من ذكريات الطفولة
كنت لا أحب الصيام، وكان تلفزيون العراق قبل رمضان بيوم أو يومين يبث أغنية مصرية للأطفال، مازلت أتذكر كلماتها التي كانت تستفزني جداً وكأنها تُبث لإغاظتي
(أهو جيه يا ولاد، هيصوا يا ولاد، أهو جيه يا ولاد)
لكني لا أستطيع الجهر بحقيقة مشاعري خشية اتهامي بقلة التربية.
وقبل الآذان بساعة، أدور على جيراننا وأطرق أبوابهم لأسألهم إن كانوا قد فطروا أم لا، وأصاب بخيبة أمل حين أعرف بأن الجميع يفطرون بوقت واحد.
أعود إلى بيتنا مهموماً جائعاً، فأصب جام غضبي على شقيقي الأصغر، وأبعثه ليسأل الجيران من جديد، فيذهب مكرهاً، ويسأل:
- خالة.. عمر يگول فطرتو لو بعد؟.
- روح گله إذا بعد جيت تسأل أكسر رجلك.
فأعود وأرسله إلى بيت المؤذن الذي كان لا يبعد كثيراً عن بيتنا.
- خالة.. عمر يگول كل العالم فطرت شينتظر عمي أبو شعبب.
فيعود بطبق من مائدتهم ويبلغني برسالة أم شعيب.
- خالة ام شعيب تگول ولك أبو بطن أمة محمد كلها تفطر سوة.
كان يحدث كل هذا وأنا أكون قد شربت جرعة ماء أثناء وضوء صلاة الظهر، وذقت جميع الأكلات التي على الطباخ في غفلة من أمي.
نسأل الله العفو والعافية.
يستعد العراقيون لشهر رمضان المبارك منذ منتصف شعبان حيث يذهبون الى الأسواق الرئيسة
لشراء ما يحتاجونه في شهر الصوم وعند بزوغ هلاله يبدأ العراقيون بالاستعداد للسحور
وتجتمع العائلة العراقية علاى مائدة السحور التي تتكون من القشطة والجبن والمشاوي
وغير ذلك وبحسب الحالة المعاشية لكل عائلة ، ويترقبون موعد الافطار حيث تبدأ النسوة
في كل بيت بالتهيؤ للافطار من بعد ـأذان الظهر فاحداهن تعجن الطحين وتخبز الخبز والأخرى
تعد وجبات الافطار من حساء ومرق وتمن ومشاوي وحلويات وغير ذلك ، وقبل أذان المغرب
بقليل تبدأ العوائل العراقية بتبادل أنواع الطعام فيما بينها وبعد الأذان يقرأ كبير الأسرة دعاء الافطار
ويبدؤون بتناول الطعام بعد أدائهم صلاة المغرب ، ثم يحتسون الشاي جماعة ، ومن ثم يذهب الرجال
للمساجد لقراءة القرآن وتلاوة الأدعية وأداء الشعائر الرمضانية ، بعد ذلك يذهبون للمقاهي لممارسة
لعبة المحيبس ، أو القيام بزيارة الأقارب والجيران ، ويتكرر هذا الأمر طيلة أيام الشهر الفضيل
ما شاء الله ما أجمل هذه العادات وأخلاق أهل العراق الطيب، شعب فيه النخوة، والغيرة على الدين والأرض والوطن، شعب فيه الخير وكل الخير، ولأنه الخير فقد كان عرضة للتمزيق والتفريق ونشر الطائفية فيه والمذاهب المختلفة كي تتمزق بُنْيته ويبقى في عداد الضياع، طمعا بثرواته وبمكانة العراق وحضارتها العريقة وقتل علمائها وحرق مكتباتها وسرقة تراثها..
والله موجع جدا حد النخاع ما حصل فيها، لكن الله سيحفظها رغم كيد الكائدين ورغم ما يخططون من تفريق وتشتيت لشعبها الجبار...
وتبقى العراق رغم ما حصل فيها منارة الدول وشعلة لا تنطفئ أبدا..
والعراق الحبيب هو الشريان الرئيسي لفلسطين ..
أستاذنا الراقي والأديب الكبير الرائع
الدكتور أسعد النجار
شكرا لقلمكم البارع الذي يصف العراق بجمال أهلها وعاداتها العريقة
ستبقى العراق شوكة في حلوق الطغاة..
كل عام وأنتم الخير
وتقبل الله طاعاتكم وصيامكم وغفر لكم وأعتقكم من النار
أحيي أهل العراق بتحية ملؤها حب فلسطين لكل فرد فيها ونحن ندعو الله أن يعيدها في أحسن حال..
جمعة خير ونور وبركة
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية
من ذكريات الطفولة
كنت لا أحب الصيام، وكان تلفزيون العراق قبل رمضان بيوم أو يومين يبث أغنية مصرية للأطفال، مازلت أتذكر كلماتها التي كانت تستفزني جداً وكأنها تُبث لإغاظتي
(أهو جيه يا ولاد، هيصوا يا ولاد، أهو جيه يا ولاد)
لكني لا أستطيع الجهر بحقيقة مشاعري خشية اتهامي بقلة التربية.
وقبل الآذان بساعة، أدور على جيراننا وأطرق أبوابهم لأسألهم إن كانوا قد فطروا أم لا، وأصاب بخيبة أمل حين أعرف بأن الجميع يفطرون بوقت واحد.
أعود إلى بيتنا مهموماً جائعاً، فأصب جام غضبي على شقيقي الأصغر، وأبعثه ليسأل الجيران من جديد، فيذهب مكرهاً، ويسأل:
- خالة.. عمر يگول فطرتو لو بعد؟.
- روح گله إذا بعد جيت تسأل أكسر رجلك.
فأعود وأرسله إلى بيت المؤذن الذي كان لا يبعد كثيراً عن بيتنا.
- خالة.. عمر يگول كل العالم فطرت شينتظر عمي أبو شعبب.
فيعود بطبق من مائدتهم ويبلغني برسالة أم شعيب.
- خالة ام شعيب تگول ولك أبو بطن أمة محمد كلها تفطر سوة.
كان يحدث كل هذا وأنا أكون قد شربت جرعة ماء أثناء وضوء صلاة الظهر، وذقت جميع الأكلات التي على الطباخ في غفلة من أمي.
نسأل الله العفو والعافية.
ما شاء الله ما أجمل هذه العادات وأخلاق أهل العراق الطيب، شعب فيه النخوة، والغيرة على الدين والأرض والوطن، شعب فيه الخير وكل الخير، ولأنه الخير فقد كان عرضة للتمزيق والتفريق ونشر الطائفية فيه والمذاهب المختلفة كي تتمزق بُنْيته ويبقى في عداد الضياع، طمعا بثرواته وبمكانة العراق وحضارتها العريقة وقتل علمائها وحرق مكتباتها وسرقة تراثها..
والله موجع جدا حد النخاع ما حصل فيها، لكن الله سيحفظها رغم كيد الكائدين ورغم ما يخططون من تفريق وتشتيت لشعبها الجبار...
وتبقى العراق رغم ما حصل فيها منارة الدول وشعلة لا تنطفئ أبدا..
والعراق الحبيب هو الشريان الرئيسي لفلسطين ..
أستاذنا الراقي والأديب الكبير الرائع
الدكتور أسعد النجار
شكرا لقلمكم البارع الذي يصف العراق بجمال أهلها وعاداتها العريقة
ستبقى العراق شوكة في حلوق الطغاة..
كل عام وأنتم الخير
وتقبل الله طاعاتكم وصيامكم وغفر لكم وأعتقكم من النار
أحيي أهل العراق بتحية ملؤها حب فلسطين لكل فرد فيها ونحن ندعو الله أن يعيدها في أحسن حال..
جمعة خير ونور وبركة
.