أنـــــــا وهـــــــو
للشاعرمحمد حمدي غانم
لَم تَعرفيني
لم تَسكني حُزني ولم تَتمزقيني
ما زلتِ خارجَ خارجي
أو أنتِ داخلَ داخلي
مُحتارةٌ بيني وبيني دونَ أن تتلمّسيني
ما زلتُ بينَ يديكِ ماءً أو هواءً أو سرابا،
أو خيالا من عجينِ!
ما زلتِ لمّا تعشقيني!
أنا آخَرٌ
غيري استقرّ بروضِ قلبكِ،
هانئا بزهورِك الخَجلى،
ولم تتخيّريني
وتؤكدينَ بأنه مثلي:
يُحبُّك ألفَ أمنيةٍ،
وألفَ مدينةٍ عذراءَ في غَدِه،
وألفَ قُصاصةٍ من مجدِه الماضي،
وألفَ ربابةٍ، غنّتْ لعينيكِ اشتياقا في صبابتِهِ، تريدكِ أن تضمّيني
عيناه عيناي المسافرتانِ فيكِ،
وقلبُه قلبي الذي هو يشتهيكِِ،
وثَغرُه شِعري الذي بالليلِ يغزلُ دفئَه كي يحتويكِ
وكلُّ شيءٍ فيه فيّ، كأنه أضحى قريني!
لا ليسَ مثلي،
ليسَ يُشبهني، ولا أضحى أنا
حتى ولا جارَى فُتوني
لم يقتربْ مني، ولا ناجى جنوني
هو قِشرةٌ حولي وأنتِ عَشِقْتِها
لم تُنْـشِبي فيها أظافرِكِ الغيارى
فانبُـشيها الآنَ حتى تَبلُغيني
واستأذني حزني على عتباتِ نفسي،
وادخلي خوفي، وهيمي في ظنوني
ولتخلعي دنياكِ عنكِ الآنَ،
سيري فوقَ شوكي،
قبّلي جمري،
تَعالَي واسكنيني!
لا تخجلي مني إذا عَرّيتِنِي مِنّي
لا تَفزعي مني إذا لم تعرفيني!
فأنا أنا،
وأنا الذي أهواكِ في ضَعفي وضَعفِكِ،
وارتجافِكِ في شُجوني
فاستقبلي مني جبالَ الهمِّ هيا واحمليني
ولتُؤنسيني في مجاهلِ وَحشتي، واستعذبيني
وتفرّدي في عُزلتي
عن عالمٍ ما زلتُ أمقتُه سواكِ،
ومازجيني
وتمدّدي بقِفارِ آلامي
جِنانا من خمائلِ عشقِكِ المحمومِ يرويها الندى،
واستوطنيني
تُوهي بخارطتي، وكوني قِبلتي عبرَ السنينِ
ولتحضِني عُنفي،
وفي ضعفي أقيلي عثرتي، واستلهميني
بُثّي على شفتيكِ ناري إن ذَوَيْتُ وقَبّليني
وتمنّعي عني إذا عصفَت رياحُ الشوقِ،
عِفّي في مُجوني
ذوبي كما ذوّبتِني، واستخلصيني
وانسَـيْه كي تتذكريني
أنا لم أكُنْه فلا تكوني!
----
6/7/2010
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه
آخر تعديل تواتيت نصرالدين يوم 11-30-2018 في 09:53 PM.
*
خلّ البــــلاد بظِمْئها لِحُــــــــــــــــمَاتِها .:. واشــــــربْ على صَفْوٍ ودع كدراتـها
واهنأ بعـــــــيش في دهاليز الهـــــــوى .:. واخـــــــلعْ على الأبطال من ويلاتــها
صارت بمقدمك البلاد عقــــــــــــــــيمة .:. وبمـــثل مثــلك زِيد من نكـــــباتـها
تنعي خصالا كم تأصلّ خــــــــــــــيرُها .:. في السالفــــــــين وأنت سرُّ وفـــاتـها
أقْصَيْتَ مًن يُسدي النصائحَ مخـــــلصا .:. ودعوتَ كلَّ مقامر بحــــــــــــــــياتـها
وملأت وقت البائسين مكـــــــــــــــائدا .:. وغدوت تعبث في مـدى أوقاتــــــــها
وهتكت عرض الأرض يوم بـــــترتها .:. وسخرت من علـــــــــمائها ودعـاتـها
وطويت في الأحـــــــــداق شرفة عـزةٍ .:. ونقشت وشـــــــم الذل في راياتـــها
فإذا تراءت في الــــــــــــديار كرامــة .:. أطلقت ذئب الغـــــــــدر في طرقاتــها
كم تدعي فقــــــــــــــرا برسم حـكايـة .:. يتعجب العــقلاء من سقـــطاتـها.. !!
ويصــــــــــــــدق الأغرار كل كلامِـــها .:. تصديق أعــمى عن قذى ســـوَآتـها
لا تبدُوَنًّ كزاهــــــــــــــد في خــيـرها .:. بك يقــــتدي من يستبي ثــرواتـــــها
قد خنت والجــــــمع المــــــبارك شاهدٌ .:. يا من سللت الحـــــــــلم من ليلاتها
أتظل تلعــــــــــــنُ كــــــل واشٍ خائـنٍ .:. لثرى البلاد وأنت بعض وشاتـــــها ؟!
ولكم غــــــرست من الوعود حــــدائقا .:. محلَتْ ، فجَدْبُ حـــياتِنا كحــــــياتها
أحرقت كل طــــــيورها وصـــــــقورها .:. كَسِرتْ بُغامك قوسَ كل رُماتــها
وذَوَت بظلـــــــــمك أنفس كانت لها .:. سر الحـــــــــياة وكنــت سر مـماتها
وقتلت رهـــــــــطا صادقا فــــي حبها .:. فبززت في الإجـــــــرام كل طـغاتها
وعلوتَ مــــــــــــذموما على ذي غلة .:. وجهدت ألا يلتـــــــــــقي برواتـــــها
قد بات كل مُــــخَامرٍ ومُـــــــــــــــقامرٍ .:. بك آمنا من مـــــــــــكرها وبــــياتها
يامن تروم عــــــدالة في مــــــــــــلكه .:. قد رمت خلع الشمس من فلواتها
أتقطب القســـــــــــــــــمات عند مآذنٍ .:. متضجرا لتــــــــــزيد من غـفـلاتـها
وتداعب الصـــــــــــــلبان في أنشودة .:. تحــــــــــكي النفاق وتعتلي هاماتـها
قد حلق التلمـــــــــود فوقك فاصطخب .:. واقذف نـــــــعالك فوق جمر رفاتــها
أتـــــــــــــــرش بالنعماء منك نواصيا .:. وتظلّ تفشي الموت في باحاتــها ؟!
وأردتها شيــــــــــــــــعا تلبَّس بعضُها .:. بعــــــــضا وتذكي النار في حلـباتها
فبك استـــــــــــــــحالت أرضنا مرثية .:. قد سُلّ لحــــــن الحب من نغـماتها
بك أصبحت – بعــد البيان وسحره .:. تتعثر الكلــــــــمات في أصــواتها
هانت وما كانت تهون لمـــــــــــجرم .:. وبدت خيـــــوط الحزن في قسماتها
أقوت على درك الشـــــــقاء وباينت .:. ركبَ السناء وغيــــض ماءُ حياتـها
فمشيـــــت في درب الحرير مُبّهّجا .:. ونثرت بذر الشـــــــوك في جـنـباتها
إن لم تكــــــــــــن جِبْتا مضلا متلفا .:. فلأنت بالأحـــــقاد شر غـــــــواتها
بك قد غدت أحــــــــــــلامنا مقبورة ً .:. مَنْ غيرُ رهطِــك قد ســعى لوفاتـها ؟!
كان الأمان لوصــــــــــــفها متلازما .:. فمحوت بالأضــــــــغان كل صــفاتها
لم تلتـــــــــــفت حذر الطريق بريبة .:. حتى عققت فزدت في لفــــــــتاتها
حبست لأجلك عطرها وتأسنـــــــتْ .:. فجعلت كد العيش في أقـــــــــــواتها
وسعت رجاء الآملين بحضــــــــنها .:. لم يبق للـــــــراجين من حســـناتها
وطمست معْلَم عزها وطـــــــــبعتها .:. بخصال سوء لم تـــــــــكن عاداتـها
دافعت بالتــــــــــوراة شرعة أحـمد .:. ومحوت بالإنـــــــــــجيل من أياتها
وعمدت نحو حـــــــــجابها فهـتكته .:. أحرقته لتـــــــزيد من حسراتها ؟!
إذ ما تزال بدينـــــــــــــها متـربصا .:. فمحوت من صلــــــواتها وزكاتها
وأردتها وثنا فبؤت بشــــــــــــركها .:. ولأنت في الأنصاب عبد مـــــــناتها
كلت يداك عن البــياض فأعرضت .:. أرض النماء الخصب عن إنـــباتها
قد غيـــض ينبوع الرواء فأمحلت .:. عطشا وأجدب حقلـــــها كفــــلاتها
عمّ الخرابُ مــــع اليباب بِسُوحِها .:. وسرى الفساد يجوبُ في عرصاتها
وحرمت حرا أن يُيمم شـــــــــــطرها .:. زعما بأنك أنت كل جـــــهاتها ؟!
إن ضج ذكرك في الـــــــبلاد فإنها .:. لعنتك والأيامُ في صــــــــــــلواتها
كم كان جند الحــــق يـرفع شأنهم .:. ذكر القرون لصــــــــــبرها وثباتـها
حتى مســحت براحتيك رؤوسـهم .:. فمسخت فيـــــــــهم خيرها وهباتـها
نهشت كلابك أرضــها وسـماءها .:. وجرت سيول الغــــــدر في قنواتها
ووثبت تسرج ركب عــــدل مائـل .:. جورا سرى بالليل في ظلـــــماتها
وسللت سيف البغي مــن أغماده .:. فقطـــــــــعت حبل الود من لُحُـماتها
وتقطّعت بالجور أســباب ***** .:. وتبدلت أوصالها بشـــــــــــــــــتاتها
إن فرقتنا في الحـــــروب مكائد .:. فلأنت - بين الصف – مــــن أدواتها
يا أ يها الباني لكل نقـــــــــيصة .:. أخنى عليك الدهر من تبعاتها
لا لن تكون - وإن ظفرت بمقعدٍ .:. بمحافل الأوغاد - من ساداتــــــــها
إنّ الحياة وإنْ صفت لك ساعــة .:. ستذوق بعد اللهو من زفــــــــراتها
أبشر بخزيٍ في الحياة وإن تمتْ .:. صبت علــــــيك الناس من لعانتها
عاثت بــــنات الدهر في أرجائها .:. فتكنـــــــــــــــــفتنا وأنت أم بناتها
لا تدعي حزنا عـــــــلى أطلالها .:. أنت البئيس الفرد في أزماتـــــــها
مهما يطُلْ فيك الزمان ستنقضي .:. أنفاسك الدنيا بجــــــــــــنب حياتها
لعنتك أفئدة الحرائر في الدجى .:. والأمةُ الحيرى بكل لغاتــــــــــــها
كلحت وجوه المجرمين وإن بدوا .:. يتألفون الناس مـــــــــن شرفاتها
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه