رسائلي إليه
5
أعترف بأنني كُنت متفائلة رغم مرارة الحرب، كانت قلوبنا تعد بالإلفة، وفي برد الشتاء كانت ابتساماتُنا الشحيحة كفيلة بِبث الدِفء في الأوصال، كم كانت الدقائقُ القليلة التي ألتقيك بها تمنحني القُدرة على التواصل اليومي، يديك في يدي، ونبضي على وقع نبضك، مابيننا الحياةُ لا تُشبهُ الحياة!
تلك الأُمسياتُ الخجولة التي تحولت إلى مساحات صاخبة وردية الألوان، الحب صنع المُعجزات، اختصرنا أيام الإنتظار ومرت السنوات، انسحبت جيوش الإحتلال مِن ساحات المُدن..
رفعنا كؤوس الوفاق، إلا أن مساحات الدم الغالي ظلت عالقةً في الأذهان
أُحبك.. تُحبني
انتشلتنا هذه الكلمات من ضجيج الأحزان
أعترف كم شعرت بالأمان عِندما احتضنتُ رأسك الصغير المليْ بالأفكار والصور التي تسافر بي إلى فيروز الحياة، الحرب كانت مساحة تدانينا فيها.. صارحتك بحبي، طارحتك الغزل، الحرب علمتني إتقان عِشق الأُنثى بحرفية تليق بها.. الحرب علمتني أن أُودع وطني في عينيك، واهب هذي العينين حياتي ..
الحرب دفعتني لمزيد من الحُب.. الحرب لم تُطفئ إرادة الإنسان في داخلي..
كُنتِ المعين لي على التصدي، وعلى الحياة..
أعترف بأني تعبت من هذه الحرب رغم حلاوة اللحظات التي عشناها أثناء القصف، ولحظات التأمل، ولحظات الترجي بالخلاص من
ظُلمة الإنتظار.. لم أشعر للحظة بأن النور توقف عن النبض، كان الأمل بالنصر يملؤني تفاؤلاً ونوراً!
أعترف بأني أخفيت الدمع مِراراً، وداريت عنك وجعي، حتى لا يتسرب شيئاً من القلق إلى تفاؤولك كُنت مُصراً على رحيلهم وحصل..
لكن الحب الذي إتقدت شعلتهُ أخذت تكبر على مر الأيام..
حصل وأن أحببت ريتا ذات العيون النارية، وحصل أن أخفيت غضبي، وحصل أن نسيت بأنها اسمٌ عابِرٌ، سيعود إلى موطنه ذات قرار..
رأيتك تحضنها، وكانت بحالة هيام، الحُب لا يعترِفُ بجنسيات، ولا بأعراق، سأتوقف عن حماقاتي ولن أبوح بخفايا ألمي، ريتا زرعت في قلبي
اسطول خوفٍ، فاق أساطيل حجافِل دولتها الآتي لمُكافحة ما سُمي بالإرهاب الصاعد...
أعترف لك بأني أحببت ريتا، لكننا أبداً لن نلتق ثانية، مازالت أنفاسها تلاحقني.. نعم
لكننا لن نلتق!
لخصت ريتا حكايات الحب والثورة، كم بكت فوق كتفي، واعترفت بحبها لي، واعترفت بأني وطنها الصغير الذي تلقي إليه بهمومها، تستريح عند مرافئه، وتبتسم إذا ماابتسم لها.. كم كانت مجنونة تلك اللحظات العصيبة التي قضيناها
لم أكن اكتفي بِعناقِها، لكنها كانت دائماً أسيرة خجلها.. كانت تعشقُ كل مايتعلق بصباحاتي.. وكنتُ أعشق كل ما اعتنقته عينيها!!
أُقدِمُ إعتذاري لك، وثقي بأن حُبك ملك قلبي، فأنت جزءٌ من وطنٍ لا أريد أن يضيع مني..