أوقدتُ شموعي في صينية تزينها أغصان آس وحِنّاء وشموع، وأهديتها لدجلة.
ومرادي حفظ النبل من كل مكروه.
ودَّعت نذري.. وموج النهر يدفعه بعيداً، فتناهى إلى سمعي صوت مويجة تقول لأختها.. لا تنشطي فهذه ألصينية أئتمننا عليها رجل بلغ من القهر عتيا، ضيَّع قناني عطر على ارصفة اغتراب رسمت على وجهه علامة فارقة اسمها انتماء.
رجل أنهكته المرافئ والمحطات والمطارات باحثاً وطن.
مكتوب في جواز سفره المُلغى.. إفترضتكِ وطني الذي كان، فكوني ملاذي.. علَّني أمارس التحليق ثانية ببسالة فذة.
لقد أودَعَنا (مُراده) متوسلاً ربه ان يحفظ صور النبل في هذا العالم.. فلنحفظ أمانته.
استهجنتُ كذبها، وهممتُ بالرحيل.
سمعت صوت دجلة يقول لي.. مويجاتي مازلن مرايا للنواس.
فأطلقت سراح ذاكرتي التي أعتقلتها منذ سنين، حتى توالت صور لم أتبين ملامحها، بعد أن عبثت بها الغواية.
ترى..
هل بقيت (موضة) الوفاء تزين النساء؟
وهل مازالت قطرة حيائهن على قيد الجبين؟
وهل بقيت نون النسوة محافظة على رقتها، أم شملتها حداثة التغيير فتنازلت عن ذاتها للقاف؟
وهل حافظت شفاههن على صدق القبلة أم نفخنها بالنون؟
وهل ظل دهن العود شذا أعطافهن أم ضل طريقه نحو بيوت البائرات في سوق الشرف؟
وهل بقين يشعرن بالفقد أم استبدلنه بالحقد؟
وهل مازال الإيثار علامة رشاقتهن ام شفطنه بالدينار؟
فتسرب إلى مسامعي صوت عذب :
لا تقنط ياهذا.. فمازال كل شيء هنا كما عهدته من قبل، وهذا غصن زيتون مني.. أنا صديقتك الوفية، والنوارس التي تراها تطرز وجه السماء هن أخواتك الأديبات المؤدبات.
ما زالت الدنيا بخير أيها العزيز
لن يتخلّى النبل عن أهله ما دامت السلالات عراقية عريقة
وما دامت الدعوات جارية من منابعها الطيبة
دام وفاء القلب ونقاء السريرة
ما زالت الدنيا بخير أيها العزيز
لن يتخلّى النبل عن أهله ما دامت السلالات عراقية عريقة
وما دامت الدعوات جارية من منابعها الطيبة
دام وفاء القلب ونقاء السريرة
أنا واثق من عدم تخليه طالما أنتِ علامته الفارقة.
ممتن لكرم هطولك غيثاً على يباب بوحي.
مع عظيم التقدير
ولو أن مجتمعاتنا العربية المحافظة بات يخشى عليها جدا من آثار هذا الاختلاط المفتوح المنظم والمدروس،
بغية انفلات المحافظ منها، واتباعه سبيل غيره ممن باع وتراخى وتبذل؛
إلا أن هناك بقية باقية لا تساوم على معتقداتها وأعرافها وتقاليدها الكريمة والنبيلة -وإن قلّت-
وهذا أمر طبيعي مسنون في أعمار الحضارات البشرية، ووثقه القرآن العظيم بقوله عز وعلا:
"وما آمن معه إلا قليل"...
دمتم بألق وحبور
محبتي والود
فتسرب إلى مسامعي صوت عذب :
لا تقنط ياهذا.. فمازال كل شيء هنا كما عهدته من قبل، وهذا غصن زيتون مني.. أنا صديقتك الوفية، والنوارس التي تراها تطرز وجه السماء هن أخواتك الأديبات المؤدبات.
مهما تغيرت الأمور
المبادئ الثابته باقية لا تتغير
سوق البائرات تجد فيه كل شيء
ولكن
هناك الشامخات كشموخ النخيل
يعشقن جمال الحياة ويحملن براءة القلوب وأنقى الأمنيات
تزينهن باقات الكبرياء ومختوماً على جباههن وسم الحياء
دهن العود شذا اعطافهن والإيثار علامة رشاقتهن
(كانت أيام ونحن نشاهد صواني خضر الياس وهي تطفو على سطح الماء )
(لو خليت قلبت) فيلسوفنا الغالي
تحياتي وتقديري