دقوا الدفوفَ فيومُ النصر ِ قد قرُبــــــــــــا
شعر عادل الشرقي
يانهرَ دجلة َيارقراقها العـَذِبا = ويانخيلا ً تدلى عثـقـُهُ ذ َهَبـــــــا
إني أ ُحييكما والدمعُ منسربٌ = فحييا فيَّ دمعا ً ظل مُنسربـــــــــــا
لقد ظمئت ُ ولم تهدأ مخيلتي= أما العيون فلم تـُغمِض لها هدُبـــــــا
بيني وبينكِ يابغداد كوكبة = من البحار غدت بعداً ومُغتـَرَبــــــــا
لاذنب لي غير أني كنت في ولـَهٍ= أهواكِ مُتـَّشحا ً بالحبَّ معتصبـــــا
أنتِ التي كنتِ أما ً أستجير بها= متى ظمئتُ وصدرا ً دافئا ً وأبــــــا
فكيف يصبحُ قلبي الآن مبتعداً= عن رافديك وفي الغابات مغتربـا
عاثوا ببغداد كم هدُّوا مساجدها= وكم مسيح ٍ على جدرانها صُلبــــــا
هم دمروا كلَّ شيءٍ في مرابعها= لم يبق دارٌ بها إلاّ وقد نـُهِبـــــــــا
لم تبق مدرسة ٌ إلاّ وقد غـُزيَت= بالطائفيةِ والتاريخ قد قـُـلِبــــــــــا
وغيرا لدين َ والإسلامَ حرملة ٌ= وحرَّف َ القولَ والمعنى بما رغِبـا
سادت ثقافةُ كسرى في شوارعنا= وديدن القتل منهاجا غدا خصِبــــــا
ومشهد الموت والتشريد أغنية ً = قد صارتا منهما المحتلُّ قد طرِبـــا
وجاهل العقل أضحى عالما ولهُ= يمشي المريدون تحقيقا ً لما طلبـــــا
عاد العراق ملايين السنين إلى= الوراء إذ ْ شرَّعوا التهجيرَ والشَّغبَــا
الناس في عالم تمشي وقد حملتْ= أوجاعَها حدَّ أن قد أ ُتخِمَت ْ كرَبــا
ومات من مات في حزن ٍ وفي كمَدٍ= وآخرٌ فرَّ من إيذائهم هربــــــــــــــا
وعبر سبع ٍعجافٍ ما مررنَ على= عبدٍ كأنـّا عبرنا عندها حـقبــــــــــا
كان الرجالُ النشامى مثل حاصدةٍ= تحز ُّ في الغاصبين الرأس والذ َّنبا
حتى لقد فرَّ من قد فرَّ منكسرا= أو ظلَّ فوق الصحاري يشتكي الجَرَبا
وآخرٌ عاد محمولا بطائرةٍ = لأهله بالدِّما قد كان مختضبـــــــــــــا
أولاء أهلي فكيف الكفرُ يغلبهم = لم يبلغ ِالكفرُ من إسلامنا أرَبــــــــــا
وإن تجاهل هذا مارقٌ عفنٌ = فلتسأل الأرضَ والتأريخ َ والكتُبـــــــا
فكيف بغدا د تبكي والرجال بها= إرادة الله قد خطت لهم شَنبَـــــــا
وكيف يُغتال بيتٌ واحدٌ كتبت= أصابعُ المتنبي حرفـَـــهُ العذِبـــــا
وماتزال دمشقٌ العربِ عامرةً= بأهلها تزدهي عبر الدهور إبـــــــا
وكيف تنسى عراقَ المبتدى حلبٌ= و سيف دولتها مازال منتصبا
هذا العراقُ الذي ما زال معتليا= ظهر الزمان ويزهو جَحفلا لجِبا
ففتية ُ القائدُ المعتز قد قصمتْ= ظهرَ العدو فعاف الأرضَ مرتعبا
تقولُ أنت إذا أبصرت َ في كِبَر ٍ= جيش َ الصحابةِ إنَّ النصر َ قد قرُبا
و"النقشبنديّ " لو أبصرتَ صولته= تقول :هذا الذي قد جاوز الشُـهُبـــــا
و" الشمَّرية نورٌ" لو نظرتَ لها =كيف استحالتْ على أعدائِنا لَهَبــــا
لقلت هيهات أن يبقى بموطننا= وغدٌ وبرهاننا أن العدوَّ كبـــــــــــــا
وأن جيشا ً من المارينز مرتحلٌ= في الليل ِ يزحفُ مخذولا ً ومُنسحبـا
وبعدُ ماذا سأروي كلـّهم قصصٌ= قد جاوزتْ في مداها الشمسَ والسّحُبا
" قنـّاصُ بغداد " بعضٌ من صحائفها=يروي ونعرفُ بالمارينز كم لعِبــــــــا
وكم رمى من سهامٍ نحو مرتزق ٍ= قد جاء للأرض ِ محتلا ّ ومُغتصِبـــــــــا
وغير هذا كثيرٌ من شواهدنـــــا= لو خضتَ مضمارها أبصرتها عَجبَــــــــا
أما الغزاة َُ وقد حانتْ هزيمتهُم=فتحتَ جنح ِاللـّيالي اختارتِ الهرَبـــــــــــا
مطارقُ الموتِ في الهيجا تذكّرُنا= بالمنجنيق ِ وما أحصى وما كتبَـــــــــــــا
بالقادسياتِ كم كانت صواعقـُها= تدكّ أوكارَ كسرى حدَّ أن نحََبــــــــــــــــا
وحدَّ أن صاحَ بومٌ تحت أضلعه= وحدَّ أن أصبحت أحلامُهُ حَطبَـــــــــــــــا
لذا فإني بملءِ القلب أعلنُهـــــا= دقوا الدفوفَ فيومُ النصر ِ قد قرُبــــــــــــا
فقاب قوسين ِ أو أدنى أرى قمرا ً= يُزيحُ عن أفقنا الأستارَ والحُجُبــــــــــــــــا
لله ِ درُّكَ كم قاسيــــــتَ ياوطنــــــــي=وما شكوتَ لغيــــــر الله ِ في المحن ِ
وكلـَّــما نـزَّ جُرحٌ فيــــــكَ كنتَ بــــهِ=تسمو فلــمْ تبتئسْ يومــــا ً ولم تهُن ِ
وكنـتَ تسخرُ في عـِزّ وفي شـــــمم ٍ=من طاعنيــكَ إبــــا ً في كل مُمتـَحـَن ِ
الله يا وطني الله يــــــا وطنـــــــــــي=كم احتملـنا أذىً في السرِّ والعلن ِ
الناسُ في كل هذي الأرض في مرح ٍ=تمشي وأطفالنـــا تغفـــو على شجَن ِ
الكربلاءات تمشي في جنائزنـــــــــا=بلا قبــــور ٍ ولانـــعش ولا كـــــــفن ِ
خضنا غمارا ً إذا ما الموتُ داهمَها=يفرّ من هولــــــها في غيهبِ الزمن ِ
لـِمْ كلُّ هذا وماذا كان حاضرُنــــــــا=يحكي ليذبحَ ماضيـــــــــنا بلا ثمــن ِ ؟
أنـــــا العراقيّ بحـّارُ الزمــان ِ ولي=في السندبادِ كتابٌ خـُطـَّ في سُفـُنـي
أنا الذي كنتُ قد دوَّنــــــــتُ ذاكـرة َ=الدنيا وإن السَّما والأرض تعرفنـي
وكلّ إيماضةٍ في الكون ِ ما برقــتْ=لولا شموسي وما كانـــتْ ولم تكُن ِ
فإن مشيتَ رأيتَ الأرضَ تتبعنـــي=ولو تحدِّقُ في العلياء تـُبصرنــــي
كنتُ الدليـــلَ ، مصابيحي معلَّقـــة ً=في أرض ِ بابلَ مازالتْ تعانقنـــي
ولم أكنْ غير فيض ٍ من عذوبتـها=للناس ِ أسكبهُ حينـــا ً ويسكبنــي
أنا الحضارة ُ في أقصى مفاتنهـــا=وما يزالُ أذانُ الله في أ ُذنـــــــــي
وما أزالُ إذا ما الناسُ شطـَّ بهــــمْ=دربٌ تجيء شعوبُ الأرض تسألني
ماذا جَنـَيْتُ لكـــــــي تغدو مطاردة ً=حضارتي والرؤى السوداء تـُنكِرُني ؟
ومنذ عشرينَ عاما ً أحكمتْ يدَهــــا=على بلادي ومازالتْ تـُحاصرنــــــي
فغيَّرتْ كلَّ شيءٍ دوَّنتـْهُ يـــــــــــدي=واستبدلتْ رايتي واستوطنتْ سكني
وأحرقتْ ذكرياتي منذ ُ أن وُلِـــــدَتْ=وبدَّلتْ سحرَها بالسُّحتِ والعفـَــــــن ِ
الله ياوطني الله ياوطنــــــــــــــــي=ألمْ تحنْ صرخة ُ المسرىألمْ تحـن ِ؟
أما بكتْ ذرة ٌ من رمل طينتنــــــــــا=فينا ، ألمْ تصرخْ الأضلاع في البدَن ِ؟
أما سمعنا نداءً من مدامعنـــــــــــــا=إنـِّي أحـِسّّ نياطَ القلبِ تلذعُنـــــــي
أحسّ أن هوى بغداد يسكننـــــــــي=وفوقَ أهدابهِ قد جاءَ يحملنـــــــــي
حينا ً يبادلني شوقا ً يفيضُ نـــــدىً=ما لا رأتْ مثلهُ نفسي ولم يرَنـــــي
أنا الغريبُ الذي ماغادرتْ لغتـــــي=خطابَها فبدمع العيــــن تكتبنـــــــي
وكلـَّما مرَّ بي طيفٌ لأغنيـــــــــــــة ٍ=تصيحُ بغداد فرط الشوقِ توقظنــي
بكيتُ على بغداد من مهجتي دما= ومن فرط ما عانيت أسرى بي الـعمى
يقولون لي : بغداد لاتسمع البـُكا= ولم تستطعْ منذ ارتحلتَ التكــــــــلــّـما
فقلتُ لهم هذي ضلوعي رصفتها = سأجعلها جسرا ً إليها وسُلـــَّـــــــــــــمـا
فقالوا أما تدري بأن فؤادهـــــــا = جريحٌ يهيلُ الدمع ، يشكو ا لتــــــألـّــمــا
فقلتُ لهم إن جفَّ ريقُ حبيبتي = أيا ليتني والله متّ من الظمـــــــــــــــــــــا
فقالوا أتهواها وتبكي لبعدها = فقلتُ لقد مُزِّقتُ روحا ً وأعظمـــــــــــــــــا
فقالوا: جناحُ الليل أخفى نجومَها= وأضحتْ فضاءً كالحَ الأفق ِ مظلمــــــــــــــا
فقلتُ لهم بغداد تزهو بنورها = فهل تحبسُ الآلام والليلُ أنجمــــــــــــــــــــا
فقالوا لقد أحنى لها الدهرُ قامة ً= ودارتْ بها الأيام والليل غمغمــــــــا
فقلتُ لهم بغداد تمشي كأنها = جبالٌ وإن خاضتْ لألف ٍ ملاحمـــــــا
فقالوا سرتْ فيها وجوهٌ غريبة= فما كان إلا أن أحيلتْ جماجـــــــــــما
فقلتُ لهم والله سعفُ نخيلها= إذا غضبت بغداد يغدو صوارمــــــــــا
فقالوا رأيناها تنوح لأنهـــا= تـُداري صغارا ً في الملماتِ يُتـَّمـا
فقلتُ لهم إن الذي مسَّ قلبها= سيجرعُ يوما من يد الله علقمـــــا
فقالوا رأيناها بكل مدينة ٍ= تقيم عزاءً للضحايا ومأتمـــــــــــــا
فقلتُ لهم إن الشهيد مآلـــهُ= جنانٌ وعند الله يلقى التكرُّمـــــــــــا
فقالوا لفرط الحزن صارت عقيمة ً= وقد أطبقَ الحزنُ العميقُ وخيـَّــــمـا
فقلتُ لهم بغداد تبقى ولودة ً= ستنجبُ أبطالاً تذودُ عن الحمى
فقالوا أما أبصرتْ موتَ شبابها= فهذا غرابُ البين في الأفق حوَّمـــا
فقلتُ لهم كم داهمتها نوائبٌ= ولكن غول الموت قد فرَّ مرغمــــــا
فقالوا أما حاولت ترنو لغيرها= فتهدي لها شعرا ً يفيضُ تبسُّمـــــــــــــــا
فقلتُ وهل في الأرض وجهٌ كوجهها= يليقُ به بيتُ القصيد ترنــــُّمــــــــــــــا
وقالوا لقد هيضت وأطفيء نورها= وما كان فيها من بهاءٍ فقد همــــــــــى
فقلتُ لهم إن السماوات بيتها= فهل تطفيء الأقدار من بيته السَّمـــــا
فقالوا لقد أضحت خطاها كليلة ً= وقد أشبعتْ من حاسديها تهكّمــــــــــا
فقلتُ لهم بغداد تسمو بأهلها= ولم تبتئس يوما ً إذا الليلُ أظلمـــــــــا
فقالوا لقد شاخت لفرط عذابها= وقد أوشكت أسوارُها أن تـُهدَّمـــــــــا
فقلتُ لهم بغداد مذ هلَّ نجمها= غدتْ وسط هذي الأرض رمزا ً ومعلمـــا
لقد أشعلوا النيران قالوا بغصنها= فأضحى هشيما ً ذاويا ً متفحِّمــــــــــــا
فقلتُ لهم بغداد يزدان عودُها= بهاءً إذا فيها اللظى قد تضرمــــــــــا
وقالوا أتدري أنها قد تبددتْ= وإن الذي قد حلَّ فيها فقلــَّمــــــــــا
فقلتُ لهم إن بدد الكفرُ ماءها= تفيضُ فلا تبقي على الأرض آثما
فقلتُ لهم لاتأبه الريحَ حلوتي= وإن هبَّ موجُ الريح فيها ودمدما
فقالوا لقد قيدتْ إلى حيث موتها= وقد كُبــِّلتْ بالقيد ساقا ً ومعصمــــــا
فقلتُ لهم بغداد سجنٌ لمن أتى= يكبلها، تغدو جحيما ً، جهنَّمــــــــا
فقالوا رماها البعض بالنار والدما= وصارتْ بلا مأوىً وتشكو التأزمــا
فقلتُ لهم إن الإله هو الذي= لمن كان يرمي بيت بغداد قد رمـى
فقالوا لقد جاؤوا إليها من الردى= بكل دعي ِّ كان في القول أبكمــا
فقلت ُ لهم باءتْ نوايا عدوها = ومن كان في أحلامه متلثــِّمــا
فقالوا لقد ذاقتْ شرابا ً مذاقه= مريرٌ كطعم النار قد كان علقمــا
فقلت لهم بغداد تسقي عطاشها= عذابا ً لمن آذى البرايــــا وأجرمــا
فقالوا لقد ضاعتْ وزادت تشاؤما= فقد مـُد َّ جنحُ الليل فيها وخيـَّما
فقلت لهم بغداد لم تعرف الونا = ولا عرفتْ مهما استبيحتْ تشاؤما
فقالوا لقد هـُدتْ وقـُصَّ جناحـُها= وماجَ المدى المحزون فيها وغيَّما
فقلتُ لهم إن أطفأ الغدرُ نجمة ً= لبغداد تغدو الناس في الأفق أنجما
فقالوا أما أيقنتْ أنك واهمٌ= أما أدركتْ عيناك هذا التوهّمــــــــا
فقلتُ لهم بغداد تبقى حبيبتي= وأبقى بها مهما حييتُ متيــَّـــــما
خديجةُ الحرَّةُ الكبرى
شعر
عادل الشرقي
**************************
من ضوءِ عيني َّ صيَّرتُ الهوى العذِبــــا
وميضَ برق ٍ سرى في الأفق مُنسربـــــــا
لـــــــعلهُ كان منسلا ّ إلى فلـــــــــــــــــــك ٍ
يُفضي ليبصرَ وجها ً جاوزَ الشُّهبـــــــــــا
خديجة ُالحـُرَّةُ الغراءُ سيرتُهـــــــــــــــــــا
وُسْع َالقلوبِ التي في لوحِها كـُتِبــــــــــــا
هذي التـي استحضرتْ أعلى حصافتِـــــها
لتـُـقرنَ العمرَ بالعلياءِ مُنتـَسبــــــــــــــــــا
حبيبــــــة لرسول الله كان بهــــــــــــــــــا
يزهو وتزهــــــو به شأنــا ًومُحتـَسبـــــــا
ياكوثرَ الخلق ِ في الإسلام منزلــــــــــــــة ً
إذ كنتِ أرقى نساء العالميـــــــــــــنَ إبـــا
قالوا بأنـــكِ في رؤيــــــــــــا ً مباركـــــة ٍ
رأيتِ شمسا ً تشقّ الأفق َ والحُجبــــــــــا
سرَتْ إلى بيـــــــــتِك المعمور هابطــــــة ً
كي تستقرَّ بهذي الدار مُقتــَربــــــــــــــــا
فبشَّروكِ بأن البيـــــت يَدخلــُــــــــــــــــهُ
نورُ النبوَّة، يعلو ضوؤهُ القـُببــــــــــــــــا
وقد تحققتِ الرؤيــــــــــــا على قـــــــــدر ٍ
من الإله بــــــما أعطى وما وهبــــــــــــا
وإذ رأيتِ رسول الله مثل سنــــــــــــــــا ً
يُضيءُ في الأفق، يمشي جحفلا ً لجـِبــا
فعندها شاءتْ الرؤيا وقد صدقـَــــــــتْ
وعدا ً، فوعدكِ عند الله قد كـُتِبــــــــــــا
وليس عيبا ً إذا قـُلنــــــــــــــا ومثلبــــــة ً
بأن قلبــَــــــــــك في شوق ٍ إليهِ صبــــا
فذاك حلمٌ كبيــــــــــــــرٌ بل وأمنيـــــــــــة ٌ
لكل إنسانــــة ٍ تسعى له طلبـــــــــــــــــــا
رفضت ِ حتى ملوك الأرض حين أتــــــوا
يبغونَ كفـَّك ِ في أحلامِهم أربــــــــــــــــا
وكنت ِ عقلا كبيرا ً راجحا ًعبـِقـــــــــــــا
بالمكرماتِ ببحر ٍ قط ّ ما نَضُبـــــــــــــــا
كانتْ تراك ِ ملائكة ُ الرحمن حاملــــــــة ً
إليهِ في الغار مايكفي وما وَجبــــــــــــا
من الطعام فلا عانيــت ِ أو وَجَفــَــــــــتْ
عزيــــمة ٌ أو توارى الجهدُ ثم خبــــــا
وحيــــــن جاء رسول الله مرتعــــــــدا ً
ليبــــــلغَ الرعبُ فيه العظمَ والعَصَبـــــا
أخبرتِـــــــــــه إن نورَ الله مؤتلــــــقا ً
أضحى بوجهكَ، يزهو مشرقا ًعَجبـــــا
وهكذا ابتدأتْ في الديــــنِ سيرتُك الكبرى
لتبلغ في عليائـِــــــــــــــــها السُّحبـــــــــا
فكنتِ أولَ من صلــَّت لبارئهــــــــــــــــــا
وقلبها نحو وجه الله قد وثـَبــــــــــــــــــا
نثرتِ حبك ِ في درب الرســـــول شـــذى ً
يفيضُ طهرا ً ويروي الأرضَ والعُشُبـــا
ففي الملماتِ كم آزرت ِ خطوتــَـــــــــــــهُ
وكنت عونا ً له قولا ً ومُختضَبــــــــــــــا
وكم مددتِ له في المعضلاتِ يــَــــــــــدا
كانت لدفــع ِ الأذى عن دربهِ سببـــــــــــا
وكنتِ تلقـَينـــَــــهُ في كل معتــــــــــــرك ٍ
تحمينـَه في المآقي غابَ أو قرُبــــــــــــــا
وذاتَ يوم عصيـــبٍ إذ أتى خبــــــــــــــرٌ
يقـــــــولُ أن رســـولَ الله قد حُجبــــــــــا
وحين قالوا لقد مـــاتَ الرسولُ هـــــــمتْ
منكِ الدموعُ وذابَ القلبُ وانتـَحـــــــــــبا
وهمتِ وسط البراري سـِرْتِ نائحــــــــة ً
وشبـَّتِ النارُ وسط الصدر فالتهبــــــــــــا
فجـــــاءَ نحوَ رسول ِ الله يـُعلِمــــــــــــــه
جبريلُ إن المدى قد ضجَّ مُكتئـِبـــــــــــــا
حتى ملائــــــكة الرحمــن قد هـُرعـــــــت
لفرط ماضجَّ منها القلبُ واضطربـــــــــــا
وقال جبـــــــريلُ : إن الله يـُقرئـُهـــــــــــا
من السماء سلاما ً رائقا ً عذبـــــــــــــــــا
فقل لـــــها يارسول الله إن لهــــــــــــــــا
في جنــــةِ الخلدِ قصرا شاهقا ًعجبـــــــا
قصرا ًعظيـــما ً جنــــــود الله تحرســـــه ُ
لن تسمعنَّ به لغوا ً ولا صَخـَبـــــــــــــــا
وحين أخبـَــــرَها قالــــــــــتْ مكبـــِّـــــرة ً
هو السلامُ فأخفـــــــى نورُهُ الكرَبـــــــــــا
حكيــــــمة ٌ ورسولُ الله يعرفـُهــــــــــــــا
فهي التي تـُكْسِبُ الأشياءَ ماوَجَبــــــــــــا
وإذ تقصـَّدَ يؤذيـــــــــــــهِ أبو لهــــــــــب ٍ
يُعيقُ ممشاهُ، يرمي النارَ والحَطبـــــــــــا
قالتْ لغلمانـِها أن حانَ موعدُكــُــــــــــــمْ
كي تـُبعدوا عن خطاهُ الشوكَ والخَشَبـــا
كانتْ خديجة ُ روحـــا ً كلـّها شمَـــــــــــم ٌ
فكوثـــــرُ الخلق للإسلام قد نـُِدبــــــــــــا
مكتضـَّة ٌ بالمعانـــــي كلـــّـــــــــها شرف ٌ
وأهلُها قد أضاؤا شأنهــــــــــــا حَسَبــــا
فـَعَبـَّدتْ دربــَـــــــــــها بالصبـــــر مفخرة ًً
ومثلـَّتْ في شمـــــــوخ ٍ أهلـَها النّجَبــــا
محمدٌ قـــــــــال عنــــها في روائعــــــــهِ
صِدِّيقة ٌ تجمعُ الأخلاقَ والأد َبـــــــــــــــا
لكن تشاءُ يدُ الأقدار في عجــــــــــــــــــل ٍ
أن تعبر َ الأفقَ والآمادَ والـكُــثــُبــــــــــا
فغادرتِْ ذات يوم نحو خالقِهــــــــــــــــا
بكى له كلّ من في الأرض وانتحبــــــــــا
تلفـّــها بردة ٌ للمصطفى طلبــَـــــــــــــــتْ
إحضارَهـا حين جاء الموتُ وا قتربــــــــا
ماتتْ وعيـــــــنُ رسول الله تٌبــــــــصرُها
نعشا ً إلى خالق الأكوان قد ذهبـــــــــــا
ماتتْ وفاطمة ُ الحوراء قد هطلـــــــــــتْ
منها الدموعُ وهـُدَّ القلبُ وانشَعَبــــــــــــا