كانت تبحث عنه،
فأحبَتْ كل مَن مر بها..
وحين عثرت عليه قالت له :
- أنت حبي الوحيد..!
-------
كانت تبحث عنه،/ قصة خاطفة لعدة معان ودلالات تستوجب عدة أسئلة، لماذا كانت تبحث عنه؟ سؤال هو كبداية محيرة ومشوقة تدفع القارئ أن يتابع القراءة لمعرفة الهدف من البحث.
هل تبحث عنه لطلب مساعدته ؟ هل هي زوجته ؟ هل هي من أهله ؟ هل هي عشيقته؟ ...
فأحبَتْ كل مَن مر بها../ جملة سردية خبرية صيغت كانفراج مساعد لفهم سبب عملية البحث ، وما دامت أحبت كل من مر بها ،فالبطل الغائب هو كذلك مر من هناك، كعشيق غير دائم ، وإنما هو كعابر ليلة ماجنة، لكن قد نتساءل :
لماذا بحثت عنه بالتحديد ؟ لماذا كلفت نفسها في البحث عنه عن طريق التخاذل والمراوغة؟ لماذا لم تختر عابر سبيل جديد؟ أهو قوي؟ أهو مشبع للرغبة الفاسدة؟ أهو غني؟
أعتقد أن هناك سببا خفيا دفعها للبحث عنه، ربما أنها ملَّت من التسكع في ليالي الفساد، فأرادت أن تستر نفسها بهذا الرجل؟ هل رأته ضعيف الشخصية؟ قد يستمر معها في مغامراتها المشوهة؟ هل كان السبب أنها أصبحت غير مقبولة لكل الزبناء؟
هل فقدت جمالها وزينتها؟ فلم تعد تصلح لأحد ؟ هل تريد أن ترتبط به مجددا لمساعدتها والإنفاق عليها؟
اعتراف جاء متأخرا، أي حب هذا؟ فالحب الذي بني على اختلاس الشهوة لا يطول ، له زمن قصير، ومع تكرار الفعل يتلاشى. وقد يدفن في الماضي بعد انتهاء لحظة اللقاء الأول.
بطلة مخادعة، بنت وهمها على حب ممسوخ ،اما ادعاء/- أنت حبي الوحيد..!/ فما هو إلا حيلة تلونت بلون الحب الزائف؟ لا تنطلي إلا على المغفل والبليد.
قصة تبدو بسيطة في لغتها ، لكنها منيعة في بنيتها وتركيبتها الفنية ،بعيدة عن اللغة المعقدة، والمجاز المغرق في الغموض. ومن هنا نجد جمالية قصة "زيف" تكمن في وضوح لغتها، لكنها مشحونة بالدلالات والمعاني الساكنة بين فجوات النص، و
التي تتفرع عنها تيمات عديدة / الفساد الخفي/ الشهوات المتنوعة/ السقوط في الرذيلة/ بيع الذات بأرخص الأثمان/ الخلق الفاسد/ التربية المنحرفة/.. النفاق / التغير والتبدل للشخصية/ ...
قصة شكلت بعدا فنيا في بناء الحدث برمزية عالية دون التصريح بطابوهات لا ترضى عنها الأخلاق الحميدة.
جميل ما كتبت وأبدعت أخي المبدع المتألق علي أل طلال... ،فقراءتي ليست نهائية، يمكن أن تنال قراءات متعددة.
تحياتي وتقديري