ديوان الشاعرة / انتصار حسن

بوح الأقاح
--------------



أخـوض مـع الـنبض أقوى الحروب ... أضــمـد بـالـصـبر نـــزف الــجـراحْ

و أعــبـر أنــفـاق شـوقـي إلـيـك ... لـكـي لا يـكـون لـعشقي اتـضاح

و عــبـر الأزقـــة يـسـرع خـوفـي ... يـفـتـش عـــن ســاحـة الإرتـيـاح

فـأخـفي حـكـاياي بـيـن الـظـلام ... يغطي على السر صمت الوشاح

و أهــمـس حــبـك لـلـيـل ســـرا ... فـيـرسـل قـلـبك جـيـش اجـتـياح

تـهـاجـمـنـي تــلـكـمُ الـنـبـضـات ... و تـأسـرنـي بــعـد طـــول كـفـاح

تــقــول (أحــبـكِ) أُصـــرعُ فـــورا ... أحــبـكِ تـفـعـل فــعـل الــسـلاح

و تـغـتـابـنـا نــسـمـات الـلـيـالـي ... تــوشـوش بـالـسـر نـحـو الـريـاح

تــهـب سـطـور الـغـرام لـتـحكي ... بـــأن فـــؤادك بـــي قـــد أطـــاح

أود الــهــروب و أنــــت جـنـاحـي ... و كــيــف أطــيــر بــــدون جــنـاح

تــحــاول إخــفــاء مــولـد حــبـي ... و كــيــف تــخـبـئ بـــوح الأقـــاح

و إن ســألـوك تــقـول ( خـيـال ) ... و تـطـعـم قــولـك بـعـض الـمـزاح

نــعـم قــد هُـزمـت أمــام هــواك ... فـأغلق عـلى الـسر باب السماح

للصمت بوح



للـــــــه در المشاعرْ.... تجثو بحضرة شاعرْ

تأتيك تحبو بخوف ...في بحر تيه تسافرْ

تمر لحظة صمتٍ....يلفها ألف خاطر

نحكي بها كل شيء...من أول نحو آخر

آه من الشوق آهٍ....من بوح تلك السرائرْ

فأنت تفهم قصدي....و بالسكوت تناورْ

كما فهمتك لكنْ ....بالسر لا لا أجاهرْ

أمام رعشة بوحي...فرت حروف الدفاتر

تخاصمت كلماتي....معْ نزف تلك المحابرْ

ضاعت قصائد شعري....ليلي خؤون و غادر

أمام عينيك تاهت....مني جميع الخواطر

أبقى أمامك خرسا....مولايَ بالقول بادر

اسمع حبيبي فقلبي.....بالرمز يحكي يحاور

صمتي فصيح و نبضي....بالأبجــديّة عامر

و نحو عينيك شوقا....أسراب بوحي تهاجر

في القلب حال خشوعٍ....من الكلام يحاذر

في هيبة الحب يبقى....حتى السكوت مغامر

صمتي حكاية حب ....و أنت صمتك ساحر

يا ليل



أنا يا ليلُ متعبةٌ ... متى يتحققُ الأمَلُ
ظلامُكَ كم يحاصرني ... فيخنقُ قلبيَ الوَجلُ
متى سيزورني فرحٌ ... وغيمُ الوجدِ يرتحلُ
و يسطعُ بدرُ أمنيتي ... فلا يأسٌ ولا مللُ
و هل ستعود ألوان الـ. ... الهناءِ وتبسِمُ المُقَلُ
و قهري هل سيعتقني ... وجرح الأمسِ يندملُ
ترى هل سوف ألقاهُ ... و هل لهوايَ يمتثلُ؟؟!
يدي ..أتراه يلمسها ؟؟... و تمطر فوقها القُبَلُ
ويرجع عامرًا بالحب ... هذا الرسمُ والطّـللُ
و ينزع عنه أسمالًا ... مهلهلةً و يحتفلُ
يزّين ساحة بالقلـ بِ يسرع نبضيَ العجلُ
و يركض داخل الأضلا عِ حين يـهزّه الجذلُ
أنا يا ليل متعبةٌ ... فقل يا ليل ما العملُ
رياحُ الشوقِ تدفعني ... إلى عينيكَ يا رجلُ
و يغرق زورقي بهما ... و عنك يصدني الخجلُ
تعال فبدر أمنيتي ... يكاد الآن يكتملُ

نثار الهيام

يظل بقربي و يجلب نحوي
جميع الأماني لأسعد عامْ

و يفرحني حين يختار حلمي
يقاسمني العيش فوق الغمام

و يفتح نافذة المستحيل
و تدلف في الحال ريح الغرام

تبعثرني و تبعثر كوني
و تنثر أوراق عمري القتام

يغرد لي بلبل الأمنيات
و يرفل بدري بثوب التمام

تشع الليالي إذا جاء نحوي
حبيبي و كل الأناس نيام

يبارك نومي بصوت شجيٍّ
يدندن( نامي) فيأتي المنام

أنام ..و كيف أرد الحبيب
حرام إذا ما رفضت حرام

و من شهد عينيك يا سيدي
أذوق ألذ كؤوس المدام

فيصبح حلمي بهيا نقيا
و تصبح بيضاء تلك الخيام

نعطر بالوصل أرجاءها
و في واحة الحب يحلو المقام

حكايتنا فوق كل الحروف
فكيف سنوضحها بالكلام

خياليّة قصة قد حوتنا
و ما بيننا قد نما الانسجام

يربت فوق جبيني فيمحو
جميع الهموم نثار الهيام

و يحرس عينيّ حتى تفيقا
فيغمض عينيه ثم ينام

لقد جاء دوري فنم يا حبيبي
أنا سوف أرعاك نم في سلام

هطول حلم

و في كل رفةِ عينٍ حبيبي ... يقدم شوقي إليك هدية

تفضل و أمسك هدايا فؤادي ....بداخلها اللهفات القوية

و داخلها ألف ألف سماء ....تحلق فيها الأماني الندية

بها أبدع النورُ قصرا مشيدا ....و حقلا من النجمات السنية

أتى نحونا زورقٌ من سحابٍ.... عليه صعدنا و طرنا سوية

معًا جمعتنا أرائك شمسٍ ....نفسّـــر أحلامنا الذهبية

سمعنا لذاك الشهاب صهيلا ... تقدم منا و صار مطية

عليه صعدنا و في الأفق طرنا ....بأوراقنا غنت الأبجدية

فيا سيدي قد كتبتك في سطور الهوى قصة سرمدية

و قلتُ لعينيكَ شعرًا نديًّا....تناثر بوحي ورودا زكية

وأنتَ تغزلتَ بي قلتَ سحرًا .....و حاورتَ أزهاريَ الأنثوية

و أسقيتني من كؤوس الهوى.... فأسكرتني سكْـرةً شاعريّة

و فاحت أريجا يسطر حبي ....و جاء هطول الحروف البهية

هناك استعرنا جناحيْ سنونو....و طرنا معا خارج الجاذبية

هناك تضاءل حجم المآسي ..و في الأفق لاحت لنا كروية

على نغمة الشوق كم ذا رقصنا ....ببهو حكايتنا الملكية

و ذبت بعينيك يا سيدي ....و تهت بأمواجك العسلية

و آثرت صدر حبيبي على ....جميع وسائدي المخملية

و قلبي تدلل بين يديه .... تجمل بالحلّة السندسية

و هام بنا الليل نام على.....زجاجة شرفتنا اللؤلؤية

و عصفورة القبلات أتتنا ....ترفرف بالنكهة السكرية

و في جنة الحب تلك غفونا ....على أحد البُسطِ الليلكية

هناك التقينا هناك مكثنا .... قضينا سويعات وصل هنية

هناك كتبنا حكاية حب....بأحلى الأحاسيس كانت غنية

فيا ملهمي أنت سر الحروف ....بديوان شاعرة عربية

لعينيك سيدي


بعينيك سافرت يا سيدي
و تهت أنا في تلال العسلْ

بعينيك لونٌ يثير الجنون
يسوق المشاعر نحو الثمل

وبوحٌ يصوغ حكاية حب
و همسٌ يقول قصيد الغزل

أضيع أنا بين تلك الدروب
فقل يا حبيبيَ قل ما العمل

أتوه بها كي أصادف نفسي
فلست أعيش بغير المقل

أحار أنا في حديث العيون
تجيب بـ (لا )أو تقول أجل

سحرت الفؤاد بلغـز العيون
و بين الحواس أقمت الجدل

سأبحر في بحرك العسلي
على مر دهري و مر الأزل

و حين تهيج البحار بوجهي
سألجأ نحو شراع الخجل

وأبقى هناك على زورقي
هناك أعيش هناك أظل

صباحي صوتك

أحبُّ الناس حيّاني ...و ساءلني عن الحالِ

و قال صباحكم حُبٌّ... فخطّ النبض أقوالي

صباحي صوتُك الأحلى وهمسك صار موالي

وأغلى أنت من أهلي .. و من عمري و من مالي

أحبك قالها قلبي ..و غادر كهفَهُ الخالي

فشكرا يا حبيب الروح حين أعدتَ آمالي

سأرسل هدهدًا يلقي إلى عينيك مرسالي

فهلا زرت مملكتي هنا في أرض آزالِ

لعلك إن أتيت إلي تطفئ نار أهوالي

فأعلنه انتصاري بعد قهرٍ جرّ أذيالي

أمير قصائدي ورؤايَ لست تغيب عن بالي

وكم أهوى ابتداء الصبح باسمك أنت يا غالي

نشيد الغرام


تعال لنكمل سرد الرواية
يراعي توقف عند البداية

تعال فحبري عصاني كثيرا
و فرت سطوري ببعض الغواية

و قال البياض سأبقى هنا
إلى أن تعيدي عليّ الحكاية

فباسم الهوى السرمدي ابدئي
لتحظى السطور بدفء الرعاية

فتفرش درب الحكاية وردا
و تنساق تنساق دون نهاية

و كل الوريقات تترى تباعا
بحرّيةٍ دون أدنى وصاية

فتركض بعد الحروف حروفٌ
تزيد الفواصل عندي لغاية

نقاط النهايات لا أرتجيها
و لن أتوقف فيها نكاية

تفوح السطور بعودٍ و ندٍ
لأني رسمتك أجمل راية

أيا سيد الحرف و الكلمات
حروفي تكاد تعمّ الولاية

وأنت بعيد و لا لست تدري
بأن حروفي وشت بوشاية

و قالت وعادت و زادت كثيرا
فليتك ترنو لها بعناية

تمرد حرفي و ثار بوجهي:
دعيني أسير إليه بآية

و جهز بوحا جميلا إليك
فدعه يمارس تلك الهوايـــة

رميت فؤادي بسهم هواك
و بالمثل سوف أرد الرماية

و دونك عاشت حروفي ظلالا
فجاءت إليك تذوق الهداية

فكن ملهمًا لنشيد الغرام
وبالوصل زيّنْ ختـام الرواية

شكوت القصيدة

إليك حبيبي سأشكو القصيدة
أشاهدت يوما قصيدة شعر
تخاف إذا باح فيها الفؤاد ببعض الكلام ؟؟
تخاف إذا خُطّ فيها
معان تضم حريق افتقاد أعاصير وجد رياح غرام ؟
تخاف على نفسها من كلامي ؟
تخاف تبنّي عبارات قلبي ؟
تخاف تخاف لهيب ضرامي
فتهلع من نار حب و طوفان شوق و بركان بوحِ
تسبب أوجاع كل الدموع اختناقي..تسوّغ نَوْحي
*
إليك حبيبي شكوت القصيدة
أتدري ؟!!!
تعال سأهمس سرا
قصيدة شعري يزلزلها الاندهاش
أتمشي على جمر تلك الحروف؟؟!
قصيدة شعري الجبانة تأبى
تخاف على نفسها يا حبيبي
تلّبّسها الارتعاش
تخاف إذا صغت فيها حنيني
فكيف أقول قصيدة شعر؟؟ و كيف أبوح بما يعتريني؟؟!
*
إليك حبيبي شكوت القصيدة
أود لو اْني
أحرر شعري و أقفز فوق القوانين عمدا
لتجري بمضمار روحي القصيدة و تصهل فيّ بكل ثقة
و أقطع عنها عنان الخجل
لتركض فوق بطاح الأمل
قصيدة شعر جموحٍ فضاءاتها مُطلقة
لتأتي إليك على صهوةِ الجرأة التي تتحدى مساراتها الضيقة
تكف عن الاختباء وراء الكنايات
تقلع عن همهمات التخوّف
تعبر سبع أراض
و تصعد نحو السماء يجنحها الحب
تبعث عبر الجهات النداء
لتسمع صوتي يرفرف حولك في كل واد
أحبك جدا و جدا و جدا
أبوح بأنّي و أنّي ....
فكيف أحقق هذا التمني
*
إليك حبيبي شكوت القصيدة
لقد صار شعري يخاف اعترافي
فتأتي سراعًا جميع القوافي
لتخنق فوّهة البوح خوف انفجارٍ عظيمٍ
تلون قولي بلون اضطهاد أليم أليم
و أنى لها ستر ذاك الصخب
لقد صرت أخشى القوافي
فقد كبلتني كثيرا كثيرا
و شعت حروفي بلون الغضب
فدعني أقول قصيدة شعر بلا أي قيد و لا قافية
لعل القصيدة حين ترفّ بأفق التحرر تنطق سرا
و تهبط فوق دروب الهوى
يراقصها البوح في لحظة من جنون
فلا يتبقى له أو لها خافية
و تسفر كل الحروف
أمامك جهرًا
فكم خُبئت تحت جنح السواد
و كم ردها البوح كم قد نهاها
و أغلق في وجهها كل باب
و ضاعت ملامح تلك الحروف طويلاً
ولم تكُ إلا دوائر وهمٍ. نقاطًا ..خطوط سراب
مللت الخضوع مللت الخنوع
لذا سوف أشكو إليك القصيدة
مللت كلاما أناجي به الليل
أسرقه من فؤادي
فيولد بين الظلام و يدفن حين
وميض القمر
و أنسبه إن سُئلتُ ،لغيري حياءً وخوفًا..
هنا قيل شعر هنا مات شعر
هنا لحن أنثى سيبقى لدى العرف صوت نشاز
هنا بوح أنثى تسلل طيفًا.. وقد يتلاشى
ولا يتبقى له من أثر..
كرهت أنا الشعر حين يخاف
حبيبي إليك سأشكو القصيدة
تجيء إلي برعشة شوقٍ ولمحة ومضِ
و تهرب مني بذعر و تمضي
سريعا تجيء سريعا تفرّ
وفوق رؤوس الأصابع تمشي
و تخشى مساس مفاهيم عرف قديم
لكي لا يقال
هنا قد تسلل بوح لأنثى
إليك حبيبي شكوت القصيدة
مللت أنا الخوف
ما عدت أخشى الملام
سأفصح عما يدور بقلبي
و أشرح ما تضمر العاطفة
أقول بأني أحبك جدا
فهبي على الكل يا عاصفة
سيولد للتوّ أحلى الكلام


من ديوان (خوضٌ في لجّة حبٍّ ملكيّ)

مساء سعيد

مساء سعيد على من أحب
و نبض الحنين هنا لم يغبْ

لأجلك يا سيد الأمسيات
جميع أماني الهوى تشرئب

لأجلك أفرش مخمل ليلي
و شلال نجماتِهِ ينسكب

إذا ما همست مساؤكِ خير
حواسي بمجملها تضطرب

فيبدأ قلبي بشرح الهوى
و يطرق حزنا يراعي التعب

فلا يستطيع لساني بيانًا
كأن جميع الكلام نضب

فيا لفخامة ليلي إذا ما
أتيت إلي فهيا اقترب

لأجل سواد عيون الليالي
بقيّةُ أشجاننا تنسحب

لأجلك بدر الأماني الجميل
سيبقى منيرًا و لن يحتجب