إن قلتُ إنّكِ خائنةْ
فهي الحقيقةُ شائنةْ
فخيانتي في الحبِّ لا أنْ تَمنحي جسدًا لِغيري بالعقودِ مُقنّنةْ
فقد اشتراهُ - بِمَهرِهِ - المخدوعُ،
مَيْـتًا باردَ الإحساسِ،
كانَ القلبُ لي من أزمنةْ
لا بلْ بهذا خُنتِهِ مُتمكِّنةْ!
أما الخيانةُ لي: خيانةُ مبدئي
وغباءُ عقلِكِ أنْ تَرَيْ أنوارَ فكري في فَضاكِ ملوّنةْ
ولَهَا تُغِذيّنَ الخُطَى ولْهَى وإنّكِ مُذعنةْ
لا حبَّ إلا إن تطابقتِ الرُّؤَى للأمنياتِ المُمكنةْ
يا سوسنةْ
أنا لن أحبَّكِ مرةً أخرى، ولن أُغرَى بكونِكِ فاتنةْ
لا نفعَ للوجهِ الجميلِ ولا لُدونةِ مَلبنةْ
إن كانتِ الأفكارُ تَحيا في النُّهَى مُتغضِّنةْ
فإذا ظننتِ بأنَّ فكرَكِ صائبٌ وأنا المُغيَّبُ في سِنَةْ
فهي النتيجةُ نَفسُها: ما تَبتغينَ مِنَ الذي أفكارُهُ مُتطاحنةْ؟
كوني إذنْ مع مَن تَرينَ أصولَ فكرِكِ دَيدَنَهْ
وَحَرِيّةٌ بي في الهَوَى حُوريّةٌ
أُنثى لها حُريًّةٌ
تَحيا بأفكاري بلا أيِّ اصطناعٍ أو خُنوعٍ
حين تَغفو في ضلوعي ساكنةْ
أنا لا أريدُ بمهجتي أمَةً تُطيعُ جميعَ أهوائي اضطرارًا كالطيورِ الداجنةْ!
وأنا كذلكِ لا أهيمُ بمَن تُبارزُ رؤيتي في كلِّ أمرٍ بالسيوفِ مُسنّنةْ!
إن التناسبَ أنْ نَرَى وجهَ الحياةِ بنظرةٍ متوازنةْ
لا أن نَعيشَ بلا هُدَى، أفكارُنا مُتلاعنةْ!
كوني إذن مُتيقّـنةْ:
أنّي لِفكرِكِ خائنٌ
وبعينِ إحساسي وفكري، لستِ إلا خائنةْ!
محمد حمدي غانم
10/11/2016
مرَّتْ على قفصِ الأسودِ فَحَوقَلتْ: = "ماذا دَها الآسادَ، كانت أَعظَما؟!
في (السيركِ) صارتْ للمدِّربِ لُعبةً = بالسوطِ تَرضَى الذلَّ حتى تُطعَما
حتى تماثيلٌ لها، فيها بَدَتْ = دونَ الشواربِ، لا أراها أوسما!
أينَ الأسودُ؟".. فقلتُ: في غاباتِها = زُوري العَرينَ إذا أردتِ الضَّرغَما
لا تَعرِفُ الآسادُ إلاّ عزَّها = والليثُ إن نَكَصَ الجميعُ تَقَدَّما
فاللهُ خالقُها بأحسنِ فطرةٍ = سبحانَ مَن خلقَ الأسودَ فَكَرَّما
أمّا إذا ربَّى الجبانُ أسودَهُ = صارتَ كِيانا كالعبيدِ مُحَطَّما
فَدَعوا الأُسودَ هناكَ في غاباتِها = فلها زئيرُ الحُرِّ حينَ تَكَـلَّما
محمد حمدي غانم
23/9/2017
* في القصيدة إشارة إلى تماثيل الأسود الأربعة الموضوعة على مدخلي كوبري قصر النيل بالقاهرة، فقد نسي النحات الفرنسي صنع شوارب لها!
لا تخبروا طفلا يَعيشُ بداخلي أني كَبُرتُ وشابَ شَعري
ما زلتُ في أحلامِه غَضَّ الهَوَى أجرى وراءَ فَراشِ شِعري
تركَ الزمانُ ندوبَه بملامحي لكنّ قلبي ليس يدري
جُرحي براءةُ عارفٍ في عزلةٍ عاشَ الحياةَ بكل طهرَِ
طفل كبير إنني، وبمهجتي طفل صغيرْ
زهر الرُّبَى في مهجتي.. عينايَ همساتُ الغديرْ
ثَغري عَذوبٌ، إنّما في داخلي حزنٌ مريرْ
حلمي جناحا الطيرِ، لكنْ أمنياتي لا تطيرْ
لا عيبَ في أنّا نَشيخُ، العمرُ بضعُ ثواني
ما الزهرُ يَفنَى حينَ يُثمرُ لذةَ الأفنانِ
والموجُ يُكملُ رحلةَ الأقدارِ للشطآنِ
والحزنُ يُنضجُنا ويُنمِي حكمةَ الوجدانِ
لي ألفُ عمرٍ، تَنبُتُ الأعمارُ في الأحلامِ
ولكلِّ قلبٍ قصةٌ، أَنْصَتُّ مُمتَـشِقًا لها أقلامي
الحسنُ يحكي لي، فأكتبُ مُطلِقا إلهامي
نَجواكِ أَحيَتْـني، أعادتْ لذةَ الأيامِ
ما زالَ شِعري ناقصًا، قد تاهَ فيكِ بلا رجاءْ
عيناكِ حرفٌ مُدهشٌ لم يُحكَ في حرفِ الهجاءْ
قَصُرَتْ معاني الحسنِ عنكِ، تكادُ تبدو كالهجاءْ!
ذهبَ الفؤادُ بلا إيابٍ ليتَ منكِ القلبَ جاءْ
لا تَعجبي، لو تَصنعُ الأحلامُ نجماتي
فَرَّقُـتُ في ليلِ الدروبِ جنونَ أبياتي
ولكلِّ حلمٍ يَحترقْ
ميلادُ نجمٍ يَأتلقْ
كُونِي لقلبي نَجمةً في سُهدِ ليلاتي
حتى بيومٍ نفترقْ!
أنا زهرةٌ لا تَلمَسيها
أوهَى الزمانُ الآهَ في فيها
تُهديكِ عطرَ العشقِ، حلمًا فَارْسميها
فإذا تنسَّمتِ الرحيقَ العذبَ فامضي واتركيها
لا تَدمَعي.. لا تَجرحيها
تَمادى بيَ الحلمُ في سَكْرةِ العشقِ.. ما أظلَمَكْ!
تقولينَ: "بالحبِّ ما أوهمَكْ؟!"
وإنّي الذي ذابَ شوقا إليكِ ومِن عَذبِ أنغامِه أَطعَمَكْ
جميلٌ مُحيّاكِ ما أوسمَكْ
مَليكةُ عرشِ الفتى رسَّمَكْ
ولكن سريعا تَروغينَ منّي كأني ببحرٍ مَلَكتُ السَّمَكْ!
فما بالُها أقسمَتْ مقلتاكِ - إذا غبتِ - بالشوقِ "لن نَرحمَكْ"؟
تَراءَى لكِ الشهدُ.. عن بهجةِ العشقِ ما أَحلَمكْ!
لماذا فؤادُكِ عني انهمَكْ؟
وفي لُجَّةِ النَأْيِ ما أقحَمَكْ؟
أأعماكِ عني غرورُ الجمالِ وخُنتِ الذي قلبُهُ أكرَمَكْ؟
وغنّاكِ شِعرا رقيقا عَذُوبا فعذّبتِ في قسوةٍ مُلهَمَكْ!
فلا تَندَمي، أنتِ أَقصَيتِ حبي، إذا الشوقُ في الهجرِ قد هاجمَكْ
وناجيـتِني في الغروبِ،
وطَيفي على صفحةِ البدرِ قد كلّمَكْ
وقلبُكِ يَعصيكِ لا ليسَ يَنسَى، وعقلُكِ أقسمَ لن يَفهَمَكْ
فعندئذٍ تُوقنينَ بحبي، ويُسكِرُ همسُ اشتياقي فَمَكْ
وتَدرينَ يا ريمُ أرداكِ سهمي، سَفَكتُ على دربِ عشقي دَمَكْ
وتَبغينَ في لمستي بَلسَمَكْ
فيا مَن تَتيهُ بِصحْراءِ هجريَ: عَن جنةِ الوَصلِ ما أحجمَكْ؟
أزيحي الغرورَ الذي غيّمَكْ
وجيئي لِمَنْ عشقُه ألزَمَكْ
بما ضمّةِ الشوقِ ما كانَ ضَنَّ، على قُبلةِ الصفحِ ما حرَّمَكْ
أنا الحبُّ، فَلْتَـنهلي مِن حناني، سيَشفيكِ مِن كلِّ ما آلمَكْ
وفي دفءِ إحساسِه نَعّمَكْ
تَناءَى بكِ الخوفُ عن لذّةِ الحبِّ.. ما أجرَمَكْ!
محمد حمدي غانم
20/11/2018
يُخجلُني أن تتلاعبَ أُنثى بي
أن تَستدرجَني ببراءةِ بسمتِها للجُبِّ
مفتونا بِسَرابِ الحبِّ
أن أَغرَقَ في طوفانِ اللذّةِ في عينيها
كالطفلِ المَشدوهِ بأوّلِ تجربةٍ للحَلوى
كشريدٍ، جئتُ إليها أبحثُ عن مأوى
فاختطفَتْ قلبي!
يُقلقُني هذا الطفلُ الساذجُ في إحساسي
ذو القلبِ الماسي
في ليلِ الكُحلِ الساهرِ في عينيها يَأمنُ للغرباءْ
وتعاويذِِ السحرِ الذائبِ في شفتيها بالإغواءْ
مَن يُنقذُ مِن فتنتِها هذا الغِرَّ إذا يَأبَى الإصغاءْ؟
وإذا هجرَتْه فَمَنْ سيُواسي؟
يا هذا الراهبَ في ملكوتِ هواها
أَ حَبَـتْكَ الحُوريّةُ مِن نَجواها؟
هل باحتْ بالحكمةِ بينَ يديكْ؟
هل أَمْـلَتْ فلسفةَ العشقِ على عينيكْ؟
هل سَـكَبَتْ سرَّ أنوثتِها في شفتيكْ؟
أم أنّكَ تَهذِي مَحمومًا في مَنفاها؟
كَغُرورِ هِرَقْـلْ
كلُّ العشاقِ ضعيفُ العقلْ!
كلُّ العشاقِ لها مِسكينْ
هي أنثى تَنحِتُ صورتَها في أفئدةِ السُّذَّجِ بالسّكّينِ
تُغويهم بِهَشاشتِها
وتُخدِّرُهم بِبَشاشتِها
(بشهادةِ بعضِ الناجينْ)
وإذا ما ابتسمَتْ كانَ القَتلْ!
يا أَدهَى بِنتْ
يُؤسفُني أنّي مِن فَخِ أُنوثَتِكِ نَجَوتَْ!
فإلامَ أعودُ ووطني كانَ الفَخْ؟
منبوذٌ مِن بعدِكِ هذا الفَرخْ
فنساءُ الدنيا أشباهٌ إلا أنتْ
ونجومُ الكونِ مُبَدَّدةٌ في بردِ الصمتْ
والدنيا مِن بَعدِكِ باهتةٌ والإحساسُ بلا معناهْ
هل موتُ العاشقِ بينَ يديكِ حياةْ؟
ونجاةُ العاشقِ دونَ غرامِكِ موتْ؟
يا أحلى بنتْ
يُؤسفُني أنّي أَذنَبْتْ
يُخجلُني أنّي - مَخدوعًا - أحبَبْتْ
لكنْ لي فَخرٌ أن أُعلنَ أنّي
أحببتُكِ أنتْ!
محمد حمدي غانم
29/11/2018
يمرُّ الخريفُ على كلِّ قلبٍ، وقلبُكَ طفلٌ برغمِ السنينْ
فخمسونَ عامًا كخمسينَ يومًا، وأنت بحسٍّ نقيٍّ رزينْ
لقد عشتَ فيها ولا لم تَعِشْها، كأنّكَ في الصَّخْبِ نايٌ حزينْ
وحيدَ المشاعرِ وسْطَ الأحبّةِ تحيا كناسِكِ سرٍّ أمينْ
تَرى الناسَ تُدمِي زهورَ الحياةِ وقلبُكَ للزهرِ ماءٌ وطينْ
فلا لكَ منها ولا لا عليكَ فلا تحزنِ الآنَ زالَ الأنينْ
غريبا أتيتَ وها قد رحلتَ فبلغْ سلاميَ للراحلينْ
إلى روح ابن عمتي الراحل: أ. شوقي شوقي الهواري، رحمه الله وغفر له وعوضه عما عاناه في هذه الدنيا خيرا
محمد حمدي غانم
9/5/2019