والعصر مخضوب البنان و أزهار الحقل الحسان
و الصبح يملأ بالندى عطرا سلال الأقحوان
و البدر و هو مظله لليل تمتلك افتناني
إن الفؤاد لفي ضلال من هواه و في هوان
ما داخل الحب الفؤا د فعاد بيتا للأماني
أو بات في روض و أص بح باسما نضر المجاني
هبط النعيم و ساكنيه فرده خلو المغاني
سل عنه أزهار الحقول على جداولها حواني
سل زهرة التفاح ضا حكة الأسرة و المعاني
يا زهرة التفاح هلا تخبرين عن الجنان
يوم استفز بها الهوى فلبين باتا يخفقان
اروي لنا نبأ ( الطريد ) فأنت راوية الزمان
أغوته ( حواء ) فمد يديه نحو الأفعوان
ثمر يحرمه الإله عليهما و يحللان
ذاقا فكانا ظالمين فكيف يجزي الظالمان
وبدا الموارى منهما فإذا هنالك سوءتان
و عليهما طفقا من الو رق المهدل يخصفان
يا بؤس من فضح الإله و لم يزده سوى الهوان
لم يعرف الدوح الخريف و نزع أوراق حسان
حتى نضى ورقاته العاشقان الآثمان
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
حلم بآفاق السرور رسمته أجنحة الطيور
و بشائر فوق الربى بين الخمائل في الصدور
و نسائم رقصت على زهر الجنائن و الغدير
و فراشة قد روحت عن زهرة الحقل النضير
تعلو و تهبط في الرياض كأنها نغم الحبور
الفجر يبني للندى و كنا جميلا في الزهور
فلنبن من قبلاتنا للحب عشا في الثغور
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
حورية النهر
نفوس معذبه هائمة تخبط في الظلمة القاتمة
أجد لها الليل أحزانها و تذكار أيامها الباسمة
فسارت تفتش عن حبها و تنشد لذاتها الدائمة
و أسرى بها تحت جنح الظلام زوارق في اللجة الغائمة
إذا ما تلوث على الشاطئين من النهر أمواجه اللاطمه
و أرسى على مائه زورق تؤرجحه النسمة الحالمة
أطلت على النهر حورية فأغوته بالنظرة الساهمة
فأغواره و هي أوطانها بواك على فقدها نادمة
و أمواجه و هي أترابها جئت تحت أقدامها لاثمه
أحورية النهر غضي العيون و كوني بملاحة راحمه
تسيرين في زورق من ظلال فتدفعه النسمة الناعمة
و مجدافك اخترته من ضي اء النجوم على اللجة القاتمة
و أطربت النهر و الضفتين أغان و قيثارة ناغمة
لقد حق أن تسحر الكائنات وتستل آهاتها الجاثمة
فأوتارها شعرك العسجدي و أنت الموقعة الباسمة
رأى النهر مصرع ملاحه بعينيك أيتها الظالمة
رآك فهيأ مجدافه و أسلم زورقه للظلام
يثير إذا سار عزم الميا ه فتطلق عن جانبيه السهام
طغى الموج و ارتد يطوي الظلال فلم يبق للعين إلا القتام
فيا زورقا من ظلال تلاشى بحورية ليس ترعى الذمام
أخلفت ملاحنا وحده و للموج في الشاطئين احتدام
و حورية النهر ما خلفت سوى أغنيات تثير الغرام
يجاري اختلاجاتها زورق و موج و قلب حواه الهيام
و نهر تمازج أمواهه و يحملها رغوة إذ تنام
و نجم يعشى الدجى ضوءه كنبع على ثغره العشب نام
و يقتاف آثارها زورق و ملاحه الشارد المستهام
يطالعه طيف حورية من الموج يختال في الابتسام
فمن كل صوب سرى خالها هناك و إن سار ألفى الظلام
أوهما يرى لا فذا صوتها ينتهي فتعيد المياه الكلام
و لاحت له أعين مشفقات محدقة من وراء الغمام
تنادي به ظللتك الخطوب و قادتك نحو الردى و الحمام
و لكن أذنيه لم تسمعا حديث السماوات حيث السلام
جرى وهو ليس له غاية سوى أن يجدف حتى الصباح
و يقفو على الماء ضوء النجوم و يصرع أشجانه بالنواح
لقد حطم الليل مجدافه و هيض الشراع بعصف الرياح
وقد أطفأ الموج مصباحه فصاح و لم يجد ذاك الصياح
تبرمت يا ليل بالبائسين فزل و اترك الصبح يأسو الجراح
و نادى وقد مد كلتا يديه لقد حان يا أرض عنك الرواح
فيا شاطئا كان مأوى الغريب إذا مل طول السرى فاسترح
وداعا وداع الشقي الحزين سيسر إلى الموت بعد الكفاح
و يا زمج الماء خدن السفين سمير الشراع الطروب الصداح
كلانا يحن إلى تربه فطر لي فإني مهيض الجناح
و يا أنجم الليل يا عودي إذا القلب في الليل بالداء طاح
إذا ما خبا نوركن الوضيء أسى و تألق نجم الصباح
فحدثنه عن فتى في الدجى طواه العباب وحب الملاح
رأى -ويح عينيه- حورية فجن بها ساعة ثم راح
فقد يخبر النجم عنه الرعاة فيبكون حزنا و تبكي البطاح
و مات الشقي الحزين فعادت تكفنه بالشراع الرياح
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ
رثاء القطيع
لقد حدثوني بموت القطيع فشدت على القلب كف الألم
رأيتك تبكين بين الثرى و تستصرخين رعاة الغنم
و حولك سرب من الراعيات يخففن عنك الضنى و السأم
أما أرقت عين هذا التراب دموع لها فوقه منسجم
من الأعين الحور ينبوعها فهل تصبح اليوم تحت القدم
لقد زوقت تحت أيدي الأصيل سفوح الروابي بظل القمم
و قد حوم النوم حول الغدير فما بال أزهاره لم تنم
و أمواجه أخلدت للسكون فمات على ضفتيه النغم
و كانت تغني بحجر النسيم إذا لفها موهنا و استجم
أحزنا على ما أصاب القطيع رفيق هواها عراها السقم
و مالك لا تملأين المروج ابتساما فإن الربيع ابتسم
و فوق الثرى ذاب قوس السحاب فبادت على جانبيه الظلم
رياض كما يشتهي العاشقون و ما صور الفن منذ القدم
و نور سها شفاه الزهور و نهر عليه الذهول ارتسم
أحزنا على ما أصاب القطيع أليف الروابي اعتراك الألم
سأبكي وقد كنت تستضحكين إذا الدمع من ناظري انسجم
التوقيع
دِيمَة سمحةُ القيادِ سكوبُ
مستغيثٌ بها الثرى المكروبُ