من أحلى الأقدار، اِلتقاء روحين تحت المطر، أوان صخب الطبيعة، ذات مساءٍ خريفي، حيثُ لا مِظلة سوى صفاء
قلبيهما يُخيمُ عليهما، فينعما بالهدوء وبالراحة.
الحُزن هذا العالمُ الرماديُ العابِثُ في نفوسنا، تمنيناه أن يرحل، لكِنهُ أهدانا الإبداع وأهدى يراعنا العطاء لِنسكُب فيضاً مِن
مشاعِرنا فوق سطور الأيام..
الحُزن هذا العالمُ الذي يجمعُنا، وهذا الوجعُ الذي يوحِدُنا، وهذه اللوحة التي تُخفي خلف أُفقِها الاف الوعود بالابتسام
كم خانتنا ألوانها السُريالية، وكم أوهمتنا بالرحيل وبأن خلفها قوس قزحٍ من الفرح ينسكِبُ لو آنا انتظرناها!
الحُزن هذا الأمدُ الطويلُ الذي خدعنا وقُلنا سيزول
اِستمهله حتى يلتقي قلمينا في أروقة السطور نبوح بِحكاياتنا، فيُباغِتنا الفرحُ على غفلةٍ مِنهُ
وتُباغِتنا الأُمنياتُ على عجلةٍ قبل عودة العواصِف إلى شوارع لقاءاتنا
ما رأيك في أني تعودت عليك كما يتعود الطفل على ثدي أمه ، والطائر على عشه ؟ .. ما تقولين إن أنا انجذبت إليك كانجذاب النحل إلى الرحيق ؟ ..ما قولك في أنني يوما ما سأدمن عليك ، وأني سأقتحم عليك دنياك لأحملك إلى عالمي؟ أتدرين أنك صرت ظلي وأنني صرت ظلك ؟ .. أقتفي أثرك حينا وتتبعين خطواتي حينا ؟
أدار في خلدك يوما أني أروم احتلالك كما احتللتني أنت ؟ وأنك ستسكنين إلى الأبد وجداني لتجاوري الحزن المتغلغل في أعماقي ؟
قد تتوجسين خيفة من اندفاع كلماتي وتأخذك رهبة من لهيب حروفي .. لكن ثقي أن هذا الاندفاع وهذا اللهيب لا يعدو كونه جسا لنبضك ومحاولة للتقرب منك والتودد إليك ..
تختلف طقوس الكتابة عندي حين يتعلق الأمر بك .. فاشعر أني دخلت محرابا تحفه هالة من نور .. وأن تراتيل شجية تتصاعد من كل أنحاء معبدي لتجعل من حروفي نغمات تصدح بها شفاهك وهي تهمس بها . فتشكلك حروفي أميرة في قصر مرصود أو حورية تجوب أعماق البحار وجدائل شعرها تتماوج مع كل حركة من حركات جسدها الرشيق .
جعلتني نورسا تارة يحوم في الآفاق بحثا عنك ، وتارة بحارا لا يكاد شراعه يلامس مرفأ حتى ينطلق من جديد في رحلة لا تنتهي .