ثنائية (حُبٌّ فِي زَمَنِ الحَرب )علي التميمي & لينا الخليل

أنضيعُ يا علي بالتّمني !
ونترك حكاياتنا أقصوصات في مهب الرياح العتية!
أن أحبك يعني أن أُعتِّق عمري على عتبات انتظارك
وأهزم كل بارود الحرب بهمسة
والخوف المرابض في مآقينا سأطويه تحت وسائد الليل الصخرية ..

ماذا نقول لأبنائنا الذين لم نلدهم
كيف سنرسم لهم دروب الأمل وسط حقول الشوك؟
ونعيد لهم أمنياتنا التي سُرِقت ..

أكره تُجّار الموت
و أكره ما مرّ فوق الطاولات
وما مرّ تحتها
آلاف من الغربان في سماء بلادنا
تعال نتكاتف لنمنع أسودهم من صبغِ نهاراتنا بليلٍ طويل ..



لينا الخليل

يا ألفَ لامِ قصائدي

ها هي قواريرُ جنونِي مُلئتْ عنْ آخرِها

بهوسٍ و خوفٍ

بحبٍّ وحربٍ

فسأكتبُ لـِ عينيكِ

شعراً أندلسيا ً

و أَقِيمُ لـ هوانا

حفلاً لاتينياً مجنوناً

و أصطحبُكِ بـ عربةٍ تجرّها الملائكة

الى فردوس ٍدافئ

كـ عصفورينِ على شجرة

تنبت بالدهن

نغتسل ُفيه من رائحةِ البارودِ النتنةِ

ونقرعُ كؤوس َأحلامنا

كي تنبت لنا جناحينِ من نور

نحلقُ بهما لـ أسلافنا الماضين

الذين قدّموا قرابينَ دمائِهم ,

ليبقى الوطن

نقلّب ُصورَهم ,

حكايات الأجدادِ

الذين ما زالوا يُرزقونَ عندَ الله

بفاكِهةٍ ولحمِ طيرٍ

لينــــا ,

يـ ابنةَ العمِّ

تعالي نركلُ الهمَّ والغمَّ

و نرتشفُ من القربِ

عصيرَ انتماءٍ

ونذكّي ما سُرطِنَ في لُحمتِنا

ونُذكّر , علّها تنفع اجيالا وارثين

.

.

علي التميمي

لا أدري كيف يجمع الدمع الأضداد
في الحرب نبكي
في الحب نبكي
تسيل قلوبنا خوفا
وتسيل من الشوق و الشغف

تؤلمني سياط الغربة
و البُعد إبر مغروزة في عيون الفرح
لا تبهرني أضواء المدن
ولا تأخذني المراكب الفاخرة إلى أي مكان
أنا روح تجلد ذاتها في خيمة في العراء
أمتص صقيع الأرض
أترك الجوع يعتاد على جسدي
و أعتب على شمسِ تطل عليّ باسمة
تاركة على وجوه أطفال من بلادي ندبات حرمان ..




لينا الخليل

كيفَ سـ أقولُ " أحبّكِ "

وخنجرُ أحدِ العسسِ خلفَ روحي

وبعضُ هواةِ التصويرِ

جاءوا كي يوثقوا الحدثَ

في أخبارِهم العاجلةِ

تبّتْ يدا العربِ يا لينــــا ,

ما اغنى عنهم نفطهم , ولا الطّرب

كلّ الذي لديهم

فرسانٌ مطربون

يمتطونَ أحصنةَ بحرٍ من خشب

فكيف يا حبيبتي

سـ نسترجعُ بوصاً واحداً

من أرضِ فلسطين

فهلْ يُجدي العتب ؟

دعينـــا

نرتّبُ لـ موعدٍ دافئٍ

على ظهرِ قاربٍ

أو قربَ قطارٍ متقاعدٍ

نرتشفُ نخبَ بغدادَ و فلسطينَ

حتى آخر همٍّ في قعرِ الكأسِ

ونطلقُ على العربِ أسماً آخرا

فالعسسُ يا حبيبتي نائمون

و الخفافيشُ تغتصبُ كلّ ليلةٍ فراشة

ويستخرجون البارودَ من آبارنا

وأنا أمرّنُ حمائمي

على حملِ أحجارِ السّجّيلِ

.

.

.

علي التميمي

من شِدةِ انشغالي بك
شبهّتك بالوطن
أهتف بحناجر حبي لك
وأزرع في رياض روحك مشاتل ورد
ورايات اسمك أحملها لتقابل الريح
لِترفرف على مرأى العصافير والفراشات ..

أمنحك طبيعة بلدي
وتهبني أصالة أرضك ..
متى تُفتح بيننا الحدود
ويُترك لنا الهواء لنتقن الشهيق والزفير..

سأحبك هناك
وأدعو جماهير شوقي الغفيرة
لتزف أحلامنا الوفيرة
كما يليق بانتظارك وانتظاري
ها أنا أدرت ظهري للحرب وسرت في درب الحب


لينا الخليل

يا زهرة زُرِعَتْ في آنيةِ الغربةِ

فراشة ٌ رابضةٌ في زنزانةِ برلينَ

كيفَ هي أخبارُ الوطنِ

أمَا زالَ مشرئبّاً مِنْ نافذةِ اقامتهِ الجبريّةِ

يراودُ المارّةَ عنْ عودةٍ

يتهجّدُ و يبكي , ويضربُ عَنِ الطّعامِ

ولا ينام

ويفقدُ الأملَ

و خلفَ أكياسِ الرملِ

والأسلاكِ الشّائكةِ

يتنفسُ المؤمنون يا لينــــا ,

ويزاولونَ مهنةَ الشهادةِ

السّاسةُ يا سيدتي

لا يسمنونَ منْ جوعٍ

فكمْ منْ غزالةٍ في غزةَ , كُسِرتْ سَاقُها

وهمْ يعلنونَ عَنِ افتتاحِ واحةٍ للتماسيحِ

يعلنونَ عَنِ افتتاحِ قلعةٍ جديدةٍ

تتفندقُ بها مطرباتُ الرّابِ

ومُصارعي الثّيران ِ

وسائقي الفرملة 1

يعلنون عَنِ افتتاحِ اسطبلٍ جديدٍ

يتسابقُ فيه " بقر آيدول "

ويتخاذلونَ عن عِرْضِ زيتونة

ولا يأبهونَ لـ زهقِ روحِ ليمونة

ولا يستحونَ لـ اغتصابِ سنبلةٍ

فـ كيفَ يا حبيبتي سـ أحبكِ

في أوطانٍ شرقية ٍ

شرقية غربية ولا شرعيّة

السّاسةُ يا معشوقتي

أبناءٌ عاقّون ,

مرتشون

عملاءُ غربٍ أعمى

و رُسُلُ الشّياطين

و جميعهم , لا يُقارنُ بـ حذاءِ عاشِقة ٍ

تُدعى لينــــا .. !

.

.

.

علي التميمي

في الحربِ
يكثر الحبُ
وكأنه موجة مضادة
تحافظ على توازنِ الكون
بين حبِ وكره
تبقى دفّة الحب مُشتعلة
حتى لا يتغّلب وحش الموت
أو تُهجر القلوب
تقسو الملامح
والعيون التي تشعُ حبا ..يجف نبع بريقها ..

في الحربِ ينشطُ مُعدّل الشوق
ويعلو منسوب الحنين
يحاولون ردم مشاعرنا
يتركون لنا دروب هجر كثيرة لنفرُّ إليها ..
لكننا أبناء الشمس
نأبى وطأ الجليد
و إن ذبحوا قلبنا ..ينبت لنا في كل يوم قلب حب جديد ..

لينا الخليل

يا قِطعةٌ منْ عالمِي

ما زلتُ أرفضُ الصحو َ

في زمنٍ يُدينُني

و أنامُ معَ كلماتي

كـ فتيةٍ في كهفِ الصمتِ

و أخبارُ الرحيلِ مُكررةٌ

كلُّ يومٍ نجدُ صديقاً

يتجمدُ في المشرحةِ ,

يشتاقُ الى دفءِ النجفِ

التهمتِ الشّظايا بعضَهُ , أو كلَّهُ

و أعيشُ العدَّ التنازليّ , منتظراً دوري

على ارتداءِ الكفنِ

فأتذكّر رافعِي البيارقِ

و بائعاتِ الوردِ , و التيّانَ

وكلَّ الذينَ جاءَ بهمْ رِزقُ معيشتِهم

الى طوابيرِ السياراتِ المزدحمةِ

والمتسولينَ الذينَ ابتلاهمُ اللهُ بهذا الوطنِ

و أخطُّ اليكِ وصيَّتي

بـ زفرةِ تنهّدٍ

لـ تحنّطي حكايتَنا , ذكرى

لا ينالُ الزمنُ منها

قبلَ أنْ يعلنَ إغماضتي

منشورٌ ما , لاحدٍ ما

أرادَ أنْ يقولَ شيئاً

.
.
.
علي التميمي

أنام ملء قلبي
وأغمض عين الصحو ..
للريح أُشرِّع أبواب لهفي
و أترك ستائر الحلم تتمايل
أنا لستُ مني
أنا قطعة من شوق تتدلى على عنق الكلام
لا آبه لِصوت الموت
ولا لِصمت الحياة
كل ما يعنيني امتداد عنق خيالي
خيالي الـ يُلامس الجنة
ويترك آثاره عصافير تحلق في سماء غربة موغلة في الحنين ..

تعودت أغصان قلبي على الريح
ألِفت عواء الذئب
و أنين الجرح
فلا تدعني أخسرك مرتين
وأبكيك مرتين
و أتوّشح بالأسود كغرابٍ لعمرين



لينا الخليل

ليتَني أحببتكِ قبلَ الحربِ

لـِ أصنعَ لكِ منْ عشقِي , بيتاً من غمام ..

قبلَ أنْ يكونَ لـ بلادِي ساسةٌ

يلقونَ بـ وعودِهم الكاذبةِ والمتسخةِ بالعهرِ

على مسامِعِنا , وكأنّ آذاننا سلةُ نفاياتٍ

وكأنَّ صدورنا مقبرةُ أحلام ..

و العربُ يا حبيبتي

ينامونَ أطولَ من اللازمِ

و كلبُهم الأزرق باسطٌ سطوته

ينامُ مفرودَ الأرجلِ

مرتاحَ الجمجمةِ

يبكي قربَ جدارٍ

ويفعلُ الدمارَ , لينشرَ السلام ..

وسـ يخرجُ إبرهةٌ ثانٍ من بلادِ الزرقِ

لـ هدمِ الكعبةَ الأولى

والعربُ نيام ..

و الارتكاضُ لإيقاظِهم , لا طائلَ منه

فضميرُهم يحتاجُ الى سمكرةٍ

وتقويمِ عظام ..

دعيني أرافقكِ في نزهةٍ

على ظهرِ حصانٍ مكسيكي مرقّطٍ

نستدفئ القلوبَ الباردةَ

ونستطردُ الأوهام ..

ولا تبكِي إنِ اعتقلوا فمي

أنِ اقتطعوا مزمارَ إلقائي الخافتِ

ففي بلادنا العربية يالينا

يقتلون الحمام ..

.

.

.

علي التميمي