الأخت الفاضلة سفانة
الإخوة أعضاء اللجنة
دعوني أغرد خارج السرب قليلاً:
يجب أن لا ننسى أن القصيدة تنتمي إلى الشعر العمودي ،وهذه تحسب للشاعر على ما للشعر العمودي من قيود تقيد الشاعر سواء في عدد التفعيلات المحدد والقافية ،مما يجعل الخيارات محدودة جداً
ومع ذلك فقد أبدع شاعرنا بتصوير حال الأمة ،حتى أن إقحام قصته مع المعلم الشيخ تعد إبداعاً وفكرة متجددة .
من وجهة نظري المتواضعة أرى أن شاعرنا قد كان موفقاً وناجحاً في بناء قصيدة كلاسيكية بأسلوب عصري
تحياتي العطرة
سيدتي الغالية عواطف
شكرا لدعوتك لي واسجل اعتزازي برسالتك الكريمة
سيدتي الكريمة سفانة
شكرا لمتابعتك الدؤوبة
سيدي شاعرنا المبدع عبد اللطيف
أعتذر لتأخري
لست ناقدا ولا احبّ أنْ اكون كذلك.
في اعتقادي انّ أصعب مهمة للنقد وللناقد هي الوقوف أمام القصيدة لنقدها لأن من الظلم ان يقف الناقد وهو في حالة وعي
كامل ليحاكم الشاعر الذي كتب القصيدة وهو في حالة حلم شارد وهوطائر الى مجرات الخيال النائية ويسبح في محيطات اللاوعي
ويكتب نيابة عن عقله الباطن.
ولذلك أجدني اعطي رأي المتذوق وليس الناقد.
القصيدة منذ عنوانها توحي لنا بالتفاؤل فكما يبشرّنا القرآن الكريم بهذ القول(ان مع العسر يسرا) يبشرنا الشاعر بعنوانه
(ان بعد العسر يسرا) ولكن هذا العنوان ينقلنا الى المجهول ليجعلنا نتساءل: في أيّ موضع يريد الشاعر ان يضع تفاؤله؟
أفي موضوع شخصي وذاتي يتعلق مثلا في صدمة عاطفية او عائلية فينظر من خلالها الى بارقة أمل ؟
أم تراه سيتحدث عن حالة عامة تخص الامة او الوطن او الدين او الطائفة.
وهذا يحسب للشاعر لأنه يريد ان يحقق عنصر التشويق والمفاجأة.
القصيدة فيها تمكـّن واضح من استخدام الأدوات الفنية للشعر من انتقاء الفاظ وجمال صور وبر اعة خيال
وادارة حوار وموسيقى شعرية حيث استخدم الشاعر بحر الرمل الهادئ ليعبّر عن حالة السكون التي تمرّ
بها الامة وتخلـّفها ولكن مع هذا السكون والهدوء تأتي القافية الرائيّة المنطلقة صعودا مع ألف الاطلاق
ليعبّر هذا الاطلاق عن نقيض ذلك حيث الأمل بتجاوز الحالة المرفوضة.
المطلوب منا أن نتحدث عن فكرة القصيدة.
في البدء من المهارة أنْ يكون التفاؤل صادرا عن شيخ كبير فالشيخوخة تمثل الضعف وهذا عسر
ولكن الكلام الناتج عن الحكمة والتجربة يمثل اليسر.
لكنني اختلف مع محتوى الفكرة لأنني لست مقتنعا في انّ الامم لا تنهض الا حينما تسقط امم اخرى
وارى انّ سقوط الانظمة الشيوعية وليس سقوط الفكرة الشيوعية لأنها لا زالت موجودة في كل انحاء
العالم ولا يوجد شعب ليس فيه شيوعيون او ماركسيون بل انّ عددا من الدول لا زالت شيوعية ومنها
من قام اخيرا بالجوار من الحديقة الامريكية كفنزويلا والبرازيل ونيكاراغوا وبوليفيا اضافة الى كوبا
والكل يعرف ان الثور الامريكي لم يستخدم قرونه بعنف في منطقتنا الا بعد غياب القطب الاشتراكي أقول.
انّ سقوط تلك الانظمة أثرّت تأثيرا سلبيا على قضايانا الحيوية.
فليس من الانصاف ان ننكر الصداقة المخلصة المساندة لقضايانا.
لو افترضنا انّ امريكا ستتهاوى وتسقط فهل ستنهض امتنا بديلا عنها وما هي مقوّمات هذا البديل؟
نحن لا زلنا في مجال الطب نبحث في نجاعة بول البعير كدواء وفي مجال الفضاء والفلك نظن ان القمر
في الخسوف تبلعه حوت وان الفتاوى من بعض رجال الدين تنكر كروية الارض ولا زلنا في حقوق المرأة
نرى ان الموظفة عليها ان ترضع زميلها الموظف في الغرفة المشتركة حتى تكون محرمة عليه كامّه بل
لازال الجدال قائما في احقية قيادة المرأة للسيارة في الوقت الذي تقف فيه امرأة بيضاء وقبلها سوداء
لتقول لزعمائنا حان وقت رحيلكم.
الامم لا تنتظر من الامم الاخرى السقوط لتنهض بل انّ نهوضها يكون من داخلها فدول اوربا نهضت
عندما غيرت حياتها الداخلية فاسقطت ملوكها او جعلتهم يملكون ولا يحكمون ونهضت عندما اسقطت سلطة
الكنيسة واقطاعها ونهضت عندما اثبتت لغاليلو دوران الارض واسقطت الذين حكموا عليه بالاعدام رغم
قداستهم المزعومة؟
الامثلة يا سيدي كثيرة فالصين امة كبيرة ومؤثرة وصناعاتها تغزو جميع دول العالم حتى امريكا وهي لم
تنتظر من عدوتها الرئيسة امريكا السقوط والتي حرمتها سنوات طويلة من مقعدها في الامم المتحدة لصالح
دويلة صغيرة لا تساوي نسبة ضئيلة من مساحتها الجغرافية وعدد نفوس شعبها بل انها تقدمت ببنائها الذاتي
واليابان والمانيا والهند مثل آخر ناصع.
لا اريد أن اطيل بالامثلة فهي كثيرة جدا اما اذا بقينا ننتظر سقوط الاخرين لننهض دون ان نوجد مقومات
النهوض الذاتية فانا اقول اننا ننتظر الذي يأتي ولا يأتي.
تحيتي لك شاعرنا الكبير واسجل اعجابي بكوامن الجمال الفني الأخاذ المزدحم في القصيدة رغم تحفظي
على بعض افكارها.
آخر تعديل خالد صبر سالم يوم 07-31-2011 في 12:19 AM.