علي بن أبي طالب
1- سمته أمه حيدرة
كان اسم علي عند مولده أسد , سمته بذلك أمه رضي الله عنها باسم أبيها أسد ابن هشام ويدل على ذلك ارتجازه يوم خيبر حيث يقول:
أنا الذي سمتني أم حيدرة كليث غابات كريه المنظره
وكان أبو طالب غائباً فلما عاد , لم يعجبه الاسم وسماه علياً.
2- تربى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم
كان أبو طالب ذا عيال كثيرة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه - وكان أيسر بني هاشم - : يا عباس , إن أخاك أبا طالب كثير العيال , وقد ترى ما أصاب الناس في هذه الأزمة , فانطلق بنا فلنخفف عنه عياله , آخذ من بيته واحداً وتأخذ واحداً فنكفيهما عنه , فقال العباس: نعم.. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه فقال لهما: إن تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً فضمه إليه , وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه , فلم يزل علي بن أبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله نبياً , فاتبعه عليّ , فأقر به وصدقه , ولك يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه.
3- عند ذلك أسلم علي
روى ابن إسحاق أن علي بن أبي طالب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد إسلام خديجة رضي الله عنها , فوجدهما يصليان , فقال علي : ما هذا يا محمد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( دين الله الذي اصطفاه لنفسه وبعث به رسوله , فأدعوك إلى الله وحده وإلى عبادته وتكفر باللات والعزى )) فقال له علي : هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم , فلست بقاض أمراً حتى أحدث أبا طالب , فكره رسول الله أن يفشي عليه سره , قبل أن يستعلن أمره , فقال له : يا علي إذا لم تسلم فا كتم , فمكث علي تلك الليلة , ثم إن الله أوقع في قلب علي الإسلام , فأصبح غادياً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , حتى جاء فقال : ما عرضت عليّ يا محمد ؟ فقال له رسول الله : (( تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتكفر باللات والعزى , تبرأ من الأنداد , ففعل علي وأسلم , ومكث على يأتيه على خوف من أبي طالب وكتم علي إسلامه ولم يظهر به )).
4- صلاة بين الشعاب
ذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرته الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفياً من أبيه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه , يصليان الصلوات فيها , فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا , ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوماً وهما يصليان , فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلام : يا ابن أخي , ما هذا الدين الذي تدين به , قال: (( أي عم , هذا دين الله ودين ملائكته و دين رسله ودين أبينا إبراهيم )) , أو كما قال صلى الله عليه وسلم : (( بعثني رسولاً إلى العباد وأنت عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه )) أو كما قال . فقال أبالب : أي ابن أخي , إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي , وما كانوا عليه , ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما بقيت , ذكروا أنه قال لعلي : أي بني ما هذا , ما هذا الدين الذي أنت عليه ؟ فقال: يا أبت آمنت با لله وبرسول الله وصدقته بما جاء به , وصليت معه واتبعته فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه )) .
5- دفن علي لأبيه
عن علي رضي الله عنه : أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبا طالب مات , فقال له النبي: (( اذهب فواره )) , فقال: إنه مات مشركاً . فقال: (( اذهب فواره )) .
قال: فلما واريته رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: اذهب فاغتسل ثم لا تحدث شيئاً حتى تأتيني , قال: فاغتسلت ثم أتيته قال : (( فدعا لي بدعوات ما يسرني أن لي بها حمر النعم وسودها)) .
6- أبو ذر في ضيافته
قام علي بدور عظيم في أخذ أبي ذر إلى مقر الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان رضي الله عنه منكراً لحال الجاهلية ويأبى عبادة الأصنام وينكر على من يشرك بالله , وكان يصلي لله قبل إسلامه بثلاث سنوات دون أن يخص قبلة بعينها بالتوجه ويظهر أنه كان على نهج الأحناف , ولما سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قدم إلى مكة , وكره أن يسأل عنه , حتى أدركه الليل فاضطجع فرآه علي فعرفه أنه غريب , فاستضافه ولم يسأل عن شيء , ثم غادر صباحاً إلى المسجد الحرام فمكث حتى أمسى فرآه علي فاستضافه لليلة ثانية وحدث مثل ذلك الليلة الثالثة ثم سأله عن سبب قدومه . فلما استوثق منه أبو ذر أخبره بأنه يريد مقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم , فقال له علي: فإنه حق , وهو رسول الله فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت شيئاً أخاف عليك قمت كأني أريق الماء , فإذا مضيت فاتبعني فتبعه وقابل الرسول صلى الله عليه وسلم واستمع إلى قوله فأسلم : فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري )) .
7- على فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة
في ليلة قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: نم في فراشي وتسج ببردي هذا الخضري , فنم فيه, فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم , فرقد على فراش رسول الله يواري عنه وباتت قريش تختلف وتأمر أيهم يهجم على صاحب الفراش فيوثقه حتى أصبحوا فإذا هم بعلي , فسألوه فقال: لا علم لي , فعلموا أنه قد فر فانتهزوا عليا وضربوه وأخذوه إلى المسجد فحبسوه هناك ساعة , ثم تركوه . وتحمل ما نزل به في سبيل الله , وكان فرحه بنجاة رسول الله أعظم عنده من كل أذى نزل به , ولم يضعف ولم يخبر عن مكان رسول الله وانطلق علي في مكة يجوب شوارعها باحثاً عن أصحاب الودائع التي خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجلها وردها إلى أصحابها , وظل يرد هذا الأمانات حتى برثت منها ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهناك تأهب للخروج ليلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث ليالِ قضاهن في مكة .
8- هجرته
كان علي في أثناء هجرته يكمن بالنهار فإذا جن عليه الليل سار حتى قدم المدينة وقد تفطرت قدماه . فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم رق له له رقة شديدة .
9- قصة المرأة وسهل بن حنيف
لا حظ علي مدة إقامته بقباء امرأة مسلمة لا زوج لها , ورأى إنساناً يأتيها من جوف الليل , فيضرب عليها بابها فتخرج إليه , فيعطيها شيئاً معه فتأخذه , ولنستمع إليه رضي الله عنه وهو يحدثنا بالقصة حيث قال : فا ستبرت بشأنه فقلت لها : يا أمة الله , من هذا الذي يضرب عليك ِ بابكِ كل ليلة فتخرجين إليه فيعطيك شيئاً لا أدري ما هو ؟ , وأنت امرأة مسلمة , لا زوج لك ؟ قالت : هذا سهيل بن حنيف بن وهب , قد عرف أني امرأة لا أحد لي , فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها , ثم جاءني بها فقال : احتطبي بهذا , فكان علي رضي الله عنه يؤثر ذلك من أمر سهل بن حنيف حتى هلك عنده بالعراق .
علي وزوجه فاطمة
وولداه الحسن والحسين
10- علي يخطب فاطمة
قال علي بن أبي طالب : خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالت مولاة لي : هل علمت أن فاطمة قد خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت: لا . قالت : فقد خطبت , فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزوجك. فقلت : وعبدي شيء أتزوج به ؟ فقالت: إنك إن جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجك قال: فوالله ما زالت ترجيني حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما قعدت بين يديه أفحمت , فو الله ما استطعت أن أتكلم جلالة وهيبة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما جاء بك؟ ألك حاجة ؟ )) فسكت فقال : (( لعلك جئت تخطب فاطمة )) . فقلت : نعم . فقال: (( وهل عندك من شيء تستحلها ؟ )) فقلت: لا والله يا رسول الله فقال : (( ما فعلت درع سلحتكها ؟)) فو الذي نفس علي بيده إنها لحطيمة ما قمتها أربعمائة درهم . فقلت : عندي. فقال: (( قد زوجتكها , فابعث إليها بها فاستحلها بها فإنها كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ))
11- هدية من عثمان
قال علي: فأخذت درعي فانطلقت فأخذت درعي فانطلقت به إلى السوق فبعته بأربعمائة درهم من عثمان بن عفان , فلما قبضت الدراهم منه وقيض الدرع منه قال: يا أبا الحسن , الست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني ؟ فقلت: نعم , قال: فإن هذا الدرع هدية مني إليك , فأخذت الدرع والدراهم وأقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فطرحت الدرع والدراهم بين يديه , وأخبرته بما كان من أمر عثمان , فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير .
12- زفاف فاطمة
قالت أسماء بنت عميس : كنت في زفاف فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما أصبحنا جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الباب فقال : (( يا أم أيمن ادعي لي أخي )) . فقلت: هو أخوك وتنكحه؟ قال: (( نعم يا أم أيمن )) قالت: فجاء فنضح النبي عليه من الماء ودعا له ثم قال(( ادعي إليّ فاطمة )) قالت: فجاءت تعثر من الحياء , فقاللها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( اسكتي فقد أنكحتك أحب أهل بيتي إليّ )) قالت : ونضح النبي صلى الله عليه وسلم عليها من الماء ودعا لها , قالت: ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى سواداً بين يديه , فقال )): من هذا؟)) فقلت : أنا , قال: (( أسماء؟ )) قلت : نعم . قال: (( أسماء بنت عميس ؟)) قلت: نعم , قال: (( جئت في زفاف بنت رسول الله تكرمة له )) قلت: نعم , قالت: فدعا لي .
13- وليمة العرس
عن بريدة قال: لما خطب علي فاطمة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنه لا بد للعرس من وليمة )) , قال: فقال سعد: على كبش , وجمع له رهط من آصاع من ذرة . فلما كانت ليلة البناء قال: يا علي لا تحدث شيئاً حتى تلقاني . فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علي , فقال: (( اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك في شبلهما )) .
14- رزق من الله
قال علي بن أبي طالب : مكثنا أياماً ليس عندنا شيء , ولا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخرجت فإذا أنا بدينار مطروح على الطريق , فمكثت هينهة أؤمر نفسي في أخذه أو أتركه ثم أخذته لما بنا من الجهد , فأعطيت به الضفاطين فاشتريت به دقيقاً , ثم أتيت به فاطمة فقلت: اعجني واخبزي , فجعلت تعجن وإن قصتها لتضرب حرف الجفنة من الجهد الذي بها ثم خبزت , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته . فقال : (( كلوه فإنه رزق رزقكموه الله عز وجل ))
1
5- هذا خير من خادم
قال علي لفاطمة ذات يوم : والله لقد سنوت حتى لقد اشتكيت صدري . قال: وجاء الله أباك بسبي فاستخدميه فقالت: أنا والله طحنت حتى مجلت يداي وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخدمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أحد ما أنفق عليهم ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم )) فرجعا فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما إذا غطت رؤوسهما تكشف أقدامهما وإذا غطيا أقدامهما تكشف رؤوسهما , فثارا فقال : (( مكانكما )) ثم قال: (( ألا أخبركما بخير مما سألتموني ؟ )) قالا : بلى . فقال: (( كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام )) فقال: (( تسبحان في دبر كل صلاة عشراً وتحمدان عشراً , وإذا أو يتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين )) .
16- علي في زيارة للمقابر
دخل علي بن أبي طالب المقبرة فقال : أما المنازل فقد سكنت وأما الأموال فقد قسمت , وأما الأزواج فقد نكحت فهذا خبر ما عندنا فليت شعري ما عندكم ثم قال: والذي نفسي بيده لو أذن لهم في الكلام لقالوا : إن خير الزاد التقوى وقال : السلام عليكم يا أهل الديار الموحشة والمحال القفرة من المؤمنين والمؤمنات اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم , ثم قال: الحمد لله الذي جعل لنا الأرض كفاتاً أحياء وأمواتاً والحمد لله الذي منها خلقنا وإليها معادنا وعليها محشرنا طوبى لمن ذكر المعاد وعمل الحسنات وقنع بالكفاف ورضى عن الله عز وجل.
17- آية النجوى
قال علي بن أبي طالب : آية في كتاب الله عز وجل لم يعمل بها أحد بعدي آية النجوى كان لي ديناً فبعته بعشرة دراهم فلما أردت أن أناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت درهماً فنسختها الآية الأخرى (( أأشفقتم )) .
18- علي والسائل عن القدر
جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال: أخبرني عن القدر ؟ فقال: طريق مظلم لا تسلكه قال: أخبرني عن القدر؟ قال: بحر عميق لا تلجه . قال: أخبرني عن القدر؟ قال سر الله قد خفى عليك فلا تفتشه قال: أخبرني عن القدر؟ قال: يا أيها السائل إن الله خلقك لما شاء أو لما شئت ؟ قال: بل لما شاء , قال : فسيتعملك لما شاء .
19- النبي صلى الله عليه وسلم يوقظ عليا وفاطمة
عن علي بن أبي طالب قال: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى فاطمة من الليل فأيقضنا للصلاة , ثم رجع إلى بيته فصلى هوياً من الليل , قال : فلم يسمع لنا حسا قال: فرجع إلينا فأيقضنا وقال: (( قوما فصليا )) , قال: فجلست و أنا أعرك عيني , وأقول : إنا والله ما نصلي إلا ما كتب لنا , إنما أنفسنا بيد الله , فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا , قال: فولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ويضرب بيده على فخذه : (( ما نصلي إلا ما كتب لنا , ما نصلي إلا ما كتب لنا )) ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا )
20 – النبي سماه الحسن بدلاً من حرب
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه , لما ولد الحسن سميته حرباً فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (( أروني ابني ما سميتوه )) ,قلنا حرباً . قال: (( لا بل الحسن )) , فلما ولد الحسين سميته حرباً , قال : (( بل هو حسين )) فلما ولد الثالث سميته حرباً , فقال : (( بل هو محسن )) ثم قال : (( إني سميتهم بولد هارون : شبر وشبير ومشبر )) .
21- مرضعة الحسن بن علي
قالت أم الفضل ( وهي لبابة بنت الحارث الهلالية زوج العباس بن عبد المطلب ) : يا رسول الله رأيت في المنام كأن عضواً من أعضائك في بيتي أو قالت : في حجرتي فقال: (( تلد فاطمة غلاماً إن شاء الله فتكلفينه )) قالت: فجئت به يوماً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبال على ظهره فدحيت في ظهره ( لطمته بيدها ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( مهلاً يرحمك الله أوجعت ابني )) فقالت : ادفع إلي إزارك فأغسله فقال: (( لا , صبي عليه الماء فإنه يصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية )) .
2- أبو بكر الصديق يداعب الحسن
قال عقبة بن الحارث : خرجت مع أبي بكر من صلاة العصر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بليال وعلي يمشي إلى جنبه فمر بحسن بن علي وهو يلعب مع غلمان فاحتمله على رقبته وهو يقول : وبأبي شبه النبي ليس بشبه علي وعلي يضحك .
23- الحسن والحسين سيدا أهل الجنة
عن حذيفة قال: سألتني أمي : منذ متى عهدك بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فقلت لها : منذ كذا وكذا , قال : فنالت مني وسبتني ز قال فقلت لها : دعيني فإني آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأصلي معه المغرب , ثم لا أدعه حتى يستغفر لي ولك , قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب , فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم انفتل فتبعته فعرض له عارض فناجاه ثم ذهب , فاتبعته فسمع صوتي فقال : (( من هذا )) فقلت: حذيفة , قال : (( مالك ؟ )) فحدثته بالأمر , فقال: (( غفر الله لك ولأمك ثم قال : أما رأيت العارض الذي عرض لي قبيل ؟ )) قال : قلت : بلى . قال: (( فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة , فاستأذن ربه أن يسلم علي ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة )) .
24- قصة الكساء
عن شهر قال : سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء نعي الحسين بن علي , لعنت أهل العراق , قالت : قتلوه قاتلهم الله , عروه وذلوه لعنهم الله , فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته فاطمة غدية ببرمة فيها عصيدة تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه , فقال لها: (( أين ابن عمك ؟ )) قالت : هو في البيت , قال: (( اذهبي فادعيه وائتني بابنيه )) , قالت : فجاءت تقود ابنها كل واحد منهما بيد , وعلي يمشي في إثرهما , حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأجلسهما في حجرة وجلس علي على يمينه وجلست فاطمة على يساره قالت أم سلمة :فا جتبذ كساء خيبريا كان بساطاً لنا على المنامة , فلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذا بشماله طرفى الكساء وألوى بيده اليمنى إلى ربه عز وجل وقال: (( اللهم أهل بيتي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا )) قلت: يا رسول الله ألست من أهلك ؟ قال : ((بلى , فادخلي في الكساء )) فدخلت في الكساء بعدما قضى دعاءه لا بن عمه علي وابنيه وابنته فاطمة .
25- آية المباهلة ووفد نصارى نجران
جاء وفد نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم :كنا مسلمين قبلكم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( يمنعكم من الإسلام ثلاث : عبادتكم الصليب وأكلكم لحم الخنزير وزعمكم أن لله ولدا )) . وكثر الجدال والحجاج بينهم وبينه والنبي يتلو عليهم القرآن ويقرع باطلهم بالحجة , وكان مما قالوه لرسول الله صلى الله عليه وسلم : مالك تشتم صاحبنا وتقول إنه عبد الله , فقال: أجل إنه عبد الله ورسوله , وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول . فغضبوا , وقالوا : هل رأيت إنساناً قط من غير أب فإن كنت صادقاً فأرنا مثله ؟ فأنزل الله في الرد عليهم قوله تعالى : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ) فكانت حجة دامغة شبه فيها الغريب بما هو أغرب منه , فلما لم تجد معهم المجادلة بالحكمة والموعظة الحسنة دعاهم إلى المباهلة ( وهي الدعاء باللعنة ) امتثالاً لقول الله عز شأنه : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه علي , والحسن والحسين , وفاطمة وقال: (( وإذا أنا دعوت فأمنوا )) فائتمروا فيما بينهم , فخافوا الهلاك لعلهم أنه نبي حقاً , وأنه ما بأهل قوم نبياً إلا هلكوا , فأبوا أن يلاعنوه وقالوا : احكم علينا بما أحببت , فصالحهم على الفي حلة , ألف في رجب , وألف في صفر , وعلى عاريه ثلاثين درعاً , وثلاثين رمحاً وثلاثين بعيراً وثلاثين فرساً إن كان باليمن كيد ( حرب ) واشترط عليهم أن لا يتعاملوا بالربا وأمنهم على أنفسهم ودينهم وأموالهم وكتب لهم كتاباً .
26- أنت أحق بالإذن
كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه يعرفون لأهل البيت نبيهم قدرهم فقد كان عمر يقول للحسين بن علي : أي بني لو جعلت تأتينا وتغشانا فجاء الحسين إليه يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب لم يؤذن له , فرجع الحسين , فلقيه عمر بعد ذلك فقال: يا بني لم أرك تأتينا ؟ فقال الحسين : جئت وأنت خال بمعاوية فرأيت عبد الله بن عمر رجع ( يعني لم يؤذن فرجع ) فرجعت فقال عمر : أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر , إنما أنبت في رؤوسنا ما ترى : الله ثم أنتم ووضع يده على رأسه .
27- والله ما هنأ لي ما كسوتكم
عن علي بن الحسين قال: قدم على عمر حلل من اليمن فكسا الناس فراحوا في الحلل وعمر بين القبر والمنبر جالس , والناس يأتونه فيسلمون عليه ويدعون له , فخرج الحسن والحسين من بيت أمهما فاطمة رضي الله عنها يتخطيان الناس , ليس عليهما من الحلل شيء وعمر قاطب ( عابس الوجه ) صار بين عينيه ثم قال : والله ما هنأ لي ما كسوتكم , قالوا : يا أمير المؤمنين كسوت رعيتك فأحسنت , قال: من أجل الغلامين يتخطيان الناس ليس عليهما من شيء كبرت عنهما وصغرا عنها ثم كتب إلى وإلى اليمن أن ابعث بحلتين للحسن والحسين وعجل , فبعث إليه بحلتين فكساهما .
28- عمر يقدم الحسن والحسين وبني هاشم في العطاء
عن أبي جعفر أنه لما أراد أن يفرض للناس بعدما فتح الله عليه وجمع ( أي عمر ابن الخطاب ) ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : ابدأ بنفسك , فقال : لا والله بالأقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بني هاشم رهط رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض للعباس ثم لعلي , حتى وإلى ما بين خمس قبائل , حتى انتهى إلى بني عدي بن كعب , فكتب من شهد بدراً من بني أمية بن عبد شمس , ثم الأقرب فالأقرب ففرض الأعطيات لهم , وألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر لقرابتهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ففرض لكل واحد منهما خمسة الآف درهم .
29- يعطيهم أكثر من ولده
بلغ تقدير عمر بن الخطاب لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغاً عظيماً فحين فتحت المدائن عاصمة فارس على يد القائد المسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عام 16هـ . وجاءت الغنائم لعمر منها ( قام عمر رضي الله عنه بإعطاء الحسن والحسين رضي الله عنهما ألف درهم لكل منهما وأعطى ابنه عبد الله خمسمائة .
30 – الحسن وحصار عثمان
اشتد الحصار على عثمان رضي الله عنه , حتى منع من أن يحضر للصلاة في المسجد وكان صابراً على هذه البلوى التي أصابته كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك, وكان مع إيمانه القوي بالقضاء والقدر يحاول أن يجد حلاً لهذه المصيبة فنراه تارة يخطب الناس عن حرمة دم المسلم وإنه لا يحل سفكه إلا بحقه , وتارة يتحدث في الناس ويظهر فضائله وخدماته الجليلة في الإسلام ويستشهد على ذلك ببقية العشرة رضوان الله عليهم وكأنه يقول : من هذا عمله وفضله هل من الممكن أن يطمع في الدنيا ويقدمها على الآخرة ؟ وهل يعقل أن يخون الأمانة ويعبث بأموال الأمة ودمائها وهو يعرف عاقبة ذلك عند الله ؟ وهو الذي تربى على عين النبي صلى الله عليه وسلم والذي شهد له وزكاه وكذلك أفاضل الصحابة . ومتى ؟ بعد ما تجاوز السبعين وقارب الثمانين من عمره أهكذا تكون معاملته ؟ واشتدت سيطرة المتمردين على المدينة حتى أنهم ليصلون بالناس في أغلب الأوقات , وحينها أدرك الصحابة أن الأمر ليس كما حسبوا , وخشوا من حدوث ما لا يحمد عقباه وقد بلغهم أن القوم يريدون قتله , فعرضوا عليه أن يدافعوا عنه , ويخرجوا الغوغاء عن المدينة , إلا أنه رفض أن يراق دم بسببه . وأرسل كبار الصحابة أبناءهم دون استشارة عثمان رضي الله عنه ومن هؤلاء الحسن بن علي رضي الله عنهما وعبد الله بن الزبير فقد كان عثمان يحب الحسن ويكرمه فعندما وقعت الفتنة وحوصر عثمان رضي الله عنه , أقسم على الحسن رضي الله عنه بالرجوع إلى منزله وذلك خشية عليه أن يصاب بمكروه , وقال عثمان للحسن رضي الله عنه : ارجع يا ابن أخي حتى يأتي الله بأمره , وصحت روايات أن الحسن حُمل جريحاً من الدار يوم الدار .
31- وصية أمير المؤمنين علي للحسن والحسين
لما حضرت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه الوفاة دعا حسنا وحسيناً وقال لهما : أوصيكما بتقوى الله وألا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ولا تبكيا على شيء زوي عنكما , وقولا الحق , وارحما اليتيم , واغثيا الملهوف , واصنعا للآخرة , وكونا للظالم خصماً وللمظلوم ناصراً , واعملا بما في الكتاب ولا تأخذكما في الله لومة لائم , ثم نظر إلى محمد ابن الحنيفة , فقال: هل حفظت بما أوصيت به أخويك , قال: نعم , قال: فإني أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك , لعظم حقهما عليك فاتبع أمرهما , فلا تقطع أمراً دونهما ثم قال: أوصيكما به , فإنه ابن أبيكما وقد علمتما أن أباكما كان يحبه وقال للحسن : أوصيك أي بني بتقوى الله وإقامة الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة عند محلها , وحسن الوضوء فإنه لا صلاة إلا بطهور , ولا تقبل صلاة من مانع زكاة , وأوصيك بغفر الذنب وكظم الغيظ , وصلة الرحم , والحلم عند الجهل , والتفقه في الدين , والتثبيت في الأمر والتعهد للقرآن , وحسن الجوار , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الفواحش .
32- بين الحسن وقتل أبيه
تذكر الرواية التاريخية المشهورة : فلما قُبض علي رضي الله عنه بعث الحسن إلى ابن ملجم , فقال ابن ملجم للحسن: هل لك في خصلة ؟ إني والله ما أعطيت الله عهداً إلا وفيت به , إني قد أعطيت الله عهداً عند الجطيم أن أقتل علياً ومعاوية أو أموت دونهما , فإن شئت خليت بيني وبينه , ولك الله علي إن لم أقتله أو قتلته ثم بقيت , أن آتيك حتى أضع يدي في يدك فقال له الحسن : أما والله حتى تعاين النار ثم قدمه فقتله .
33- خطبة الحسن بعد مقتل أبيه
عن عمر بن حبشي قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: لقد فارقكم رجل أمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون , وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف ( أي فلا يرجع ) , حتى يفتح له ما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطاء كان يرصدها لخادم أهله.
34-
بيعة حسن بن علي خليفة للمسلمين
وبعد مقتل علي بن أبي طالب صلى عليه الحسن بن علي وكبر عليه أربع تكبيرات ودفن بالكوفة . وكان أول من بايعه قيس بن سعد قال له: ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه , وقتال المحلين فقال له الحسن رضي الله عنه : على كتاب الله وسنة نبيه فإن ذلك يأتي من وراء كل شرط , فبايعه وسكت وبايعه الناس , وقد اشترط الحسن بن علي على أهل العراق عندما أرادوا بيعته فقال لهم : إنكم سامعون مطيعون , تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت .
35- بين علي وابنه الحسين
ذكرت كتب التاريخ : أن علياً سأل ابنه – يعني الحسن – عن أشياء من المروءة , فقال : يا بني ما السدّاد ؟ قال : يا أبت السداد دفع المنكر بالمعروف .
قال : فما الشرف ؟ قال : اصطناع العشيرة و حمل الجريرة .
قال: فما المروءة ؟ قال : العفاف وإصلاح المرء حاله .
قال : فما الدقة ( الحقارة ) ؟ قال : النظر في اليسير ومنع الحقير .
قال : فما اللؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسه وبذله بحرسه .
قال : فما السماحة ؟ قال : البذل في العسر واليسر .
قال : فما الشح ؟ قال :أن ترى ما في يديك شرفاً وما أنفقته تلفاً .
قال : فما الإخاء ؟ قال : الوفاء في الشدة والرخاء .
قال : فما الجبن ؟ قال : الجرأة على الصديق والنكول على العدو .
قال: فما الغنيمة ؟ قال : الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة .
قال : فما الحلم ؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس .
قال : فما الغنى ؟ قال : رضا النفس بما قسم الله لها وإن قل فإنما الغنى غنى النفس .
قال : فما الفقر ؟ قال : شره النفس في كل شيء .
قال : فما الذل ؟ قال الفزع عند المصدوقة ( أي الحملة الصادقة التي ليس لها مكذوبة ) .
قال : فما الجرأة ؟ قال : موافقة الأقران .
قال : فما الكلفة ؟ قال : كلامك فيما لا يعينك .
قال : فما المجد ؟ قال : أن تعطي في الغُرم وأن تعفو عن الجُرم .
قال : فما العقل ؟ قال : حفظ القلب كل ما استرعيته .
قال : فما الخرق ( الجهل والحمق ) ؟ قال : معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك .
قال : فما الثناء ؟ قال : إتيان الجميل وترك القبيح .
قال : فما الحزم ؟ قال : طول الأناة والرفق بالولاة والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم .
قال : فما الشرف ؟ قال : موافقة الإخوان , وحفظ الجيران .
قال : فما السفه ؟ قال : اتباع الدناة ومصاحبة الغواة .
قال : فما الغفلة ؟ قال : تركك المسجد وطاعتك المفسد .
قال : فما الحرمان ؟ قال : تركك حظك وقد عرض عليك .
34-
بيعة حسن بن علي خليفة للمسلمين
وبعد مقتل علي بن أبي طالب صلى عليه الحسن بن علي وكبر عليه أربع تكبيرات ودفن بالكوفة . وكان أول من بايعه قيس بن سعد قال له: ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه , وقتال المحلين فقال له الحسن رضي الله عنه : على كتاب الله وسنة نبيه فإن ذلك يأتي من وراء كل شرط , فبايعه وسكت وبايعه الناس , وقد اشترط الحسن بن علي على أهل العراق عندما أرادوا بيعته فقال لهم : إنكم سامعون مطيعون , تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت .
35- بين علي وابنه الحسين
ذكرت كتب التاريخ : أن علياً سأل ابنه – يعني الحسن – عن أشياء من المروءة , فقال : يا بني ما السدّاد ؟ قال : يا أبت السداد دفع المنكر بالمعروف .
قال : فما الشرف ؟ قال : اصطناع العشيرة و حمل الجريرة .
قال: فما المروءة ؟ قال : العفاف وإصلاح المرء حاله .
قال : فما الدقة ( الحقارة ) ؟ قال : النظر في اليسير ومنع الحقير .
قال : فما اللؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسه وبذله بحرسه .
قال : فما السماحة ؟ قال : البذل في العسر واليسر .
قال : فما الشح ؟ قال :أن ترى ما في يديك شرفاً وما أنفقته تلفاً .
قال : فما الإخاء ؟ قال : الوفاء في الشدة والرخاء .
قال : فما الجبن ؟ قال : الجرأة على الصديق والنكول على العدو .
قال: فما الغنيمة ؟ قال : الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة .
قال : فما الحلم ؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس .
قال : فما الغنى ؟ قال : رضا النفس بما قسم الله لها وإن قل فإنما الغنى غنى النفس .
قال : فما الفقر ؟ قال : شره النفس في كل شيء .
قال : فما الذل ؟ قال الفزع عند المصدوقة ( أي الحملة الصادقة التي ليس لها مكذوبة ) .
قال : فما الجرأة ؟ قال : موافقة الأقران .
قال : فما الكلفة ؟ قال : كلامك فيما لا يعينك .
قال : فما المجد ؟ قال : أن تعطي في الغُرم وأن تعفو عن الجُرم .
قال : فما العقل ؟ قال : حفظ القلب كل ما استرعيته .
قال : فما الخرق ( الجهل والحمق ) ؟ قال : معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك .
قال : فما الثناء ؟ قال : إتيان الجميل وترك القبيح .
قال : فما الحزم ؟ قال : طول الأناة والرفق بالولاة والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم .
قال : فما الشرف ؟ قال : موافقة الإخوان , وحفظ الجيران .
قال : فما السفه ؟ قال : اتباع الدناة ومصاحبة الغواة .
قال : فما الغفلة ؟ قال : تركك المسجد وطاعتك المفسد .
قال : فما الحرمان ؟ قال : تركك حظك وقد عرض عليك .
137- علي يدعو الله بالشهادة
عن جندب قال : ازدحموا على علي حتى وطئوا على رجله فقال : إني قد مللتهم وملوني , وأبغضتهم وأبغضوني , فأرحني منهم وأرحهم مني . وفي رواية أخرى عن أبي صالح قال : شهدت علياً وضع المصحف على رأسه حتى تقعقع الورق فقال : اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني , اللهم إني قد مللتهم وملوني , وأبغضتهم وأبغضوني , وحملوني على غير أخلاقي , فأبدلهم بي شراً مني , وأبدلني بهم خيرا ً ومث قلوبهم ميثة الملح في الماء .
138- رؤيا علي للنبي
قال علي رضي الله عنه : إن رسول الله سنح لي الليلة في منامي , فقلت : يا رسول الله ماذا ألقيت من أمتك من الأود واللدد ؟ قال : ادع عليهم , قلت : اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم , وأبدلهم من هو أشر مني لهم , فخرج فضربه الرجل .
139- استشهاد علي
قال محمد ابن الحنيفة : كنت و الله إني لأصلي تلك الليلة التي ضرب فيها علي في المسجد الأعظم في رجال كثير من أهل المصر يصلون قريباً من السدة , ما هم إلا قيام وركوع وسجود وما يسأمون من أول الليل إلى آخره , إذ خرج علي لصلاة الغداة , فجعل ينادي : أيها الناس , الصلاة , الصلاة , فما أدرى أخرج من السدة فتكلم بهذه الكلمات أم لا فنظرت إلى بريق , وسمعت : الحكم لله يا علي لا لك ولا لأصحابك , فرأيت سيفاً ثم رأيت ثانياً , ثم سمعت علياً يقول : لا يفوتنكم الرجل , وشد الناس عليه من كل جانب . قال : فلم أبرح حتى أخذ ابن ملجم وأدخل على علي فدخلت فيمن دخل من الناس , فسمعت علياً يقول : النفس بالنفس , أنا إن مت فاقتلوه كما قتلني , وإن بقيت رأيت فيه رأيي .
140- ضربة قاضية
لما ضرب ابن ملجم علي دخل الناس على الحسن فزعين فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوف بين يديه إذ نادته أم كلثوم بنت علي وهي تبكي : أي عدو الله , لا بأس على أبي , و الله مخزيك , قال : فعلى من تبكي ؟ و الله لقد اشتريته بألف , وسممته بألف ولو كانت هذه الضربة على جميع أهل المصر ما بقى منهم أحد .
__________________