جيمس وليم هاكيت (1929-2015) شاعر أميركي عُرف بتأليفه لشعر الهايكو في اللغة الإنجليزية، وبعد وفاته أُعلن عن جائزة باسم ”جائزة جيمس هاكيت الدولية السنوية للهايكو“ أدارتها جمعية الهايكو البريطانية من 1991 إلى 2009.
كتابه الأهم، والذي يضم عدداً كبيراً من قصائد الهايكو صدر بعنوان ”طريقة الهايكو“ سنة 1969. وفي مقدمة هذا الكتاب يقول الشاعر إن قصائده ليست محاكاة لقصائد الهايكو اليابانية بل إبداعات أصيلة باللغة الإنجليزية، وتعكس كل قصيدة تجربته في تأمل واستكشاف جمال الطبيعة في حديقته وفي براري أميركا
***
أشجارُ الكينا
بكثافة اخضرارها تهمسُ….
عِطْرَ الصيف.
لعبةُ الجندب:
يحطُّ على رأس ورقةِ عشبٍ
ثم يمتطي التأرجح.
يتوقّف التفكيرُ الآن
يمنح الذهنُ الانتباهَ للعين:
عالمُ الخريف.
الزهرةُ التي لا اسم لها
التي تغطي المرج هي
لونٌ أصفر تستطيع تذوّقه.
في مسكنٍ فوق الغيوم
هناك تعيش
العزلةُ القديمة.
يصارعُ النسرُ
كي يحلّق، وحالما يصبح في الأعالي
نادراً ما يخفق جناحيه.
تتألّف من الحصى
وأوراق الخريف والظلال المتبدلة:
ضفةُ هذا الجدول.
الفجْر في غاية الهدوء
لكنّ أوراق الأشجار العالية
تكشف عن حضوره.
لم يسبق أن شعر النسر بوحدة أكبر
من التي يشعرُ بها الآن
محاطاً بالغربان الناعقة.
وَرَقةٌ في الجدول
تلتفّ وتدور فجأةً
ثم تختفي.
يلتفتُ النسْر كي يرى
لكنّ عينه الباحثة تُصبح
مرآةً للشمس.
ما إن يصبح النسر
صديقاً للريح التي في القمة
حتى يصير تحليقه سهلاً.
شعرتُ بالملل على الفور
فركعتُ للأزهار البرية
ولجميع أعاجيبها.
طائرٌ طنّانٌ يحوم
كي يتذوّق الأزهار، يضيع
في دوران التويجات.
إسهامُ الإنسان
في هذه البركة الجبلية الهادئة:
علبةُ بيرةٍ قديمة.
الصخورُ والأوراقُ تمنحُ صوتاً
لهذا النبع الصامت، والبرك المائية
التي تعكس القمر.
كل ريح متموّجة
تعكس في مجرى النهر
نموذجها الضوئي.
يتضوّعُ النسيم الربيعي اللطيف
عطراً الآن
من عالم آخر ما.
صاح طفلُها:
”انظري إلى تلك اليرقة الجميلة“
لكنها لم تفعل ذلك أبداً.
هبّة الريح
تلك التي تجرّب ذاك القميص
تحتاج إلى واحد بمقاسٍ أكبر.
الدوّامة العالقةُ
في كومة الأوراق
يجب أن تصلَ إلى السماء.
الآن، ريحٌ مندفعة
تكنس الأوراق من الأشجار والأرض
وتخلطها ثانية.
خلفَ هذا الجبل
الذي يُجْهد اتساعهُ العين
عالمٌ من الخريف.
باحثاً وهو يمتطي الريح،
صيحة النسر….
هي شكلُ منقاره.
ممرٌّ خريفيٌّ عميق،
حيث لا يمكن أن تشاهد أحداً…
وحدةٌ قديمة.
مساءٌ خريفيٌّ…
إن وزنَ وحجم هذه اللحظة
جرسٌ بعيد.
على حافة الجدول
ورقةٌ تندفع دون يقين
فقط للحظة.
فجأة،ً
تصبح جميع الطيور صمتاً…
صوت السقوط.
هكذا يبدو العالم واقعياً،
لكن خلف هذه اللحظة الثابتة
ما الذي ليس حلماً؟
بعد أن كنست الريحُ
انعكاسي، لم أعد أرى أي شيء
إلا التدفق المتواصل.
ورقةٌ في الجدول
تغوصُ ببطء في التيار
نحو البركة الأعمق.
عاصفةٌ خريفية:
إن هذا العالم المضطرب
ملعبٌ للريح فحسب.
العصافير في هذه العاصفة
تطير إلى شجرةٍ بلا أوراق
وتتمسّك بهدوئها.
انعكاساتٌ شتائية…
لكن عميقاً في الجدول
وهج الخريف.
خلف كلّ ورقة تضيئها الشمس
في هذه الكرمة: الشكلُ الظليُّ
لأخرى في الخلف.
قطرةُ ندى طويلة
تسقط، تتدحرج من ورقة إلى أخرى،
ثم تغور في الأرض.
التوقيع
قد يُبتلى المـرءُ في شيءٍ يفارقـهُ
فكنتَ بلوايَ في شوقي وفي قلقي