القصيدة رقم (9) لوح المنافي \ بآياته يتلو سحاب اغترابه وجمعُ قلوبٍ قد علقن ببابه ينادي على الغادين عودوا وصوته يقشّر صوت الناي لحن عذابه يطلُّ بقلب أنهر الماء ساقيا على شرفة عطشى بثوب ضبابه يلمُّ بأشتات ٍ تهيم برمله بتأثيث ليلٍ غادقٍ من سحابه وترسو على التأريخ آلام نبته أصيلٌ دمٌ يرقى بلون إكتئابه فيا أُمنا عثقٌ بلادي وتمره تدلّى كثديٍ مُطْعمٍ في شرابه أيا مالئاً جنبّي من فيضِ طيبه حلاة انهمار الّدم لو خال ما به تهزُّ بكفِّ الصامدين ارتجافةٌ عُرى قدرِك الموفور عند اضطرابه تصلّي سكاكين البُغاة بدمِّنا بسجادة ثكلى قُبيل انتحابه حقائبنا تتلو حكايات سِفرنا بشتى ، وإٌذ نجلو غبار يبابه غضونٌ هنا تروي ضعونَ عذابنا خطانا أناشيدٌ بخمر ترابه وأوجار صمت الليل حدوٌ لأبكمٍ تلظى بصوت الفقد ، جمر خرابه فلا حبًّنا نلقاه في ثغر زهرة ليخضرَّ قلبٌ مفطمٌ في سرابه لتعدو بنا خيلُ المنافي كفيفةٌ وتكبو على أَنِّ الندى في هضابه نقول عراقاً كلما زاحم الضحى ضيا ثغرك المنفي عند اغترابه نغنيه ياملحود في جفن شمسها وشبّابةٌ ثكلى انحنت في رحابه أُريقَ وضوءُ الصّادقين ببحره ولم نبتكرْ شكوى لسيلِ غيابه وعى لائمٌ في زحمة الشرك خائناً ولوّا حروفَ الصدق كذبُ لعابه أمنتم عسير البُعد عن شسع رمله ُ؟ وشقّتْ بوجه الشمس خُدرُ ثيابه فو الله بالأضلاع هدرُ عُبابه نموتُ ونحيا آية في كتابه
القصيدة رقم (10) قـــمْ و استعـــنْ بالإلـهِ الواحـدِ الأحـدِ \ قـــمْ و استعـــنْ بالإلـهِ الواحـدِ الأحـدِ واستغفــرِ اللهَ مـنْ حزنٍ ومـــنْ كمـــدِ . صُـــمْ راجيــاً رحـمةً منْ عنـدِهِ نزلتْ في فيضِ ربٍّ أتــــى خيـــراً بلا عــددِ . واقرأ كتـــابــاً تجــدْ في الذكــرِ منزلــةً واصبر على خمصٍ والضعف في الجسدِ . طوبـــى لِمـــنْ صامَ في أيامِــــهِ ونـوى لا نفــعَ قــدْ يأتــي فـي مــالٍ وفي ولـــدِ . تـدارك العـمــرَ ان المــوتَ لاحقـــنـــا فالعمــرُ فـــي عجـلٍ والدهــرُ لمْ يَـعــدِ . زادي قليـلٌ فكيفَ اليــومَ فـي ســـفـــرٍ طـرقتُ بابكَ كمْ في العـــونِ و المــددِ . سبحــــانَ منْ خلقَ الإنســانَ منْ علقٍ سُبحـــانَ مــنْ هــوَ لَمْ يولــدْ ولـمْ يلــدِ . كُــنْ عوننــا يا إلهـــي في مصائبنــا واغفــرْ ذنوبــاً فمــا مــنْ سلــوةٍ بِغَــدِ . أدعــوكَ يا دافــعَ البلــوى فتسمعنـــي أنْ تدفعَ الشّــرّ عنْ أرضي وعنْ بلـدي . وارحمْ ضعافَاً قضوا في القفرِ مسكنهم واحفظ رجـــالا أجـادوا صــولةَ الأسـدِ
القصيدة رقم 11 نداء تعالي، تعالي...نذيب الزمان وساعاته في عناق طويل بدر شاكر السياب 1 - تعالي... تعالي غَـداً حِيـنَ يَرْقُـصُ فِـي الأُفْـقِ ضَـوْءُ الْقَمَـرِ يُقَبِّلُ تِلْكَ الرَّوَابِي وَيَرْسُـمُ أَحْلَى الصَّوَرْ يُوَشِّي السُّهُـولَ بِحُلْـوِ الضِّيَـا الْحَالِـمِ الْمُدَّخـرْ، وَمَوْجَـةُ نُورٍ تَسحُّ وَفِي مُقْلَتَيْهَـا دُرَرْ تُلاَشِـي بِشَـطِّ الأَمَانِـي ضَبَـابَ الدُّجَـى الْمُنْتَشِـرْ تُلاَشِـي... لِيَبْـقَ لَنَـا الشَّـطُّ نَـادٍ عَـلِيلَ الْعِطَـرْ تَجِدْنِي عَلَى الرَّمْلِ تَحْـتَ غُـلاَلاَتِ ذَاكَ الْقَمَـرْ أُرَاقِـبُ وَقْـعَ خُطَـاكِ وَأَحْصـي الْحَصَـى الْمُنْتَشِـرْ لأَِنْسَى عَذَابِي وَأَْطْيَافَ حُزْنِي وَدَمْعِي الْغُـزَرْ. وَأُدْفِـنُ يَأْسِـي وَآلاَمَ هَـذَا الْوُجُـودِ...زُمَـرْ إِلَـى أَنْ تَجِيئِي وَفِـي الْكَـفِّ أَحْلَى هَدَايَـا الْعُمُـرِ جَـلاَلٌ وَحُسْـنُ الشَّبَـابِ وَقَـدُّ كَغُصْـنِ الزَّهَـرْ وَسـوْرَةُ حُـبِّ عَمِيـقٍ كَتَرْنِيمَـةِ الْمُنْتَصِـر. 2 - تعالـي... تعالي غَـداً فِـي الْمَسَـاءِ إِذَا بَثَّ نَجْمِي لُحُونَـهْ يَقُصُّ الْحَكَايَا لِطِفْـلٍ فَطِيـمٍ شَكَـاهُ شُجُونَـهْ سَتَلْقَيْـنَ بَيْـنَ ذِرَاعِـي مَوَاسِـمَ دِفْءٍ حَنُونَـهْ وَفِـي مَعْبَـدِ الصَّـدْرِ تَحْلُـو الْحَيَـاةُ إِذَا شِئْـتِ دُونَـهْ بِمِحْـرَابِ ثَغْـرِي مَقَـامٌ لِتِـلْكَ الشِّفَـاهِ الْحَنُونَـةْ بِقَلْبِـي أَغَارِيـدُ مِـنْ وَشْوَشَـاتِ الْهَـوَى وَلُحُونِـهْ. 3 - تعالي... تعالي إِذَا مَالَ غُصْـنُ السَّمَـاءِ بِثَمْـرِ الضِّيَـاءْ وَأَلْقَـى عَلَـي الشاطئ النُّـورَ رَمْـزَ الصِّبَـا وَالصَّفَـاءْ يَـذُوبُ هُيَامـاً وَشَوْقـاً وَمُـدَّتْ حِبَـالُ الْغِنَـاءْ وَفَـرَّشُ وَرْدُ الْخُلُـودِ طَرِيقَـكِ أَحْلَـى غِطَـاءْ 4 - تعالـي... تعالـي وَلاَ تَبْخَلِـي كُـلُّ مَـا بِـي ابْتِغَـاءْ وَلاَ تَجْعَلِـي كَـاْسَ مِيعَادِنَـا مِـنْ شَـرَابِ الشَّقَـاءْ، وَلاَ تَجْعَلِـي يَـوْمَ مِيعَادِنَـا عِنْـوَةَ الأَشْقِيَـاءْ تعالـي... تعالي وَلاَ تَبْخَلِـي كُـلُّ مَـا بِـي ابْتِغَـاءْ هُنَـا الْقَلْـبُ يَهْفُـو هُنَـا الشِّعْـرُ يَسْـأَلْ: فَهَـلْ مِـنْ لِقَـاءْ. 5 - تَعَالَيْ... تعالـي...فَكُلِّي انْتِظارٌ وَكُلِّي رَجَـاءْ: عُيُونِي وَقَلْبِـي وَرُوحِـي وَشِعْـرِي... وَكُلِّـي نِـدَاءْ: أَحَاسِيـسُ نَفْسِـي عَصَافِيـرُ حُبِّـي.. صَبَـاحَ مَسَـاء ---- بحر المتقارب
القصيدة رقم (12) هجرة مثلَ شمسٍ في مساءٍ مدبرَه غارَ صوتي في عيون المحبرَه وتراءى لي بأضغاثِ الكرى طيف قومي في طريقٍ مقفرَه سامها الدّهرُ عذاباً واصباً ألف ريحٍ في صداها مبحرَه هدّها العصفُ وأبلاها الرّدى فتنادتْ بنشيجٍ منذرَه: أيّها المصلوب ُ في جذعِ النّوى تلكَ حربٌ للضّحايا منكرَه أنتَ كالمنزوعِ من أغصانه فاحترسْ من كل وغدٍ خنجرَه يسملُ الغيمَ بلا ذنبٍ سوى أنّه يحملُ لونَ المغفرَه لبلادٍ ضلّت المأوى ضحى وتلاشت طيّ دمعي مأثرَه ...... أيقظتني في المرايا دمعةٌ كبقايا الذكرياتِ المسفرَه عن سبايا الليلِ في كهفِ الصّدى عن جراحٍ في رنين الأسورَه عن فراتِ العمرِ ، عن جرحِ المدى هل لقلبي من ليالٍ ممطرَه ؟ تتركُ الأوطانَ رهوا للنّدى للأغاني ، للسّماءِ المقمرَه؟!
القصيدة رقم (13) على عرشِ البريقِ يقولُ الشـــــــــــوقُ والأميالُ تعطبُهُ.= لمن ســــــــالتْ دموعُ الشوقِ تطلبُهُ. ســـــجينُ الصمتِ أصواتٌ تدغدغهُ،= وســــــــطرٌ لاعتصارِ الصبرِ يكتبُهُ. وحلمٌ يشـــــــــعلُ الأوراقَ من عثرٍ،= لتشــــــــــــرقَ غيمةَ النسيانِ تحجبُهُ. حـريقُ الظلِّ في الأوصـالِ لا وجـعاً،= يداريهِ، ولا الآهاتِ تســــــــــــــــلبُهُ. رأيتُ من العـيـونِ رســــــــالةٌ قـرأتْ،= على دربِ الهـــــوى الأوهامُ ترغبُهُ. فصاحتْ غـربةٌ تلـوي منـاجــــــــــاةً،= تعـــــــــــــيدُ دروبَـهُ البيضاءَ تجذبُهُ. غريبُ الحبِّ هلْ من ضحكةٍ رسمتْ= شـــــــــــــفاهَ الضوءِ، والآمالُ ترقبُهُ. يعاتبُنا البعيدُ بنظرةٍ كُســــــــــــرتْ،= بريـــــــــقُ الحزنِ مفضوحٌ فتعجبُهُ. يعـانـقُ نزعةَ الإصـــــــرارِ في قلقٍ،= تنامى مـن هـزيمِ الغوصِ مشـــــربُهُ. ذكرْتُ عناقَنا المرســـــومَ في نجمٍ،= وعدْتُ أطاردُ التفســــــــــيرَ، أطلبُهُ. وراءَ تصــــــــحّري فقرٌ بلا وطن ٍ،= وشــــــــــريانٌ يدقُّ الموتَ مسربُهُ. لتوقظُنا من التخديرِ فاطمــــــــــةٌ،= بشــــــــعرٍ يمتطي الإيحاءَ مغربُهُ. فأغنيةٌ نغنّيها بأشـــــــــــــــــــواقٍ،= وشاحُ الســــــــــحرِ للتاريخِ ينسبُهُ. تراقصَ غصنُها من فوحِ مبسـمِها،= ودمعَ الياســــــــــمينِ الثغرُ يخطبُهُ. على عرشِ البريقِ حبيبةٌ جلســـتْ،= وأحلامٌ من الوجــــــــــــــدان ِتعقبُهُ. يغوصُ إلى مكامـــــنِ لوعةٍ نبضٌ،= وفي الرغبـــــــــــاتِ يتبعُهُ فيتعبُهُ. جديلتُها الطويلـةُ أثـمـرتْ صــــوراً،= تشـــــــــــعُّ على نداءِ النفسِ تلهبُهُ. هناكَ على المفارقِ نغمةٌ تـهـذي = حروفاً، من أنينِ الحزنِ مـــــــركبُهُ. يضوعُ على الخفايا رمْسُ مجزرةٍ،= لهاثٌ يقلبُ الأعمــــــــــــاقَ مقلبُهُ. فتهدرُ صخرةُ الإنكارِ في جـــــسدٍ،= تثيرُ الشـــــمسَ، والإحساسُ ملعبُهُ. أنا المولودُ من رحــــــمٍ بلا أرضٍ،= فضاءً من فســــــيحِ الصدرِ أسحبُهُ. وحلمي لعبةٌ ركنتْ على فشــــــــلٍ،= قصاصُ الوقتِ في الوجدانِ يشجبُهُ. هممْتُ أغالبُ النسرينَ من قحطي،= وصحــــــــــراءُ النفورِ القلبَ تجدبُهُ. غريبٌ في المجاعةِ قد أتى وطــــــناً،= لحضنِ الوهْــــــــــــمِ يغدقُهُ، ويحلبُهُ. هنا الأشــــــــــــواقُ نائحةٌ بلا وترٍ،= غناءُ الصبـــــــــحِ في الليلاتِ يطربُهُ. فتجثو الركبتانِ ضراعةً لنــــــــــوى،= وريحٌ تلعــــــــــــــبُ الأدوارَ تعطبُهُ. أعانقُ فيكِ ملحمـــــــــــتي وذاكرتي،= وحلماً يرســـــــــــــمُ الأحداثَ ثعلبُهُ. قصصتُ ســوالفَ الآهاتِ في عجزٍ،= وعدْتُ أصدّقُ الشـــــــيطانَ، أعجبُهُ. تداوي صبرَها ميــــــسونُ في قتلٍ،= تصونُ تأمّلَ الدمـــــــــــعاتِ تصلبُهُ. أيا وعدَ الرجاءِ متــــــــــى تقاربُنا؟!= ســــــفينتُنا المدى في الضيقِ نرْكبُهُ. وتشــــــــــــــــعرُ أمُّهُ وهني بتأتأةٍ،= لســـــــــانُ النصحِ يخرسُهُ، ويكلبُهُ.
القصيدة رقم (14) في مأتم الـــــــهوى شهقـتُ على بُقـــيا رفـــيفٍ من الـــرؤى ورحتُ كطيف الإثمِ في المعبد القــــدسي غريباً . وتهــــويمُ الأنـــــينُ على فــــمي رنينٌ من الأصداء .. مستــلهم الـــــهمسِ كأنّي .ولــــــفحُ الثـأر يصــلى جـــوانحي سمـــــــيرٌ لآهِ الجرحِ .. يغـــتالُهُ بـــؤسي وطــوّفت في مهـــوى الخيالاتِ ســاهمـاً أعانــــقُ نجوى الريح. مستـــعذبَ اليأسِ وأترعُ أقـــــداحي من الــهمّ .. غــــــصةً تذوب بها الأنفـــــاسَ من ثـورة الحــــسِّ لعــلَّ أنــيساً من نـــــــــدامايَ ينـــــــتشي ويهمي دموعَ الفجر في مصرع الأنــــسِ ويهوي على الـــذكرى برفشِ مهــــــشّماً بقايا إلـــــــه الجوع من شهقة الكـــــــأسِ ليطوي رفات السِحر في مأتم الـــــــهوى وسلوى ليالي الصحوَ في وحشةِ الأمــسِ ......................................... وفـــي جـــنّة البلــــوى تـــنزّت غـــــوّيةً عرايا من الـــغياب الشـــــهيّ إلى نفـسي تـزمــــّرُ أنــغامَ التســــابيح في الـدجى بقيثـــارة الأحلام في مرقـــص النــحسِ وتـعزفُ في المنفى الـشـــــقيّ ملاحـــناً عــــــذاري من الإيقاع هيمانـةَ الجرسِ تراقصُـها مـــن شـــهوة الـــنار للــظَى فلــــولٌ من الـــجنّ المهوِّمِ فـي عرسي ...................................... أذا متُ قبل الملـــــتقى فانحري الــهوى على مرفأ الأطياف يا سوءةَ الرجـــــسِ فلستُ أطــيقُ الموتَ والشـــوقُ في دمي يضيءُ حواشي الرمل في ظُلمةَ الرمسِ ستشـــــفى إذا ما غــــبتُ عنها مشـــيَّعاً أجوسُ دوامي الأفق في مَغربِ الشمسِ ألـــمُّ شظايا الشُـــــهب في مذبح الــسنا رمايا من الأجرَام فــي الغيهب المنسي وأقــــطفُ من أشـــلاءِ حــــبٍ أزاهراً حّزانى كأشباح الذبــــول على الورسِ وأهـــــــــــدي لها أكليل ماضٍ مجرّحٍ وقد جفَّ زهرُ الغار في واحة الغرسِ
القصيدة رقم (15) صهيلُ الشمس أتيتُ بابَك ِ يا ليلايَ أرتجفُ فقد تمَكَّنَ مني الخوفُ والتلَفُ َمراكِبُ العشق ِ ضاعتْ عن موانئنا وصادَرَ الشوقَ مِنْ أعماقنا التّرَفُ دَمْعُ القصائد ِ في الخدين ِ مُلْتَهِبٌ وطائِرُ الشؤْم ِ في آفاقنا يقفُ ما أضيَعَ الحبََّ إنْ فَرَّتْ بلابلُهُ أو َمسَّهُ الشكُّ أو أزْرى به الأسَفُ أُقَلِّبُ الطَّرْفَ فيما مَرَّ مِنْ حلم ٍ فيَسْخرُُ العمرُ والآمالُ والصُدَفُ هذي سهولُك ِ قد جفّتْ سنابِلُها ِ هذي نجومُك ِ صوبَ البحر ِ تنجَرِفُ موائدُ النور ِ فرَّتْ مِنْ منازِلِنا وخيَّمَ البؤسُ والتغريبُ والشظفُ أرى رجالَك ِ تحت الشمعدان ِ جثَوْا وذي نساؤك ِ في أعرافِهم تُحَفُ قُدّي قميصَك َ خلف َ الباب ِ وانتظري لا يَنزلُ البدرُ حتى تُغلَقَ الغرَفُ وقفتُ أمْضغُ آلامي ويَعصُرني جُرْحٌ تحَنَّطَ في مِحْرابِه الهدف ُ على الأرائك ِأمْسى اللصُّ مُتّكئا وقيِّمُ الدار ِ خلْف َ الباب ِ يرْتجفُ أسائلُ الدهرَ والتاريخَ ِ، هل بَشَرٌ! هذي الجموعُ التي تَجْتَرُّ أم جِيَفُ؟ يا ساكنينَ ثرى -اليرموك ِ - مَعْذرة ً- هل يشعلُ الشمسَ مَنْ باعوك َ واعترفوا هل يدفق ُ النهرُ إنْ جفَّتْ منابعُهُ أمْ ينبضُ الرَّحمُ إنْ ماتت به النُّطَفُ! مَنْ أطلَق َ السهم َ صَوْبَ الشمس ِ فانكسَرَتْ مَنْ أغرق َالبدرَ في أحْداق ِ مَنْ نزفوا! قولوا لِمَنْ سَكَبوا الآهات ِ في دمنا قولوا لِمَنْ نَسَفوا الأحلامَ واعتسَفوا لا تصهلُ الشمسُ إلا حين يخطبُها مُهْرٌ تألّق في أحداقهِ الشّغفُ لن يَركبَ النجمَ في عليائه قزم ٌ سَميرُهُ الخصْرُُ والكاسات ُ والعَلَفُ لا يورقُ الغصنُ إلا حينَ يُرْضِعُه جَذْرٌ هنالكَ تحتَ الأرض ِ يَعْتَكِفُ زيْفُ الحضارة ِ أنْ نغتالَ جوْهَرَها ونركبَ البحرَ لا دُرٌ ولا صَدَف ُ كالتبْر ِ يلمعُ في قاعاتِنا تَرَفا ً وفي العقول ِ يُقيمُ الطينُ والخزفُ مَنْ يعشق ِ الشمسَ يوما سوف يَقطِفُها أفتى بذلك مَن ذاقوا ومَنْ عرفوا هُزّي نخيلَك ِ يا ليلايَ وانتظري لا يَسْقطُ التمْرُ حتى يرْجف َ السَّعَف ُ لا تتركي المُهرَ في البيداءِ مُنفلِتا ً هذا دليلُك ِ حينَ الليلُ يَنْتَصِفُ مزارعُ العشق ِ بالكفين ِ نَحْرُثها لنزرعَ المجْدَ حين َ المجْدُ يُختَطفُ شمسُ الحضارة ِ عن أفلاكِنا رحلتْ وسوفَ تَرجِِعُ إنْ يَرجعْ لنا الشرفُ
القصيدة رقم (16) مَسَّ من شعر .. ترقرقَ عذباً على شفتيّا وحينَ تمثلَ شعراً سويّا همستُ أعوذُ بربّ الوجودِ إذا كنتَ يا شعرُ روحاً شقيّا فقالَ :أنا ذا رسولُ فؤادكِ جئتُ لأمنحَ صوتَك شيّا سأمنحُ روحكِ ريحَ الإباءِ وعذبَ العذابِ وحُسنَ المُحيّا ومن هذيانكِ نبضُ الفصاحة ِ كذبُ الصراحةِ.. فرْحا شجيّا أنا الشعرُ إلفةُ وحشةِ قلبكِ غربةُ روحكِ شيئا فشيا فقلتُ: إلهي أعدني إليكَ وكنْ بي إذا ما ضللتُ حفيّا فإن الغوايةَ صهوةُ ريحٍ ستطوي مسافاتِ شعريَ طيّا أجابَ فؤاديَ :هزّي الحقيقة َ تمنحُ صوتَك تمراً جنيّا فقرّي ومرّي كمرّ السحابِ سيمطرُ برقُك حقا وغِيّا وكوني كما أنتِ مرآةَ ذاتكِ كذبةَ صدقٍ وضعفاً قويّا هو الشعرُ نحلُ حقولِ الحياة ِ وقد يفرزُ اللسعُ شهدا شهيّا ...!
القصيدة رقم (17) لا تَغَارِي لا تَغَارِي يَا زَهْرَتِي لا تَغَارِي إِنْ شَذَا اليَاسَمِينُ عِطْرَ الدِّيَارِ لا تَغَارِي مِنْ زَهْرَةٍ فِي الجِوَارِ إِنَّنِي أَهْوَاهَا بَرَغْمِ انْتِظَارِي قَدْ تَذَكَّرْتُهَا وَفِيَّ اشْتِيَاقٌ بَلْ حَنِينٌ يَجْرِي بَقَلْبِي ، حَذَارِ كَيْفَ لِي أنْ أَنْسَى هَوًى بَاتَ مِنِّي كَيْفَ لِي أَنْ أَنْسَى حَدِيثَ الجِدَارِ كَمْ حَبَتْنِي العِطْْرَ الذِّي فَاحَ فَجْرًا كَمْ تَعَطًَّْرْتُ فِي ثِيَابِ الوَقَارِ إِنَّنِي قَدْ أَحْبَبْتُهَا فِي جُنُونٍ لَيْسَ لِي بُدٌّ مِنْ هَوَى القَلْبِ ، دَارِي إِنَّهَا زَهْرَةُ الزُّهُورِ وَيَكْفِي أَنَّهُ لاحَ حُسْنُهَا فِي المَدَارِ فَتَدَلَّتْ أَغْصَانُهَا فِي دَلالٍ كَفَتَاةٍ تَزَيَّنَتْ بِالخِمَارِ أَشْرَقَتْ عِنْدَ الفَجْرِ تَدْعُو تُصَلِّي تَنْحَنِي لِلْرَحْمَنِ تَحْتَ الفَنَارِ تَنْشُرُ العِطْرَ فِي حَيَاءٍ تَزَكَّى بِصَفَاءِ الضِّيَاءِ وَقْتَ النَّهَارِ إِنَّهَا اليَاسَمِينُ زَهْرَةُ أَرْضـِي لا تَلُومِي حُبِّي لَهَا واخْتِيَارِي بَعْدَ وَصْفِي مَاذَا عَسَى أَنْ تَقُولِي غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهَا ، لا تَغَارِي
القصيدة رقم (18) أسمال ما كانَ يُخفي غَداةَ الحَرْثِ مُنزلقَهْ يسْتمرأُ الَّلهْوَ يجري حاسدًا طُرُقَهْ وغيرُ مُكترثٍ إن شفّهُ سَقمٌ أو راح يشتمُهُ مَن أدمنَ السَّرِقهْ وَيْلُمِّهِ ، كيفَ يسْتخذي بلا سَغبٍ يعبُّ بالوهمِ كأسًا نادبًا أرَقَهْ ؟ من يومِ أن صاحبَ الإنكارُ حائطَهُ يدعو ثبورًا ، فما يدنو الحَيا عُنُقَهْ ميزانُه مائلٌ من فرط سَفسَطةٍ ودربُه موحشٌ ، أوّاهُ يا خُلُقَه ! آذى القِصابَ ، قِبابُ الدمعِ تخبرُني أنَّ الذي خانَها لم يفقهِ العَلَقَهْ لم يروِ منطقَهُ إلا سماسرةٌ لم يغترفْ أدبًا ، لم يدرِ مَن خَلَقهْ يُشاطرُ الجِنَّ بالآراءِ يتبعُهُ زيفُ الأقاصيصِ مَسًّا ظلّ مُسْترقَهْ ويحَ الذي يمتطي الأهواءَ هذرمةً إذا بهِ ناشرٌ بعد القذى قلقَهْ هوّنْ عليكَ فلا زالت حمائمُنا ملء الفضاءِ ، وما أخفى الهَنا طُرُقَهْ هوّنْ عليك فما الأرواحُ باليةٌ أو عَزفُ باليةٍ يهوى الصَّدى مِزقَهْ ! لا تعْطِ للفكرِ كُمًّا خيطَ من سَفهٍ خالِ الوفاض ، إذا جَنَّ الدجى سرَقَهْ أدركْ معاني المواضي غِمْدَ روْنقها فلم تعد حوْمَةُ الفرسانِ مُختلقَهْ عساك تلثمُ من إيقاعها وطنًا يوحي الحنانَ ، ويشفي نورُها حُرَقَهْ فقال دعني ، غلوّي لستُ تاركهُ حتى ولو شِمْتُ عيْنَ النُّصحِ من ورقَهْ لا تُتْعبِ الحالَ في حَرْفٍ بلا شِفةٍ هذي نواتي مع الأشباهِ منفلقَهْ ! وقد تبنّيْتُ رأيًا سالفًا بدمي لمّا تبيّنتُ أنّ العذلَ قد سبَقَهْ ! فقلتُ ، واليأسُ أوهى النصْلَ موقدُهُ يا قومُ : وافقَ شَنٌّ في الأسى طبَقَهْ !!