها ... فعلم ملك الفرس بخبرها و حسن جمالها وادبها واخلاقها الحميدة ، من أحد رجال حاشيته ..
فقال له الملك .. ماعسانا نبلغ منها .. والبدوية العربية تفضل الموت على ان يغشاها اعجمي ..
فقال له .. ترغبها بالمال .. ومحاسن المأكل .. والمشرب والملبس ..
فأرسل الملك فرساناً سبوها في طريقها وحملوها إلى فارس مرغمة.وانتزعها عن ابيها .. وراح يعرض عليها عبثآ .. كل ما يشتهى ويستطاب .. وهددها وتوعدها .. وعاملها بأقسي أنواع التعذيب ليري وجهها، بلا طائل .. فأبت عليه ذلك .. وخيرته بين ان يقتلها اويعيدها الى ابيها .. فلما تولاه اليأس اسكنها في مكان .. واكتفى منها برؤية قوامها .. بين حين وحين الظاهر تحت ملابسها ..
وآثرت قسوة عذاب الأسر صامدة ولسانها ما انفك يردد:
غللوني قيدوني ضربوا
ملمس العفة مني بالعصا
يكذبُ الأعجمُ ما يَقربُني
ومعي بعض حشاشات الحيا
ولما ضيقوا عليها استصرخت بالـبَـرَّاق ابن عمها وبأخوتها لتشحذ همتهم بقصيدة تصف فيها ماحدث لانقاذها،
و اعقـدوا الرايـات فـي أقطارهـا ** و اشهروا البيض و سيروا في الضحى
يا بنـي تغلـب سيـروا و انصـروا ** و ذروا الغفلـة عنـكـم و الـكـرى
و احـذروا العـار علـى أعقابـكـم ** و عليكـم مـا بقيتـم فـي الـورى
ويصدف أن يسمع راعٍ عربي ليلى وهي تستصرخ وتندب قومها بهذه الأبيات فيسرع إلى البراق يبلغه صرخة المناجاة الحزينة، فما كان من البراق إلا أن اعتلى صهوة جواده وانطلق يعفر الفيافي ليخلّص المليحة المنكسرة من جور الأسر الفارسي فاستحق الفوز بها.
فانشد في قومه
لم يبق يا ويحكم إلا تلاقيها ** ومسعر الحرب لاقيها وآتيها
لا تطمعوا بعدها في قومكم ** مضر من بعد هذا فولوها مواليها
فمن بقي منكم في هذه فله ** فخر الحياة وإن طالت لياليها
ومن يمت مات معذوراً وكان ** له حسن الثناء مقيماً إذ ثوى فيها
إن تتركوا وائلاً للحرب يا ** مضر فسوف يلقاكم ما كان لاقيها
أبلغ بني الفرس عنا حين تبلغهم ** وحي كهلان أن الجند عافيها
لابد قومي أن ترقى وقد جهدت ** صعب المراقي بما تأبى مراقيها
أما إياد فقد جاءت بها بدعاً في ** ما جنى البعض إذ ما البعض راضيها
وقال ايضا:
ــــــــــــــ
لا فرجن اليوم كـل الـغـمـم ***من سبيهم في الليل بيض الحرم
صبراً إلى ما ينظرون مقدمـي إني*** أنا البرَّاق فـوق الأدهـم
لارجعن اليوم ذات الـمـبـسـم*** بنت لكيز الـوائلـي الأرقـم
وانشد كذلك:
أمن دون ليلى عوقتنا الـعـوائق ** جنود وقفر ترتعيه النـقـانـق
وغربها عني لكيز بـجـهـلـه ** ولما يعقه عنـد ذلـك عـائق
وقلدني مـا لا أطـيق إذا ونـت ** بنو مضر الحمر الكرام الشقائق
وإني لأرجوهم ولـسـت بـائس ** وإني بهم يا قوم لا شك واثـق
فمن مبلغ برد الأيادي وقـومـه ** بأني بثاري لا محـالة لاحـق
واجتمعت لديه قبائل ربيعة بن نزار وأحلافهم لحرب الفرس فانتصر البرَّاق عليهم، واستنقذ ليلى ابنة عمه منهم.. واستحق أن يفوز بها ليتكلل حبهما العفيف و الطاهر بالزواج .
لكنه فجع بقتل اخيه غرسان في ارض الفرس فقال فيه:
بكيت لغرسان وحق لـنـاظـري ** بكاء قتيل الفرس إذ كـان نـائيا
بكيت على واري الزناد فتى الوغى ** السريع إلى الهيجاء إن كان عاديا
إذا ما علا نهـداً وعـرض ذابـلاً **وقحم بـكـرياً وهـز يمـانـيا
فأصبح مغتـالاً بـأرض قـبـيحة ** عليها فتى كالسيف فات المجاريا
وقد أصبح البراق في دار غـربة ** وفارق إخوانـاً لـه ومـوالـيا
حليف نوى طاوي حشاً سافح دمـاً ** يرجع عبرات يهجن البـواكـيا
ـــــــــــــــــــــ
3ـ وفاة البرَّاق:
ــــــــــــــــــــ
تولى البرَّاق رئاسة قومه بني تغلب زمناً طويلاً، وصارت قبائل ربيعة بحسن تدبيره أوسع العرب خيراً. وتوفي نحو عام 479 م.
قالت ليلى العفيفة وهي ترثي ابن عمها البرَّاق :
قد كان بي ما كفى من حزن غرسان ** والان قد زاد في همي واحزاني
ما حال برَّاق من بعدي ومعشرنا ** ووالدي واعمامي واخواني
قد حال دوني يا براق مجتهدا ** من النوائب جهد ليس بالفاني
لما ذكرت غريبا زاد بي كمدي ** حتى همت من البلوى باعلان
تربع الشوق في قلبي وذبت كما ** ذاب الرصاص اذا اصلي بنيران
فلو تراني واشواقي تقلبني عجبت ** براق من صبري وكتماني
لا در كليب يوم راح ولا ابي ** لكيز ولا خيلي وفرساني
عن ابن روحان راحت وائل كثبا ** عن حامل كل اثقال واوزان
وقد تزاور عن علم كليبهم وقد ** كبا الزند من زيد بن روحان
واسلموا المال والاهلين واغتنموا ** ارواحهم فوق قب شخص اعيان
حتى تلاقاهم البرَّاق سيدهم اخوا ** السرايا وكشف القسطل الباني
ياعين فابكي وجودي بالدموع ** ولا تمل يا قلب ان تبلى باشجان
فذكر براق مولى الحي من اسد ** انسي حياتي بلا شك وانساني
فتي ربيعة طواف اماكنها ** وفارس الخيل في روع وميدان
ولها أيضا في مدح البرَّاق وهي ترد على ام الاغر اخت كليب وكانت لامتها على جزعها لموت البرَّاق.
أم الاغر دعي ملامك واسمعي ** قولا يقينا لست عنه بمعزل
برَّاق سيدنا وفارس خيلنا وهو ** المطاعن في مضيق الجحفيل
أَبا النَصـرِ بنَ روحـانٍ خَليلـي ** كَـفـى شَـرّاً فَمـاذا تَفعَلونـا
ــــــــــــــــــــــــــــــ
4ـ وفاة ليلى العفيفة:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
توفيت ليلى العفيفة بعد أربعة أعوام من وفاة زوجها 483 م /144قبل الهجرة النبوية .
ــــــــــــــــــــــــــ
5ـ ليلى وأسمهان
ــــــــــــــــــــــــــ
اجتذبت قصة ليلى العفيفة وأشعارها خيال العديد من الفنانين الذين غنوا قصائدها ومنهم (ابراهيم حمودة) والمطربة العربية الأميرة الجميلة الرقيقة ذات الصوت الذهبي المبهر(اسمهان) ،مجسدة بنبرتها آلام ليلى وإباءها وعزتها. غنت اسمهان «ليت للبراق عينا» عام 1938 ولحن الأغنية الفنان محمد القصبجي، لكنها اقتصرت على بضع ابيات، وصورت ضمن فيلم «أميرة الشرق» وهو يحكي قصة ليلى العفيفة. غير ان اقتران الملك فاروق بفريدة أخت شاه ايران اوقف العمل بالفيلم.
وتعبيرا عن إعجابها بأداء أسمهان لهذه القصيدة قامت الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة بتسمية ابنها الوحيد البرَّاق رغم صعوبة هذا الاسم وندرته.