الجيشُ يقتحمُ المخيّمَ في المساء
والطائراتُ الحاقدات ..
تلقي القذائفَ والدّمار
لهَفي على طفل المخيم حائرٌ
ماذا جنى !!
حتى يُلاحقَ حلمه
سوطُ الجُناة
ما ذنبُ طفلك يا مخيّم كي يخافَ من المساء
ما ذنبهم ، كي يعرفون
معنى القذائفَ والرصاص
ويقولُ أحمد : يا أبي
ماذا يريد الجيش منّا ؟؟!!
ويقول أحمد : يا أبي
أتُرى سأذهبُ في غدٍ للمدرسة !!
حتّى أحضّرَ واجبي
ويموتُ حُلم ..
ويجولُ موت ..
بينَ الأزقّة والحواري الساكنة
والجيشُ يُخرجُ كلَّ أبناء المخيم في العراء
والخوفُ يسكنُ كلَّ شيء
بدأ الحصار
والليلُ يطردُ كلَّ أوقات النهار
وضحيّةٌ أخرى مُهيّأة تماما
ومواكبُ الشهداء جاهزةٌ تماما للغياب
وابنُ المخيّم لا يخف
نارَ البنادق والرصاص
ويزيح أحمد ما تبقّى من ستار النافذة
فيرى الجنود
حرس الحدود
ويعود يهمسُ يا أبي :
الجيشُ قد جاءوا لنا ...
فيقول والده الذي
في كلِّ وقت قد يموت
اهدأ بنيَّ ولا تخف ..
والليلُ يسرقه السكوت
هذي الديار ديارنا
والغاصبون سيرحلون ...
الجيشُ يقتحم المنازلَ والبيوت
ويُحطم الأبواب
ويعيدُ ترتيبَ الفزع
فوقَ المنازل والجدار
رحل النهار
ولا فرار
إذ بين أقبية المخيم كلُّ شئ قابل للإنهيار
الجيشُ حطّمَ كلَّ شئ
أشياءَ أحمدَ كلَّها
كرّاسة الرسم الجميلة
أقلامَ أحمد والدفاترَ والدُّمى
وكأنَّ أحمد ثائرٌ
وكأنَّ أحمد من يُلاحقهُ الجنود
والليلُ يسكنُ في الزّقاق وفي البيوت
والموتُ يسرقٌ جارَ أحمد خلسةً
ويصيح أحمدُ يا أبي
صوتُ الرّصاص هنا قريب
ويصيح أحمد والرصاص هو الصديق
وضجيجُ قنبلة تحطّم كلَّ أشلاء السكوت
لا ماءَ عندكَ يا أخي
لا كهرباء ..
نفذَ الطعام من المكان
الدمعُ ماؤك والطعام هو الهواء
الجرح زادُكَ والطبيبُ هو الظلام
لا فرقَ في جوف المخيّم بين ليل أو نهار
تتشابه اللحظات...
وهناك في قلب المخيّم كلُّ أسباب الممات
ويصيح أحمد باكيا
ويصيح فجر
ويئنُّ جرح
ويصيح أحمد في وجوه الغاصبين ...
هذا أبي ..هذا أبي
ويقدُّ صوتُ الطفل أحشاء النجوم
عمَّ الوجوم
ويسيرُ والدُ أحمد
ويداهُ في القيد المرير
معصوبةٌ عيناه لا يدري المسير ...
وشعوبُ أمتنا العتيدة
تلهو على أنغام أغنية جديدة
أو مهرجان ماجنٍ
وجيوشُ أمتنا الأبية
قد أخطأت درب المخيّم والمكان