البَرْزَخِي
====
أسمع أصواتا ً عهدتها زمنا ً , اعتادت أن تردّد اهتزازي , وصوتي لا يُسمع رغم صراخي.
أتحسّس الأشياء الموجودة , لا أشعر أنّ اللمس يعمل ؛ الحرارة والبرودة أضحت محض كلمات ...
النظر يسّطح الأماكن ويجعلها مرسومة في صفحة الزمن المتوقف..
أخترق الموجودات مع هواء الوجود ..لم أعد أُحتجَز وراء الجدران.
أمدّ كلّ ما يستطيع الإحساس منّي وأحاول إعادة ترجمتها داخلي كما هي ..غير عاديّ هذا !؟
لا أستطيع الوصول إلى ما أريد ..!؟
كلّ ما يثيرني أصبح غير ملموس أو مرتدّ ..هل الإثارة أن أرتدّ عند الاصطدام بالمثار؟ ..
أن أرى الوردة فأشمّ عبيرها ..أن أسمع الشدو فأُطرب ..أن أرى الشمس ومغيبها فيلفحني حرّها ..ويُبكيني الغروب .
أيّ شتاء ٍ لم يعدْ إليه حنان الدفء!!؟
أيّ مطر ٍ ألعب تحت زخّاته لا يُشعرني باحتوائي لنزيف السحاب !؟
أيّ نار أتخطى لهيبها دون احتراق ..؟!
كيف أرى الدموع وكفّي لا يمسحها ولا يربّت على الرأس الحزين .؟!
كيف أرقص في فرح الآخرين ولا أحد يصافح يدي ؟!
أريد أن أقف بإصراري على تراب الأرض ,أُمْنِيَةً أصبحت ملحّة لأعيد تكويني مع الجماد ..أتسرّب بين ذرّاته وأختفي حتى تستردّني الحاجة من جديد ..
أيّها البرزخيّ وصولك بلا جدوى ..وفعلك غير نافع ..وصراخك لا يتعرّف عليه السمع ..
جهتك نحو الحياة بلا جدوى ..الجهة الأخرى نحو الموت ...شعور آخر .
نوافذه موصدة ورائحته تفوح من بين أساريرك ..هل تفرح إليها ؟؟ّ
لا تتعجّل ..فوصولك إلى هنا فيه جدوى ..كما لا جدوى منك !
الأشياء لم تعدْ تردّني وتمنعني..
كلّ الأقفال فُتحت ولكن بلا فائدة ..انتهت لحظة الفائدة من كلّ شيء..
من جهة بلا حدود تسربلت بظلام النهاية ..
تدرك عند إمكانك بهذا أنّ الغموض يحتجز نهمك للجديد ..
أنت الرثّ الجديد من زمن بلا صفر والنهاية طرف آخر يستردّك بلا علم منك ..
نوافذ تعبر خلالها بلا نواميس ..وتتعلم احتراف عدم وجودك ..وتسبق الحقيقة ظنّك ..جوفك تراه بلا عين وتشمّ مصيرك وتبقى بلا إرادة ..
برزخيّ أنت تنظر بعين مصيرك ما بين النعيم والعذاب ..
تُقفَل أمامك نوافذ ليست لك ..
وتُفتَح أخرى ستكون لك ..
تباشرك تداعيات الحسّ الجديد ..
وتعمل عليك أوراق النهاية ..
بتوقيع النتيجة ..
من يدك التي هي لك ...
=======
محمد عبد الحفيظ القصاب
5/3/2006 م