ترانيم يتيمة بَكتْ فأبكتْ من شَجاها ناظري لمَّا تَراءى فقدُها بالخاطرِ لَيلُ اليتامى أجَّجَ الذّكرى بِها والدّمعُ أودى بالرُّواءِ الضَّامرِ نادت بمن قَضى فِطامَ صُغرِها ما أشبَعَ العَطفُ فِطامَ القاصرِ مماتُهم طالَ على أعوامِها وتشتَكي بَثَّ الوجود الضّائرِ قامَت قيامَاتٌ على أيامِها وَودَّت الأمَّ ببطنٍ عَاقرِ يا مِعولَ اللحودِ مَا رأيتَها لمَّا أُهِيلَت تُربة المعاشرِ في كلِّ إصباحٍ تعانقُ المَنى كعائدِ النِّيَام في المقابرِ والحزنُ تكويه بِحَرِّ صَدرِها توقِدهُ نَجوى الفؤادِ الطّاهرِ رأيتُها تيها يفرُّ عن هدًى فمسّني تِيهُ مَساها الحائرِ أرخَى على توجعي سُدُوله وسامها الشوقُ برأسٍ حاسرِ يا سامعَ النّوحِ كلانا نائحٌ نَحتسبُ الإلهَ في الدوائرِ يتم ودمعٌ وَيحَ دنيا كم قَستْ أهلكني المَحيا بها عن آخرِي
وعادَ نسيمُ الرَّبيعِ إلينا يعطرُ جوَّا وينشي الحزينا فيا فصلُ عيدٌ بجمعِ فُصولي ألا لو تُطيلُ الزّيارةَ فينا فكانَ الشّتاءُ وكنّا عراةً فحينا نَصِحُّ ونَمرضُ حِينا تُقيمُ البلادُ على خطِّ عَصفٍ ولا من ملاذٍ لنا و ذَوينا وتشكو نفوسُ الحيارى لهيبا يضيفُ لهُ البردُ حرَّا دفينا كفانا على دينِ تشرينِ نَحيا غوى العامَ يفتي الغلاظةَ دِينا وفينا توجعُ عُمْرٍ مريرٍ وفيكَ العذوبةُ تُشفي السّنينا تعالَ فإنّا على بابِ شهرٍ يقدمُ للملتقى الياسمينا نراك كحسنٍ بوجه الصّبايا وسحرٍ يفيضُ صَفا و سُكونا فدعنا لنضحكَ فيكَ الثَّنايا ويا عسرةَ المعدمينَ دَعينا نعيدُ الحياةَ بوجهِ حياةٍ ونجعلُ هذا التَّمني يَقينا فإنَّا إذا ما الرَّبيع أتانا تماثلَ فينَا الشِفا سَالمينا المتقارب
عَضَدْتَ الأرضَ في مَنعِ الحجابِ وتَفدِيها بأشلاك الخِضابِ مضى عُمُرُ الخلائق في مَواتٍ و أنتَ الحيُّ في المَعنى الصَّوابِ أتيت الحتفَ كي تعلو شَهيدًا وتُخلي الرّوح وَمضا كالشّهابِ سَقطتَ وبَعدَكَ الرَّايات قامتْ وعادَ البأسُ مَحمومَ الحرابِ عَلا فينا الثَّرى حدَّ الثُريَّا بأجيالٍ غَفتْ تحتَ التُّرابِ ألا يا مَوطنَ الكِفلِ المُعنَّى بَنُوكَ تَقدموا صَدرَ الرِّكابِ إذا ما أرعدت سودُ النَّوايا كَفوكَ الخَصمَ سَفحا في الجَوابِ قرأنا في وصَاياهم قَصيدا مُغنَّاةٌ بأنفاسٍ غِضَابِ أنا لو أذكر الموتى فِداءً يقوم الموتُ حيَّا في خِطابي أرى في عزّتي ألفي شهيدٍ وخلفَ مدارجي ومامَ بابي أنا المولود في أرضٍ مَصونٍ عراقيٌ ومَحفوظٌ جنابي الوافر
إدَّعى المُعرِضُ أن شِئتُ الخِصَاما دونَ تِبيانٍ ولا أبدى مَلاما أيَّها الجَازمُ بالظّنِّ ألا تَقتفي ومضا بليلي لا الظَّلاما بسمَتي غابت لدهرٍ إنقضى وارتَدَتْ صَومي عن السَّعدِ لجاما إنَّني ذاتُ المُسمى سَابقا صَاحب الصَّحبِ إذا أمسوا نَدامى غيرَ أنَّ الحَال أدنَى رُتبتي وأنامَ الصُبحَ عنِّي كي أنَاما يا صديقي كان وعدا بَيننا أن تراني صَاحبا كانَ وداما مسَّني الضرُّ فأين المُشتكى إذ رأيتُ الصّدَّ مِنكَ المستداما كنتُ إيناسا أعاطيك الصفا كيفَ أضحيتَ تساويني العواما أم تعرى العَهدُ فينا خالعا كلَّ ما يُحي مُصافاةَ القُدامى ما أنا إلا مَرايا رفقتي لو سعينا بالوفا بتنا كراما فزمانُ المرءِ لا يَعضُدهُ إن جفاهُ النَّاس خَلفا و أمَاما كلُّ ما شَاء المُعادي فليكن ما تمَادى الصَّحبُ في الظنِّ خِتاما
أنا ألا يا شعرُ لو تحلو وتَبرا وترسمُني بلونِ الوردِ شِعرا فهل أغفو على حُلْم انبلاجٍ وصبحي و المُنى في الليل أسرى أَلِفتُ الصّمتَ تعليلًا لأمرِي وما أروي عن المكمودِ أمرا كأنّي في مَدارِ الكونِ نجمٌ يهابُ مَصارعَ الأفلاكِ فجرا صَبَرتُ على مزاحمة البلايا فما أُعطِيتُ غير الصّبرِ عُمرا أَضعتُ الوجهَ في طَلبِ اتجاهٍ وبِتُّ أُناشدُ الأشعارَ ثَغرا أنا الباكي اذا سُرّتْ عُيوني أنا الظَّامي ولو أُورِدتُ نهرا أنا الواهي وإن نَالتْ يميني وحَسبي في الشقا فُقدانُ أخرى على تلك الخُطى بُذِلتْ ليالٍ أهابُ حِسابها فأكونُ صِفرا ككلِّ النَّاس عُسرٌ يَعتريني وزادي إنَّ بعدَ العُسرِ يُسرا اذا ما عُدتُ من جَمعِ البَقايا تعاودُني خطوبُ الأمسِ حَرَّى ألا يا حال ألبِسنِي حياة فنصفي خيبة وتَزيدُ عُشرا عَلاني الوهنُ من تَعَبٍ وهَمٍّ تعرى السِّترُ بي و الرشدُ يَعرى حَملتُ الرَّأسَ فوق الجسمِ ثقْلا بهِ كونٌ أبى أن يَستقرا البحر الوافر
رجزية(عُمُرُ الجمر) لم يترك الرّجاءَ فينا ما جرى أو ارتخت أوزارُهُ كي نَصبِرا إنّا على الأوجاعِ صِرنا نَتَّكي لمَّا يباسُ عُودِنا تكسَّرا من صفعةِ الأمسِ البعيدِ لم نَزل صرعى فما يرجوهُ ما تأخَّرا؟! تجلِدُنا الدنيا بأيامِ الشَّقا تَغيرتْ، والسَّوط ُ ما تغيَّرا لا شارعٌ يَهدي المَسيرَ عِندنا ولا قُـرانا أصبحتْ تبدو قرى صِغارُنـا مسَّ الضَنى أعوامَهم كبارُنا يستعـجلونَ المَحشرا صلاتُنا ما غادرت أوقاتَها والبابَ والمحرابَ والمُستغفِرا هذا الرَّبيعُ قد أتى مُلتهِبا وربَّما شتاؤُنا لن يُمطِرا ورُبَّما تاريخُنا لن تُقتفى آثارُه من بعدِنا أو يَظهرا يا عُمُرَ الجَمرِ الذي يُبيدُنا ما هانَ في وطأتِهِ أو أَعْذَرا طالَ المدى ومزَّق انتظارَنا ونسمعُ العقبى سماعا لا نرى تعوَّدتْ لونَ المَسا أبصارُنا لمَّا غَفا نهارُها وأَنكَرا مرَّ الزَّمانُ واجترَعنا كأسَه وذلكَ الحالُ مَضى مقُدَّرا لن تُجبرَ السُّنونُ إذ تَهشَّمتْ في قبضةِ الدَّهرِ أسًى لن تُجبَرا بلال الجميلي/بغداد 2018
راحلة السنين من يقنعُ الغافي على الأمسِ مَحتْ مناهُ طلعةُ الشّمسِ وإنَّ من فرَّق جمعَ المسا صبحٌ مضى باللّيلِ والكأسِ أصابكَ الزّمانُ يا ساكنا في معبدِ الأيَّامِ كالقسِّ خلتْ ديارٌ وطواها النَّوى في قَصَصِ التَّرحالِ والرَّمسِ والودُّ في النَّفسِ غدا مُؤذيا إذْ لم يَصل أحبَّةَ النَّفسِ راحلةَ السِّنين رِفقا بِنا فالبأسُ قد نالَ مِن البأسِ لقَّننا الصَّبرُ أحادِيثَهُ ونهجُهُ إطالةُ الدَّرسِ والعُمْرُ مرهونٌ على قادمٍ والرَّيبُ طوفانٌ على الرَّأس بناتِ صدري يا سبايا الشَّقا أعيى أباكُم مجلسُ الحبسِ قيَّدني صوتُ الجَوى داخلي وخَشيةُ الإفصاحِ والهمسِ تَحسبُني العيونُ في خَلوةٍ وظنَّني العُبّادُ في مَسِّ أقمتُ في صدري بلادا فكم أودَعتُ في الصَّدر من الإنسِ البحر السريع
النظرة الأولى ولي في نظرتي الأولى بريدُ أباحت من لظاها ما أريدُ جَمعتُ الطّيشَ والتّهذيبَ فيها وعن وجدي فقد بانَ المزيدُ تجلّى حُسنكِ الأخَّاذُ شمسا توهُّجُهُ على وجهي شديدُ أُراقبهُ وأنَّى لي التَّلاقي وهيئتهُ يجملها الصّدودُ فما أدري بما للقلبِ أجدَى أغضُّ الطَّرفَ نُبلا أو أعيدُ رعاكِ اللهُ جودي لي بنبضٍ وزيدي لذَّتي ممَّا يجودُ فقد فوَّضتُ للعينين أمري إذِ النَّظراتُ فيها لا تحيدُ تراودني لصُحبَتِكِ الخبايا وأكسرُها وتوثِقُني القُّيودُ وتَألفُنُي مُيولُكِ ثمَّ تأبى ألا يا ليت ودَّا ما تَكيدُ يُلوِّنني الهوى وينالُ منِّي وأفعالي على حالي شهودُ أغيثي شوقَ صحرائي فإني على كُثبانِها الرَّمقُ الوحيدُ فعطفٌ من حبيبٍ قد يُداوي ونَزْرٌ من وصالٍ قد يُفيدُ أنا في دربكِ الغادي مُقيمٌ وفي كفِّي على الآتي الورودُ أُناغي عينك الكحلاء غَمزا سعيدٌ والغرامُ بنا سعيدُ الوافر
منادمة المرايا حَمَلتُ الهمَّ وحدي كي أُغادِر وجرحُ خلائقٍ في القلبِ غائِر وحَسبي في الرَّجا رَبُّ البَرايَا بأن يَكفِيهُمُ جَبرَ الخَواطِر فقد أُوجَعتُ كَفَّي من أيادٍ أُصافِحُها مُصافحةَ المُحَاذِر أَنَامُ ومِلئُ أجفَاني أُنَاسٌ وأصحو لا أرى في الصُّبْحِ نَاصِر على أَيِّ القَوافِلِ مرَّ يَومي وقد أضحَى سَبيلا دونَ عابِر جِيادُ القومِ في أُذُنَّيَ صوتٌ وآثارٌ على وجهي الحَوافِر مِن الأَعمَارِ لاكَ الغَدرُ عُمْري بمن بَلغتْ مَساوِئُهُ الكَبائِر كَبِرتُ على مُنادمةِ المرَايا فكُنتُ خلاَلها للعينِ حَاضِر أنا مَنْ يَحمِلُ الأنقاضَ عَنِّي ومَنْ غَيرِي يُقاسِمُني الخسَائِر فلا بَسَطَتْ ليَ الأعرَابُ رِزقا ولا نهَضَتْ لعَثْرَتيَ المعَاشِر قَذَتْ عَيني مُطالعةُ التَعالي على مَن عَاشَها في الظِّلِّ صَاغِر أَلومُ تَصبُّري إذ لم يَلُمني فَكيفَ على الغُثا أُعتدُّ صَابِر سأُخفِي صُورتي عَمَّن وَعاها وأُبدِي غَيرَها عندَ المعَابِر وأُخلي هاجِرا حَرَمَ التَكايا أُغادرُهُ كما الجَمعُ المُغادِر الوافر بلال الجميلي / بغداد 2020
يا حاديَ النّهرين فاضتْ عليكَ العينُ من إشفاقي حتَّى قَضى طوفانُها إغراقي يا حَاديَ النَّهرينِ في فردوسِنا كيف اشتكيتَ الدَّهرَ من إملاقِ! أنتَ الأراضي والقُرى وسَماؤها عِزُّ النَّخيلِ ونكهةُ الدُّرَّاقِ أنتَ الحياةُ فكيفَ مَسَّكَ عُسرُها والأمسُ قد كَتَبتْ عَليهِ عِراقي! وطني شجًى دِفءُ الصُّدورِ مَلاذُه يَهتزُّ جنبَ الرَّابضِ الخفَّاقِ يَلقَى النَّهارَ على لظاهُ مُكابِرا وثَراهُ يشكو لفحةَ الإحراقِ وعليهِ أومأَ مَن تلاشى لحنُهُ لمَّا هَفا للغُصنِ والأوراقِ فيهِ الولادةُ والمَماتُ شَعائرٌ والعُمْرُ سُقيا رُقيةٍ من رَاقِ وتَطوفُ فوقَ بَنيهِ أَجنُحُ قَابضٍ مُتَرَصِّدٍ بالسُّوقِ والأعنَاقِ يا من بَكيتُكَ والشَّواطئُ أدمُعٌ ومَصَبُّها أبدا على الأحداقِ طَهُرَ الهوى في رافديكَ تَيَمُّما والماء ُعَزَّ على النَّدى الرَقراقِ من ذا يُعيرُكَ شَمسَ يومٍ واحدٍ حتَّى لتَملِكَ لحظةَ الإشراقِ فيكَ استحالَ الدَّهرُ كُلَّ طُقُوسِهِ وبَقِيتَ إذ لا يُرتَجى من باقِ خُذني بأَحضانِ الدِّيارِ مُواسيا ومُلاقيا يُنهي فُصولَ فِراقي الكامل