كرومر يقدم لنا في الفصل الرابع والثلاثين من كتابه ( مصر الحديثة) الذي يقع في مجلدين ويعتبر السجل الجليل لخبرته ومنجزاته ، ضرباً من الشرعة الشخصيةالمعتمدة للحكمة الاستشراقية، قائلاً:
((قال لي السير ألفريد ليال ذات يوم :
" الدقة يبغضها العقل الشرقي، وعلى كل انجليزي يقيم في الشرق أن يذكر ذلك دائماً ، والافتقار الى الدقة . وهي الصفة التي يسهل انحطاطها، تتحول الى الكذب ، وهو في الواقع الخصيصة الرئيسية للعقل الشرقي "
فالاوروبي يُحكّم الاستدلال الدقيق .وذكره للحقائق لا يشوبه اي غموض. فهو منطقي بالفطرة ، حتى لو لم يكن درس المنطق ، وهو بطبيعته شكاك ويطلب البرهان قبل أن يقبل صدق أي قول ، وذكاؤه المدرّب يعمل عمل الالة المنضبطة .. اما عقل الشرقي فهو يشبه شوارعه الخلابة المظهر ، اي يفتقر الى أي تناسق، والاستدلال لديه أبعد مايكون عن الاتقان ، وعلى الرغم من ان العرب القدماء ارتقوا درجات عالية من العلوم الجدلية ، فأن أحفادهم يفتقرون الى ملكة المنطق افتقاراً فريداً ، وكثيراً مايعجزون عن التوصل الى أوضح النتائج من أية مقدمات بسيطة قد يعترفون بصدقها، حاول ان تحصل من اي مصري عادي على بيان واضح للحقائق وسوف تجد ان شرحه سوف يكون مطولاً بصفة عامة ويفتقر الى الوضوح.. ومن المحتمل ان يناقض نفسه ة مرات قبل ان ينتهي من كلامه.. وكثيراً ماينهار تحت ضغط أخف استجواب.
وهو يبين _ كرومر_ بعد ذلك أن الشرقيين او العرب يسهل خداعهم وانهم (يفتقرون الى النشاط وروح المبادرة) مولعون ( بالافراط في المدح والملق) وبالتآمر والمكؤ والقسوة على الحيوان ويقول ان الشرقيين لايستطيعون المشي في شارع او على رصيف ( لأن اذهانهم الفوضوية تعجز عن فهم مت يدركه الاوروبي الذكي على الفور وهو ان الشوارع والارصفة قد جُعلت للمشي)
ويقول ان الكذب متأصل في الشرقيين كما انهم ( كسالى ) ويستريبون بغيرهم وفي كل شيء يمثلون عكس صفات الوضوح والمباشرة والنبل التي ينحلى بها الجنس الانجلوسكسوني.
___________________________________________
عن كتاب( الاستشراق _ ادوارد سعيد) صفحة 95
التوقيع
هناك نظرة تختصر الحياة،،،، وصوت يختصر المسافه،،،، وشخص يختصر الجميع
وجهة نظر فيها الكثير من الصحة.. هي قلّة وعي وثقافة استغلّها الغرب لصالحهم
وليس ببعيد أن يكونوا هم السبب في هذا التردّي
هدانا الله لما فيه رشدنا
مودّة بيضاء
ليس من المعقول أن نأخذ بكل كلام كرومر هذا ، ونعممه
على كل العرب والمسلمين ، لأنه نطق بما يكنّه في نفسه
حولنا وعنا ، وليس الغربي ملاك إلى الحد الذي ذكره .
ولا تنسَ أخي الكريم عصام أن المستشرقين بشكل عام
قد أضرّوا بالعرب ، وبأدبهم العربي والإسلامي .
لا ننكر أن ماذكره فيه بعض المصداقية ، لكننا لا ندعمه .
رحم الله الأديب ادوارد سعيد
ولك تحياتي
أخي الكريم.. تحية واحترام.
وردت في مقالكم هذا جملة (فالاوروبي يُحكّم الاستدلال الدقيق .وذكره للحقائق لا يشوبه اي غموض) وكأنه من الذكر الحكيم، ولا أدري على أي أساس بنيت هذه القناعة، إذ لم توضح لنا ركائز ما أوردت.
وتعضيداً لما تفضلت به الأخت بسمة عبدالله أقول أن جل المستشرقين دسّوا السم في العسل، وباستطاعتي الاستشهاد بالعشرات من كتاباتهم، ولكني سأختصر ردي بتناول أحد الكتاب المستشرقين، وأحد الكتاب العرب الذين فتحوا الباب على مصراعيه لتناولنا بفساد الرأي وكشف العورات.
كتاب (ألإسلام في العصر الوسيط) لمؤلفه (نيكيتا إيليسف) حيث تناول أعظم رموزنا الفكرية والبلاغية والسياسية، ومن بينهم الإمام علي (كرم الله وجهه) إذ صوّره بالفشل التام ومن كل الوجوه، متناولاً النتائج لا المسببات والظروف.
ومن ضمن ما ادعاه، تلك الآراء المجحفة حول دوره في معركة الجمل وقبوله بالتحكيم، وعدم تكليف النبي (عليه الصلاة والسلام) له بأي مهمة ديبلوماسية، وتهافته على السلطة، وخسارته قوته الضاربة (ألخوارج).. إلخ.
وممن فتح لهم هذا الباب أديب عربي كبير، وأقول كبيراً لامتلاكه أدوات جنس الأدب الذي عمل فيه، وتمكنه من التحليل واللغة وبناء الشخصيات.. لكنه أساء للعرب وبالتحديد الشعب المصري العظيم، بإظهار مجتمع القاع كاللواط والفتوات والدعارة والتسول والشعوذة الاحتيال.. الخ.
وما الجائزة التي نالها هي تكريم لعبقريته الأدبية فقط، بل لسياسته غير المعلنة وتآمره على إنسانية العرب أيضا، إن لم تكن هي الأساس.
ونحن كقراء نتناول الكتاب ابتداءً من العنوان ودار النشر والتوطئة ومن ثم المتن وصولاً للخاتمة، وما على حضرتك أيها العزيز إلا مراجعة دور نشر هذه الكتب، وستتأكد من عدد الدوائر الحمر التي تحيط بهذه الإسماء.
وما أوردته أعلاه لا يعتبر تعمميماً بل هو تشخيص للغالبية، وممن آنصفوا العرب وتاريخهم المستشرقة الألمانية (زيگريد هونكه) مؤلفة كتاب (شمس العرب تسطع على الغرب). [SIZE="5"][/SIZE]