ديوان الشاعر / اسعد النجار

حبيبي يا عراق

عراق الخير يا وطن الكرام *** ستبقى شامخا رغم اللئام

شبابك قد أتوا من كل فج *** فكانوا حيث أنت على وئام

ينيرون الطريق بما لديهم *** من الاشعاع في كبد الظلام

هواك لهم سيبقى مثل شمس *** يبدد ما علانا من سقام

وكل هوى عداك نراه افكا *** ومبغضكم على جنبيه ظام

عهدتك ظافرا صلبا قويا *** مكانك بيننا سامي الدعام

أتاك المفسدون وهم صغار *** بفكر ظل بالشبهات طام

فنشر الطائفية كان شرا *** ويفتك في الورى فتك السهام

وتمزيق البلاد بلا حياء *** أرادوا كي نعيش على الخصام

ولكن العراق له رجال *** أباة أبهروا كل الأنام

تعالوا عزة وسموا جلالا *** لهم سفر على الفردوس نامي

لأجل عقيدة بذلوا دماء *** بوجه فيه عطر الابتسام

فصالوا صولة والنصر زاك *** وبات عدونا واهي القوام

شباب صيروا التاريخ عرشا *** وساروا باعتزاز واحترام

فيا رب احفظ الأوطان طرا *** وفي النكبات ليس سواك حام

ويا رب أعد طيب الليالي *** وأفراحا على وطن السلام

وشتت شمل أعداء طغاة *** تقوم بهم هياكل من رمام

صرخة الحق

أطفا دهري نور آمالي ولم يجف دمعي على الآل
فكلما ذكرتهم تعتلي نار اللظى تقصم أوصالي
فوق فمي لهم خطاب سما لهم بقلبي عهد أبطال
أبا علي أنت سحر الهوى مر مضيئا عبر أجيال
ولاك قد حملته مؤمنا متوجا بكل إجلال
غرسته للحشر ياسيدي به تخف كل أحمالي
خرجت للإصلاح في أمة أضرها رجس لمحتال
ومبغض قد مات في حقده وجمعه زمرة جهال
سعى لزرع الشر ثم ادعى إمامة ذا زيف سريال
مات ومات بعده ذكره كذكر أغنام وآبال
ضاقت عليه الأرض في رحبها لما رأى صولة أبطال
فاحتضن الدست على مطمع مجلسه شهوة جريال
نهضت باسم الله في دعوة ونوره يبقى هو الغالي
ورثت عن جدك مسك التقى وعن أبيك مجد أفعال
تصول مثل حيدر في الوغى وبيرق الحق هو العالي
تختطف الكماة وقت الضحى انوا فكانوا مثل بغال
تسابقوا نحو هوان وذا يجعلهم صرعى بإذلال
الموت لايخيف نفس امرء فالمرء مرهون بآجال
شجاعة الحسين أضحت لنا مضرب أقوال وأمثال
فالمسلمون قد علا بؤسهم يحيون في هم وبلبال
ريحانة المختار أنت العلى ذكرك يلقى كل إقبال
اسمك للمجد غدا رمزا نحو السما سار بإرقال
محرم النصر بدا بدره والنصر في عز كأجبال
بكربلاء قد علت قبة تحكي لنا قصة رئبال
زرها تفز بما تمنيته فتحتها أفضل مفضال
لولا القضاء ما قضى ظامئا يوم الطفوف سبط أبطال
وخاب من يمقت سبط التقى وخاب نسل الفاجر القالي

في ذكرى تأسيس نبع العواطف

في كلّ عامٍ نبعنا متبسمُ *** سامٍ وتسبح في ذراه الأنجم

أكبرتُ مولده الأغر بمحفل *** وحروفنا فيه تحنّ وتحلم

للحق ينشد كل حرف نيّر *** ما عنده شيء يُكنّ ويبهم

أعوامه العشر البديعة قد مضت *** من بعدها عام به نتنغم

في هذه الذكرى لكم أحبابنا *** كل التهاني بالشذا تتكلم

يا نبع فيك أرى الحياة بنشوة *** سال النضار وفيك طبع أكرم

دامت لك الأفراح يانبع التقى *** فيك المسرة فيك ثغر ملهم

أنت المظفر والزهور تناثرت *** فكأنها في حسنه تترنم

وبك العواطف كم تعالى مسكها *** في نهر فردوس نراها تنعم

سراج الأربعين

ركبٌ إلى أرض التقى يتشوّقُ *** ولواؤه في كل عامٍ يخفق

أرضٌ بها سبط الرسول مضرّجٌ *** بدمائه والحزن نارٌ تُحرق

تركته زينب في العراء مجندلا *** والقلب منها للعلى متحلق

للشام تقصد كي تلاقي صبيةً *** ولحاظها نحو القداسة ترمق

وهناك لقّنت الدعيّ مواعظا *** وهي التي قد زان فيها المنطق

فرأت صبيّا طائشا لا يرعوي *** وكأنّ منطقه غرابٌ ينعق

متشفّيا في قتل سبط المصطفى *** ذاك الذي يعلو شذاه ويعبق

وأرى الشماتة في العقيدة جنحةً *** لا يرتضيها فاسقٌ أو سَهْوق

ركبٌ يحفّ بمرقد حفّت به *** تلك الحشود بحبّ طه تنطق

في الأربعين أنوا بقلب واله *** نادوا الذي قدمتَ لا لا يُمحق

جاؤوا إلى جدث الحسين بهمّةٍ *** والمرقد الوضاء نور بلعق

هتفوا له لبيك يا ابن المصطفى *** ولمبدأ الأحرار نحن الأشوق

والظالمون لكم سيبقى ذكرهم *** في وحل تاريخ السفاهة يغرق

ففم العقيدة رافض لفعالهم *** ويظل واحدهم بشؤم يزعق

تعسا لمن عادى سلالة أحمد *** بالنار يقلى فوده والمفرق

أهداف عاشوراء نبراس لنا *** يهدي الأنام وكل رشد ينفق

سندق عرش الفاسدين بقوة *** باب الجهاد أمامنا لا يُغلق

سرقوا البلاد وأحرقوا خيراتنا *** ولسانهم باسم العقيدة يلعق

لا تفرحوا فالزحف قادم نحوكم *** أنتم عبيد ماردون وسفسق

وسنعلم الفجّار أنّ حسيننا *** باقٍ وفي قلب الرسالة مشرق

ويظل كل المسلمين نواهلا *** من خلقه وله العلا يتشوق

وعراقنا يبقى معافى آمنا *** ما دام تحت ثراه سبط مُعرق

وأراه يفترش الضياء كسندس *** انّ العراق لظافر وموفق

والقبة الصفراء تسمو رفعة *** لا ينكر الايمان الا الأحمق

ذي كربلاء اليوم صارت أمة *** للزائرين سخاؤها ذا يغدق

ولادة النور

اعرض سرورك وارسم لوحة الأمل *** فاليوم مولد طه سيّد الرسل

واكتب بحرف بهيّ فجر أمتنا *** قد جاءنا اليوم يعلو هامة الجذل

وقل لحامل أفكار منمقة *** قد سرت في مركب الآفات والخطل

أسأت والسوء لا تدرى عواقبه *** فوردة الشوك لا نجنى من العسل

محمد قد أتت تترى فضائله *** وخلقه قد سما أرسى من الجبل

بقاعنا من قديم الدهر مظلمة *** أنارها المولد الميمون بالمثل

أتى يتيما وفي جنبيه ثروته *** مثل السحاب أتى في غيثه الهطل

بنى عقيدة حق لا مثيل لها *** تشفي الأنام من الآهات والعلل

وجذبة من قواها للفضا صعدت *** الرب ألهمها عنها فلا تسل

يا سيد الرسل الماضين أجمعهم *** حيا ستبقى برغم الحقد والحيل

فالحقد يزرع أشواكا نصارعها *** وكل حقد لرجس الشر ممتثل

فيما مضى قد ملكنا درب عزتنا *** واليوم نحيا برعب مفزع جلل

لكننا قد وعينا سر نهضتنا *** فمبدأ النصر بالايثار مختزل

فسوف ننفض مايعلو بصائرنا *** من الغبار ومن براقة الحلل

لغة السحر والجمال

يا ناظمَ الشعر من سَلسالها العذبِ = وأنت تعرف أنّ الحرف من ذهبِ

قد صغته بمعانٍ لا حدود لهُ = كما الجداول تجري من فم السحب

زها بأحرفه اللائي لها عبق = لأنه قد أتى من دوحة العرب

بها سما بيننا قرآن أمتنا = بها تكلم بين الناس خير نبي

أعني بها لغة الضاد التي رُفعت = بين الورى وهي أغلى من سنا الشهب

هي التي وحّدت أبناء أمتنا = وذاك أمر سما من سالف الحقب

وفضلها ملأ الكوان قاطبة = فالضاد أقوى من الأنساب والحسب

وشمسها قد أضاءت كلّ منعطفٍ = بسحرها كلّ من يدنو تراه سُبي

ولفظها نغمات كالهزار شدا = جمالها صيغ من درّ ومن ذهب

عشقتها وأنا أتلو محاسنها = والعشق أصدق إنباءُ من الكتب

بكلّ قلب سرت كالعطر تعشقه = روح المحب بلا زيف ولا كذب

مرّت عليها ليالٍ لا شبيه لها = تشيب رأس وليد من لظى اللهب

كم حاربوها وراموا طمس معلمها = وقد نسوا أو تناسوا حلمها الذهبي

وما دروا انّ ربّ العرش يحفظها = رغم المآسي ورغم الحقد والنوب

قد خصّها بخلودِ من عنايته = فأصبحت زينة الأسفار والأدب

في عيدك

في عيدك تزهو الصُوَر = وبذكرك فاح العطر

فصباحك فيه الشذا = ومساؤك ذا مبتشر

عزفت لك قيثارتي = والنجم غنّى والقمر

والحرف يسطع فائحا = كالبدر يسطع في السحر

أنت التي أوقدت في = قلبي مزامير السمر

لولاك كنت مشردا = يعلو بأيامي الكدر

بوجودك تحلو الحيا = ة وكل شيء يزدهر

وداع رمضان

وداعا والوداع له عذاب = وقلبي من وداعك ذا خراب

أيا شهر الفضيلة كنت ضيفا = عزيزا أنت فينا مستطاب

أتيت لنا وأمتنا تعاني = وآلام تفوح لها انسكاب

وفي أيامك العليا دعاء = الى رب السماء وذا صواب

لكي تُنهي المصاعب والرزايا = ويكشف عن أراضينا الحجاب

لياليهم أقاموها بتقوى = بدمع لا يدانيه ارتياب

أيا شهر الفضيلة أنت تدري = فللايمان يحدونا انتساب

وان دعاءنا يلج المباني = ففي أعماقها وضح عجاب

وذي أيامك الفضلى تعالت = بصوت المؤمنين وهم صلاب

أجب ياربنا لدعاء أهل = على الشفتين للتقوى رضاب

وان كان الوداع له تحايا = نقول لشهرنا صين اللباب

جداولك التي تسمو سحابا = على خيراتها شبوا وشابوا

وداعا والدموع كموج بحر = لها الوديان آفاق رحاب

وننتظر القدوم بكل عام = لهذا كم حلا وزها الخطاب

اقترب نصر فلسطين

عَجِّل يقولُ أما ترى = القدس ترقى المنبرا

تسمو بنبل جهادها = فالصيد في جوف الفرا

زعم العدوّ بأنه = بالسيف جاء مُشمّرا

جئنا لنعلن نصرنا = فالجيش ذا لا يقهرا

فإذا به ضعفٌ سرى = والوجه أضحى أصفرا

لما رأى شعبا غدت= فيه الشجاعة مخبرا

ركب المطهّم راجزا = ومضى لهم متنورا

أين الذين تقوّلوا = كذبا فعادوا القهقرى

فالظلم يقتل أهله = ويسوقهم نحو الورا

ستريك قدسي وجهها = وتصيب منك المنحرا

وتريك يوما قد زها = وحديثه بين الورى

وتراب غزة قد غدا = يطوي المخيف المقفرا

أقبل فذي نيراننا = لاحت فأذهبت الكرى

فيها نهاية غاصب = قربت لتنهي الأبترا

أما فلسطين التي = عاشت بظلم أدهرا

اليوم يعلو صوتها = والاسم يبقى نيّرا

تخميس بعض أبيات انهض كفاك للمبدع محمد عبد الحفيظ القصاب
\

الدهر في كل الحوادث غالبُ = لا يمنح الإنسان ما هو طالبُ

وكأنّه عن كل سوءٍ نائبُ = " انهض فقد مالت عليك مصائبُ "

"سحقت خلايا الكون فيك عواقبُ "

إنْ كنتَ في سِنَةٍ فلا تكُ طالبا = فالطيف يغدو في صباحكَ لاسبا

والعقل عندك سوف يبقى غائبا = " وزنت بأثقال الذنوب مراكبا "

" حتّى تساوت في التراب مراكبُ "

كنّا نعيش بروضةٍ بهاجةٍ= في كل يوم وبلا حراجة

وراحة المرء على رتاجةٍ = " يا ابن المجاز اليوم لستَ بحاجةٍ "

" أن تحتويك كنايةٌ وقوالبُ "

وأرى الصباح اليوم يبدو أكدرا = عجبا لذاك الطود عنّا قد سرى

صرنا إلى زمن المجاعة والعرا = " اليوم مجروح الفؤاد من الورى "

" قد نادبتني الحق منك منادبُ "

يسمو جهولٌ في خطايا فعله = وعالمٌ يعدم عند قوله

يبقى ذليل الشأن بين أهله = " اليوم لا عدل تلوذ بعدله "

" لا تستحي الله القريب أقاربُ "

نبضات قلبكَ إنْ أتت فرقيقة = ودموع عينك للزمان طليقة

أنفاسك الحرى بها لغريقةٌ = " انهض فأنياب الزمان عميقةٌ

" عضت بكل سعادة وتراقبُ"